أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الطاهر المعز - السودان ومخاطر التّفتيت















المزيد.....

السودان ومخاطر التّفتيت


الطاهر المعز

الحوار المتمدن-العدد: 7590 - 2023 / 4 / 23 - 14:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الخَلْفِيّة التّاريخية للأحداث الحالية
عرف مواطنو السودان عددًا من الإنقلابات (أو محاولات الإنقلاب) العسكرية منذ استقلاله في كانون الثاني/يناير 1956، ولا يزالون يُعانون منها، ومنها انقلاب سنة 1958 الذي قاده إبراهيم عبّود ودعمه حزب الأمة وقادة الجماعات الدّينية لفترة سبع سنوات، بدون دستور ولا برلمان، ولا انتخابات ما أدّى إلى اندلاع مظاهرات ضخمة اضطرت الجيش لتسليم السلطة لحكومة مدنية، في تشرين الأول/أكتوبر) 1964، وأنتجت انتخابات 1965 وضعًا غير مُستقِرّ، وفشلت الأحزاب الحاكمة، ضمن ائتلاف، في حل المشاكل الاقتصادية وشُحّ السلع الأساسية وارتفاع نسبة البطالة، فضلا عن تمرّد جنوب البلاد، ما ساعد الجيش على العودة إلى السّلطة عبر انقلاب 1969، بقيادة جعفر محمد نميري الذي دام حكمه 16 سنة تخللتها محاولات انقلاب، بسبب عدم وفائه بوعوده للحلفاء الذين مكّنوه من افتكاك السلطة، وهم مجموعة من الضباط المحسوبين على الحزب الشيوعي والقوميين العرب، وبسبب استئثاره بالسلطة وعدم حل أي من المشاكل التي تعاني منها البلاد (المُهَدّدة بالتفتيت) ومواطنوها، وبعد فترة قصيرة من الدّيمقراطية التي أعادها الجيش بقيادة "عبد الرحمان سوار الذّهب" (1934 – 2018، وحكمَ سنتَيْ 1985 و 1986)، وكما حصل لحكومة سنة 1965، لم تتمكن الحكومة المدنية لسنة 1986 من السيطرة على الوضع الإقتصادي وعلى ارتفاع الأسعار ونسبة التضخم، مع ارتفاع مخاطر تقتيت البلاد، واستغلّ الإخوان المسلمون الفرصة وتعاونوا مع الجيش، بقيادة عُمَر البشير لتنفيذ انقلاب عسكري في شباط/فبراير 1989، ولم يتمكن الأخوان المسلمون والجيش من حل المشاكل الإقتصادية والسياسية، بل تعدّدت المليشيات الإنفصالية المُسَلّحة، وتدهور الوضع الإقتصادي وانتشر الفساد، وتواصل حُكْم تحالف الجيش والإخوان المسلمين في ظل غياب الدّستور والإنتخابات والحياة الديمقراطية والحُرّيات الفردية والجَمْعِيّة، وتخللت فترة حكم عُمر البشير محاولات انقلاب فاشلة إلى أن وضعت انتفاضة سنة 2019 حدًّا لحكم ائتلاف الجيش والإخوان، لكن تسلّمت قيادة الجيش الحُكْم، بقيادة عبد الفتاح البرهان الذي شكّل مجلسًا عسكريا برئاسته، في استنساخ لما حصل في مصر، لتبقى نفس الطبقة تحكم البلاد، والتي يمثل قادة الجيش جزءا منها، وتقاسم قادة الجيش مع قادة قُوات الدّعم السريع، وهي مليشيا مُسلّحة ( الجنْجَوِيد) أنشأها عُمر البشير لقمع الحركات الإنفصالية وكذلك حركات الإحتجاج الشعبية، وأطلق عليها إسم "قوات الدّعم السّريع"، سنة 2013، وساهمت مع القوات المسلحة في ارتكاب العديد من الجرائم فيما يتمتع قادتها بحصانة تامّة، وساهمت في قمع انتفاضة شعب السودان سنة 2019، وفي نهب المال العام والثروات وفي الإشراف على شبكات التّهريب، كما اتفق الطّرفان (الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدّعم