أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الطاهر المعز - متابعات - نشرة أسبوعية - العدد العاشر - 11 آذار/مارس 2023















المزيد.....


متابعات - نشرة أسبوعية - العدد العاشر - 11 آذار/مارس 2023


الطاهر المعز

الحوار المتمدن-العدد: 7547 - 2023 / 3 / 11 - 16:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هل أضرب عُمّال تشييد الأهرامات؟
نشرت إحدى قنوات شبكة الإذاعة العمومية الفرنسية (فرنس كلتور – فرنسا الثقافة) بداية من يوم السادس من آذار/مارس 2023 برنامجًا من أربع حلقات ضمن سلسلة "جذور العمل النقابي"، وتضمنت الحلقة الأولى تحليلاً لوثيقة مكتوبة ( برديّة) محفوظة في متحف مدينة "تورينو" بإيطاليا، وهي عريضة موجّهة إلى فرعون نفسه (رمسيس الثالث)، من عمال وحرفِيّي "دير المدينة" الواقعة على النيل غربي "طيبة"، كانوا يعملون في موقع بناء مقبرة فرعونية، خلال القرن الثاني عشر قبل الميلاد، واتفق العُمال على التوقف عن العمل، احتجاجًا على تنظيم العمل، وظرفه، وقد يكون ذلك الحدث أول إضراب معروف في تاريخ البشرية...
كان العُمّال والحرفيّون يعملون في ورشات حفر وبناء وتزيين المقابر والمعابد الجنائزية للفراعنة في وادي الملوك والملكات، يحصلون على الطعام، مقابل عملهم، لكن لما أراد رمسيس الثالث قبرًا كبيرًا جدًا، ارتفع عدد العاملين إلى 120 رجلاً، فضلا عن زيادة عدد العاملين في إنشاء مباني إدارية ومعابد أخرى، لكن الدولة تخلّفت عن تسديد مُستحقّاتها للعمال، وأعلن مُمثلو فرعون إن الدولة لم تعد قادرة على الإيفاء بالتزاماتها، بحسب مُؤرّخَيْن مُتخصّصَيْن في تاريخ مصر القديمة، دعتهما محطة الإذاعة للحديث عن ظروف العمل في مصر الفرعونية، وأوردت الوثيقة التي كتبها "أمنيخت": إن العمالَ يرفضون العمل دون أجر، حيث أصبحوا يُعانون من الجوع والعطش، ويرجون من فرعون أن يأمُرَ بتزويدهم بوسائل العيش.
حَكَم رمسيس الثالث (بين -1186 و -1154 قبل الميلاد) وكان وضع البلاد غير مستقر، بل في حالة تدهور، بسبب الجفاف وانخفاض الإنتاج الفلاحي، ما ينتج عنه انخفاض في حجم الضرائب، وعندما تتدهور الأوضاع يعم الفساد أجهزة الدّولة، ما يضر بسَيْر المالية العامة، ما أدّى إلى أزمة سياسية ومالية...
قدّم المُؤرخون فكرة عن تنظيم العمل في مصر الفرعونية، بحسب الوثائق الأثرية والنصوص المكتوبة، وأوْضَحَ "بيير تاليت" أن "العمال منظمون في جمعيات أو ما يمكن تسميته بالطّوائف يقع مقرها في دير المدينة، ويرأسها قدِّيسُون يحمون العُمّال، لذلك تتجرأ هذه الجمعيات أحيانًا على تقديم شكوى أو مطالب إلى المحكمة التي توجد في دير المدينة والتي تنعقد بانتظام وتتلقى الشكاوى وتتعامل مع توزيع الحصص ..."
أجاز الفراعنة تأسيس هذه الجمعيات (المنظمات) والمحاكم، من أجل حسن سير المجتمع ومن أجل شُعُور المحكومين بأنه يمكنهم التّظلّم والحصول على بعض الحقوق أحيانًا، وهو ما لا تسمح به بعض الأنظمة الدّكتاتورية بعد آلاف السّنين.
