أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سنان نافل والي - الحروب النورانية والخلق في الديانة المندائية















المزيد.....


الحروب النورانية والخلق في الديانة المندائية


سنان نافل والي

الحوار المتمدن-العدد: 7588 - 2023 / 4 / 21 - 23:01
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


إن قصة الخلق في الديانة المندائية سواء المتعلقة منها بخلق العوالم العلوية ( عوالم النور والظلام ) أو الحياة على الأرض والإنسان ، تبدو على درجة عالية جدا من التعقيد والتداخل في الشخصيات الرئيسية ومهامها وصفاتها وأسمائها التي تتداخل مع بعضها البعض حتى أن محاولة تفكيك وفهم تلك الشخصيات ووظيفتها يبدو من الصعوبة بمكان أن ينجح المرء في ذلك خصوصا مع تلك الرمزية العميقة الموجودة في دلالة الوظائف التي تقوم بها تلك الشخصيات في عملية الخلق. تلعب المياه دورا رئيسيا في هذه العملية حيث نقرأ العديد من النصوص التي تشير الى أن عملية الخلق والأثريين (الملائكة )والحياة قد بدأت في المياه أو على أقل تقدير، أن المياه كانت عنصرا أساسيا ومهما في تلك العملية :
" من يورا العظيم (1)، المنتشرة أضواؤه صار يردنا (2)
ونقرأ في كنزا ربا العديد من النصوص التي تتحدث عن اليردنا:
( ذو الماء الحي الذي منه بدأت الحياة ) (3) وأيضا :
( وإذ صار يردنا العظيم، صار الماء الحي . الماء المتألق البهيج. ومن المياه الحية ، نحن الحياة صرنا ، ثم صار الأثريون ) (4) و ( من يردنا العظيم بدأت الحياة ) (5)
وتشرح لنا بوثة ( آية) أخرى في " كنزا ربا " عن أسبقية وقدم المياه في الوجود:
( لا حد للنور
ولا يوجد حد للنور
ولا يدرى متى صار
ما صار لو لم يكن النور
ما صار لو لم يكن الضياء
ما صار إلا بوجود الحي العظيم
لا يوجد حد للنور
ما صار لولا الماء صار
الماء من الظلام أقدم
الماء لا حد ولا عد له . هو أقدم من الظلام ، وهو أقدم من الأثريين ) (6)
ولكن مع قدم وجودها ، فإن المياه الحية أو الماء الجاري أو " يردنا " الذي بدأت ونشأت منه الحياة ، كان مرحلة لاحقة في الوجود (7) وليس كما هو الحال في الديانة البابلية حيث وجوده كان أصيلا منذ البدء ولم يكن يسبقه وجود آخر ، بينما هنا فإن الأصل في الوجود إنما هو "هيي قدمايي" الخالق الذي أوجد " يردنا " في مرحلة ما من عملية الخلق ، بالتحديد في اليوم الخامس في عملية الخلق أي آخر يوم في " البرونايا " ليكون سببا في الحياة ، سواء للعوالم العلوية أو على الأرض . حيث نقرأ بهذا الخصوص :
" ومن مانا العظيم، في أثير الحياة العظيم ، صار يردنا العظيم. لا حد له ولا عدد . تقوم عليه الأشجار فرحة مبتهجة ممتلئة بالتسبيح " (8)
و " ويردنا العظيم صار من يورا العظيم "(9) وأيضا " من الحي كان يردنا . يردنا من الحي كان " (10) كذلك:
( أنا أبوكم ، قالت الحياة الثانية
الحي العظيم خلقني .