السّريع بقيادة محمد حمدان دقلو، المعروف ب"حميدتي") على التقرّب من الولايات المتحدة والمُشاركة في احتلال اليمن وفي تطبيع العلاقات مع الكيان الصّهيوني، وتمكّن الطّرفان المُسلّحان المُتحالفان من إحباط ثورة الشعب السوداني، وارتكاب المجازر، وإنهاك التحالفات الشعبية، وأهمها "الحرية والتغيير"، والإطاحة بحكومة عبد الله حمدوك (القادم من المؤسسات المالية الدّولية، ويحظى بدعم البنك العالمي وبعض القوى التقدّمية السودانية)، وإفراغ الاتفاق الإطاري الذي وقعه القادة العسكريون وممثلون عن أربعين مجموعة سياسية ومدنية، من محتواه (العدالة الانتقالية والأمن وإصلاح الجيش، وتنفيذ اتفاق جوبا - تشرين الأول/ أكتوبر 2020، وتفكيك هياكل سلطة نظام عمر البشير، وتنظيم انتخابات ديمقراطية)، فضلا عن "التعاون" مع الولايات المتحدة في مجال "مكافحة الإرهاب" وفي مقاومة الصين وروسيا، والإعتراف بالكيان الصهيوني وتطبيع العلاقات معه...
الوضع الإقتصادي
كان السودان مُصنّفًا كواحد من أكثر الدول فسادا، ويتوقع أن يزداد حجم السرقات والفساد وتهريب الثروات خلال فترة الصراع المُسلّح بين فريقَيْن فاسدَيْن، وأظهرت التجربة ارتفاع درجة الفساد بارتفاع حدّة الصراعات المُسلّحة، وانخفاض الإستثمار في المشاريع المنتجة التي تحتاج المال ( الذي يُنْفَقُ حاليا على شراء السلاح وصيانته) والإستقرار السياسي، ولهذه الأسباب يُتَوقّعُ تجميد مشاريع التنمية، إن وُجِْدَتْ وارتفاع نسبة البطالة والفقر، بعد أن "استفادت" البلاد ( سنة 2021) من تخفيض جزء طفيف من ديون الدول الأشدّ فقرًا، وتم تخفيض الديون الخارجية للسودان من 77,2 مليار دولار سنة 2020 إلى 62,4 مليار دولار سنة 2021، لكن عدم استقرار الوضع السياسي أدّى إلى تجميد هذا الإتفاق وتجميد مفاوضات إعادة جدولة الدّيون والمفاوضات مع دول أعضاء نادي باريس، وسوف تُؤَدّي الصراعات الحالية المُسلّحة بين الطّرَفَيْن الحاكمَيْن إلى زيادة تعقيد وضع الفئات الأكثر هشاشة في المجتمع...
قَدّرَ البنك العالمي حجم الناتج المحلي الإجمالي للسودان بنحو 34,3 مليار دولارا، بنهاية سنة 2021، بنسبة نمو لا تتجاوز بلغ 0,3% بنهاية 2022، وفق تقديرات المصرف المركزي السوداني، وقد يتراجع حجم الناتج المحلي الإجمالي ونسبة النمو بسبب الصراع المسلح، ما يؤدي، كما ذكرنا إلى زيادة معدلات الفقر (46,5% بنهاية سنة 2022) ومعدل البطالة ( 19,8% بنهاية سنة 2022)، وفق تقديرات التقرير الاقتصادي العربي، وهي بيانات بعيدة عن الواقع، كما يُؤثر الصراع المُسلّح وعدم الإستقرار على سعر صرف العملة المحلية ( 447 جنيها مقابل الدّولار)، التي يتوقع أن تُواصل الإنخفاض، وتُشير بيانات المصرف المركزي السوداني، إلى بُلُوغ قيمة التجارة الخارجية 13,6 مليار دولار، سنة 2021، بعجز قدره 5,13 مليار دولار، (4,2 مليار دولار للصادرات مقابل واردات بقيمة 9,4 مليار دولارا) وشكّلت صادرات الذهب 49% من قيمة الصادرات السودانية، بنحو 2,06 مليار دولارا، وتجدر الإشارة إلى سيطرة قيادة مليشيات الدعم السريع (الجنجويد سابقًا) على استخراج وتصدير الذهب...
