أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الطاهر المعز - تونس - قراءة للوضع الحالي















المزيد.....



تونس - قراءة للوضع الحالي


الطاهر المعز

الحوار المتمدن-العدد: 7593 - 2023 / 4 / 26 - 16:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الجزء الأول - تونس عناصر تَقْيِيمِية

تتضمّنُ هذه الوَرَقة قسْمَيْن
القسم الأول: محاولة لقراءة تطورات الوضع الحالي بتونس، بعد انتفاضة 2010/2011
القسم الثاني: مُقترحات لإطلاق نقاش بين قوى "اليسار" بتونس، بهدف تأسيس جبهة تقدّمية، ثم توسيع النقاش ليشمل الوطن العربي

لما حَكَم الإخوان المسلمون البلاد، من سنة 2012 إلى 2021، بالتحالف مع فئة من الدّستوريين (أتباع بورقيبة وبن علي) ورجال الأعمال الفاسدين، طبّقُوا رؤُيَتَهُم للحُكْم فاعتبروا الشعب مُغَفّلاً أو كافرًا أو من اهل الذمة أو لا يُمارس الإسلام بالشكل المطلوب، ولذا فإن أمواله غنيمة أو جزية وخراج يمكن (بل يجب) اعتبارها غنيمة وجب تقاسمها بين "من يخافون الله" (على رأي عبد الفتّاح مورو، قبل أن يُزيحَهُ راشد الغنوشي) تعويضًا على سنوات السّجن والإغتراب الذي جعلهم أثرياء في بريطانيا وألمانيا وفرنسا.
جرت الإنتخابات الرئاسية بتونس سنة 2019 وتنافس في الدّور الثاني نبيل القروي، صاحب شركة دعاية وإعلام "ترفيهي"، لم يُعرَف له نشاط سياسي مُستقل، بل يستخدم السياسة بغرض زيادة ثروته، وأسّسَ لهذا الغرض حزبًا/مُقاولة/آلة انتخابية ليتمكّن من التّعريف بنفسه لدى عامّة الشعب، (وتنافس) مع قيس سعيد، وهو مُدرّس جامعي، مختص في القانون الدّستوري، لم يعرفه الجمهور (من خارج طلبة كُلِّية الحقوق بتونس والمُتخصّصين في مجال القانون) سوى منذ سنة 2011 بواسطة وسائل الإعلام، ولم يُؤَسّس حزبا، بل عَبّر عن عدائه للأحزاب، ولم يُقدّم برنامجًا سياسيا متكاملا بل بعض الأفكار المتناقضة أحيانًا...
ترأَسَ راشد الغنوشي مجلس النّوّاب (مركز النفوذ وِفْقَ دستور سنة 2014) الذي تَحَوّل إلى "سوق عكاظ" وتحولت معه الدّيمقراطية إلى مهزلة، ما جعل قسمًا كبيرًا من المواطنين يَنْفُرُون من "السياسة" ومن الصّورة التي تنقلها وسائل الإعلام السمعية-البصرية عن الدّيمقراطية النّيابية، ما زاد من الشّعُور بالإحباط...
هؤلاء الأفراد الثلاثة – راشد الغنوشي وقيس سعيد ونبيل القروي - هم رُمُوز لطبقات وفئات اجتماعية ولهم امتدادات في الدّاخل والخارج، ولئن حظي قيس سعيد بتأييد شعبي واسع النطاق، فلأن الفئات المحرومة وجزءًا من الفئات ذات الدّخل المتوسط ومن البرجوازية ضاقت ذَرْعًا بحكم الإخوان المسلمين، كما حَظِي بتأييد خارجي، من الجزائر ومن بعض دُول الإتحاد الأوروبي، فلا يمكن أن يحكُم قيس سعيد البلاد بدون دعم فِرَق الأمن الدّاخلي العديدة، بالإضافة إلى الجيش وبعض القطاعات الإقتصادية والمالية، وفي الخارج، لا بدّ من دعم الجزائر والإتحاد الأوروبي، وعندما نفّذ قيس سعيد خطّتَهُ وتأويل الدّستور على هَواه، يوم 25 تموز/يوليو 2021، عبرت جماهير غفيرة، خاصة من الشباب، عن ابتهاجها لإزاحة الإخوان المسلمين وحلفائهم، وتظاهرت جموع غفيرة بعد اعتقال راشد الغنوشي – رئيس مجلس النواب حتى 25 تموز/يوليو 2021، ومؤسس حركة الإتجاه الإسلامي ثم النهضة، فرع الإخوان المسلمين في تونس - ثُمّ تم اعتقاله بتهمة "الدّعوة العَلَنِيّة إلى حرب أهلية "، كما تم اعتقال زعماء آخرين كانوا يدعون إلى "أسلمة المجتمع التونسي"، بدعم من قَطَر وتركيا، وكأن الشعب "كافرٌ" أو "مُشْرِك" أو "من أهل الذّمّة"، واعتقال زعماء يدعون إلى إرساء نظام الخلافة والشريعة الإسلامية كمصدر للتشريعات، وذلك على مدى متوسّط أو طويل...
تم انتخاب قيس سعيد رئيسا سنة 2019، بنسبة عالية من أصوات من شاركوا في المسار الإنتخابي، وكانت سُلْطته محدودة جدًّا وفق دستور سنة 2014 الذي يولي أهمية لمجلس النّوّاب (كان تحت سيطرة الإخوان المسلمين وحلفائهم) الذي يُصادق أو لا يُصادق على تعيين رئيس الحكومة والوزراء، ولكن الرئيس الجديد تمكن من إيجاد "فَتْوى" قانونية تُمكّنُهُ من تأويل الدّستور لتحقيق طُمُوحه السياسي وتغيير النظام البرلماني إلى نظام رئاسي، وكان الإخوان المسلمون من أهم ضحايا هذا الأنقلاب الدّستوري، وبالأخص زعيمهم ورئيس مجلس النواب راشد الغنوشي الذي عاش العقد الأخير من القرن العشرين والعقد الأول من القرن الواحد والعشرين بين بريطانيا والسودان وقطر، وكان مُقرّبًا جدًّا من حسن التُّرابي، زعيم الإخوان المسلمين السودانيين، وأحد أهم زعماء الإخوان المسلمين في العالم، ويقول بعض السودانيين إن الغنوشي كان مُستشارًا للحكومة السودانية ويحمل جواز سفر دبلوماسى سودانى...
