أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الطاهر المعز - متابعات - نشرة أسبوعية - العدد الخامس عَشَر – 15 نيسان/ابريل 2023















المزيد.....



متابعات - نشرة أسبوعية - العدد الخامس عَشَر – 15 نيسان/ابريل 2023


الطاهر المعز

الحوار المتمدن-العدد: 7582 - 2023 / 4 / 15 - 16:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يحتوي العدد الخامس عشر من النّشرة فقرة تتضمّن تساؤلا بخصوص مفهوم الأزمة، فهل يمكن سحب عبارة "أزمة" على وضع يستمر عُقُودًا؟ وما هو نقيض الأزمة، إذا كانت أغلبية المواطنين تعيش وضعًا بائسًا يمتدّ عقودًا؟ كما يحتوى العدد على فقرات لوصف وتحليل – بعجالة – التغييرات التي تقودها الصين في منطقة المشرق العربي و"أوراسيا"، في إطار جُهد صيني مُستمر لقَضْمِ أجزاء من النُّفُوذ الأمريكي، والنتيجة أن ما يُفيد النظام الحاكم بالصّين ليس بالضرورة مُفيدًا للشعوب العربية ولا للبروليتاريا العالمية، ويبقى طَرْح الأسئلة والإحتمالات من "أَضْعَفِ الإيمان"، لكي لا نكون أغبياء أو غير مُدْرِكين لمصلحتنا، في حين لا تكفّ الولايات المتحدة عن دَقّ أجراس الحرب (بعيدًا عن حدودها في أغلب الأحيان) ولا يهتم حُكّامها بفقراء وعُمّال البلاد أو وضع المواطنين السّود...
في أوروبا وردت في النشرة بعض أخبار الإضرابات في بريطانيا وألمانيا وفرنسا، وعن "فوائد" الإستثمار في الحرب، وفقرة عن تجارة الذّهب المُستخرج من مناجم غير قانونية من قِبَل فُقراء إفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية ليتم تكريره وبيعه كمنتجات سويسرية أو بريطانية، فيما يُعاني السّكّان المُجاورون لهذه المناجم مشكل بيئية وصحّية قاتلة...

أزمة؟
يُفْتَرَضُ أن تكون الأزمة حدثًا طارئًا، وعابرًا، وعندما يُقال لنا أننا نمر بأزمة يعني إننا كُنّا نعيش حالة رخاء، والواقع إن الكادحين والأُجراء والفُقراء ما عَرَفُوا سوى الشّدّة، بينما تستفيد أقَلِّيّة من مواطني كل بلد أو من سُكّان العالم من الوضع، وما الأزمة سوى بعض الإنخفاض في مستوى الأرباح، وقد يكون بعض الأثرياء ضحية إفراطهم في المُضاربة طمعًا في الربح السّريع...
يُذَكّرُنا صندوق النقد الدّولي، بالتوازي مع اجتماعاته الدّورية، منذ 2008، إننا "كُنّا بخير وفي بحبوحة من العيش"، وأن الأزمة لم تنته وسوف تتواصل، ويحتوي التقرير الذي أصدره الصندوق يوم الثلاثاء الحادي عشر من نيسان/ابريل 2023 (التقرير الرّبيعي)، على مثل هذا الوَعيد الذي أصبح مألوفًا، حيث خفّض صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو العالمي الذي لن يتجاوز 2,8% سنة 2023، ولن يتحسّن الوضع، حيث لن تتجاوز نسبة النمو معدّل 3% سنة 2024...
بعيدًا عن هذه الأرقام، يعاني مواطنو الدّول الفقيرة، والكادحون في العالم من ارتفاع نسبة التّضخم التي يتوقّع الصندوق أن تسجل نسبة 7% التضخم سنة 2023، على صعيد العالم، دون اعتبار ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة، فيما تستخدم الحكومات المال العام لإنقاذ الشركات الكبرى من الإفلاس، وترفض الإستثمار في التعليم العمومي والصحة والنقل العمومي والسّكن، وآخر مثال على ذلك، تدخّل الحكومات لإنقاذ ثلاث مصارف إقليمية أمريكية وثاني أكبر مصرف في سويسرا، على خلفية رفع المصارف المركزية أسعار الفائدة لمكافحة التضخم، واعتبر ناطق باسم صندوق النقد الدّولي "إن هذه المخاطر خلقت اضطرابات مالية وأثرت بشدة على النمو..."، ويتوقع الصندوق نموًّا طفيفًا في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو، يتراوح بين0,3% و 1,6% وانكماشًا في بريطانيا، ونمو اقتصاد الصين بنسبة 5,2% سنة 2023، فيما استفاد الإقتصاد الروسي من ارتفاع أسعار المواد الأولية، ما جعل الصندوق يُراجع توقُّعاته، فقد كان يتوقع في تشرين الأول/اكتوبر 2022 أن يسجل الاقتصاد الروسي ركودا حادا، وبعد ستة أشهر راجع الصندوق حساباته ليتوقع أن ينمو الاقتصاد الروسي بنسبة 0,7% سنة 2023 و1,3% سنة 2024، رغم الحصار والحرب والعقوبات المتزايدة وتشديد القيود على التجارة التي تفرضها الولايات المتحدة وحلفاؤها من دول حلف شمال الأطلسي، ما خَفّض إيرادات روسيا وسبّب تباطؤ اقتصادها، لكنه لم ينكمش...