في المجال الزراعي، يمكن للأراضي الزراعية بالسودان تزويد الوطن العربي وتحقيق الإكتفاء الذاتي الغذائي العربي، لكن البلاد استوردت سنة 2021 مواد غذائية بقيمة 2,09 مليار دولار، أو ما يُعادل 22,3% من إجمالي الواردات وفق بيانات المصرف المركزي السوداني، وأعلن برنامج الغذاء العالمي في حزيران/يونيو 2022 أن جميع ولايات السودان ( 18 ولاية) تعاني من انعدام الأمن الغذائي، فيما يواجه نحو 15 مليون مواطن أزمة انعدام حاد للأمن الغذائي
قوات الدّعم السّريع
استخدم الرئيس السابق عمر البشير ميليشيات الجنجويد خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين لقمع التمرد في دارفور المدعوم من حكومة تشاد ومن فرنسا، غربي السودان ، وتم اتهام عناصر هذه المليشيات بارتكاب جرائم حرب والتعذيب والإغتصاب والقتل خارج نطاق القضاء، وأدّى الصراع إلى قتل نحو 300 ألف شخص وإلى نزوح حوالي 2,5 مليون مواطن، بحسب وسائل الإعلام الأوروبية والأمريكية، واكتسب "حميدتي" شهرته في ذلك الوقت كزعيم لمليشات الجنجويد التي تمت إعادة هيكلتها لتصبح قوات الدعم السريع سنة 2013، ليستخدمها عمر البشير كميليشيا خاصة بحمايته ، ولقمع المعارضة والمُحْتَجِّين على سياساته، وكذلك للمشاركة في "حماية الأمن الداخلي والخارجحي للبلاد" ومراقبة الحدود وإنفاذ القانون وتحصيل الضرائب والرسوم الجمركية، لتصبح هذه المليشيات دَوْلَةً داخل الدّولة، لها أموالها وقُواتها المُسلّحة، ما مكّن قادتها من زيادة نفوذهم وثرواتهم، بفضل السيطرة على تعدين الذهب وتربية المواشي وصفقات البنية التحتية...
تناقضات أعداء الشعب
تمثل القوى المتصارعة حاليا، منذ 15 نيسان/ابريل 2023 ( قيادات الجيش وقيادات قوات الدّعم السريع) أطرافًا ساهمت في قمع المتظاهرين ورفضت تسليم السّلطة إلى حكم مدني (رغم سذاجة هذا المطلب، لأن "المَدَنِي" ينتمي إلى طبقة، ويمكنه أن يكون أو يصبح دكتاتوريا)، وأزاحت حكومة عبد الله حمدوك في الخامس والعشرين من تشرين الأول/أكتوبر 2021 وتراجعت عن تعهداتها لقوى "الحُرّية والتغيير"، مع اعتقال عدة وزراء وتعطيل التحقيق في المجازر وتجميد تفكيك هياكل نظام عُمر البشير الخ، وأثارت هذه القرارات موجة احتجاجات شعبية، واعتبرتها قوى "الحرية والتغيير" والعديد من منظمات المجتمع المدني انقلابا على التعهدات السابقة، وتمكنت هذه القوى من تحشيد فئات عديدة من جماهير انتفاضة 2019، وتمكّنت في 30 حزيران/يونيو 2022 من تنظيم العديد من الإعتصامات في مناطق متعدّدة، تعاطف معها الجنود وبعض الضباط من ذوي الرُّتب الصغيرة بالجيش، ما أثار بعض الخلافات بين قيادات الجيش وقيادات الدّعم السريع، ليس في الجوهر وإنما في كيفية مواجهة هذا المَدّ الجماهيري، وتمكّنت الإحتجاجات المستمرة منذ أربع سنوات، من تحويل تحالفَ قادة الجيش وقوات الدعم السريع ضد الجماهير الغاضبة إلى