ظروف انتخابات السابع عشر من كانون الأول/ديسمبر 2022
كانت المُشاركة في هذه الإنتخابات مُتَدَنِّيَة، ولذا وجب التساؤل حول أسباب عُزُوف المواطنين عن المُشاركة في هذا "العُرس الدّيمقراطي" المزعوم، فقد كانت مُشاركة المواطنين ضعيفة لانتخاب 161 نائبًا بالبرلمان الجديد، يوم 17 كانون الأول/ديسمبر 2022، ولم تتجاوز 8,8% من المُسجّلين، وفق الهيئة المُشرفة على الإنتخابات، وتُشير نِسْبَةُ المُشارَكة الضعيفة إلى غياب الرّهان أو إلى عدم الإيمان بجدوى الإنتخابات، وفق قيادة الإتحاد العام التونسي للشغل، وليس استجابة لنداء المُقاطعة الذي أصدره الإخوان المسلمون وحلفاؤهم، أو بعض التيارات الأخرى التي تُعارض شكل الحُكْم الحالي. أما بالنسبة للسلطة فإن الإنتخابات تُمثّل أحد شُرُوط الدّائنين، لإضفاء شرعية على السّلطة ومؤسّساتها، قبل الإفراج على القسط الأول من قَرض أقَرّه صندوق النقد الدّولي يوم 15 تشرين الأول/اكتوبر 2022، بقيمة 1,9 مليار دولار...
تُشكّل البطالة والفقر وارتفاع الأسعار أهم مشاغل أغلبية المواطنين، فقد قاربت نسبة التضخم الرّسمية المُعْلَنة 10% واختفت بعض السّلع الغذائية الأساسية من السّوق كالحليب والسّكّر والطّحين (الدّقيق) والأرز، وقد يتفاقم الوضع إثْرَ التطبيق الصّارم لشُرُوط الدّائنين، وفي مقدّمتهم صندوق النقد الدّولي الذي فَرَضَ "توسيع القاعدة الضريبية" أي تحصيل المزيد من الضّرائب المباشرة ( منها فرض ضرائب على القطاع الموازي) والضرائب غير المباشرة على الخدمات واستهلاك السِّلَع، بدَل زيادة ضريبة الممتلكات والعقارات وأرباح المصارف والشّركات وأصحاب المِهَن المُسمّاة "حُرّة".
يقدر مكتب العمل الدولي أن القطاع غير الرسمي يستوعب أكثر من نصف العمال التونسيين، ويُمثّلُ نحو 40% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، وأظْهَرتْ تجربة الدول الأفريقية أن فرض الضريبة على هذا القطاع غير فعال، ولا يولد سوى عائدات ضريبية قليلة للدولة، ومن الأفضل فرض ضرائب على الميراث والممتلكات المادية، وإلزام الشركات والمحامين والمحاسبين وأطباء الأسنان والتجار أو الشركات الخاصة الأخرى بتسجيل جميع إيراداتها وموظفيها لدى الضمان الاجتماعي.
يُعَدُّ الاتفاق مع صندوق النقد الدولي مؤشرًا على توجه البرنامج الاقتصادي في عهد قيس سعيدن إذْ يتماشى مضمون الاتفاقية مع الاتفاقات السابقة التي أبرمها صندوق النقد الدولي مع حكومات تونس والبلدان المُماثلة، والتي تتضمّن تخفيض حجم رواتب القطاع العام (أي خفض عدد الموظفين) وخفض أو إلغاء الدعم للسلع والخدمات الضرورية والأساسية وتخفيض الضرائب والرُّسوم الجمركية وغيرها من "الهدايا" "المُسمّاة "حوافز" للشركات والأثرياء... باختصار، لا تعني "الإصلاحات "التي يفرضها صندوق النقد الدولي للمواطن سوى زيادة في تكلفة المعيشة وخفض الإنفاق الحكومي في مجالات الصحة والتعليم والخدمات العامة وخصخصة القطاع العام جزئيًا أو كليًا...
أعلنت وزارة الاقتصاد التونسية، ارتفاع ميزانية البلاد بنسبة %14,5 سنة 2023 لتصل إلى 69,6 مليار دينار (22,3 مليار دولار )، وتستوجب تغطية العجز قُرُوضًا خارجية بقيمة 4,53 مليار دولارًا، ويُتَوَقَّعُ أن تسجل خدمة الدين العمومي زيادة بنسبة 44,4% مقارنة بالعام 2022 باعتبار ارتفاع نفقات تسديد أصل وفائدة الدين، بحسب وكالة تونس إفريقيا للأنباء بتاريخ 20 كانون الأول/ديسمبر 2022...
إن إلقاء نظرة سريعة على ميزانية العام 2023 (التي لم تنشُرها وزارة المالية، إلى غاية الأسبوع الأخير من سنة 2022) تُؤَكّد ما ينتظر المواطنين من تدهور الدّخل، مقارنة بارتفاع الأسعار، وإن العام 2023 سيكون أكثر صعوبة، وفق وثائق الحكومة التونسية التي أقَرّت أن نسبة النمو لن تتجاوز 1,6% سنة 2023، وأن الوضع لن يختلف عن العام 2022، بل قد يكون أَسْوَأَ، بعد رفْع قيمة الضريبة غير المباشرة (ضريبة الإستهلاك أو "القيمة المضافة") ورفع الدّعم عن المواد الأساسية، وارتفاع أسعار المحروقات التي زادت خمس مرات، بين شَهْرَيْ شباط/فبراير وتشرين الثاني/نوفمبر 2022، كما ورد في وثيقة مشروع الميزان الاقتصادي: "إن سنة 2023 هي السنة الأولى لتطبيق الإصلاحات الإقتصادية للمخطط التنموي 2023/2025..." الذي يتوقع ارتفاع المخاطر والصعوبات الاقتصادية والاجتماعية وتباطؤ النشاط في قطاعات الفلاحة والصناعات الموجهة للتصدير، وتراجع إنتاج قطاع المحروقات، كما أكدت وثيقة المشروع على حاجة الحكومة لمبلغ لا يقل عن 1,675 مليار دولارا من أجل "تحسين مناخ الأعمال والمبادرة الفردية بما يسمح بتوفير بيئة استثمارية جاذبة وملائمة لاستقطاب الاستثمارات الوطنية والأجنبية"، أي مزيدًا من "الهدايا" المَجانية لرأس المال المحلِّي والأجنبي، من خفض الضّرائب والرسوم الجمركية والمِنَح في شكل عقارات مجانية وتهيئة عمرانية وبُنْيَة تحتية تُنفذها الدّولة من ضرائب المواطنين، لتستفيد منها الشركات المحلّيّة والأجنبية، بينما تتواصل معاناة المواطن من ارتفاع الأسعار، منها أسعار الكهرباء وماء الشُّرْب، ومن شحّ الوظائف...