تدهور مكانة الدّولار
تُعْتَبَرُ الولايات المتحدة الدّولة الوحيدة التي تستطيع تسديد ديونها الخارجية بعملتها المحلية، ما يُتيح الحكومة وللشركات الأمريكية مزايا هامة لا تتمتع بها الحكومات والشركات الأخرى، في مجالات التمويل والتجارة الدّوْلِيّة، وما يُمَكِّنُ الحكومة الأمريكية من طباعة ما شاء لها من أوراق نقدية، لا يُقابلها إنتاج أمريكي، ويمكن للولايات المتحدة تسديد الدّيون وشراء ما تشاء بفضل هذه الأوراق النقدية، ولا يُؤَدِّي ارتفاع وارداتها وانخفاض صادراتها ( العجز التّجاري) إلى إلى أي عواقب ملموسة. أما الدّول الأُخْرى، وخصوصًا الفقيرة، فهي مُضْطَرّة لشراء الدّولار (أو اليورو أو الين أو الجُنَيْه الإسترليني) لشراء السّلع ولتسديد ديونها الخارجية.
بدأت مؤشرات عديدة تُؤَكِّدُ تراجُعَ مكانة الدّولار في المنظومة المالية العالمية، وبدأ الباحثون الأمريكيون يعترفون بأن الدولارَ مُعَرّضٌ لخطر فقدان مركزه الدولي وهيمنته العالمية على احتياطي المصارف المركزية، التي فرضتها الولايات المتحدة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، بالتوازي مع بَسْط هيمنتها العسكرية، وحَظِيَ خبر محادثات البرازيل والأرجنتين (أول وثاتي اقتصادَيْن بأمريكا الجنوبية) لاعتماد عملة مشتركة تحمل اسم "سور" (الجنوب) بتعليقات كثيرة في الولايات المتحدة، لأن نجاح الدّوْلَتَيْن في إرساء هذا الإتفاق " لتعزيز التجارة البيْنِيّة والتكامل الاقتصادي" قد يُشجّع بلدان أمريكا الجنوبية لتقوية على الإلتحاق بهذه المبادرة، والإبتعاد التدريجي عن اعتماد الدّولار في الإقتصاد والتّجارة، وقد يُؤَدِّي هذا المسار إلى إنشاء عُمْلَة مُوَحَّدَة، وحتى لو حصل ذلك خلال العقد القادم، فإن التّخَلِّي عن الدّولار لن يتم سريعًا، بل سوف يبقى الدولار يحتل المكانة الأولى في المبادلات والتحويلات المالية الدّولية، حيث تُقَوَّمُ نصف الدّيون العالمية بالدّولار، ونحو 60% من احتياطيات العملة الأجنبية بالمصارف المركزية، سنة 2022 ( كانت حصته 71% سنة 1999) ونحو 90% من عمليات تداول العملات الأجنبية، و 41% من حجم الأموال المتداولة عبر شبكة سويفت للمعاملات بين المصارف، ويتم حاليا استخدام الدّولار في الحياة اليومية في بعض البلدان، كما يتم تداول نصف حجم الأوراق النقدية الأمريكية البالغة تريليوني دولار خارج الولايات المتحدة، وتمكّنت الولايات المتحدة من جعل الدّولار ملاذًا آمنا – رغم فك الإرتباط بالذّهب، منذ 1971 – بفعل إصدارات السندات والأسهم الأمريكية التي تجتذب المستثمرين، دولاَ وشركات وأثرياء، وعلى سبيل المقارنة، يحتل اليورو ثاني عملة بنسبة 20% من إجمالي احتياطي العملات الدّولية، ويتم تداوله بشكل خاص داخل منطقة اليورو بين الدول الأعضاء في مجموعة العملة الأوروبية الموحدة، وبقيت حصة اليورو في التجارة الدّولية متواضعة بنحو 16% ولئن بدأ الدّولار يسير نحو الأسفل في مُنْحَدَرٍ جعله يخسر بعض المراتب، فإن ذلك سيكون بطيئًا، وليس من الضّروري أن تحل عملة واحدة محل الدّولار، بل يمكن استبداله بمجموعة من العملات من خلال تطوير التبادل بالعملات المحلّيّة.

تغييرات عالمية - بطيئة - ضرورية ولكنها غير كافية
تُشكّل أوروبا نقطة ضُعْف قاتلة، في المعركة من أجل تحرير الشعوب ومن أجل التنمية، ومن أجل تحقيق السلام في العالم، فهي غارقة في الحرب التي تقودها الولايات المتحدة (باسم الناتو) ضد روسيا، انطلاقًا من القواعد العسكرية الأمريكية والأطلسية بأوروبا التي تُشكل القوة الرئيسية لحلف شمال الأطلسي، الذي ضاعف عدد أعضائه، من 16 إلى 32 عضوًا خلال ثلاثين عامًا (منذ انهيار الاتحاد السوفيتي)، وفي خضم الحرب، أدمج الناتو عضوين جديدين كانا يزعمان الحياد: السويد وفنلندا، بهدف تطويق روسيا، ونَشْر الأسلحة النووية التكتيكية على حدودها وهي أسلحة يمكن أن تصيب أهدافًا استراتيجية داخل العُمْق الروسي في غضون دقائق، ما يضطر روسيا إلى زيادة انتشارها العسكري، بما في ذلك النووي ، في الجزء الشمالي الغربي من أراضيها.
لا يبدو أن المواطنين الأوروبيين ومنظماتهم السياسية والنقابية يناصلون من أجل إيقاف الحرب الجارية في قارتهم وإغلاق القواعد العسكرية الأمريكية (أو الأطلسية)، ومن أجل التوقف عن إرسال الأسلحة واستخدام مبلغ الإنفاق العسكري - الذي يتزايد باستمرار- لتحسين خدمات القطاع العام في مجالات النقل والإسكان والرعاية الصّحية والتعليم...