وأنتم والماء الحي صرتم بقدرة الحي العظيم ) (11)
وكانت المياه أيضا سببا في وجود ونشأة عوالم الظلام ولكنها لم تنشأ من اليردنا كما هو الحال في عوالم النور إنما كانت من المياه الآسنة أو المياه السوداء التي تقسم الى سبعة أنهر ، هي أنهر الظلام وهي تشكل النقيض من " اليردنا " المياه البيضاء النقية الحية وإذا كان الماء الجاري أو المياه الحية " يردنا " هي التي جاءت منها جميع العوالم والحيوات فإن المياه السوداء ، مياه عالم الظلام كانت هي الأخرى سببا في تكوين كل أنواع الخبث والشرور والكواكب . حيث نقرأ في سيدرا إد نشماثا "كتاب الأنفس" ، النص الآتي :
في ذلك الحين لم تكن هناك أرض صلبة
ولا سكان في الماء الأسود
منهم ومن الماء الأسود تكون وظهر الخبث
ومنه تكون الاف الاف من الأسرار
والاف مؤلفة من الكواكب بأسرارهم الخاصة .
وعندما يذكر عالم الظلام في "كنزا ربا"، فإن ذكره يأتي في أغلب الأحيان مصاحبا لوصف مياهه بالسوداء الراكدة والآسنة:
" أرأيت كيف تركوا بيت الحي ، وتوجهوا نحو بلد الظلام ؟ تركوا صحبة الحي ، وآثروا صحبة الظلام . هجروا النور والأضواء الزاهية، وأحبوا الدار الفانية . تركوا يردنا الماء الحي ومضوا نحو الماء الآسن، الى المياه الراكدة والنار الواقدة" (12)
( يردنا الثالث أقدم من مياه بلد الظلام الآكلة .
الفكر أقدم من عمل أشرار بلد الظلام . صوت الأثريين أقدم من شياطين بلد الظلام ) (13)
( رأيت أبواب الظلام ورأيت أرض سيناويس المياه الآسنة كيف تفور والشياطين كيف تمور ، والأشرار كيف يكرهون النور ) (14)
هل التركيز في وصف المياه بهذا الشكل هو انعكاس لتصور الفرد المندائي عن بيئة الأهوار التي عاش فيها لأكثر من ألفي سنة في جنوب العراق؟ هل يمكن أن يكون وصف عالم الظلام بهذا الشكل من هيمنة السواد والركود في مياهه الغير حية في النصوص الدينية هو تعبير عن مياه الأهوار وبالتحديد في الليل حيث يصبح لونها قاتما أسودا مخيفا وكأنه لا حياة فيه ؟ خصوصا وهو يقارنها بمياه دجلة والفرات الجارية (15) النظيفة التي تعكس أشعة الشمس عليها فتبدو وكأنها ذو بريق وضياء وأن مياهها بيضاء لامعة وبالتالي لن نستغرب إذا ما ذكر نهري دجلة والفرات (16) في النصوص الدينية المندائية وكأنهما ينبعان من السماء حيث من المفترض أن كل شيء هناك يعكس الصفاء والنقاء والطهارة لذا من الطبيعي وضمن هذا المنطق أن يسمى نهر الفرات تحديدا في النصوص الدينية المندائية بـ " فرات زيوا " أي "فرات الضيـاء"(17) وهناك نص بابلي يذكـر هو الآخـر نهري دجلـــة والفرات وبأنهما قد خلقا من عيني الإلهة " تيامت " أو أن وجودهما مرتبط بتفكير الآلهة منذ البدء عند خلق الحياة على الأرض بضرورة وجود هذين النهرين على وجه التحديد (أي أن أصلهما أيضا من السماء ) إذ نقرأ في قصة الخليقة أيضا :
" وضعهم في مجموعات وجعل الغيوم تندفع .
والرياح تهب ، والمطر يندفع ،
والضباب ينتفخ ، وأستجمع سمومها
وعين لنفسه ووضع السيطرة عليها في يده
ووضع رأسها مكوما
كشف ينابيع : فتدفقت المياه ،
وشق من عينيها الفرات ودجلة " (18) ، وكذلك :
" بعد أن أخرجت الأرض وشكلت ، وحددت مصائر الأرض والسماء ، واستقرت شطآن دجلة والفرات ، عندها جلس الآلهة الكبار آنو وإنليل وإيا وبقية الآلهة المبجلين ، جلسوا جميعا في مجمعهم المقدس واستعادوا ما قاموا به من أعمال. فقال : إنليل أما وقد حددنا مصائر الأرض والسماء ، وجرت القنوات في مجاريها وتوضعت الخنادق ، واستقرت شطآن دجلة والفرات. ماذا بقي أن نفعل ؟ " (19)
عموما، إن أهمية المياه سواء لدى البابليين أو المندائيين هي مسألة طبيعة جدا، ليس لأنها تدخل في صميم المفاهيم اللاهوتية والطقسية لديهم فحسب بل أيضا هي المسؤولة وبشكل مباشر ورئيسي عن وفرة المياه المستعملة في الحياة اليومية للإنسان والنبات والحيوان على حد سواء (20) .