بعض من تاريخ الإخوان المسلمين بتونس
نشأت جماعة الإخوان المسلمين بتونس في بداية ستينيات القرن العشرين كامتداد للشق الأُصُولي المُحافظ من جمعية الطّالب الزيتوني، وسمح لها الرئيس "العلماني المُتسلّط" الحبيب بورقيبة وحزبه (الدّستوري) الحاكم والأوحد بالسيطرة على "جمعية المحافظة على القرآن الكريم" وكانت محلتهم "الهداية" ثم "المعرفة" الناطقة باسم حركة الإتجاه الإسلامي (راشد الغنوشي وعبد الفتاح مورو وإحميدة النّيفر وغيرهم) تُطْبَعُ بمطبعة صحافة الحزب الدّستوري وتُوَزَّعُ وتُباع علنًا في أكشاك بيع الصُّحُف، ثم عقدوا صفقة مع قيادة الحزب الدّستوري الحاكم لمحاربة اليسار واستفزازه وإثارة معارك دامية ومُفاجئة معه، خلال عقد السبعينيات من القرن العشرين، وفق شهادة عبد الفتاح مورو بمحكمة تونس، ثم سمح لهم رئيس الوزراء محمد مزالي بإنشاء الإتحاد العام التونسي للطلبة، بينما كان الإتحاد العام لطلبة تونس الذي قاوم الإستعمار (تأسس سنة 1953) ممنوعًا من النشاط منذ آب/أغسطس 1971، ويمكن التأكيد أن التيار السياسي والعقائدي لراشد الغنوشي وصحبه قد نما في ظل الحكم الدّكتاتوري للحبيب بورقيبة وحزبه، بينما كان شباب اليسار يُحاكم بالمئات منذ سنة 1967، وبأحكام وصلت إلى عشرين سنة سجنًا مُشدّدًا (أشغالاً شاقة)، بسبب مظاهرة أو منشور أو صحيفة، وكان مُؤَسِّسُو حركة الإتجاه الإسلامي (النّهضة لاحقًا) يخطبون في المساجد ومؤسسات التعليم ووسائل النقل ويشرفون على منظمات مثل الكشافة وعلى نوادي رياضية وثقافية، ولما اخترقوا قوات الأمن الدّاخلي ( الشرطة والدّرك والمخابرات ) والجيش والجمارك وبعض المؤسسات الحسّاسة للدولة انطلقت عملية قمع واسع النّطاق ضدّهم، خصوصًا وأنهم أدّوا دَوْرَهُم ويمكن الإستغناء عنهم، غير أن حركة النّهضة أصبحت مُتأصّلة في شرائح عديدة من المجتمع بفعل المساجد التي يمكنهم عقد لقاءات بها خمس مرات في اليوم الواحد في حوالي 22 ألف مسجد بالبلاد، رغم مراقبة الشرطة، وبفعل تعاطف المواطنين مع "هؤلاء المُتَدَيِّنِين الذين تضطهدهم السّلطة"، وبذلك تمكنت النهضة من إخفاء طابعها السياسي ليطفو الجانب الدّعَوِي، وليُغطّي على العنف الدّموي لعناصرها خلال العقود الثلاث الأخيرة من القرن العشرين، ولم يكن غريبًا فوز الإخوان المسلمين بانتخابات ما بعد الإنتفاضة، فهم الأكثر تنظيمًا وانضباطًا، وحازوا على تعاطف كبير كطرف مظلوم ومقموع، ساعدهم في ذلك المال والإعلام الخليجي (الجزيرة مثلاً) واسع الإنتشار، فضلا عن الدّعم السياسي الأوروبي والأمريكي، ما دام الإخوان المسلمون يدعون إلى "الإقتصاد الحُرّ" و "المُبادرة الفردية"، خلافًا للتيارات الإشتراكية والتقدّمية (الضعيفة والتي تفتقر إلى برنامج متكامل) التي تدعو إلى التأميم وتغليب القطاع العام على القطاع الخاص...
لقد احتضنت الدّول الأوروبية وبالأخص ألمانيا وبريطانيا حركات الدّين السياسي وزعماء الإخوان المسلمين الفارين بجلهم من البلدان العربية، وأصبح جميع الزعماء أثرياء، بينما بقي محمد بن جنات ( 1940 – 2012) السجين السياسي السابق، في المنفى (باريس) سنوات عديدة فقيرًا معدمًا، وبعد عودته في بداية ثمانينيات القرن العشرين، كان يعتاش من سياقة سيارة أجرة بين الوطن القبلي وتونس، وكان محمد بن جنات قد قاد مظاهرة خلال عدوان 1967، واعتصامًا أمام سفارة بريطانيا بتونس، ونال عشرين سنة سجنا، وخرج من السجن سنة 1970 بشروط...
أصبح قادة الإخوان المسلمين أثرياء – بقُدْرَةِ قادِرٍ خليجي وإمبريالي أوروبي - في بلدان اللُّجُوء، يمتلكون عمارات بباريس ولندن وميونيخ وقنوات بث تلفزيوني وشركات ومدارس خاصّة وما إلى ذلك، ووَظّفوا طاقات اليسار لصالحهم ليس في تونس لوحدها (تحالف 18 اكتوبر 2005 ) بل في مصر وسوريا أيضًا، خلال نفس السنة، ضمن مخطط أمريكي لإعادة تدوير الإخوان المسلمين كبديل ممكن ومضمون للأنظمة الحاكمة والفاسدة التي قد يثور ضدها الشعب، ولما عادوا إلى تونس وأصبحوا يحكمون البلاد أغرقوا البلاد بالدّماء وبالدّيون وأقرّوا لأنفسهم جُزْءًا من هذه الدُّيُون بعنوان "تعويضات" مالية التهمت ما يُعادل ثُلُثَ ميزانية الدّولة، وتوظيف لمناضليهم ولأقاربهم في القطاع العام وأجهزة الدّولة – دون احترام الشروط القانونية - وشنوا حملات قمعية ضد النقابيين وضد جَرْحى الإنتفاضة وضد المُعطّلين عن العمل، أي كانت ممارستهم للسلطة أكثَرَ فظاعة من سلطة حزب الدّستور، لكن هل تُبَرِّرُ فظاعة الإخوان المُسْلِمِين ما يحصل حاليا من قمع للحريات، طالت أجهزة الإعلام والقضاء والعمل النقابي والمدني؟ هل انعدمت وسائل الجدل والعمل السياسي والعقائدي والثقافي والمَيْداني، وما بقي سوى القَمْع لإسكات المنافسين والخُصُوم والأعداء؟ إن الجدل السياسي والعقائدي – شرطَ تكافؤ الفُرص في وسائل الإعلام والفضاء الثقافي والسياسي – كفيل بفضح الإخوان المسلمين والدّساترة وحواشيهم، كما أن مهاجمة الإخوان المسلمين وتطبيق برامج لا تختلف عن برامجهم تُخْفِي وراءها خلافات غير مَبْدَئِيّة...