لبنان:
وسط فراغ رئاسي وحكومة تصريف الأعمال، يتحكم بمصير لبنان بعض اللُّصُوص الأثرياء المَحْمِيِّين من قِبَل القوى الإمبريالية، مباشرة (فرنسا والولايات المتحدة) أو بواسطة آل سعود ( الذي يَحْمُون المجرم سمير جعجع) وغيرهم، دون الإهتمام بمصير البلد الذي قُدِّرت قيمة دُيُونه الخارجية بمائة مليار دولارا، منتصف سنة 2022، والذي يعاني من انهيار مالي واقتصادي، منذ 2019، نتيجة عُقُود عديدة من الفساد والسرقات، ومنذ انطلاق احتجاجات 2019 (التي تمكنت من استغلالها القُوى الرجعية ) بلغ انكماش الاقتصاد اللبناني 60%، وفقدت الليرة أكثر من 90% من قيمتها منذ تشرين الأول/أكتوبر 2019 حتى نهاية 2022، وبلغ الأمر حدّ امتناع المصارف عن إعادة ودائع المواطنين بالدولار، وبلغ الوضع حد انعدام الأمن الغذائي وصعوبة توفير الغذاء لحوالي مليُونَيْ شَخص، من بينهم 700 ألف من اللاجئين السّوريين، وفق منظمة الأغذية والزراعة (فاو – 03 آذار/مارس 2023) التي تتوقع تدهور الوضع خلال الأشهر المقبلة، وأن يرتفع عدد الأُسَر والأفراد المُهدّدين بالجوع والعجز عن توفير الطعام والاحتياجات الأساسية اليومية، بسبب ارتفاع الأسعار، بالتوازي مع إلغاء دعم السلع الأساسية وانخفاض قيمة اللِّيرة اللبنانية، مقابل العملات الأجنبية...
أدّى تدهور الوضع والفساد وعدم الإستقرار السياسي، وسيطرة القوى الأجنبية على القرار السياسي اللبناني، إلى عجز الدّولة (وحكومة تصريف الأعمال) عن توريد السلع الضرورية بسبب شح العملات الأجنبية، رغم الإتفاق المبدئي – منذ نيسان/ابريل 2022 – مع صندوق النقد الدّولي على قرض بقيمة ثلاثة مليارات دولار على أربع سنوات، ورَفَضَ الصندوق توقيع الإتفاق النهائي، مُتَعلّلاً بضرورة "تنفيذ الإصلاحات المطلوبة، مسبقًا"، وتدخّلت الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية لكي لا يحصل لبنان على أي دعم خارجي، بسبب العداء الذي تكنه أنظمة هذه الدّول لبعض الأطراف السياسية اللبنانية (من بينها حزب الله )، وأدّى هذا الوضع، والحرب بالوكالة، إلى انهيار الليرة اللبنانية وإلى أزمة سياسية...
على ذكر التّدخّل الأجنبي، بدأ القضاء اللبناني، منذ حوالي سنتَيْن، تحقيقًا ضد حاكم مصرف لبنان (الذي يشغل منصبه بفضل رفيق الحريري، منذ 1993) وبعض المقربين منه (منهم بعض أفراد أُسْرَتِهِ) بسبب احتمال ارتكاب جرائم مالية، منها الإختلاس وغسل الأموال والإثراء غير المشروع، كما انطلق تحقيق مماثل في سويسرا، منذ سنة 2020، بشأن مبالغ مالية مشبوهة تراوحت قيمتها بين 300 و 500 مليون دولار، قد تكون مُختَلَسَة من قِبَل حاكم مصرف لبنان وشقيقه، وفق موقع صحيفة "سونتاغ تسايتونغ" الأسبوعية السويسرية الصادرة يوم الأحد 26 شباط/فبراير 2023، ورغم انطلاق تحقيقات قضائية مماثلة في ما لا يقل عن خمس دول أوروبية، لا يزال المُتّهم يعتبر نفسه "كبش فداء لتبرير الانهيار المالي في لبنان"، ونشرت الصحيفة السويسرية "سونتاغ تسايتونغ" قائمة تحتوي على 12 مصرفا سويسريا، استفادت من الأموال المنهوبة المودعة بها من قبل حاكم مصرف لبنان وأخيه، فضلا عن أخبار الصفقات التي تمت (لصالح حاكم مصرف لبنان) بواسطة شركات وهمية مسجلة في الملاذات الضريبية، وأخبار عن "شراء عقارات في عدة بلدان أوروبية"، ويتمتع حاكم مصرف لبنان بحماية الولايات المتحدة ودول أوروبية...