إن الحرب التي شنها " مردوخ " على العالم السفلي أو الظلامي أو الإلهة " تيامت " وأعوانها الأشرار في الملحمة البابلية ، يقابلها عدة حروب شنها عالم النور على عالم الظلام وكائناته الشريرة وستكون هناك لاحقا أربعة فناءات أيضا (21) تطال عالم الإنسان لتكون عملية موازية لتلك التي جرت في العوالم العلوية بين النور والظلام . إن تلك الغزوات أو الحروب التي شنها الطرفان ( البابلي والمندائي ) هي متشابهة في الإطار العام بشكل كبير ولكنها أيضا مختلفة في التفاصيل والأهداف الى حد كبير بنفس الوقت . إن الهدف العام من حروب عالم النور هو ليس القضاء على عالم الظلام بل " تحييده وإضعافه " وكذلك الحصول على " سر الظلام " والذي هو على شكل " ينبوع " بإسم " سمقاق " ويحتوي على مرآة " نورا " (22) وقبل المضي في التفاصيل لابد أن نسأل هنا ، لماذا لم يكن الهدف هو القضاء على العالم الظلامي وكائناته بدلا من الاكتفاء بإضعافه وتحييده؟ خصوصا وأنه سيكون لهذه الخطوة تبعاتها الارتدادية السلبية لاحقا عند خلق الإنسان وذلك من خلال مشاركة عالم الظلام في عملية الخلق ؟ لا يوجد في الحقيقة جواب واضح عن هذا التساؤل إلا ربما من خلال الفهم الشامل للآلية الثنائية التي يقوم عليها الفكر المندائي ، أي مشاركة الاضداد أو الشيء ونقيضه في عملية تقدم وصيرورة الأشياء والمخلوقات.
يشارك في هذه الحروب النورانية ( السبب المباشر لها هو التمرد الذي يقوم به عالم الظلام ومحاولة كائناته الشريرة شن الحرب على عالم النور، كما يذكر أحد النصوص من " دراشا د يهيا " ( كتاب يحيى ) :
( اليوم الذي فكر فيه الشرير ، جبلت الخباثة في داخله ، وأمتلأ غضبا شديدا ، فشن الحرب على " عالم " النور . فتم إرسال رسول لقمع جيش المتمردين ) (23)
أكثر من شخصية حيث يكون الأثرا " مندادهيي " هو أول المشاركين فيها عندما يدعوه الخالق الى الذهاب هناك وفرض إرادة النور على ذلك المكان:
" أعطيناك أكوان النور جميعا . اكوان النور جميعا أعطيناك. وعلى أكوان الظلام السفلى سلطناك . أنت المقتدر على ذلك العالم ، وأنت الكفء له . فأنزل إليه قبل أن ينزل الأثريون . فقد عملا باطلا يعملون لا يروق للحي العظيم " (24) "أنت من " يفتح الدرب في الظلام. ويضع فيه الثوابت والأعلام " (25) وأيضا :
" إذهب الى مردة الظلام أتباع الشيطان
وأعلم أن الصالح بصلاحه يصعد الى بلد النور
والشرير بشره يقف على أبواب الظلام
وسينادى بالأصوات ، ويحسب حساب جميع الكلمات " (26)
إضافة الى نص آخر يوضح فيه الأسلحة التي استعملها الأثرا " مندادهيي " في رحلته تلك وهي :
( الضياء ، النور ، النصر "زكوثا " ، رداء فضفاض ، عصا " مركنا " الماء الحي ، إكليل الإشعاع الحي أو الوهاج ، إكليل الحرارة الحية وحزام " مزرزا " الحياة ) (27)
