أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - فلسفة رتشارد رورتي وموقعها في الفكر الأمريكي (الجزء الثاني)














المزيد.....

فلسفة رتشارد رورتي وموقعها في الفكر الأمريكي (الجزء الثاني)


أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)


الحوار المتمدن-العدد: 7594 - 2023 / 4 / 27 - 07:24
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


جنح رورتي إلى التحاور حتى مع فوكو ودريدا. وبكلمة واحدة، يبدو أنه من أي نقطة يتم تناوله، يفلت فكر رورتي من توصيفاتنا المعتادة.
هناك بلا شك معارضة سياسية على وجه الخصوص في الانتقادات التي يمكن أن توجه في فرنسا إلى رورتي. ذلك أنه يعتبر ويعلن نفسه أمريكيا، ويصف فلسفته خصوصا والبراغماتية عموما بأنهما أمريكيتان. سيتعين علينا العودة إلى هذا الموضوع. لنكتف الآن بالقول إن فلسفته، المتأضلة على هذا النحو، لا يمكن أن تظهر إلا في تناقض أو تنافس مع نموذج يُزعم أنه فرنسي. وفي كثير من النواحي، على وجه التحديد، يمكن تصور الأفق الذي يتم فيه التفكير في فرنسا، وخاصة التفكير في التعليم المدرسي، باعتباره الهدف المميز لهجمات رورتي.. أولوية التضامن على الموضوعية؛ إعلان المعرفة بدون قوة؛ رفض العالمية لصالح الوطنية المفتوحة والتقدم لصالح التقدمية؛ تأكيد السياسة بدلاً من الميتافيزيقيا وأهمية المستقبل بالنظر إلى التعلق بالماضي: تلك إشكاليات ميزت شخصية وصفت نفسها بأنها براغماتية وأمريكية وجعلت البراغماتية فكرة أمريكية بالتأكيد. في ظل هذه الظروف، وعندما نأخذ فكر رورتي على محمل الجد، فإن الأساس الذي نبني عليه عملنا التربوي هو الذي يهتز.
ولكن، فضلا عن ذلك، فإن الصعوبات التي يمكن أن نواجهها أمام فلسفة رورتي ترجع إلى راديكاليتها ونسقيتها. تسعى تحليلات عملية الدمقرطة في المجتمعات المعاصرة إلى تفسير اضطرابات الأطر التي شكلت حتى ذلك الحين حدود أوروبا العجوز. يبدو أن رورتي ذهب إلى أبعد من ذلك. إنه لم يكتف بالتحليل: هو انتقد واعتبر العلمنة ليس مجرد عملية تاريخية فعالة ولكن انحيازا يجب تأكيده والمطالبة به. هنا توقفت الليبرالية عن كونها مجرد مصير للمجتمعات، وكفت عن أن تكون هي نفسها مطبعة ومموضعة؛ اصبحت أو استحالت سياسية بشكل صحيح.
إذا كان فكر رورتي يواجه بعض الصعوبة في أخذه في فرنسا على حقيقته، فذلك لأنه غالبا ما يكون مشوها لكونه مقدما بتفصيل. نتيجة لذلك، يفقد ما يشكل قوته، ونقصد به الوحدة النسقية للجهاز النظري المطبق. ذلك أن وسم تفكير رورتي يرجع إلى الجهد المستمر الذي يبذله لإرساء علاقة بين فلسفة المعرفة والفلسفة السياسية. وهذا بلا شك ما سنفتقده إذا اقتصرنا على قراءة الفلسفة السياسية دون البدء بتحليل نظرية المعرفة.
بيد انه على وجه التحديد، ظل السياق الذي فكر فيه رورتي هو سياق الفلسفة التحليلية وما بعد التحليلية، التي واجهت بعض الصعوبة في كسب قبول المؤسسة الفلسفية في فرنسا. "في أوائل الخمسينيات (...) بدأت الفلسفة التحليلية في مد سيطرتها على أقسام الفلسفة الأمريكية (...). حوالي عام 1960 كان هناك نظام جديد للنماذج الفلسفية. تم الآن غرس نوع جديد من التعليم في الجامعات، تعليم حرم القراء من رواد الجيل السابق، ديوي ووايتهيد". (رورتي، [1982] 1993، ص: 380).
لكن، والحالة هاته، يلاحظ رورتي: "لا جسر يظهر أثناء عملية البناء فوق الفجوة التي تفصل بين ما يسمى بالفلسفة" التحليلية" وما يسمى بالفلسفة "القارية". يبدو لي هذا مؤسف للغاية لأن العمل الأكثر إثارة للاهتمام الذي يتم إجراؤه في التقليدين يتقاطع في جزء كبير رغم كل شيء" (رورتي، 1995، ص: 57).
زيادة على ذلك، بينما قدمت نفسها منذ فترة طويلة في فرنسا على أنها "مغايرة" (طريقة أخرى لممارسة الفلسفة، لإلغاء التفلسف، مغايرة للفينومينولوجيا التي يدمجها بنفس القدر)، لا يرى رورتي في الفلسفة التحليلية "متغيرا من بين متغيرات أخرى للفلسفة الكانطية". لكن السياق يلزم، والنزعة الخصوصية تفرض، وهذان تحليليان بتصميم. وهكذا تمكن رورتي من تحديد موقع "الإنسان المرآوي": "تم تصميم هذا الكتاب على غرار كتابات الفلاسفة الذين أعجبت بهم كثيرا (فيتجنشتاين، هايدجر، ديوي): يهدف إلى أن يكون علاجيا عوض أن يكون بناء. ومع ذلك، فإن العلاج الذي يقترحه يغذي، مثل الطفيليات، الجهود البناءة التي يبذلها فلاسفة المدرسة التحليلية، التي أحاول التشكيك في إطارها المرجعي". (رورتي، [1979] 1990، ص: 17).
لذلك، في هذه النقطة أيضا، يُظهر رورتي تفرده. هل ربما لأن الفلسفة التحليليةا لا تزال تتميز بمواجهتها مع الفلسفة القارية؟ هل ربما ظلت من حيث تجذرها شديدة الارتباط بأصولها الأوروبية؟ صحيح أن رورتي ينتمي إلى جيل مفصلي في تاريخ الجامعات الأمريكية (ولد عام 1931)، يمتح مصادره من النموذج الفلسفي السابق، والأمريكي البحت، ونعني به براغماتية جيمس وديوي. وهذا بلا شك ينير سياق تناقضات الفرنسيين، وهذا يوضح لهم لماذا تمكن رورتي من أن يقول إن البراغماتية هي فلسفة أمريكية فريدة وأن جيمس وديوي أخذا أمريكا على محمل الجد .. ولدت الفلسفة التحليلية والوضعية المنطقية بقوة في أوروبا، او لم يكن راسل أول من انتقد البراغماتية كفلسفة أمريكية؟
لذلك، من وجهة نظر تحليل المعرفة، وبشكل أكثر تحديدا من وجهة نظر تحليل نظرية المعرفة، نظم رورتي فكره. تطرق لمعيار ترسيم الحدود؛ للتنازل عن شروط الحقيقة؛ لثنائيات الروح/المادة؛ الموضوعية/الذاتية؛ الوقائع/القيم؛ الفلسفة/العلم. فحص رورتي جميع الأسئلة التي حركت الفلسفة التحليلية. لكنه قام بذلك من وجهة نظر النموذج السابق إلى حد ما: نموذج البراغماتيين الأمريكيين، ولا سيما جون ديوي.
(يتبع)