أوروبا والولايات المتحدة
نَفَى المصرف المركزي الأوروبي، منتصف شباط/فبراير 2023، أن يكون التضخم ناتجا عن ارتفاع الأسعار وأرباح الشركات، في حين انخفضت القيمة الحقيقية للأُجُور، واضطر، بداية شهر آذار/مارس 2023، للإعتراف بما أنكره قبل أُسْبُوعَيْن، أي إن التضخم وارتفاع الأسعار ناتج (ولو جزئيا) عن ارتفاع أرباح رأس المال، وتُظهر البيانات الرسمية أن المعدل الرسمي للتضخم بلغ 7% في الولايات المتحدة و 10,6% في منطقة اليورو بنهاية سنة 2022، ومنذ ذلك الحين ردّد الإعلام السّائد أن ذروة التضخم قد مرت، ولكن أسعار الطاقة والغذاء وكذلك جميع المنتجات الأخرى (المنتجات الصناعية أو المصنعة، والخدمات، وما إلى ذلك) لا تتوقف عن الارتفاع، ولئن استقرت نسبة التضخم بنهاية شهر شباط/فبراير 2023، فإنها استقرت في مستوى مرتفع، وعلى سبيل المثال، ارتفعت أسعار المنتجات الغذائية بنسبة 16% خلال عام واحد في منطقة اليورو، أي إن فترة التضخم المرتفع لم تنته بعد بالنسبة للأفراد وللأُسَر ذات الدّخل الضعيف والمُتوسّط، أما بالنسبة للشركات (خصوصا في قطاعي الصناعة والخدمات) فإنها تدمج الزيادة في تكاليف الإنتاج، لترتفع أسعار البيع، سواء بالجملة أو بالتجزئة.
لا يرتبط وجود التّضخم بالعوامل الخارجية المُؤَقّتة، كالزيادة الطارئة في أسعار الطاقة، مثلاً، أو إنه نتيجة انخفاض أو ركود في العرض، مع زيادة في الطلب (ما يعني أن لدى المواطنين أموال زائدة يريدون إنفاقها) كما تدعي النظرية الاقتصادية السائدة، لكن تُظْهِرُ الأرقام والوقائع أن التضخم لا ينتج عن عوامل خارجية "مؤقتة" فقط، و أن الطلب لا يزال أقل مما كان عليه سنة 2019، أي قبل جائحة كوفيد-19، ومن ناحية أخرى، لم يرتفع المستوى العام للأجور لأكثر من أربع سنوات في أوروبا والولايات المتحدة، بل على العكس من ذلك، انخفض مستوى الأجور بنسبة 3,4% في المتوسط في الولايات المتحدة وأوروبا، ولما حصلت زيادة في الأجور في بعض القطاعات، فإنها عادة ما تكون أقل من مستوى التضخم.
إن الفرضية الأكثر منطقية لتفسير ظاهرة التضخم الحالية هي أن رغبة الشركات في الحفاظ على هوامش ربحها هي السبب الرئيسي للتضخم، وتظهر أرقام المصرف المركزي الأوروبي أن أرباح الشركات زادت بنسبة 10,7% في المتوسط سنة 2022، وفقًا لتحليل نشرته وكالة "رويترز" يوم 2 آذار/مارس 2023، وهذا يعني أن الزيادة في أرباح الشركات الكبرى هي السبب الرئيسي للتضخم. أما الشركات الصغيرة المتعاقدة من الباطن مع شركات أكبر منها، فقد اضطرت إلى خفض هوامش أرباحها لتظل قادرة على المنافسة.
تجدر الملاحظة أرقام التضخم المذكورة هي مُعدّلات، بين الأعلى والأدْنَى، لكن أسعار الطاقة والغذاء والسلع الاستهلاكية اليومية، والتي تمثل جزءًا كبيرًا من نفقات العمال أو الفقراء، مرتفعة للغاية، فضلا عن حصة إيجارات المساكن التي تتجاوز 35% من مُتوسّط الدخل الفردي، وأحيانًا الأُسَرِي، ونظرًا لركود الأجور، أو تراجع قيمتها الحقيقية، فإن التضخم يُمثل انخفاضًا في مستوى معيشة الموظفين وصغار المزارعين وذوي الدخل الهش وغير القار والفقراء ...