عَيِّنات من حال البلاد سنة 2023
لا يمكن الحديث عن الإستقلال والحرية والأمن دون إرساء العدالة الاجتماعية، وسيادة المنتجين وأغلبية المواطنين على مواقع وأدوات إنتاج الموارد والثروات، وتوفير مقومات العيش الكريم لكل المواطنين، ولا يحصل ذلك بين عشية وضُحاها، غير أننا لا نرى بوادر التّحَرُّر الإقتصادي ، بل نرى ارتهانًا للدّائنين (أي الإمبريالية وأدواتها) وتقشف وخصخصة وزيادة أسعار، بحسب ما ورد في قانون المالية (الميزانية) لسنة 2023، ورُضُوخ الحكومة لطلبات صندوق النقد الدولي رغم التصريحات النّافية لذلك، فقد احتدّت الأزمة سنة 2022 لحد فقدان السلع الأساسية من الأسواق مثل الأرز والطحين والزيت والحليب والسكر والقهوة والبنزين والأدوية الأساسية الضرورية للأمراض المزمنة كالسُّكَّرِي وأمراض الشرايين والقلب وضغط الدم والرّبو وأمراض الكلى بسبب انخفاض احتياطي العملات الأجنبية لدى المصرف المركزي التونسي، كما ارتفعت الأسعار بشكل لا يُناسب دخل أغلبية المواطنين، وقبل عدّة أَشْهُرٍ من حلول شهر رمضان 2023، زادت الطوابير امتدادًا أمام المخابز والمحلات التجارية ومحطات البنزين والصيدليات، وأصبح المواطن مهدّدًا بالفقر والجوع والعطش والمرض، وما هذه سوى عَيّنات من مؤشرات الأزمة، بقسْمَيْها الظّرفي الطّارئ والهيكلي المُزْمِن، فالأزمة ليست جديدة بل نشأت مع دولة حزب الدّستور وأدّت إلى انفجار انتفاضة 2010/2011، واحتدّت بعدها حيث انخفض الإنتاج وانهار قطاع الخدمات، واستحوذ الإخوان المسلمون على السلطة بانتخابات ديمقراطية لأنهم كانوا القوة المُنظّمة والمُستعدّة للحُكْم، في ظل سذاجة اليسار (وهي عبارة فضفاضة تجمع التيارات الإشتراكية والقومية العربية) الذي لم يكن له لا تنظيم صلب ولا برنامج ولا رُؤْية، ولا استعداد لِحُكْمِ البلاد، وفي ظل انهيار الحزب الدّستوري الذي ضاق المواطنون ذَرْعًا بسلطته التي استمرت من 1956 إلى 2010، وها هو يعود من جديد بفضل سياسات عشرية الإخوان المجرمين، المدعومين من تركيا وقَطَر والإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة...
أما الأسباب الهيكلية التي أدّت إلى الإنهيار الإقتصادي فهي عدم الإستثمار في القطاعات المنتجة كالفلاحة (لتحقيق الإستقلال الغذائي) والصناعة لتحويل الإنتاج المحلي من المواد الخام إلى مواد مُصَنّعة ذات قيمة زائدة مُرتفعة، وعدم الإستثمار في البحث العلمي، وبقي استقلال البلاد شَكْلِيًّا حيث بقي الإقتصاد تابعًا، مع زيادة حجم الدّيُون الخارجية المُرْفَقَة بشروط تُلغي السيادة الوطنية، التي ارتفعت خلال فترة حُكم الإئتلافات التي يقودها الإخوان المسلمون من 44% من الناتج المحلي الإجمالي سنة 2010 إلى 90% سنة 2021، فضلا عن توظيف حوالي 75 ألف من أنصارهم وأفراد عائلاتهم في القطاع العمومي، رغم عدم توفّر الشروط القانونية كعامل السّن الأقصى والمؤهلات العلمية أو الخبرة مع ضرورة النجاح في المناظرات الوطنية...
سجّل اقتصاد تونس نموًّا بنسبة 4,3 سنة 2021 و 2,4 سنة 2022، وفق البيانات الرّسمية، فيما يواجه المواطنون ضغوطات اقتصادية متزايدة قبيل شهر رمضان، تتمثل في الزيادات المستمرة لأسعار السلع الأساسية، ما رَفَعَ معدل التضخم السنوي إلى 10,2% خلال شهر كانون الثاني/ يناير وإلى 10,4% خلال شهر شباط/فبراير 2023، وهو أعلى مستوى منذ ثلاثة عقود، بحسب بيانات المعهد الوطني للإحصاء التي أظْهَرت ارتفاع أسعار المواد الغذائية (الخضروات والفواكه والزيوت النباتية واللحوم والبيض...)، بشكل لا يتناسب مع متوسّط الدّخل، ناهيك عن الدّخل المُتَدَنِّي أو المُنعدم، مع زيادة أسعار مجمل السلع والخدمات التي يحتاجها الإنسان يوميًّا، ويتوقع أن يَزداد الوضع سوءًا لأن الحكومة أعلنت رفع الدعم عن المحروقات والمواد الأساسية قريبًا، بالتوازي مع تراجع مستوى الإنتاج الغذائي ومجمل السلع، نظرًا لارتفاع أسعار المواد الأساسية وتراجع قيمة العملة الوطنية، وضُعف حجم الحتياطي العملات الأجنبية الضّرورية للتوريد ولتسديد حِصص الدّيُون...
قبل أسبوع واحد من بداية شهر رمضان، ارتفعت أسعار السلع الأساسية بنحو 16% مقارنة بالعام السابق، وكانت الزيادة قياسية في أسعار السلع الغذائية، إذ ارتفعت أسعار البيض بنسبة 32% واللحوم بنسبة 29,9% والدواجن بنسبة 25,3% والزيوت بنسبة 24,6%، فضلا عن فقدان أو ندرة بعض المواد الأساسية، حيث يتذمّر المواطنون من نقص أو غياب الحليب واللحوم الحمراء والبيض والدجاج والفواكه وغيرها من المواد الأخرى، وكانت الحكومة قد منحت شركات القطاع الخاص امتيازات ضريبية لاستيراد بعض المواد الغذائية...
تُشير كافة التوقعات إلى استمرار ارتفاع التضخم بسبب رفع الدعم بعد شهر رمضان، وفق الجدول الزمني الذي التزمت به الحكومة مع صندوق النقد الدّولي للوصول إلى "الأسعار الحقيقية" بحلول سنة 2025، وِفْقَ ما أشار له التقرير الذي صدَرَ عن وزارة المالية بعنوان: "إطار متوسط الميزانية 2023/2025" من مزيد ارتفاع الأسعار والتضخم الذي يُتوقّع أن يتجاوز 12% بنهاية 2023، مع ارتفاع أسعار السلع الغذائية بنسبة 20% بنهاية العام 2023...