لا نعرف إن كان المقصود هنا بالحزام هو " الهميانة " ولا نعرف أيضا إن كان المقصود هنا بالرداء هو " الرستة " ؟ خصوصا وأننا نقرأ نصا في كنزا ربا ما يشير الى ذلك بشكل ضمني :
" إلبسوا الأبيض ، وأكتسوا الأبيض . ألبسة الضياء وأردية النور. واعتموا بعمائم بيض كالأكاليل الزاهية . وانتطقوا بأحزمة الماء الحي التي ينتطق بها الأثريون . وانتعلوا . واحملوا بأيديكم صولجانات مثل صولجانات الماء الحي التي يحملها الأثريون في بلد النور " ( كنزا ربا . يمين : الكتاب الأول. ص 37)
وبالتالي الا يعني ذلك أن تلك الأسلحة النورانية وبمعناها الرمزي ماهي إلا ما يرتديه المندائي أثناء أداءه لطقس الصباغة ؟ من الممكن أن يكون الأمر هكذا وخاصة أن إحدى الأهداف من الصباغة هو الخروج من الظلام المتمثل بمجموعة الأخطاء التي ارتكبها الإنسان قبل أداءه لهذا الطقس والدخول نقيا وطاهرا الى عالم النور الذي يمثله هنا رمزيا عملية الصباغة نفسها . لذلك نرى أن الأثرا " هيبل زيوا " وبعد عودته من عالم الظلام عند إنتهاء مهمته فإنه يصطبغ هو الآخر هناك، في عوالم النور .
وفي ترجمة أخرى لنوعية تلك الأسلحة :
" الضياء ، النور ، المركنا " عصا الماء الحي " ، إكليل الحرارة الحية، وشاح "شبكة؟ "، رداء العظماء أو الرداء العظيم"(28) وفي حالة الأثرا " هيبل زيوا " ، الذي يقود الحروب الأخرى، فإنه يضاف الى تلك الأسلحة " سفينة النور و "السر العظيم" (29) يقول النص : " وذهبت بقوة العظيم الى بلد الظلام ، الى حيث الاشرار يحلون، الى الدار التي كلها مفسدون. فنشرت عليهم كلمة العظيم: الصالح بصلاحه يصعد الى بلد النور
والشرير بشره يقف على أبواب الظلام .
ثم شهرت في وجوههم مركنا الماء الحي ، فهووا جميعا مذعورين " (30)
وفي نص آخر من نصوص " كنزا ربا " ، نعرف أن الصراع بين الأثرا " مندادهيي " وملك الظلام " أور " ينتهي بإنتصار ساحق للأثرا النوراني ، تاركا خلفه أور وهو مقيد بالأغلال :
" قيد أور بقيود سميكة ، أسمك منه ، سميكة أكثر منه .
كسرت عظامه، وكمامة وضعت في فمه، وأحيط بجدار من حديد.
قيد من يديه وقدميه ، شعر بألم في جانبه ، وشعر بألم في رأسه،
وعميت عيناه وأنعدم فيهما الصفاء .
كلام الجني أصبح صعبا في فمه ،
وحبس نفسه في وعائه " كنا " الخاص " (31)
ونقرأ في نص آخر ، النتائج الإيجابية المباشرة وغير المباشرة والتي تحققت بفعل هذا الانتصار :
" أنا كبار زيوا ، رسمت للصالحين طريقا ، وهيأت للعالم باباً (32)، باباً للعالم هيأت وعروشا فيه ثبَّتُّ . ثَبَّتُّ للصالحين عروشا ، وأتقنتُ فيها القناديل . أتقنتها وثبتها كاملة دون نقصان . ولأبناء السلام أقمت حراسة ".