ِتعميق التناقضات الثانوية بينهما وإلى صَدام دَمَوِي بينهما، بسبب خلافات تكتيكية ومؤقتة، واندلعت اشتباكات في مناطق عديدة من البلاد منذ فجر يوم السبت 15 نيسان/ابريل 2023 عندما حاولت قوات الدعم السريع مُفاجأة الجيش والسيطرة على العديد من المنشآت الاستراتيجية، مثل القصر الرئاسي، مع التّذكير بأن لكل من الفصيلَيْن المُتَصارِعَيْن تحالفات داخلية وإقليمية، وما الخلاف حول تنفيذ خطة الانتقال للمرحلة السياسية الجديدة التي تم الاتفاق حولها مع أحزاب ومنظمات مدنية، سوى جزء من المشكلة بينهما، فقد اختلفا خصوصًا بشأن الجدول الزمني لدمج قوات الدعم السريع ضمن القوات المسلحة النظامية، وحول موعد إشراف قادة مَدَنيّين على الجيش، كما ظهرَ صراع بين الفريقَيْن حول تعيين المسؤولين عن مجزرة فض الإعتصام أمام مَقَرّ القيادة العامة وصراع حول مصالح اقتصادية لأن قيادة الدعم السريع تسرق إنتاج مناجم الذّهب لتمويل نشاطها، وللثراء الشّخصي، ويستعين كل من الطّرفيْن بشبكة من الحلفاء في الدّاخل وفي الخارج، فالسودان بلد شاسع، كان الأكبر مساحةً بإفريقيا قبل انفصال جنوب السودان سنة 2011، وله موقع استراتيجي هام، فهو يُطل على البحر الأحمر وله موانئ هامة استثمرت روسيا والإمارات أموالا لتوسيعها تتطلب التوسيع، كما استثمرا في قطاع التعدين ومن ذلك مناجم الذهب التي تُسيْطِرُ عليها قوات الدعم السريع (التي تُرْسِل فُقراء السودان لمحاربة فُقراء اليمن، تحت إشراف الإمارات)، والسودان ثالث منتج للذهب في إفريقيا بعد جنوب إفريقيا وغانا، ويمكن تلخيص الوضع بأن لكل من الفريقَيْن علاقات داخلية وخارجية خاصة وحلفاء وموارد مالية خاصّة، وتعدّ الإمارات أكبر مشتر للذهب المنتج بشكل رسمي في السودان، وأهمّ حليف لمحمد حمدان دقلو ( حميدتي)، وهو تحالف مَصْلَحِي وليس مَبْدَئي، لأن الإمارات تحاول المحافظة على نفوذها، مهما كان الفائز في الصّراع الحالي، فقد حارب كلاهُما، الجيش وقوات الدّعم السريع، المُقاومة اليَمَنِية ( أنصار الله – "الحوثيين") إلى جانب (أو نيابةً عن) الإمارات...
على المستوى الدولي، دعمت إيطاليا قوات الدّعم السريع بالتدريب والعتاد وساندتها خلال انقلاب سنة 2021، لأن لإيطاليا مصالح نفطية في مناطق شرقي ليبيا المتاخمة لتشاد ولإقليم دارفور السوداني، حيث تقوم مليشيات "حميدتي" بقمع الإنفصاليين الذين تدعمهم حكومة تشاد، أما البرهان قائد الجيش فقد نشط كثيرًا في مجال التّزلُّف إلى الإمبريالية الأمريكية والكيان الصهيوني، ويفتخر بمكافأتِه برفع السودان من اللائحة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب، وحصوله على مساعدات مالية (هزيلة) بفعل تطبيع العلاقات مع الكيان الصّهيوني وانضمامه إلى "اتفاقات أبراهام"، كما أن البرهان يحظى بدعم مصري شبه علني، فيما تُراقب حكومة الحبشة الوضع في السودان عن كثب...