صُورة من الواقع: ميزانية الدّولة لسنة 2023
تضمّنَ مرسوم ميزانية الدّولة لسنة 2023 التّأكيد على زيادة الضريبة على دَخل الأُجراء (التي تجبيها الدّولة مُباشرة من الرواتب) وزيادة الضريبة غير المباشرة (ضريبة الإستهلاك أو ضريبة القيمة المُضافة) التي لا تُفرّق بين الثّري والفقير، ما يجعلها غير عادلة، فيما ركّزت وسائل الإعلام على أصحاب تَذَمُّر أصحاب المهن "الحُرّة" ( تُجّار الصّحّة كأطباء القطاع الخاص وتجار الكلام كالمُحامين وتُجّار الأرقام كالمُحاسبين...) المُستفيدين من "النّظام التّقديري"، أي الإعتماد على "حسن النّيّة" في تصريحاتهم الجبائية التي تعتبرها جمعية الاقتصاديين التونسيين (دراسة صدرت سنة 2015) غير واقعية، ولا تعكس مستوى عيشهم وإنفاقهم وممتلكاتهم من عربات وعقارات، فهم يُصرّحون بإيرادات تقل قسمتها عن خط الفقر المُدْقَع، ما يجعل من سياسات حكومة قَيْس سعَيِّد امتدادًا للسياسات الإقتصادية والإجتماعية للحكومات السابقة طيلة أكثر من أربعة عُقُود، والتي تميّزت بتخريب القطاع العام وخفض قيمة العُمْلَة (الدّينار)، ما يُؤَدِّي إلى انخفاض القيمة الحقيقية للأُجُور، وتخريب قطاعات الإنتاج، وبالأخص قطاع الفلاحة الذي أصبح ينتج لتلبية احتياجات أسواق أوروبا، ما يُؤَدِّي إلى استيراد السلع الغذائية التي يمكن إنتاجها مَحَلِّيًّا، كما تميزت ميزانية 2023 بالزيادات الكبيرة في ميزانية وزارة الدّاخلية ووظائف الأمن (أمْنُ مَنْ؟)، وهي ميزانية مرتفعة مقارنة بوزارات الصحة والفلاحة والشؤون الإجتماعية، وتميزت بخفض قيمة دَعْم السلع والخدمات الأساسية، في إطار سياسة "التّقَشُّف" التي اشترطها الدّائنون، لتتمكّن الدّولة من تسديد الدُّيُون، إذ ارتفعت حصة تسديد الدّيون وفوائدها من نحو 23,6% من إجمالي النفقات الحكومية سنة 2022، إلى نحو 30,2% من إجمالي النفقات الحكومية لسنة 2023، ونحو 45% من إجمالي الموارد، في ظل انخفاض قيمة الدّينار وارتفاع نسبة الفائدة على القُروض الدّاخلية التي تستفيد منها المنظومة المالية (المصارف)...
يمكن تلخيص أهم خصائص ميزانية الدولة التونسية لسنة 2023 في زيادة ميزانية "الأمن"، وخفض دعم الخدمات والسلع الأساسية لتوازِيَ أسعارها في السوق المَحَلِّيّة أسعار أسواق أوروبا وأمريكا الشمالية، ما يُؤَدّي إلى ارتفاع أسعار مشتقات الحبوب (الخبز والطحين والعجين) والزيوت النباتية والسّكّر والقهوة، وسوف لن تستثمر الدّولة في القطاعات الإنتاجية، رغم ما يُرَوِّجُهُ وُزراؤها، مع ارتفاع حجم الدّيون الداخلية والخارجية وفوائدها التي تلتهم جزءًا هامًّا من موارد الدّولة، بدل إنفاقها على غذاء وصحة وتعليم وسكن المواطنين.
تونس، مَحْمِيّة الإتحاد الأوروبي؟
زار وفد من الاتحاد الأوروبي البلاد التي ارتفعت ديونها وقَلّت مواردها المالية والإنتاجية، وتواجه أزمة اقتصادية واجتماعية وسياسية حادّة، واحتد الخلاف بين فئَتَيْن رجعيّتَيْن، بين الإخوان المسلمين وحلفائهم، والفئات التي دعمت الرئيس قيس سعيد منذ 25 تموز/يوليو 2021، فيما تعيش معظم فئات الشعب وضعًا اتّسم بارتفاع أسعار المواد الغذائية وشح المعروض من الطحين والأرز والحليب والزيت والسّكّر والقهوة والبيض، بينما تحاول الحكومة توقيع اتفاق نهائي للحصول على قرض بقيمة 1,9 مليار دولار (كانت تأمل الحصول على أربعة مليارات دولار) من صندوق النقد الدّولي الذي اشترط رفع الأسعار وإلغاء الدّعم وتسريح خمسين ألف موظف عمومي على مدى خمس سنوات، واشترط قُبُول الإتحاد العام التونسي للشغل مثل هذه القرارات، بشكل مسبق... ولذلك بقي الإتفاق مُعلّقا...
نظرًا لتبعية اقتصاد تونس للإتحاد الأوروبي، سمح "جوزيب بوريل" (مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي ) لنفسه بالتصريح، يوم الإثنين 20 آذار/مارس 2023، إثر اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل: "إن الوضع في تونس خطير للغلية... (ما يثير) قلق الإتحاد الأوروبي إزاء تدهور الوضع السياسي والاقتصادي في تونس ويخشى انهيارها"، وأوضع المسؤول الأوروبي خلفية قَلَقِهِ، فهو لا يهتم بما يُعانيه الشعب التونسي من ضائقة مالية، بل يتخوف من تدفّق المُهاجرين، حيث أعلن: "إن انهيار تونس يُنْذِرُ بتدفق المهاجرين نحو الاتحاد الأوروبي والتسبب في عدم استقرار في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. نريد تجنب هذا الوضع".
تجدر الإشارة أن ثلاثة ملايين من فقراء بلدان إفريقيا الواقعة تحت الصحراء كانوا يعملون بليبيا قبل تخريبها وتفتيتها من قِبَل حلف شمال الأطلسي، ويحاول هؤلاء، كما كل فُقراء العالم، البحث عن مكان آخر يوفِّرُ لهم عملا ودَخْلا يُعيلون به أُسَرَهُم، وتقع تونس على البحر الأبيض المتوسط، قريبا من جنوب إيطاليا، ويوجد بها باستمرار أكثر من 21 ألف مهاجر إفريقي، وفق الإحصائيات الرسمية، وبسبب الموقع الجغرافي لتونس، يحاول عشرات الآلاف من المهاجرين غير النّظاميين من التونسيين ومن سكان إفريقيا جنوب الصحراء عبور البحر الأبيض المتوسط في محاولة للوصول إلى السواحل الأوروبية التي تبعد نحو 150 كلم فقط عن تونس، وتُشير إحصاءات الإتحاد الأوروبي إلى وُصُول نحو 32 ألف مهاجر إلى السواحل الإيطالية، سنة 2022، قادمين من الضفة الجنوبية للمتوسط وأساسا من ليبيا وتونس، لكن تصريحات "جوزيب بوريل" تجاوزت موضوع الهجرة غير النظامية نحو أوروبا، وتطرقت إلى موضوع آخر حسّاس، حيث أعلن: "لا يمكن للإتحاد الأوروبي مساعدة دولة غير قادرة على توقيع اتفاق مع صندوق النقد الدولي"، واشترط على الرئيس قيس سعيد "توقيع اتفاق مع صندوق النقد الدولي وتنفيذ الشروط كاملة، وإلا فإن الوضع سيكون خطيرا للغاية بالنسبة لتونس".
أثارت لهجة التصريح، زيادة على مُحتواه، ردّ فعل الحكومة التونسية، حيث عبرت وزارة الخارجية التونسية يوم الثلاثاء 21 آذار/مارس 2023 عن رفضها لتصريحات مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي الذي تحدث عن مخاوف من "انهيار" الوضع في تونس واعتبرتها "غير متناسبة".