#أحمد_رباص (هاشتاغ)       Ahmed_Rabass#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في السجال بين ديكارت وهوبز حول الانفعالات
- فلسفة رتشارد رورتي وموقعها في الفكر الأمريكي (الجزء الأول)
- هيئات سياسية ومدنية ونقابية تتضامن مع سكان دوار الجديد أمحيج ...
- هل حميد المهدوي صحافي كما يصف نفسه؟
- محللون وخبراء يتوقعون حربا مطولة في السودان مع تهديد بالتدخل
- قراءة في كتاب -التواصل والتنازع: مناظرة هابرماس وليوتار- لغا ...
- قراءة نقدية لاطروحة محمد بلفقيه الداعية لاستبدال العلوم الان ...
- السودان: عمليات إجلاء المدنيين والدبلوماسيين الأجانب جارية ع ...
- كيف حاكم نيتشه الفلسفة الأخلاقية والسياسية لأفلاطون؟
- كيف حاكم نيتشه الفلسفة الأخلاقية والسياسية لأفلاطون؟ (الجزء ...
- كيف حاكم نيتشه الفلسفة الأخلاقية والسياسية لأفلاطون؟ (الجزء ...
- كيف حاكم نيتشه الفلسفة الأخلاقية والسياسية لأفلاطون؟ (الجزء ...
- المغرب: انتخاب الحركي مبديع على رأس لجنة العدل النيابية أثار ...
- كيف حاكم نيتشه الفلسفة الأخلاقية والسياسية لأفلاطون؟ (الجزء ...
- كيف حاكم نيتشه الفلسفة الأخلاقية والسياسية لأفلاطون؟ (الجزء ...
- السودان: وضع اجتماعي على حافة اليأس في ظل استمرار الاشتباكات ...
- بدء مفاوضات السلام بين روسيا وأوكرانيا رهين بنظام عالمي جديد ...
- إيمانويل كانط.. الفيلسوف الذي اعتكف جسده وسافر عقله
- السودان: من مفاوضات هادئة بين البرهان وحميدتي إلى لعلعة الرص ...
- الاشتراكي الموحد بالصخيرات-تمارة يؤطر ندوة صحفية حول ملف أرا ...


المزيد.....




- Xiaomi تروّج لساعتها الجديدة
- خبير مصري يفجر مفاجأة عن حصة مصر المحجوزة في سد النهضة بعد ت ...
- رئيس مجلس النواب الليبي يرحب بتجديد مهمة البعثة الأممية ويشد ...
- مصر.. حقيقة إلغاء شرط الحج لمن سبق له أداء الفريضة
- عبد الملك الحوثي يعلق على -خطة الجنرالات- الإسرائيلية في غزة ...
- وزير الخارجية الأوكراني يكشف ما طلبه الغرب من زيلينسكي قبل ب ...
- مخاطر تقلبات الضغط الجوي
- -حزب الله- اللبناني ينشر ملخصا ميدانيا وتفصيلا دقيقا للوضع ف ...
- محكمة تونسية تقضي بالسجن أربع سنوات ونصف على صانعة محتوى بته ...
- -شبهات فساد وتهرب ضريبي وعسكرة-.. النفط العراقي تحت هيمنة ا ...


المزيد.....

- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - فلسفة رتشارد رورتي وموقعها في الفكر الأمريكي (الجزء الثاني)