في المشرق العربي وفي الفضاء المسماة "أوراسيا"، تُشكّل الأحداث المُهِمّة الجارية، ولا سيما تطبيع العلاقات بين النّظامَيْن السعودي والإيراني، بوساطة صينية، بعد سنوات من العداء، تحديًا صينيا للولايات المتحدة وحليفها الكيان الصهيوني الذي يستغل التوترات بين دول الجوار ليحافظ على مكانته المُهَيْمِنَة، بل تمكّن كيان الإحتلال من بناء تحالف مع عدد من الأنظمة العربية، وخصوصًا مع دويلات الخليج، ضد شعوب المنطقة، وبالأخص ضدّ الشعب الفلسطيني والسوري واليمني.
تشير عدة علامات إلى استغلال الصين كبوةً أمريكيةً، لدعم التغيير الحالي في توجهات سياسة دول المنطقة، بما في ذلك التشاور بين الدول الرئيسية المصدرة للنفط ، في إطار أوبك + ، وأهمُّها الإتفاقية بين السعودية وروسيا، والإتفاقيات مع الصين التي تشمل تسديد شحنات النفط باليوان إلخ، وأعلنت الأسرة الحاكمة في السعودية اعتزامها الإنتماء إلى هياكل لا تقع ضمن النفوذ الأمريكي، مثل منظمة شنغهاي للتعاون أو مجموعة "بريكس"، ما من شأنه أن يمثل (إذا حدثَ ذلك بالفعل) خسارةً للمحور الأمريكي الصهيوني الذي رَدَّ عبر تصعيد العدوان على الشعب الفلسطيني والسوري واللبناني، فيما تعزز الولايات المتحدة القواعد العسكرية في العراق وسوريا والخليج، ومراكز التّجسّس في الأردن وشمال العراق والقَرْن الإفريقي...
تُمثّل الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي والدولة الصهيونية عوامل اضطراب عالمي، وتستغل الولايات المتحدة عدم الإستقرار لتأخير عملية نهوض الصين ومشروعها "عالم متعدد الأقطاب"، ويُمثّل تراجع النفوذ الأمريكي أمرًا إيجابيا للشعوب الواقعة تحت الإستعمار والإضطهاد والهيمنة (ومنها جميع الشعوب العربية) لكنه ليس كافيًا، فقد تُضْعِفُ المشاريع الصينية أو الروسية الإمبريالية الأمريكية والأوروبية، على مدى متوسّط أو طويل، لكن إذا كان انهيار الولايات المتحدة (ولن يحدث ذلك على مدى قريب ) يفيد قوى عالمية أخرى، مثل الصين وروسيا ، ولكنه لا يفيد الشعوب ، فلن يتغير شيء أو سيكون التغيير وهميًا وقصير الأجل، فلا يمكن للشعوب – وفي مقدّمتها الشعب الفلسطيني - أن تنتظر التحرير من خارجها أو من خارج مُحيطها القريب، بل لن تتحرّر بغير قواها الذّاتية – مع دَعْم الأصدقاء – عبر بناء منظماتها وأدوات التّحرير الخاصة بها والتي تدافع عن مصالحها، ولن ينتهي استغلال الطبقة العاملة والكادحين بتغيير ملكية الشركات أو مساهميها ( أو باستبدال هيمنة الولايات المتحدة بهيمنة الصّين)، لأن تحرير الشعوب (ومنها الشعوب العربية)، وكذلك إنهاء الاستغلال الطبقي، يتطلب هزيمة الإمبريالية وأتباعها المحليين، وإنهاء النظام الرأسمالي القائم على استغلال قوة البروليتاريا، وإحلال بديل له يقوم على مشاركة الجميع في خلق الثروات (كل بحسب جُهْدِهِ وخبرته ومُؤهّلاته) لتوزيعه بحسب حاجة كل مواطن...

التجارة بغير الدّولار
بدأت الصين، منذ سنة 2009، خَفْضَ اعتمادها على الدولار الأمريكي في المعاملات التجارية، وعرضت الحكومة الصينية على العديد من الشركات والدول شراء سِلَعِها بعملتها المحلية، وإنشاء خطوط ائتمان متبادلة مع مختلف المصارف المركزية حول العالم، كما أطلقت الصين مفاوضات مع الدول العربية المُنتجة للمحروقات بهدف استخدام اليوان في التجارة البَيْنِيّة، وبدأت هذه الجهود تؤتي ثمارها، مع الاعتماد الجزئي للعملة الصينية من قبل العديد من الحكومات الآسيوية، وآخرها توقيع الشركة الصينية للمحروقات (كنوك) صفقة لشراء 65 ألف طنا من الغاز المُسال الإماراتي، مع شركة "توتالل-إينرجي" بالعملة الصينية، وتمت الصفقة عبر سوق شنغهاي للمحروقات، يوم 28 آذار/مارس 2023، ما يُشكّل تحَوُّلاً طفيفًا ورَمْزِيًّا في سوق النفط الخليجي الذي دعم هيمنة الدّولار، عبر ما سُمِّيَ "بترودولار"، منذ سنة 1974 (تقويم سعر النفط وبيعه حصريًّا بالدّولار الأمريكي).