سبق أن أثارت تصريحات قيس سعيّد ( شباط/فبراير 2023) عن "التواجد الكبير لمهاجرين غير قانونيين في تونس (ضمن) مؤامرة لتغيير التركيبة الديموغرافية للبلاد"، موجة من الانتقادات من قبل منظمات ودول إفريقية وصفتها "بالعنصرية"، كما أثارت حملة الإعتقالات لبعض رموز المعارضة السياسية والإعلام ورجال الأعمال والنّقابيين، وغيرهم تخوفات بشأن العودة إلى الدّولة البوليسية.
يلتقي وفد الاتحاد الأوروبي الذي يزور تونس بالعديد من الوزراء يوم الثلاثاء 21 آذار/مارس 2023، لإجراء "مباحثات حول الوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي في تونس وكيف يمكن للاتحاد الأوروبي أن يواصل تقديم أفضل دعم للشعب التونسي في الوضع الحالي... ستكون الزيارة فرصة لمناقشة التعاون بين الاتحاد الأوروبي وتونس بشأن الهجرة وتحديد سبل ملموسة لمعالجتها"، وفْقَ بيان صادر عن بعثة الاتحاد في تونس.
إن التصريحات التي تنتقدها وزارة الخارجية تعكس علاقات الشراكة غير المتكافئة وعلاقات التبعية (تبعية النظام التونسي) تجاه الإتحاد الأوروبي. (عن وكالة الصحافة الفرنسية 21 آذار/مارس 2021 )
الواقع يُفَنّد التصريحات الجوفاء
أعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة ووزير التشغيل، يوم الرابع من كانون الثاني/يناير 2023: "إن تونس بلد منتج ولا تعيش على العطايا والهبات"، بينما تحاول حكومته الحصول على قرض بقيمة 1,9 مليار دولارا (على أربع سنوات) من صندوق النقد الدّولي الذي يشترط "إصلاحات"، ويعرف الجميع مضمون هذه "الإصلاحات" التي أدّت إلى انتفاضة 1983/1984، وانتفاضة 2010/2011... في حين أعلن محافظ المصرف المركزي: "إن الوضع الاقتصادي صعب في كل دول العالم ولكنه أصعب في تونس لأننا لا نمتلك إمكانية الحصول على تمويلات خارجية".
أما وزير الاقتصاد والتخطيط، فيتمنى تحقيق معدل نمو بنسبة 2,1% ( تتراوح توقعات صندوق النقد الدّولي والبنك العالمي بين 1,6% و 1,8% ) سنة 2023، وهي نسبة ضعيفة في بلد غير مُصَنّع ويفتقر إلى القطاعات التي تُحقق قيمة زائدة مرتفعة، في ظل تفاقم العجز (العجز الجاري والعجز التجاري) وتراجع نسب الادخار و الاستثمار...
يُعتَبَرُ محافظ المصرف المركزي، الناطق الرسمي باسم المؤسسات المالية الدّولية (مثل صندوق النقد الدّولي)، وحريصًا على تنفيذ تعليماتها، في البلدان التي فَرَض فيها الدّائنون ما سُمِّيت "استقلالية" المصرف، وأعلن محافظ المصرف المركزي التونسي خطوةً جديدةً في طريق "تحرير" الدّينار (أي خفض قيمته مقابل العملات الأجنبية)، ما يرفع قيمة الدّيون الخارجية وفوائدها ويزيد من الإنفاق على الواردات، وتتضمن الإجراءات الجديدة تهريب الأموال إلى الخارج، من خلال السماح للتونسيين – من الأثرياء وأرباب العمل والتّجّار والسماسرة...- "فتح أرصدة بالعملة الأجنبية"، في إطار "تحسين مناخ الأعمال" الذي يرِدُ في كافة تقارير وشروط صندوق النّقد والبنك العالمي.
تضمّنت إجراءات المصرف المركزي (بتاريخ 30/12/2022) الترفيع في نسبة الفائدة الرئيسية ( لتصل إلى 8%) للمرة الثانية خلال ثلاثة أشهر، ما يؤدّي إلى زيادة الأسعار والتّضخم وأقساط القُروض الاستهلاكية، في واقع يتميز بخفض قيمة الدّعم (تطبيقًا لشروط الدّائنين) وبارتفاع أسعار السلع الغذائية الأساسية وبشح أو غياب بعضها من السوق، كالزيت والسكر والقهوة...
سجّل اقتصاد تونس نموًّا بنسبة 4,3 سنة 2021 و 2,4 سنة 210221، وفق البيانات الرّسمية، فيما يواجه المواطنون ضغوطات اقتصادية متزايدة قبيل شهر رمضان، تتمثل في الزيادات المستمرة لأسعار السلع الأساسية، ما رَفَعَ معدل التضخم السنوي إلى 10,2% خلال شهر كانون الثاني/ يناير وإلى 10,4% خلال شهر شباط/فبراير 2023، وهو أعلى مستوى منذ ثلاثة عقود، بحسب بيانات المعهد الوطني للإحصاء التي أظْهَرت ارتفاع أسعار المواد الغذائية (الخضروات والفواكه والزيوت النباتية واللحوم والبيض...)، بشكل لا يتناسب مع متوسّط الدّخل، ناهيك عن الدّخل المُتَدَنِّي أو المُنعدم، مع زيادة أسعار مجمل السلع والخدمات التي يحتاجها الإنسان يوميًّا، ويتوقع أن يَزداد الوضع سوءًا لأن الحكومة أعلنت رفع الدعم عن المحروقات والمواد الأساسية قريبًا، بالتوازي مع تراجع مستوى الإنتاج الغذائي ومجمل السلع، نظرًا لارتفاع أسعار المواد الأساسية وتراجع قيمة العملة الوطنية، وضُعف حجم الإحتياطي العملات الأجنبية الضّرورية للتوريد ولتسديد حِصص الدّيُون...
قبل أسبوع واحد من بداية شهر رمضان، ارتفعت أسعار السلع الأساسية بنحو 16% مقارنة بالعام السابق، وكانت الزيادة قياسية في أسعار السلع الغذائية، إذ ارتفعت أسعار البيض بنسبة 32% واللحوم بنسبة 29,9% والدواجن بنسبة 25,3% والزيوت بنسبة 24,6%، فضلا عن فقدان أو ندرة بعض المواد الأساسية، حيث يتذمّر المواطنون من نقص أو غياب الحليب واللحوم الحمراء والبيض والدجاج والفواكه وغيرها من المواد الأخرى، وكانت الحكومة قد منحت شركات القطاع الخاص امتيازات ضريبية لاستيراد بعض المواد الغذائية...