يشير مكتب الإحصاء التابع للاتحاد الأوروبي (يوروستات) إلى أن الزيادة في أسعار المواد الغذائية أدت إلى زيادة الإنفاق بنحو 16% في المتوسط ، في دول الإتحاد الأوروبي، رغم انخفاض استهلاك الغذاء بنسبة 4,6% سنة 2022.
في عالم الأغنياء، هناك زيادة ملحوظة في أسعار الأسهم في البورصة، بموازاة نمو أرباح الشركات، خاصة تلك المدرجة في البورصة، وهناك نمو كبير في عدد وقيمة عمليات الاندماج والاستحواذ، كما زادت ثروة الشركات الأمريكية والأوروبية الكبرى بفضل الدعم الحكومي الهائل، من المال العام ( في حين ترفض الحكومات زيادة الإنفاق على التعليم والصحة والرعاية الإجتماعية ) وبفضل الضغط المتزايد على الأجور وبفضل ارتفاع الأسعار.
أوروبا/أمريكا، تحالف أم علاقات هيمنة؟
شكّلت حرب أوكرانيا فُرصةً للولايات المتحدة لزيادة الهيمنة على أوروبا من خلال الغاز الصخري الأمريكي، ومن خلال اجتذاب رُؤُوس الأموال الأوروبية، من خلال قانون خفض التضخم الذي مكّن من اجتذاب ما لا يقل عن 73 مليار يورو من الإستثمارات الخاص بقطاع السيارات الكهربائية لوحده، سنة 2022، أو أكثر من السنوات السبع الماضية مجتمعة.
من جهته نشر البيت الأبيض قائمة بالشركات التي عَبَرت المحيط الأطلسي واستثمرت بالولايات المتحدة وتتضمن أكبر الشركات الإحتكارية الأوروبية في قطاعات السيارات والطاقة والكيمياء وغيرها...
يهدف قانون خفض التضخم الأمريكي، الذي دخل حيز التنفيذ في الأول من كانون الثاني/يناير 2023، إلى اجتذاب قطاعات واعدة من أوروبا إلى الولايات المتحدة، من خلال الإعانات والإعفاءات الضريبية بقيمة 391 مليار دولار خلال عشر سنوات، كما أدّت الحرب في أوكرانيا إلى انقطاع إمدادات الغاز الروسي الرخيص وعالي الجودة، واغتنمت الولايات المتحدة الفرصة لتصدير الغاز الصخري الرديء إلى أوروبا وبيعه بسعر يفوق خمسة أضعاف السعر المُتداول بالولايات المتحدة، ما جعل الاحتكارات الأوروبية تنقل نشاطها إلى الولايات المتحدة، للإستفادة من أسعار الطاقة المنخفضة ومن الدّعم والتخفيضات الضريبية، وعلى سبيل المثال أغلقت شركة الكيماويات العملاقة الألمانية ( BASF )، بعد وقف عقودها مع شركة غازبروم وارتفاع أسعار الغاز، عدة وحدات في ألمانيا، بالتوازي مع إنفاق نحو مليار يورو لتوسيع مصنعها في ( Geismar ) بولاية لويزيانا الأمريكية، ونقلت العديد من الشركات الأوروبية في قطاع الطاقة المتجددة والإبتكارات التقنية والسيارات الكهربائية (فولكسفاغن) مصانعها إلى الولايات المتحدة، في المقابل جَمّدت الشركة الأمريكية للسيارات الكهربائي "تسْلا" الإستثمارات التي كانت تعتزم ضَخَّها في مصنعها في برلين، لاستثمار 3,6 مليار دولار، لتوسيع مصنعها في "نيفادا" بالولايات المتحدة بسبب الظروف المواتية التي أنشأها التشريع الأمريكي المُسمّى "قانون مقاومة التّضخّم" والإعفاءات الضريبية...
الولايات المتحدة: ليست انعطافة إلى اليسار، ولكن...