المصادر والهوامش
(1) " يذكر المستشرق كورت رودولف في كتابه " النشوء والخلق في النصوص المندائية " ص18 : أن " يورا " هي بالحقيقة " يوهرا " بمعنى " الضياء " وتأتي هذه الصيغة أو الاسم نادرا وقد وردت الكلمة في نصوص " كنزا ربا " الجزء 15، 16 ، 17 ، بصيغة كائن نوراني "يورا- العظيم أمين نفائس الحياة " والكلمة ترد في الآرامية بصيغة " يوهرا " بمعنى جوهرة.
(2) تقول الليدي دراور في كتابها "الصابئة المندائيون في العراق وإيران" ص35-37 عن كلمة "يردنا": أن الصابئين يقولون إنها تعني " نهرا " أو "ماء جاريا" وليس لها علاقة بنهر الأردن في فلسطين، وفي " الرطنة " (المندائية العامية)، تطلق الكلمة على أي نهر، وتتصل بكلمة "نهرا" المستعارة ربما من اللغة العربية نهر، ويرينا الأصل "نهر" كم وثيقة العلاقة بين معنى "النور" و "الماء" في الفكر السامي. ففي اللغة المندائية لدينا كلمة "نهرا" أي نهر و "نهورا" أي نور، وفي العربية لدينا "نهر ونهار"، وفي العبرية "نهار" أي نهر و "نهارا" أي نهار، وفي البابلية "نا– آ – رو" أي نهر، و "نو- أو – رو" أي نهار. وفي السريانية "ارد" تعني ينبوعا أو عينا و "ورد" في العربية تعني "جاء الى الماء" أما خزعل الماجدي فإنه يعطي رأيا خاصا ومختلفا عن الآخرين فيما يخص تسمية "يردنا" حيث يذكر في كتابه " الميثولوجيا المندائية "ص39: "وتقضي هذه العقيدة بأن الماء هو أساس الخصب ولولاه ما حصلت الزراعة وما عاش الإنسان والحيوان والنبات وأن هذا الماء الصالح للشرب والزراعة هو ماء الأنهار الذي أصبح يمثله الإله "إيا" ومعناه (حي) فهو أصل الحياة كلها ولذلك أصبح الفرات الذي أقاموا عليه مدينتهم الأولى (أريدو) نهرا مقدسا لأنه يضم "إيا"، وكان اسم الفرات آنذاك "بارتو" أي (نهر الشمس)، لكنهم أعطوه اسما آخر يتناسب مع اسم مدينتهم "أريدو" ، فأسموه "أردو" أو "يردو" الذي تطور الى "يردنا" ومعناه "نهر الأرض". المستشرق كورت رودولف يعرف بدوره كلمة "يردنا" في كتابه "النشوء والخلق في النصوص المندائية "ص17 بأن: "يردنا" بمعنى نهر أو ماء جاري أو الماء الحي والجمع "يردني" وتعني أنهرا أو مياه جارية "يردنا" السماوي هو الماء الحي، الماء الأبيض الذي يحيط بأرض "آير" وهو العالم الذي تسكنه الكائنات النورانية العليا أو يعتبر "شريان الحياة العظيم" لذا يمكن القول إن كل "يردنا" هو ماء جاري وهو نهر وفيه يمكن إجراء طقوس التعميد ولكن ليس كل ماء جاري هو "يردنا". إضافة الى رأي آخر بهذا الخصوص يذكره علاء النشمي في مقالته "أسطورة الماء في الأديان "أن: "يردنا" لها أهمية رمزية كبيرة في عملية الخلق وانبثاق الحياة والعوالم فهي من صفات الخالق المقدسة العظيمة والتي انبثقت في آخر يوم من أيام الخلق العلوي الخمسة (البرونايا). وتذكر بعض النصوص الدينية المندائية بأن "يردنا" هو مخلوق كائن بذاته ويضيف أيضا، أن "يردنا" عموما يرمز الى صفة الأب وعنصر الحياة "السائل الحيوي للحياة والتكوين" في الفكر والممارسة الطقسية.