أدركت الإمارات والسعودية اختلال التوازن العالمي للقوى وقرَّرَتا توسيع هوامش علاقاتهما الدولية ( في حركة محسوبة العواقب) ليأتي قرار بيع نسبة من النفط باليوان الصيني في أعقاب التغييرات الأخيرة في النظام الدّولي والاستقطاب العالمي بشأن الحرب في أوكرانيا، وإحجام العديد من دول إفريقيا وآسيا، ومنها دُوَيْلات الخليج عن الانحياز ضد روسيا والصين وخصوم الولايات المتحدة الآخرين، وبعدما بدأت الصّين توقيع اتفاقيات مع عدة دول بعملاتها المحلية لتحدي هيمنة الدولار الأمريكي على التجارة العالمية، وبذلك أصبح اليوان عملة الدفع الخامسة في العالم وعملة التسوية التجارية الثالثة والعملة الاحتياطية الخامسة، وتمثل 7% من إجمالي تداول العملات العالمي، وشهدت أكبر زيادة في حصتها السوقية في السنوات الثلاث الماضية، وفقًا لتقرير صادر عن صندوق النقد الدولي، والذي يشير أيضًا إلى أن "نسبة الدولار الأمريكي في احتياطيات البنوك المركزية انخفضت بمقدار 12% من 1999 إلى 2022، في حين أن نسبة العملات الأخرى وخاصة اليوان الصيني آخذة في الارتفاع بزيادة قدرها 9% خلال نفس الفترة.
لعبت روسيا دورًا مهمًا في تغيير قيمة اليوان من خلال التوقيع على اتفاقية خط أنابيب الغاز بين روسيا والصين وتحويل عملات مدفوعات الغاز من الدولار الأمريكي إلى اليوان الصيني والروبل الروسي، وبذلك ازدادت أهمية اليوان في التجارة الخارجية لروسيا، وارتفعت حصته من مدفوعات الواردات من 4% في كانون الثاني/يناير 2022 إلى 23% بنهاية كانون الأول/ديسمبر 2022، وارتفعت حصة اليوان في الصادرات من 0,5% إلى 16% خلال نفس الفترة.
تجاوزت التسويات التراكمية عبر الحدود باليوان التي تمت معالجتها في منطقة شينجيانغ بغرب الصين - المركز المالي بين الصين وآسيا الوسطى - مائة مليار يوان (14 مليار دولار) سنة 2013 ووصلت إلى 260 مليار يوان سنة 2018، وهو مؤشر على توفير الفرصة للعملات الإقليمية وأنظمة الدفع البديلة في النظام المصرفي الدّولي، حتى للدول الخاضعة للحكم الأمريكي، مثل العراق حيث أعلن المصرف المركزي، منذ شهر شباط/فبراير 2023، اعتزامه السماح بالتسوية المباشرة للمعاملات التجارية مع الصين باليوان، ولو بصورة جُزْئِيّة من أجل تحسين الوصول إلى العملات الأجنبية وتعويض النقص في الدولارات في الأسواق المحلية، كما أعلنت مصر عن خطط لإصدار سندات باليوان في آب/أغسطس 2022.
تشير عبارة "بترودولار" إلى الدولار الأمريكي المستخدم في شراء النفط الخام بعد اتفاق عام 1974 بين واشنطن والسعودية، الحليف الوَفِي للولايات المتحدة ، ولكن في كانون الثاني/يناير 2023 ، قال وزير المالية السعودي إن "المملكة منفتحة على التداول بعملات غير الدولار الأمريكي لتحسين شروط التجارة"، وتُعْتَبَرُ الصين مستوردًا رئيسيًّا للمحروقات فيما أصبحت الولايات المتحدة مُصدّرًا كبيرًا للنفط والغاز الصّخرِيّيْن وتنافس نفط الخليج في أوروبا وآسيا، وتستورد الصين أكثر من 500 مليون طن من النفط الخام وأكثر من 100 مليون طن من الغاز الطبيعي، سنة 2022، وكان الرئيس الصيني قد شجّعَ، خلال رحلته إلى السعودية ، دُوَيْلات مجلس التعاون الخليجي على استخدام اليوان في معاملات تجارة الطاقة، وَوَقّعت الصين مع السعودية، خلال تلك الزيارة، اتفاقيات تجارية تزيد قيمتها عن ثلاثين مليار دولار.
من جانب آخر، تمثل روسيا وإيران وفنزويلا - حلفاء الصين – 40% من احتياطيات النفط المؤكدة لأوبك + ، وتمثل دول مجلس التعاون الخليجي 40% أخرى، ما يزيد من أهمية حصة اليوان في تجارة المحروقات، ويعود سبب هذا التحول نحو العملات الوطنية في التجارة العالمية، جزئيًا، إلى سياسة العقوبات التي تنتهجها واشنطن ضد روسيا، التي جعلت حليفًا مثل السّعودية يتجه بشكل متزايد نحو الحدر والحيطة في استخدام الدولار الأمريكي في التجارة، خوفًا من أن تستخدم الولايات المتحدة عملتها كسلاح وفرض عقوبات، وتكيفت السعودية مع نمو استخدام العملات المحلية في سلاسل التوريد العالمية، وأعلنت شركة النفط السعودية "أرامكو" مؤخّرًا عن خطتين استثماريتين واسعتي النطاق في الصين، منها بناء مصنع متكامل للكيماويات والتكرير والإستثمار بحصة 10% في شركة بتروكيماويات صينية كبرى.
في الإمارات، قررت إمارة دبي دمج اليوان في تداول العملات في مركزها المالي العالمي، وفي أمريكا الجنوبية اتفقت البرازيل والصين على التخلي عن الدولار واستخدام عملاتهما المحلية في المعاملات التجارية، كما أعلنت البرازيل والأرجنتين عن خطة لإطلاق عملة مشتركة لمعاملاتهما التجارية.
حولت هذه الإستراتيجية قدرة الدول العربية الغنية بالنفط على استخدام مواردها من الطاقة ضد السياسات "الغربية" التي حَوّلت التجارة والتحويلات المالية الدّولية إلى سلاح اقتصادي قوي للولايات المتحدة التي مكنتها اتفاقية 1974 (اتفاقية البترودولار) من الهيمنة على سوق المحروقات وعلى الإستحواذ على فوائض النفط العربي، منذ خمسة عقود. أما الصين فتتحرك بسرعة لتحدي هذا النظام من خلال زيادة حصة اليوان في تجارة المحروقات، مما تسبب في انخفاض حصة الدولار، وَيُعَدّ اتفاق الصين مع شركة TotalEnergies لدفع ثمن الوقود الإماراتي باليوان خطوة إلى الأمام في معركة الصين طويلة الأمد للحد من قوة ونفوذ هيمنة الدولار الأمريكي، لكن الدولار لا يزال العملة المهيمنة في العالم، رغم ارتفاع حصة اليوان الذي بدأ يكتسب زخماً يُمكّن الصين من استغلال مكانتها كأكبر مستورد للنفط في العالم.