كان المنسق السابق لاتحاد المُدَرِّسِين في شيكاغو" براندون جونسون" (نقابي وأسْوَد) نشطًا للغاية في تنسيق إضراب المُدَرِّسين التاريخي في شيكاغو سنة 2012 للمطالبة بظروف عمل أفضل وَوَقْف خطط خصخصة المدارس، وناضل مع المضربين عن الطعام في مدرسة "دايت" الثانوية، في منطقة عُمّالية فقيرة، تم إغلاقها ثم أعيد فتحها بفضل كفاح المُدَرِّسين وأولياء التلاميذ الذين شكلوا مجلسًا ديمقراطيًا للإشراف على إدارة المدرسة الثانوية.
في الجولة الأولى من الانتخابات البلدية لمدينة شيكاغو، يوم الثاني من كانون الثاني/ يناير 2023، تأهل براندون جونسون للدور الثاني الذي سيجري يوم الرابع من نيسان/ أبريل 2023 ضد المهندس المعماري النيوليبرالي بول فالاس. كانت الحملة الانتخابية مواجهة بين جونسون ، ممثل الطبقة العاملة، ومنافسه المدافع عن الليبرالية الجديدة والنظام القائم والإقصاء الاجتماعي والتقشف المالي. أما العمدة السابقة "لوري لايتفوت" فقد سقط نجمها، لأنها تخلت عن العديد من الوعود التّقدّمية التي وعدت بتنفيذها خلال حملتها الإنتخابية لسنة 2019. أما براندون جونسون فقد جعل من معالجة عدم المساواة في المدينة موضوعًا رئيسيًا لحملته، مع إعطاء الأولوية لهموم الطبقة العاملة، وللإستثمارات الإجتماعية للحد من التفاوت، مع فرض ضرائب على أثرياء شيكاغو، بالإضافة إلى مناهضة سياسة القمع البوليسي والإعتقالات ورَمْي أبناء الفُقراء في السّجون، وتلقّى دعمًا كبيرًا من نقابة المُدَرّسين ( CTU ) ونقابة ( United Working Families ) وهو تحالف من المنظمات والنقابات ذات الميول اليسارية التي أصبحت عاملاً ذي تأثير هام في السياسة البلدية على مدار العقد الماضي، كما تلقى دعمًا من مجموعات وطنية مثل حزب العائلات العاملة.
قد تكون انتخابات بلدية شيكاغو علامة على التغيير الاجتماعي والوعي الطبقي في الولايات المتحدة، وإن كان هذا التغيير صغيرًا ورمزيًا ، لكن يأتي ضمن سياق عام، فقد ارتفع عدد الإضرابات عن العمل، سنة 2022، بنسبة 52% مقارنة بالعام 2021، بزيادة نسبة 60% من العمال المُشاركين في حركات التّوقّف عن العمل (الإضراب) وشارك حوالي 140 ألف عامل في 272 إضراب عن العمل سنة 2021 وزاد العدد إلى 224 ألف عامل شاركوا في 424 توقف عمل سنة 2022، لكن انخفض عدد الشركات التي توجد بها نقابة وكذلك عدد الموظفين النقابيين، ولا يتجاوز 10,1% من العاملين، بسبب تشدّد القوانين وارتفاع عدد الحواجز التي تحاول مَنْعَ العمال من الانضمام إلى النقابة، وفقًا للتقرير السنوي لمنظمة تعقب العمل، وكُلِّيّة العلاقات الصناعية والعمل ( ILR ) بجامعة كورنيل وتظل هذه الأرقام متواضعة للغاية في بلد كبير مثل الولايات المتحدة، حيث سجَّلت البيانات، من 1950 إلى 1970، حوالي 352 إضرابًا سنويًا كبيرًا في المتوسّط، و 1,6 مليون عامل مضرب، ولكن، ومنذ سنة 1980، وتسريح 25 ألف من مراقبي حركة الطيران، إثر إضراب تاريخي، تلتْهُ حملة قمع واسعة لنقابات العمال من قبل الإدارة النيوليبرالية لرونالد ريغان، حصلَ انخفاض كبير في الحركات الاجتماعية والعمل النقابي والنضالات بشكل عام، وبالنسبة لسنة 2022، أشارَ تقرير كلية علاقات العمل الصناعية (ILR) أن 31% من العمال الذين شاركوا في 424 إضرابًا سنة 2022 كانوا عمالًا غير نقابيين، أما أكثر القطاعات مشاركة في الإضرابات فهي قطاعات الرعاية والصحة والتعليم التي تميزت بدرجة نضالية عالية، في حين لا يُمثل العاملون بها سوى أقل من 20% فقط من الموظفين في الولايات المتحدة ...