(3) كنزا ربا . يمين : الكتاب الثالث . التسبيح الأول ص54
(4) كنزا ربا . يمين : الكتاب الثالث . التسبيح الأول ص62
(5) كنزا ربا .يمين : الكتاب الثالث . التسبيح الأول ص54
(6) كنزا ربا. يمين : الكتاب الثالث . التسبيح الأول ص63-64
(7) يبدو أن الترجمة أحيانا للنص المندائي الى اللغة العربية لبعض النصوص الدينية ، سواء الموجودة منها في " كنزا ربا " أو الكتب الدينية الأخرى ، يجعل مهمة الباحث في غاية الصعوبة ، خصوصا عندما يتعلق الأمر بأسماء أو صفات الخالق وبالتحديد بين كلمتي " الحي والحياة " ، لذا نرى حالة الإرباك واضحة لدى العديد من الكتاب والدارسين في هذا المجال عند محاولة التفريق بين " الحي " وهو الخالق في المندائية ويسمى " هيي قدمايي " ( الحي القديم أو الحي الأزلي) وبين الحياة الأولى أو العظمى التي خلقها هيي قدمايي ، أحيانا يشار الى الحياة الأولى بأنها " هيي قدمايي " ولكن فقط عندما تكون كصفة للخالق وليس هو بالتحديد وهناك العديد من السياقات المذكورة بهذا الخصوص في النصوص الدينية، وبالتحديد في " كنزا ربا " التي توضح هذا الفرق الى حد ما.
(8) كنزا ربا .يمين : الكتاب الثالث . التسبيح الأول ص54
(9) كنزا ربا . يمين : الكتاب الثالث . التسبيح الأول ص54
(10) كنزا ربا .يمين : الكتاب الثالث . التسبيح الأول ص54
(11) كنزا ربا . يمين : الكتاب الثالث . التسبيح الأول . ص55
(12) كنزا ربا .يمين : الكتاب الثالث التسبيح الأول ص58-59.
(13) كنزا ربا. يمين : الكتاب الثالث .التسبيح الأول .ص65
(14) كنزا ربا. يمين : الكتاب الثالث .التسبيح الأول .ص61
(15) يقول طه باقر "مقدمة في تأريخ الحضارات الأولى. ص 55-56: كان الرأي السائد بين الباحثين أن تسمية النهرين من أصل سومري ولكن أخذ الاتجاه حديثا يميل الى أنها ليست من أصل سومري ولا من أصل سامي بل هي تراث لغوي من قوم مجهولين، لعلهم سبقوا السومريين والساميين في استيطان السهل الرسوبي ولا يعلم عنهم شيء سوى ما تركوه من آثار لغوية قليلة في أسماء المدن ويعض المهن والحرف ومنها أسماء دجلة والفرات. وقد ورد اسم الفرات في النصوص المسمارية بمجموعة من العلامات المسمارية، تلفظ على هيئة "بورانن" أو "بوروننا" ويرادف ذلك في اللغة الأكدية - البابلية (السامية) لفظ "بوراني" أو "بوراتم" ومنه الصيغة العربية "فرات" وقيل في معنى هذا الاسم أنه يعني "الفرع" أو "الرافد" أو "الماء العذب" وهو المعنى الذي أورده اللغويون العرب لاسم الفرات أيضا. أما اسم دجلة فقد ورد بهيئة "ادكنا" ومنها التسمية العبرانية "حداقل" أو "هداقل" والعربية "دجلة"، وقد جاء اسم دجلة في اللغة "الحورية" على هيئة "ارنزح" أو "ارزنخ" والمرجح كثيرا أن اسم دجلة الشائع في اللغات الأوروبية، أي "تيغرز" أو "تيكرز" مأخوذ من الفارسية البهلوية "تيركاء" التي قيل في معناها إنها السهم. أو أنه تحريف أو ترجمة لمعنى اسمه العراقي القديم الذي فسر في المعاجم المسمارية القديمة بأنه النهر الجاري أو السريع).