دور مَشْيخات الخليج
أعلنت حُكومة عُمر البشير دعم احتلال اليمن من قِبَل الإمارات والسعودية، ضمن "المُصالحة" بين نظام السّودان والولايات المتحدة، لكن المُكافأة لم تتجاوز قرار رفع العقوبات الإقتصادية، ولا يزال مجلس الأمن يمدّد العقوبات بصفة دَوْرِيّة، وبعد الإطاحة بعُمَر البشير شكّل المُقَرّبُون منه مجلسًا عسكريا (على غرار ما حصل بمصر لامتصاص روح الثورة) حظي بدعم مالي وسياسي مَشْرُوط من قِبَل مصر والسعودية والإمارات، وتستهدف الإمارات موارد السودان من النّفط والمعادن (الذهب والنحاس واليورانيوم) إلى الأراضي الزراعية الخصبة، وشكّلت قوات الدّعم السريع (مليشيات قَبَلِيّة) بوابتها للإستيلاء على موارد السّودان ولاحتلال اليمن، مقابل رواتب تُسدّدها للمُجَنّدين السودانيين من الفُقراء والمُعطّلين عن العمل، ومُقابل أسلحة ومُعدّات للمليشيات التي يُشرف عليها "حميدتي"، لتُصبح قوات الدّعم السريع مُنافسة للجيش، ولزعمائها طموح سياسي للإستيلاء على السّلطة وبسط النّفُوذ على كامل البلاد، فيما كانت مَشْيَخَة قَطَر تدعم العديد من الحركات الإنفصالية، خصوصًا غربي البلاد (دارفور)
أصبحت دُوَيْلات الخليج، خلال السنوات الأخيرة، تلعب دَوْرَ المُنَسِّق بين الولايات المتحدة والكيان الصّهيوني من جهة، ومؤسسة الجيش السودان وقوات الدعم السريع من جهة أخرى، وكانت مقترحاتها تهدف تدعيم مليشيات الدّعم السريع وكذلك إضعاف الدّولة المركزية وتفتيت السودان عبر تمويل بعض الحركات الإنفصالية في غربي السودان (دارفور) كما في الشرق المُطِل على البحر الأحمر (كسلا وميناء بور تسودان الإستراتيجي)، وظهر الدّعم الخليجي بوضوح خلال الإشتباكات الأخيرة التي بدأت يوم 15 نيسان/ابريل 2023، إذْ سارعت وسائل إعلام الخليج – وما أكثرها – إلى إعلان انتصار قوات الدّعم السريع على الجيش، أي إنهاء وُجُود الدّولة المركزية التي بقي الجيش (على هناته) من آخر رموزها...
خاتمة - مُلَخّص الوضع الحالي
على الصعيد الإقتصادي: أعلنت الحكومة السودانية عن مصادقة القطاعات الوزارية بنهاية شهر كانون الثاني/يناير 2023، على مشروع موازنة البلاد للعام الجاري 2023، بإجمالي عجز كلي يبلغ 12% من الناتج المحلي الإجمالي، حيث يُتَوَقَّعُ أن تبلغ الإيرادات نحو 12,7 مليار دولارا ، بينما يبلغ الإنفاق نحو 14,1 مليار دولارًا، وتُشِيرُ كافة المؤشرات إلى استمرار التراجع الاقتصادي، وانخفاض الإستثمارات وتراجع كبير في مستويات الإنتاج الزراعي والصناعي بأكثر من 30% وانقطاع 80% من المصانع عن الإنتاج بسبب ارتفاع الرسوم والضرائب والجمارك وزيادة فاتورة الطاقة بنحو 500%، وتأمل اللحكومة زيادة عائداتها من التحصيل من الضرائب المباشرة والرسوم رغم الفقر وارتفاع الضرائب غير المباشرة بفعل ارتفاع أسعار المستهلك، فيما استمر انخفاض سعر الجنيه السوداني، واستمرت زيادة الإنفاق العسكري والأمني لأغراض القمع الدّاخلي، وقد يُؤَدّي هذا الوضع إلى الإنهيار الكامل إذا لم تتمكن الحكومة من الحصول على تمويلات بقيمة ثمانية مليارات دولارا، وفق بيان مجلس الوزراء السوداني، يوم الإثنين 31 كانون الثاني/يناير 2023، وازداد الوضع سوءًا عند انطلاق الإشتباكات يوم الخامس عشر من نيسان/ابريل 2023، بين قوات الدعم السريع والجيش، وبخاصة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي.