هذه العملية لها جانب إيجابي: الضعف (البطيء) لقوة الولايات المتحدة وجانب سلبي: الثروة العربية لا تخدم الشعوب العربية بل أداة لتقوية قوة رأسمالية عالمية أخرى، هي الصّين، بدل استغلال هذا الظرف لتنمية الثروات العربية وخلق وظائف والقضاء على الفقر، فضلا عن استخدام المال والثروات المادّية لتحرير الأرض والإنسان...

الذهب في إفريقيا وأمريكا الجنوبية والأرباح في سويسرا وبريطانيا
قَدّرت الأمم المتحدة عدد العاملين في مجال البحث عن الذّهب بنحو 15 مليون شخص، حوالي ثُلُثُهم من الأطفال والنّساء، سنة 2017، معظمهم من العاملين بشكل غير نظامي في البلدان الفقيرة، فيما توجد المصافي في البلدان الغنية التي لا تهتم بمصدر الذهب ولا بظروف العمل والإنتاج، ويتعرض العاملون لأضرار صِحِّيّة كبيرة بفعل استخدام معدن الزِّئْبَق شديد السِّمِّيَّة، لفصل الذهب عن المواد الأخرى، وهو معدن ثقيل، سام قد يتسبّبُ أضرار صحية دائمة صعبة العلاج، منها العُقم والاضطرابات العصبية التي قد تؤدّي إلى الوفاة...
تتحكم مجموعات الجريمة المُنَظَّمة (التي تتعامل مع الشركات العابرة للقارات) في عمليات الإنتاج التي تتطلب تدمير الأشجار وتلويث مصادر المياه والهواء، ما يُساهم في الإخلال بالتّوازن البِيولوجي، وإلحاق الضّرر بصحة السّكّان وجميع الكائنات الحية، فضلا عن عمليات القتل والابتزاز والإستغلال الفاحش للعاملين والعاملات، وتقدّر الأمم المتحدة نسبة الذهب الذي يتم إنتاجه بطرق غير قانونية، بنحو 80% من إجمالي إنتاج الذّهب في العالم، كما أن المصافي تستورد نسبة كبيرة من الذهب من دول غير منتجة، مما يثير تساؤلات عن مصدر هذا الذهب، وعن وضع العُمّال والسكان المحليين الذين يعيشون بالقرب من المناجم في إفريقيا (غانا وجنوب إفريقيا والسودان ) وأمريكا الجنوبية، حول غابات وأنهار منطقة آمازون، وآسيا.
يتم استخراج حوالي 2500 طنا من الذهب سنويا على مستوى العالم، وتستحوذ سويسرا ( أكبر مستورد للذهب الخام وأكبر مُصدّر عالمي للذّهب المُكَرّر ) على نحو 80% منه بطرق مَشْبُوهة، وبلغت قيمة واردات سويسرا من الذّهب 92,3 مليار دولارا سنة 2021، وتوجد بها أربع من أكبر مصافي تكرير الذهب على مستوى العالم، حيث يتم في سويسرا تكرير حوالي 70% من الذهب العالمي (أرقام سنة 2000) يأتي معظمها من مقالع تعدين غير نظامية، ويُمثّل الذهب المُكرّر في سويسرا أكثر من ربع إجمالي صادراتها، أي أعْلَى من قيمة صادرات الأدوية...
إن لمعان الذّهب يُخفي انتهاكات لحقوق الإنسان ومشاكل بيئية منها تلوث الهواء والتربة والمياه الذي يُسبّب آثار صحية ضارّة بحياة السكان المحليين، فضلا عن ارتفاع عدد الإصابات والوفيات في مواقع المناجم، ومصادرة الأراضي والتشريد القسري للسّكّان المحلِّيّين، وتتجاهل الدّول الأوروبية - التي بَرَعَتْ في ترديد عبارة "احترام حقوق الإنسان" في تقاريرها الإعلامية – ذلك، حفاظًا على أرباح شركات التّكرير والمتاجرة بالذّهب...