تُشير كافة التوقعات إلى استمرار ارتفاع التضخم بسبب رفع الدعم بعد شهر رمضان، وفق الجدول الزمني الذي التزمت به الحكومة مع صندوق النقد الدّولي للوصول إلى "الأسعار الحقيقية" بحلول سنة 2025، وِفْقَ ما أشار له التقرير الذي صدَرَ عن وزارة المالية بعنوان: "إطار متوسط الميزانية 2023/2025" من مزيد ارتفاع الأسعار والتضخم الذي يُتوقّع أن يتجاوز 12% بنهاية 2023، مع ارتفاع أسعار السلع الغذائية بنسبة 20% بنهاية العام 2023...
حقوق مُهملة: حق المواطن في التغذية الصحية
تعود فكرة إنشاء صندوق التّعويض (وليس الدّعم) إلى فترة الحرب العالمية الثانية، حيث جندت الدّول المتحاربة شباب بلدانها وشباب مُستعمَراتها من الفلاحين، وسببت الحرب والقصف نقص الإنتاج وشح السّلع، وعملت الحكومات الأوروبية على تقنين توزيع السّلع الأساسية المُتَوفّرة طيلة فترة الحرب، وبعدها ببضعة سنوات. أما في البلدان حديثة الإستقلال فقد كان الهدف توفير غذاء متوازن وصحّي بأسعار تُناسب دَخْل الفُقراء، ودعم البذور والإنتاج، خلال الأزمات، لكي يستمر الفلاحون في إنتاج الغذاء.
أنشأت حكومة الهادي نويرة سنة 1970 صندوق التعويض، بالتوازي مع إقرار سياسات ليبرالية تستهدف اجتذاب الإستثمارات الأجنبية وتصدير الإنتاج المحلي، فيما سُمِّيَ "انفتاحًا" تميّز بزيادة الإستثمار الأجنبي في السياحة وفي قطاعات الصناعات التحويلية كالنسيج وتركيب الميكانيك والإلكترونيك لإنتاج سلع مُعدّة حَصرًا للتّصدير، بدعم من البنك العالمي، منذ سبعينيات القرن العشرين (للإستثمار في البنية التحتية) وصندوق النقد الدّولي، منذ عقد ثمانيات القرن العشرين، مع الشّروط المُجحفة التي تُرافق هاتين المُؤسّستَيْن المالِيّتَيْن المُنْبَثِقَتَيْن عن مؤتمر "بريتن وودز" (1944)، وخصوصًا خلال الأزمة المالية وأزمة الدّيون التي عانت من نتائجها معظم شُعُوب بلدان "الجنوب"، وكانت "انتفاضة الخبز" بتونس، خلال الأيام الأخيرة من سنة 1983 والأيام الأولى من سنة 1984، إحدى مظاهر غضب المواطنين ضد سياسة "حقيقة الأسعار"، أي إلغاء تعويض الفلاحين والمستهلكين، وتحويل صندوق التعويض إلى صندوق "دَعْم الأسعار" بشكل مُؤَقّت، قبل إلغاء الدّعم (الذي كان مُقَرّرًا منتصف العقد الأخير من القرن العشرين) وإلغاء سياسة تحديد الأسعار، إلى جانب خفض قيمة العُمْلَة المحلّية، كواحد من شروط الدّائنين، ومن شروط اتفاقيات الشراكة مع أوروبا، وتوجيه الإستثمارات نحو إنتاج السّلع القابلة للتّصدير بأسعار منخفضة، بدل إنتاج السلع التي يحتاجها المواطنون، وأدّت هذه السياسات إلى تخصيص مساحات من الأراضي الخصبة للزراعات الكبرى التي يُصدّر إنتاجها إلى الخارج، مقابل تقلص الإستثمارات وحجم الأراضي المُعَدّة لإنتاج الحبوب وعلف الحيوانات وللرّعي وتربية المواشي، لتصبح البلاد من مُستَوْرِدِي مشتقات الحبوب ومشتقات الألبان واللحوم المُجَمّدة، والعديد من الإنتاج الغذائي "الصناعي" غير المُتوازن وغير الصّحّي، وهي سلع مرتفعة الثمن ومُستورَدَة بالعملات الأجنبية، وتدعمها حكومات أوروبا وأمريكا الشمالية واليابان وأستراليا وغيرها من الدّول الرأسمالية المتقدّمة، وهي نفس الأطراف التي تَفْرِض إلغاء الدّعم، وخاصة دعم قطاع الفلاحة في بلدان "الجنوب" ( الحبوب وعلف الحيوانات والمنتجات الغذائية...)، في إفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية، بهدف تقويض أُسُس السيادة الغذائية، وبهدف ربْط هذه البلدان (الأسواق) بالسوق العالمية، وتَحويل الغذاء إلى سلعة، وإلغاء تدخّل الدّولة لتحديد الأسعار وللمحافظة على التوازن بين مستوى الدّخل ومستوى الأسعار، وتمز العقدان الأخيران للقرن العشرين بفَرْض نمط عيش يُعَمِّق التّبعية (نقيض الإستقلالية والسيادة)، عبر برامج "الإصلاح الهيكلي"، وأدّى تطبيق "قوانين السوق" إلى عجز صغار الفلاحين عن ممارسة نشاطهم الفلاحي وعن إعالة أُسَرِهِم، ما دفع العديد منهم إلى النّزوح والهجرة وتعزيز صفوف العَمالة الهَشّة والمُفَقَّرَة...
أزمات متتالية منذ أربعة عقود
ذكرنا آنفًا بعض أسباب انتفاضة 1983/1984، وأهمُّها زيادة أسعار المواد الغذائية، تطبيقًا لشروط الدّائنين، ولم يكن تراجع الحكومة سوى إجراءً ظَرْفِيًّا لتفادي الغضب الشّعبي، وبعد إقصاء محمد مزالي، عادت حكومة رشيد صفر للحديث عن ضرورة تطبيق "برنامج الإصلاح الهيكلي" للخروج من الأزمة الخانقة، وتتالت الأزمات وارتفعت معها قيمة الدُّيُون الخارجية ونسبتها من الناتج المحلي الإجمالي، وما يُرافقها من تفريط في ممتلكات البلاد وفي ثرواتها وما ينجر عنها من بطالة وفقر الخ، ولا يزال صندوق النقد الدّولي يدّعي (ومعه أرباب العمل وأعضاء الحكومة وخبراؤها وزبانيتها) أن عدد الموظفين مرتفع وحصة رواتبهم "من أعلى المعدلات في العالم"، مقارنة بحجم الناتج المحلِّي الإجمالي، ويشترط تطبيق "حقيقة الأسعار"، أي إلغاء الدّعم، فهو "حلال" في الدّول الرأسمالية الإمبريالية و"حرام" في دول الجنوب الفقيرة، مثل تونس، وهو نفس الخطاب، منذ عُقود، وفي كل البلدان، أي إن وَصْفَةَ صندوق النقد والبنك العالمي "صالحة لكل زمان ومكان"، وتتضمن (بين 1983 و 2022) نفس الشروط، من بينها خصخصة مؤسسات القطاع العام وبيع أُصُول الدّولة (وهي ممتلكات الشعب) وتسريح الموظفين وخفض قيمة العملة المحلية وتوجيه الإنتاج نحو التصدير وإلغاء دعم السلع والخدمات الأساسية، وغيرها من الإجراءات التي تَضُرُّ بمعيشة وصحة وحياة الأُجراء وصغار الفلاحين والفُقراء، مقابل ارتفاع ثروة فئة قليلة من الأثرياء ووُكلاء رأس المال الأجنبي الذين يستفيدون من "تحسين مناخ الأعمال" و "مُرونة التّشغيل" وخفض الضريبة على الثروة (مقابل زيادة ضريبة القيمة المُضافة)، ومن تعزيز "الشراكة بين القطاعَيْن العمومي والخاص" الخ.