على الصعيد السياسي: لم تكن الأطراف الماسكة بزمام السّلطة ( القوات المسلحة وقوات الدّعم السريع ) تعتزم منذ تشكيل تحالفهما في تشرين الأأول/اكتوبر 2021، تعتزم التخلي تلقائيا عن السلطة وتسليمها لحكومة مدنية ديمقراطية دون أن تكون مُضْطَرّةً، لأن مثل هذه الحكومة المدعومة بانتخابات ديمقراطية تشكل خطرا على مصالحهم المكتسبة منذ عُقُود، ويعسر على القوى التي تُشكّل ائتلاف "الحرية والتغيير" التّحوّل من قُوّة إصلاحية إلى قُوّة ثورية قادرة على حَشْد القوى الشعبية وخلق ميزان قوى ثوري يتمكن من الإطاحة بالنظام الديكتاتوري ( عسكري أو مَدَنِي) واستبداله بنظام ثوري، لأن برنامج ائتلاف الحرية والتغيير ذي سقف هابط، في تناقض مع الزّخم الثوري الذي اكتسح السودان من 2019 إلى 2021، وفَوّتت القوى الثورية في السودان كما في تونس ومصر فرصة ذهبية لمحاسبة الجلادين واللّصوص والفاسدين، وتصميم وتطبيق برنامج سياسي واقتصادي واجتماعي يُعالج الوضع الإقتصادي بالسودان على مدى متوسّط وبعيد، أما على مستوى قصير المدى، هناك ضرورة مُلِحّة لبرنامج يضع حدًّا لانخفاض قيمة العملة ولارتفاع معدلات التضخم ولمعالجة تفاقم البطالة والفَقْر...



#الطاهر_المعز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متابعات - نشرة أسبوعية - العدد السّادس عَشَر – 22 نيسان/ابري ...
- أي مَوْقِع لنا في هذا العالم؟
- الحرب الأمريكية الدّائمة على عدّة جبهات
- متابعات - نشرة أسبوعية - العدد الخامس عَشَر – 15 نيسان/ابريل ...
- التطبيع باسم البحث العلمي
- وفاة الرفيق -جهاد منصور- ( Marc Rodin ) يوم الثامن من نيسان/ ...
- محاولة تعميم المعرفة وتبسيط بعض مفاهيم الإقتصاد السياسي
- متابعات - نشرة أسبوعية - العدد الرّابع عَشَر – الثامن من نيس ...
- إفريقيا، الولايات المتحدة تريد حصة أكبر
- تونس في مُفْتَتَح سنة 2023
- متابعات - نشرة أسبوعية - العدد الثّالث عَشَر – الأول من نيسا ...
- تكريمًا للنّساء، على مدار السنة، قبلَ وبعدَ 8 آذار/مارس
- الجذور الإستعمارية للإتحاد الأوروبي
- متابعات - نشرة أسبوعية - العدد الثّاني عَشَر - 25 آذار/مارس ...
- المُخْتَبَرات وصناعة وتسويق الأدوية، قطاع رأسمالي مُرْبِح
- أزمة المنظومة المصرفية الطاهر المُعِز
- بعض -الإشتراكيين- الأمريكيين جزء من منظومة الإمبريالية
- الولايات المتحدة خَطَر على شعوب العالم
- تجارة القَتْل
- متابعات - نشرة أسبوعية - العدد الحادي عَشَر - 18 آذار/مارس 2 ...


المزيد.....




- روسيا تدعي أن منفذي -هجوم موسكو- مدعومون من أوكرانيا دون مشا ...
- إخراج -ثعبان بحر- بطول 30 سم من أحشاء رجل فيتنامي دخل من منط ...
- سلسلة حرائق متتالية في مصر تثير غضب وتحليلات المواطنين
- عباس يمنح الحكومة الجديدة الثقة في ظل غياب المجلس التشريعي
- -البركان والكاتيوشا-.. صواريخ -حزب الله- تضرب مستوطنتين إسرا ...
- أولمرت: حكومة نتنياهو تقفز في الظلام ومسكونة بفكرة -حرب نهاي ...
- لافروف: أرمينيا تسعى عمدا إلى تدمير العلاقات مع روسيا
- فنلندا: معاهدة الدفاع مع الولايات المتحدة من شأنها أن تقوض س ...
- هجوم موسكو: بوتين لا يعتزم لقاء عائلات الضحايا وواشنطن تندد ...
- الجيش السوداني يعلن السيطرة على جسر يربط أمبدة وأم درمان


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الطاهر المعز - السودان ومخاطر التّفتيت