أوروبا، الإستثمار في الحرب
يراهن مًديرو وأصحاب الأسهم بالشركات الخاصة على اندلاع الحروب واستمرارها وتصاعد وتيرتها لكي ترتفع أرباحهم، ولذلك أدت الحرب الروسية- الأوكرانية إلى زيادة اهتمام مستثمري القطاع الخاص الأوروبيين بشركات تصنيع السّلاح بفرنسا وألمانيا وبولندا وبريطانيا وغيرها، ما يعني إنهم يراهنون على استمرارها طويلاً، وعلى استمرار الإنفاق العسكري، بل تحاول شركات كبرى أوروبية إنشاء مُجَمّع كبير للصناعات العسكرية، على غرار الولايات المتحدة، للإستفادة من الزيادات المستمرة في حجم الميزانيات العسكرية الأوروبية، ما يتطلّب خطوط إنتاج إضافية لصناعة الأسلحة، مع زيادة القدرة على تجديد وتعزيز حجم العتاد والأسلحة المخزونة، ومع زيادة استثمار الحكومات في التكنولوجيا مثل الطائرات دون طيار وأجهزة الاستشعار والذكاء الاصطناعي الخ، وفي هذا المجال، أورد موقع صحيفة "فاينانشال تايمز" (11 نيسان/ابريل 2023) مقالاً عن ارتفاع استثمارات القطاع الخاص في شركات "الفضاء والدفاع" من حوالي 10,4 مليار دولارا سنويا خلال الفترة من 2015 إلى 2019 إلى عشرين مليار دولارا سنة 2021روإلى 34 مليار دولارا سنة 2022، كما ارتفع حجم صفقات الإستحواذ والإندماج، بتشجيع من السلطات الأوروبية، حيث دَعت الحكومة الفرنسية صناديق الإستثمار والمصارف والأثرياء إلى دعم "اقتصاد الحرب"، والإستثمار في الشركات الصغيرة التي تعمل في مجال صناعة الأسلحة والعتاد ضمن ارتفاع الميزانية العسكرية الفرنسية (ضمن ارتفاع نفقات الناتو للتسلح) بنحو 40% خلال الفترة من 2024 إلى 2030 لتصل إلى 413 مليار يورو، كما أنشأ حلف شمال الأطلسي صندوقا بقيمة مليار يورو في حزيران/يونيو 2020 للاستثمار في الشركات الناشئة وصناديق رأس المال المغامر لتطوير تكنولوجيات ذات استخدام مزدوج (مدني وعسكري)، كالذكاء الاصطناعي والتقنيات الجديدة والفضاء والغواصات...
بريطانيا
تراجع الإقتصاد البريطاني منذ بداية سنة 2022، فانعكس النتائج السلبية على استهلاك الأُسَر الذي انخفضَ بفعل ارتفاع الأسعار، انطلقت، منتصف سنة 2022، عدّة إضرابات من أجل رفع الرّواتب وتوسعت منذ بداية سنة 2023، بعد تأكيد الحكومة – من خلال الميزانية التي أعلنتها في تشرين الثاني/نوفمبر 2022- انتهاج سياسات التّقشّف المُضِرّة بالطبقة العاملة والأُجَراء والكادحين الذين يعانون من انكماش الإقتصاد منذ تموز/يوليو 2022، ومن الرّكود منذ تشرين الأول/اكتوبر 2022، ومن ارتفاع الأسعار ونسبة التّضخّم المرتفعة ( الركود التّضخُّمِي)، فيما يتوقع أن يتواصل الرّكود وارتفاع نسبة البطالة وانخفاض القيمة الحقيقية لدخل معظم الأُسَر، بشكل أسوأ مما يحصل في إيطاليا أو فرنسا أو غيرها من دول أوروبا...
قُدِّرَ عدد الفُقراء الذين يعيشون تحت خط الفقر بنحو 14,5 مليون بريطاني سنة 2021، من بينهم نحو نحو 20% ( حوالي 2,6 مليون عامل وعاملة) من العاملين بالأجْر الأدنى، ويلجأ نحو عشرة ملايين بريطاني إلى بُنُوك الغذاء، لتفادي الجُوع، إذ تُعاني نحو 18,4% من الأُسَر البريطانية من انعدام الأمن الغذائي، وفق البيانات التي نُشرت في أيلول/سبتمبر 2022.
أظهرت الميزانية التي أعلنتها الحكومة في تشرين الثاني/نوفمبر 2022، خَفْضَ الإنفاق العمومي بقيمة ثلاثين مليار جنيها استرلينيا، وزيادة الضرائب بقيمة 24 مليار جنيها، وأعلنت زيادة في ميزانية التعليم لكنها خدعة، لأن الإنفاق على التعليم لم يرتفع بين سنتَيْ 2010 و 2022، كما لم ترتفع ميزانية الصّحّة، وتحتاج مؤسسات الصحة العمومية إلى 133 ألف موظف وموظفة بدوام كامل، فيما أدّى اكتظاظ المُستشفيات إلى ارتفاع عدد المُسجّلين في قائمات الإنتظار لتلقِّي العلاج إلى سبعة ملايين مريض، منهم مُصابون بأمراض خطيرة وأمراض مُزمنة، فيضطر العديد من المرضى إلى إنفاق مدّخراتهم إلى الإقتراض بهدف السفر للعلاج في الدّول الأخرى، وينتظر من يقصدون قسم الطّوارئ 12 ساعة (كمعدّل ) ليموت منهم نحو أَلْفان شهريًّا، بسبب طول الإنتظار، ويُتَوقّع أن تَسُوءَ حال العاملين والكادحين والفُقراء بحلول نهاية سنة 2023، بعد إلغاء الحقوق ومعايير الحماية الإجتماعية وحماية المُستهلكين التي كانت تُطبقها بريطانيا لمّا كانت تنتمي إلى الإتحاد الأوروبي.
أما في جبهة الأثرياء فقد ارتفعت (بنهاية سنة 2022) أرباح الشركات المدرجة في مؤشر (FTSE 350 ) ببورصة لندن، بأكثر من 73% عن مستوى 2019 (ما قبل أزمة كوفيد-19) وارتفع معدل أرباح رجال الأعمال ومالكي الأسهم والمديرين التنفيذيين للشركات بنحو 30% وارتفعت ثروة أصحاب المليارات بنسبة 22% واستفادت الشركات الكبرى من الحوافز والإعفاء الضريبي، بالتوازي مع زيادة قوانين ومراسيم القمع التي تستهدف الحركات الإجتماعية والنضالات بكافة أشكالها، خصوصًا منذ سنة 2020، منها قانون "النظام العام" (تشرين الثاني/نوفمبر 2022) الذي يُشكّل تراجعًا كبيرًا في مجال الحريات الفردية والجمعية، فهو يسمح بتوسيع صلاحيات الشرطة وبالتجسس على المواطنين وتشديد العقوبات ضد المُشاركين في الإحتجاجات والتّظاهرات وتشديد شروط الإضراب، في ظل أزمة متواصلة منذ 2008، يُسدّد الكادحون والأُجَراء ثمنها، بانخفاض حجم التّوظيف وانخفاض مستوى الأُجُور واتساع الفجوة بين الأثرياء والفقراء وبين حصة رأس المال وحصّة العمل من عملية الإنتاج...