تتزايد معدلات الإضراب، ومعارك تأسيس النقابات في القطاعات التي كانت مهمشة في السابق، مثل البيع بالتجزئة والإقامة وخدمات الطعام والشركات المُعادية للعمل النقابي، وتدل البيانات إن معظم العمال المُضربين شاركوا في فترات توقف عن العمل استمرت من خمسة إلى تسعة أيام، في حين أن الغالبية العظمى من أيام الإضراب جاءت من إضرابات فاقت مُدّتها الشهر، بمشاركة أكثر من ألف عامل...
لا يستثني الصراع الطبقي الولايات المتحدة، لكن الإعلام المُضاد قوي والقمع فظيع، في مستوى فظاعة الإمبريالية الأمريكية...
تبادل غير مُتكافئ
الكاكاو في غرب إفريقيا ومصانع الشوكولاتة في أوروبا !
اشتهرت بلدان أوروبية مثل سويسرا أو بلجيكا بجودة إنتاجها من "الشوكولاتة"، لكنها بلدان لا تنتج المادّة الخام، وإنما تستوردها من إفريقيا بأسعار منخفضة جدًّا، ليتم تصنيعها وبيعها بعشرات أضعاف سعر التكلفة، مثل العديد من السلع الأخرى التي يتم استيراد مادّتها الخام ( المادّة الأوّلِيّة) من المُستَعْمَرات وأشباه المُستَعْمَرات وتحويلها في بُلدان "المركز" (الدول الرأسمالية المتطورة) إلى مواد مُصنّعة (إضافة قيمة مادّيّة للمادة الأولية) تُباع بعشرات أضعاف تكاليف شرائها ونقلها وتصنيعها...
كانت الغابات الاستوائية المَطيرة في أمريكا الوسطى والجنوبية هي الموطن الأصلي لزراعة الكاكاو، وتشير الوثائق إلى زراعتها من قِبَل شركات بريطانية وسويسرية ( يتخفَّى بعضها تحت غطاء جمعيات تبشيرية دينية أو خيرية ) في غرب إفريقيا، خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر، في المناطق التي أصبحت تُسمّى حاليا غانا ( ساحل الذهب) وساحل العاج، حيث يعمل حوالي خمسة ملايين شخص في مزارع الكاكاو، ويُنتج هذان البلدان أكثر من 60% من الإنتاج الإجمالي العالمي لحبوب الكاكاو، وتنتج ساحل العاج - أكبر منتج في العالم - حوالي 43% من إجمالي الإنتاج العالمي، فيما لا تتجاوز حصة البَلَدَيْن الإفريقيّيْن ستة مليارات دولارا، من القيمة الإجمالية لإنتاجها والبالغة 130 مليار دولارا (سنة 2022)، بعد تصنيعها، وكُلّما طالبت الحكومتان بزيادة حصتها، رفعت الولايات المتحدة وأوروبا، التي تمتلك ميزان القوى، يافطة "حقوق الطفل" و "تشغيل الأطفال في مزارع الكاكاو"، من قِبَل الشركات المَحلّيّة المُتعاقدة من الباطن، ذات الهامش الربحي المنخفض، وكلما طرح المُزارعون المحليون (في غانا وساحل العاج) إعداد برامج لتصنيع الإنتاج محليا، راوغت الحكومات المحلية وتعللت بنقص الموارد المالية وبالتعقيدات العديدة التي تخلقها دول أوروبا التي تستحوذ على 47% من قيمة الأسواق العالمية لتجارة الشوكولاتة سنة 2021، وبدأ المزارعون المحليون، منذ سنة 2017، بتحميص جزء صغير من حبوب الكاكاو ثم طحنها وتحويلها إلى منتجات مُعالجَة، بما في ذلك الدقيق والعجينة والكعك والزبدة التي تُستخدم في صنع الشوكولاتة، ضمن برنامج يطمح تصنيع كامل الإنتاج سنة 2030، لكن الإنتاج النهائي يُباع في أسواق الدّول الرأسمالية المتطورة التي تفرض شروطها وتُقر رُسُومًا وحواجز جمركية، وبدأت الشركات الأجنبية، منذ سنة 2020، تُعزّز حضورها وتستثمر في عمليات المعالجة على عين المكان وتُشرف عليها، وأصبحت شركة "نستليه" وشركات "كارغيل" و"أولام" و"بارِّي كاليبُو" تستخدم عملية "تصنيع الشوكولاتة بالقرب من المزارع" في دعايتها التجارية لتبرير زيادة الأسعار.