أدّى تطبيق هذه الشّروط إلى انتشار الفقر والأمية والبطالة، وإلى أزمات عديدة في بلدان أمريكا الجنوبية (الأرجنتين خصوصًا، في بداية القرن الواحد والعشرين) وفي آسيا، وآخرها سريلانكا التي أعلنت التّوقّف عن السّداد، وفي العديد من البلدان الإفريقية، وم
تُشكّل البطالة والفقر وارتفاع الأسعار أهم مشاغل أغلبية المواطنين، فقد قاربت نسبة التضخم الرّسمية المُعْلَنة 10% واختفت بعض السّلع الغذائية الأساسية من السّوق كالحليب والسّكّر والطّحين (الدّقيق) والأرز، وقد يتفاقم الوضع إثْرَ التطبيق الصّارم لشُرُوط الدّائنين، وفي مقدّمتهم صندوق النقد الدّولي الذي فَرَضَ "توسيع القاعدة الضريبية" أي تحصيل المزيد من الضّرائب المباشرة ( منها فرض ضرائب على القطاع الموازي) والضرائب غير المباشرة على الخدمات واستهلاك السِّلَع، بدَل زيادة ضريبة الممتلكات والعقارات وأرباح المصارف والشّركات وأصحاب المِهَن المُسمّاة "حُرّة"، وأعلنت وزارة الاقتصاد التونسية، إن ميزانية البلاد سترتفع %14,5 سنة 2023 إلى 69,6 مليار دينار (22,3 مليار دولار )، وتستوجب تغطية العجز قُرُوضًا خارجية بقيمة 4,53 مليار دولارًا، ويُتَوَقَّعُ أن تسجل خدمة الدين العمومي زيادة بنسبة 44,4% مقارنة بالعام 2022 باعتبار ارتفاع نفقات تسديد أصل وفائدة الدين، بحسب وكالة تونس إفريقيا للأنباء بتاريخ 20 كانون الأول/ديسمبر 2022...
إن إلقاء نظرة سريعة على ميزانية العام 2023 تُؤَكّد ما ينتظر المواطنين من تدهور الدّخل، مقارنة بارتفاع الأسعار، وإن العام 2023 سيكون أكثر صعوبة، وفق وثائق الحكومة التونسية التي أقَرّت أن نسبة النمو لن تتجاوز 1,6% سنة 2023، وأن الوضع لن يختلف عن العام الحالي (2022) بل قد يكون أَسْوَأَ، بعد رفْع قيمة الضريبة غير المباشرة (ضريبة الإستهلاك أو "القيمة المضافة") ورفع الدّعم عن المواد الأساسية، وارتفاع أسعار المحروقات التي زادت خمس مرات، بين شَهْرَيْ شباط/فبراير وتشرين الثاني/نوفمبر 2022، كما ورد في وثيقة مشروع الميزان الاقتصادي: "إن سنة 2023 هي السنة الأولى لتطبيق الإصلاحات الإقتصادية للمخطط التنموي 2023/2025..." الذي يتوقع ارتفاع المخاطر والصعوبات الاقتصادية والاجتماعية وتباطؤ النشاط في قطاعات الفلاحة والصناعات الموجهة للتصدير، وتراجع إنتاج قطاع المحروقات، كما أكدت وثيقة المشروع على حاجة الحكومة لمبلغ لا يقل عن 1,675 مليار دولارا من أجل "تحسين مناخ الأعمال والمبادرة الفردية بما يسمح بتوفير بيئة استثمارية جاذبة وملائمة لاستقطاب الاستثمارات الوطنية والأجنبية"، أي مزيدًا من "الهدايا" المَجانية لرأس المال المحلِّي والأجنبي، من خفض الضّرائب والرسوم الجمركية والمِنَح في شكل عقارات مجانية وتهيئة عمرانية وبُنْيَة تحتية تُنفذها الدّولة من ضرائب المواطنين، لتستفيد منها الشركات المحلّيّة والأجنبية، بينما تتواصل معاناة المواطن من ارتفاع الأسعار، منها أسعار الكهرباء وماء الشُّرْب، ومن شحّ الوظائف...
ا



#الطاهر_المعز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السودان ومخاطر التّفتيت
- متابعات - نشرة أسبوعية - العدد السّادس عَشَر – 22 نيسان/ابري ...
- أي مَوْقِع لنا في هذا العالم؟
- الحرب الأمريكية الدّائمة على عدّة جبهات
- متابعات - نشرة أسبوعية - العدد الخامس عَشَر – 15 نيسان/ابريل ...
- التطبيع باسم البحث العلمي
- وفاة الرفيق -جهاد منصور- ( Marc Rodin ) يوم الثامن من نيسان/ ...
- محاولة تعميم المعرفة وتبسيط بعض مفاهيم الإقتصاد السياسي
- متابعات - نشرة أسبوعية - العدد الرّابع عَشَر – الثامن من نيس ...
- إفريقيا، الولايات المتحدة تريد حصة أكبر
- تونس في مُفْتَتَح سنة 2023
- متابعات - نشرة أسبوعية - العدد الثّالث عَشَر – الأول من نيسا ...
- تكريمًا للنّساء، على مدار السنة، قبلَ وبعدَ 8 آذار/مارس
- الجذور الإستعمارية للإتحاد الأوروبي
- متابعات - نشرة أسبوعية - العدد الثّاني عَشَر - 25 آذار/مارس ...
- المُخْتَبَرات وصناعة وتسويق الأدوية، قطاع رأسمالي مُرْبِح
- أزمة المنظومة المصرفية الطاهر المُعِز
- بعض -الإشتراكيين- الأمريكيين جزء من منظومة الإمبريالية
- الولايات المتحدة خَطَر على شعوب العالم
- تجارة القَتْل


المزيد.....




- -حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار .. ...
- اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
- مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
- 4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
- سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا ...
- ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟
- السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية تسوق للحج التجاري با ...
- اسبانيا تعلن إرسال صواريخ باتريوت إلى كييف ومركبات مدرعة ودب ...
- السعودية.. إغلاق مطعم شهير في الرياض بعد تسمم 15 شخصا (فيديو ...
- حادث جديد يضرب طائرة من طراز -بوينغ- أثناء تحليقها في السماء ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الطاهر المعز - تونس - قراءة للوضع الحالي