ألمانيا
تمكّنت نقابة اتحاد الخدمات (فيردي) من تنظيم قطاعات هامة مثل المرافق العمومية والنقل العمومي والمطارات والصحة والبريد ومراكز رعاية الأطفال (الحضانات)، وجمع النفايات، وغيرها، ويخوض الإتحاد النقابي جولات المفاوضات الجماعية المُعَقّدة التي تفرضها القوانين الألمانية، على مستوى الولايات وعلى المستوى الفيدرالي، وتُطالب نقابة "فيردي" بتدارك سياسات التقشف التي انتهجتها الحكومات المتعاقبة طيلة ثلاثة عقود، وزيادة البرواتب بنسبة لا تقل عن 10,5%، فيما خفض اتحاد نقابات الصناعة ( I. G. Mettal ) واتحاد نقابات عمال الطاقة والصناعات الكيماوية والمناجم ( I. G. BCE) سقف المطالب بتوقيعهما اتفاقيات غير مُنْصِفَة للأُجَراء.
نظّم اتحاد نقابات "فيردي" إضرابات، منذ بداية سنة 2023، بهدف خلق ميزان قوى يجعل الحكومة الإتحادية وحكومات الولايات تقدّم عُروضًا جدّيّة، لتفادي مواجهة غضب العاملين وعموم السّكّان الذين يشتكون من ارتفاع الأسعار ومن تراجع الأداء اللإقتصادي، ودعم السكان إضراب عمال السكة الحديدية (شباط/فبراير 2023، كما دعموا إضراب عمال النقل وعمال حضانات الأطفال (آذار/مارس 2023) لفترة عشرة أيام، وفرض نقابيو عدد من القطاعات تنظيم إضراب مُشترك، يوم 27 آذار/مارس 2023، للمطالبة بزيادة قدرها 12%، وهو أمر غير معتاد في ألمانيا، خلافًا لفرنسا أو إيطاليا، حيث تنظم النقابات إضرابات أو مظاهرات مشتركة، لكن دعم الرأي العام والعديد من وسائل الإعلام لمثل هذه الإحتجاجات المشتركة دفع قيادات النقابات إلى إلى تنظيم إضراب مُشترك في قطاعات النقل العمومي، بما في ذلك النقل الحديدي والجوي والبحري، والنقل الحَضَري داخل المُدُن وما بينها، وأدّت هذه النضالات إلى تعزيز صفوف الإتحادات النقابية وتوسيع شعبيتها بين المواطنين، فيما اضطرت الحكومة الإتحادية إلى إعلان تشكيل لجنة تحكيم بين نقابات العمال وأرباب العمل...
يفرض القانون الألماني قواعد وشروطًا صارمة وجب تنفيذها قبل اللّجوء إلى الإضراب، ولا يعترف القانون بحق الإضراب لغير المنتسِبِين للنقابات، ما يَسَّر على أرباب العمل نسْفَ المكتسبات وتخريب قوانين العمل وإفشال المفاوضات مع النقابات، ما جعل متوسّط الأجر الحقيقي ينخفض، منذ 2020، بنسبة 8% بفعل ارتفاع الأسعار وفق بيانات "معهد البحوث الإقتصادية - WSI " بتاريخ 23 آذار/مارس 2023.
طبول الحرب في آسيا
بدأت الفلبين والولايات المتحدة أكبر مناورات عسكرية سنوية مشتركة بينهما يوم الثلاثاء 11 نيسان/أبريل 2023، بمشاركة 18 ألف جندي، ولمدة أسبوعين، "لمواجهة نفوذ الصين في المنطقة"، وتشمل العمليات إطلاق الذخيرة الحية في بحر الصين الجنوبي، وتأتي هذه المناورات المشتركة مُباشرة بعد انتهاء التدريبات العسكرية الصينية على أطراف جزيرة تايوان، في الفترة من السبت 8 نيسان/أبريل إلى الاثنين 10 نيسان/أبريل 2023، ردا على زيارة الرئيسة التايوانية تساي إنغ ون للولايات المتحدة.
تشمل المناورات بين الولايات المتحدة والفلبين إنزال مروحيات عسكرية على جزيرة فلبينية تقع على بعد 300 كيلومتر من تايوان، وتُحاكي المناورات عملية إنزال برمائي في جزيرة بالاوان، غرب أرخبيل الفلبين، بالقرب من جزر سبراتلي التي تطالب بها كل من الصين والفلبين، ويستخدم الجيش الأمريكي في هذه التدريبات صواريخ باتريوت التي يعتبرها من أفضل أنظمة الدفاع الجوي في العالم، كما يستخدم نظام صواريخ هيمارس الدقيق، الذي ساعد القوات الأوكرانية على محاربة الجيش الروسي، ويخطط كلا الجيشين لإطلاق الذخيرة الحية في بحر الصين الجنوبي "لتحسين تكتيكات وتقنيات العمليات العسكرية".
تجمع متظاهرون من اليسار الفلبيني يوم الثلاثاء 11 نيسان/ابريل 2023 خارج مكان حفل الافتتاح، مطالبين الحكومة الفلبينية بإلغاء التدريبات وإغلاق القواعد العسكرية الأمريكية ...