أصبحت الصين من كبار المستثمرين في مجال معالجة الكاكاو في ساحل العاج، وقدمت قروضاً بقيمة أربعمائة مليون دولارا، لدعم عملية تخزين حبوب الكاكاو، مقابل حصول الشركات الصينية على نحو 40% من إنتاج مصنعين تم إنشاؤهما منذ 2018، كما أن الشركات الصينية تمتلك حق الإشراف على بناء المخازن وورشات معالجة نسبة 14% من إنتاج الكاكاو بساحل العاج، واستفادت الشركات الصينية من الحوافز الضريبية، والإعانات المالية التي خصصتها دولة ساحل العاج لمعالجة المحاصيل
لم تؤدِّ قرارات ساحل العاج لحدوث تحول هيكلي، بل نمت حصة إفريقيا من إيرادات الكاكاو من 6% إلى 8% سنة 2022، ولا تتجاوز نسبة نمو الكاكاو المُعالج بها 2,3% خلال خمس سنوات، فيما تبلغ حصة أمريكا الشمالية نسبة 18% من إنتاج الكاكاو المُصنّع (الشوكولاتة) النسبة العالمية لمعالجة الكاكاو، ولذلك أنشأت حكومتا ساحل العاج وغانا في 29 يوليو/تموز 2022، مُنظمة مُشتَركة، ومقرها "أكْرا"، عاصمة غانا (التي تُصدّر نحو 55% من إنتاجها من حبوبِ الكاكاو إلى سويسرا)، لإيجاد آلية أسعارٍ مُستَدامة طويلة الأمَد، بين المنتجين والتجار الأجانب، بهدف ضمان حصة عادلة للمُزارِعين المحليين، مقابل تحسين جودة الإنتاج، لكن ارتفاع أسعار المواد التي يتطلبها تصنيع الشوكولاتة (زيت عباد الشمس والحليب ومشتقاته...) قد يزيد من أسعارها، فضلا عن التضخم الذي يُعاني منه الأُجراء ومُتَوسِّطُو الدّخل في الدّول الرأسمالية المتطورة، ما يُهدّد بانخفاض إيرادات شركات الشوكولاتة، لتفرض خفض الأسعار في مواقع الإنتاج...
يُواجه نحو 80% من مٌزارعي الكاكاو، في غانا وساحل العاج، مصاعب كبيرة لتوفير الحد الأدنى من الحاجيات اليومية، من الغذاء والمأوى والمَلبس والتَعليم والرِعاية الطبية، إذْ لا يتجاوز الدّخل الفردي لمزارعي الكاكاو في غانا 1,50 دولارا في غانا و 1,30 دولارا في ساحل العاج، أي أقل من الحد الأدنى للعيش في البلَدَيْن، فيما يُهدّد التعدين غير القانوني وإزالة الغابات، خلال عمليات البحث عن الذهب في غانا، مزارع الكاكاو التي انخفضت مساحتها بحوالي عشرين ألف هكتار.
تتواصل المحاولات لتأسيس مجموعة الدّول المنتجة والمُصدّرة للكاكاو بين غانا وساحل العاج ونيجيريا والكاميرون، وتنتج البُلدان الأربعة حوالي 75% من إمدادات حبوب الكاكاو العالمية، مِمّا يُمكنها من خلق ميزان قُوى لصالحها في السوق العالمية، خصوصًا بعد النكسات المتتالية نتيجة إغلاق سنة 2020، وحرب أوكرانيا سنة 2022...