يحتل الأرخبيل الفلبيني موقعًا استراتيجيًا يُساعد الولايات المتحدة على تطويق الصين، وهو ما يفسر زيادة عدد القوات الأمريكية في جميع أنحاء المنطقة بالقرب من الصين، في حين تسمح الاتفاقية الموقعة بين الفلبين والولايات المتحدة، يوم الأربعاء 1 شباط/فبراير 2023 - بمناسبة زيارة وزير الحرب الأمريكي لويد أوستن إلى العاصمة "مانيلا" - للجنود الأمريكيين بحرية استخدام أربع قواعد عسكرية إضافية جديدة في الفلبين، ما يرفع عدد القواعد العسكرية الأمريكية المُعْلَن عنها في الفلبين إلى إلى تسع قواعد، ويمكنهم تخزين المعدات والذخيرة بها، وتتيح هذه الاتفاقية استكمال التطويق العسكري للصين في منطقة بحر الصين، ففي الشمال، يمكن للولايات المتحدة استخدام القواعد العسكرية في أوكيناوا (اليابان) وفي كوريا الجنوبية، ونشر القوات جنوبًا انطلاقًا من قواعد الفلبين. استنكرت الصين، الخميس 2 شباط/فبراير 2023، هذه الاتفاقية العسكرية الجديدة التي "من شأنها أن تسهم في تأجيج التوترات في المنطقة".
تاريخيا، كان أرخبيل الفلبين دائما تحت سيطرة الولايات المتحدة، ثم عززت الاتفاقية العسكرية لعام 1951 الهيمنة الأمريكية عشية الحرب الكورية، غير أن القواعد العسكرية الأمريكية العملاقة تسببت في انتشار جرائم القتل والإغتصاب وتهريب المخدّرات والدعارة، كما هو الحال في كل مكان توجد به القواعد العسكرية الأمريكية، خصوصًا بفعل حصانة الجنود الأمريكيين بمن فيهم الذين يرتكبون جرائم الدم.
بعد هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001، أصبحت الفلبين قاعدة لـ "الحرب ضد الإرهاب"، وقام الجيش الأمريكي بتدريب جنود الفلبينيين "لمحاربة الإرهاب الإسلامي" في الجزر الجنوبية للفلبين، ومنذ ذلك الحين ، نمت القيمة الموقع الجيوستراتيجي لأرخبيل الفلبين الذي استعاد نفس الأهمية خلال الحرب العالمية الثانية، عندما كان من الضروري قطع الطريق أمام الجيش الياباني، وأصبحت القوات الأمريكية متمركزة بشكل دائم في الفلبين. أما هذه القواعد الجديدة فتقع على بعد 300 كيلومتر من تايوان، مما يعزز القدرات الأمريكية على الرد السريع في حالة نشوب صراع بين الصين وتايوان.
عارضت الولايات المتحدة التقارب بين الحكومة الفلبينية والصين خلال رئاسة رودريغو دوتيرتي، بين سَنَتَيْ 2016 و 2022، وكانت الصين تدرس الاستثمارات في البنية التحتية للفلبين.



#الطاهر_المعز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التطبيع باسم البحث العلمي
- وفاة الرفيق -جهاد منصور- ( Marc Rodin ) يوم الثامن من نيسان/ ...
- محاولة تعميم المعرفة وتبسيط بعض مفاهيم الإقتصاد السياسي
- متابعات - نشرة أسبوعية - العدد الرّابع عَشَر – الثامن من نيس ...
- إفريقيا، الولايات المتحدة تريد حصة أكبر
- تونس في مُفْتَتَح سنة 2023
- متابعات - نشرة أسبوعية - العدد الثّالث عَشَر – الأول من نيسا ...
- تكريمًا للنّساء، على مدار السنة، قبلَ وبعدَ 8 آذار/مارس
- الجذور الإستعمارية للإتحاد الأوروبي
- متابعات - نشرة أسبوعية - العدد الثّاني عَشَر - 25 آذار/مارس ...
- المُخْتَبَرات وصناعة وتسويق الأدوية، قطاع رأسمالي مُرْبِح
- أزمة المنظومة المصرفية الطاهر المُعِز
- بعض -الإشتراكيين- الأمريكيين جزء من منظومة الإمبريالية
- الولايات المتحدة خَطَر على شعوب العالم
- تجارة القَتْل
- متابعات - نشرة أسبوعية - العدد الحادي عَشَر - 18 آذار/مارس 2 ...
- بوليفيا، عوْدَة مُحْتَشمة لليسار الطاهر
- متابعات - نشرة أسبوعية - العدد العاشر - 11 آذار/مارس 2023
- الإمارات – دور تخريبي باليمن
- متابعات - نشرة أسبوعية - العدد التّاسِع - 04 آذار/مارس 2023


المزيد.....




- الأردن.. عيد ميلاد الأميرة رجوة وكم بلغت من العمر يثير تفاعل ...
- ضجة كاريكاتور -أردوغان على السرير- نشره وزير خارجية إسرائيل ...
- مصر.. فيديو طفل -عاد من الموت- في شبرا يشعل تفاعلا والداخلية ...
- الهولنديون يحتفلون بعيد ميلاد ملكهم عبر الإبحار في قنوات أمس ...
- البابا فرنسيس يزور البندقية بعد 7 أشهر من تجنب السفر
- قادة حماس.. بين بذل المهج وحملات التشهير!
- لواء فاطميون بأفغانستان.. مقاتلون ولاؤهم لإيران ويثيرون حفيظ ...
- -يعلم ما يقوله-.. إيلون ماسك يعلق على -تصريح قوي- لوزير خارج ...
- ما الذي سيحدث بعد حظر الولايات المتحدة تطبيق -تيك توك-؟
- السودان يطلب عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن للبحث في -عدوان الإم ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الطاهر المعز - متابعات - نشرة أسبوعية - العدد الخامس عَشَر – 15 نيسان/ابريل 2023