جرائم لا تمنعها القوانين
نشرت منظمة "السّلام الأخضر" تقريرًا، يوم 28 شباط/فبراير 2023، يتهم عشرين من شركات الأغذية العابرة للقارات ( منها نستليه ولويس دريفوس وكارغيل ونوتريان وغلوبال فود ولكتاليس ودانون ويارا الدولية...) بالتّذَرُّعِ بجائحة "كوفيد-19" ثم بالحرب في أوكرانيا لزيادة أسعار السلع الغذائية بشكل غير مُبَرّر، بداية من سنة 2020 ويورد التقرير بعض النماذج، من ذلك ارتفاع الأرباح الصّافية لشركة "نستليه" (سويسرية المنشأ) من 13 مليار دولارا سنة 2020 ( عام انتشار وباء كوفيد) إلى 18,5 مليار دولارا سنة 2021 ، بفعل زيادة الأسعار، وسدّدت الشركات الغذائية العشرون، خلال السنة المالية 2020/2021، لمالكي أَسْهُمها، فوائد بنحو 53,5 مليار دولارًا، أو ما يكفي لانتشال حوالي 230 مليون شخص من الفقر المُدْقَع (والجوع) في العالم، بحسب الأمم المتحدة، وردّت شركة "نستليه" على هذه الاتهامات، أنها مُلْزَمَةٌ "باحترام التزاماتها تجاه مساهميها"، وفق موقع "سويس انفو 03 آذار/مارس 2023).



#الطاهر_المعز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإمارات – دور تخريبي باليمن
- متابعات - نشرة أسبوعية - العدد التّاسِع - 04 آذار/مارس 2023
- حرب أوكرانيا - هل تكون مُؤشّرًا على بداية حقبة تاريخية جديدة ...
- العواقب الاقتصادية للحرب في أوكرانيا
- العبودية والعمل القسري – ثلاث نماذج لثلاث فترات تاريخية
- متابعات - نشرة أسبوعية - العدد الثامن - 25 شباط/فبراير 2023
- حروب أمريكا في القرن الحادي والعشرين
- متابعات - نشرة أسبوعية - العدد السّابع - 18 شباط/فبراير 2023
- بيرو – نموذج الهيمنة الإمبريالية في أمريكا الجنوبية
- متابعات - نشرة أسبوعية - العدد السّادس - 11 شباط/فبراير 2023
- في ذكرى ميلاد روزا باركس
- متابعات - نشرة أسبوعية - العدد الخامس - 04 شباط/فبراير 2023
- من خلفيات حرب الناتو ضد روسيا: الإستحواذ على المعادن الثمينة
- أمريكا الجنوبية، بين الهيمنة الإمبريالية الأمريكية ومحاولات ...
- راسل بانكس (Russell Banks ) 28/03/1940 – 07 كانون الثاني/ينا ...
- ليبيا زمن التقسيم والخراب
- تونس- انتخابات برسم الإفلاس
- متابعات - نشرة أسبوعية - العدد الرابع - 28 كانون الثاني/يناي ...
- متابعات - نشرة أسبوعية - العدد الثالث - 21 كانون الثاني/يناي ...
- متابعات - نشرة أسبوعية – العدد الثاني - 14 كانون الثاني/يناي ...


المزيد.....




- لاكروا: هكذا عززت الأنظمة العسكرية رقابتها على المعلومة في م ...
- توقيف مساعد لنائب ألماني بالبرلمان الأوروبي بشبهة التجسس لصا ...
- برلين تحذر من مخاطر التجسس من قبل طلاب صينيين
- مجلس الوزراء الألماني يقر تعديل قانون الاستخبارات الخارجية
- أمريكا تنفي -ازدواجية المعايير- إزاء انتهاكات إسرائيلية مزعو ...
- وزير أوكراني يواجه تهمة الاحتيال في بلاده
- الصين ترفض الاتهامات الألمانية بالتجسس على البرلمان الأوروبي ...
- تحذيرات من استغلال المتحرشين للأطفال بتقنيات الذكاء الاصطناع ...
- -بلّغ محمد بن سلمان-.. الأمن السعودي يقبض على مقيم لمخالفته ...
- باتروشيف يلتقي رئيس جمهورية صرب البوسنة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الطاهر المعز - متابعات - نشرة أسبوعية - العدد العاشر - 11 آذار/مارس 2023