(16) يذكر النهران في العديد من النصوص الدينية في كنزا ربا وباسمهما الصريح مثلما نقرأ في النصوص التالية: " أعول آدم وبكى ، وناح وشكا، وقال للمخلص الذي أتى : يا أبتا . إن أتيت معك ، فدنياي من سائسها ؟ وزوجتي من يؤانسها ؟ وأغراسي التي أنا غارسها ، من حارسها ؟ من يمد إليهم يدا ؟ ويكون لهم سندا ؟ من يبذر البذور المباركات ؟ من يحمل الماء من دجلة والفرات ؟ من يعين التي تلد ؟ ومن الذي يلاقي الذي يفد؟" ( كنزا ربا . يسار . الكتاب الأول . التسبيح الثاني )
وأيضا: "قبل أن يقول أبي، سأقول لكم أنا : كل من عمل باطلا سيبقى هنا، مكبلا بعذاب ربه ، الى أن يجف الفرات من منبعه الى مصبه ، ويجري دجلة خارج مجراه " ( كنزا ربا . يسار . الكتاب الثالث . التسبيح الثامن)
وفي نص آخر نقرأ : " هل وقفتم على ساحل البحر يوما ؟ هل نظرتم الى السمك كيف يسبح أزواجا ؟ هل صعدتم الى ضفة الفرات العظيم ؟ هل تأملتم الأشجار واقفة تشرب الماء على ضفافه وتثمر؟ فما لكم لا تثمرون ؟ " ( كنزا ربا . يمين . الكتاب الثاني . التسبيح الرابع ) .
(17) ربما يأتي الفرات أولا من ناحية الأهمية على دجلة ، كونه النهر الذي تركزت على ضفافه المستوطنات القديمة حيث يعتبر أقل عنفا وتقلبا في فيضانه نسبة الى دجلة ، إذ تقدر الزيادة في فيضان دجلة بزهاء 31 بالمئة أكثر من فيضان نهر الفرات ) ( مقدمة في تأريخ الحضارات القديمة : طه باقر .ص58-59 ) .
(18) أساطير من بلاد ما بين النهرين : ستيفان دالي . ص307
(19) الرحمن والشيطان : فراس السواح . ص29-30 .
(20) تقول دراور " الصابئة المندائيون في العراق وإيران " ص31 ، أنه من الطبيعي أن تكون المياه مهمة لهم ، في بلاد تلتصق فيها حياة البشر والحيوان والنبات بضفاف النهرين الكبيرين دجلة والفرات.
(21) هذه الفناءات ستحصل من قبل عالم الظلام وليس عالم النور وذلك للقضاء على المؤمنين والمناصرين للإله " هيي قدمايي " مع تدخل مباشر من قبل عالم النور لإفشال المخطط الظلامي بفناء الإنسان وذلك من خلال إنقاذ البعض منهم ليبدأوا حياة جديدة وعالم جديد.
(22) كورت رودولف : النشوء والخلق في النصوص المندائية.ص130
(23) صباح خليل مال الله : كتاب يحيى. ص 328
(24) كنزا ربا. يمين : الكتاب الثالث .التسبيح الأول .ص56-57
(25) كنزا ربا . يمين : الكتاب الثالث . التسبيح الأول . ص57
(26) كنزا ربا . يمين : الكتاب الثالث . التسبيح الأول ص68
(27) كورت رودولف : النشوء والخلق في النصوص المندائية . ص124
(28) Sabah Aldihisi: The story of Creation in the Mandaean Holy Book Ginza Rba. P: 150.
(29) قارن ذلك بأسلحة الإله مردوخ : الرداء ، العصا أو القضيب الشائك، قوة الكلمة ، العربة المخيفة ، البرق والذي يمكن أن يكون أيضا دلالة على الضوء أو النور الساطع الخاطف ، الشبكة
(30) كنزا ربا . يمين : الكتاب الثالث . التسبيح الأول . ص68-69 .
(31) كورت رودولف: النشوء والخلق في النصوص المندائية. ص 125.
(32) ربما الحديث هنا عن تهيئة الأجواء لتكثيف وتصليب الأرض إذ رحلته والمعركة التي حدثت مع قوى الظلام هنا ، كانت قبل أن تتكثف الأرض وتكون صالحة لخلق الإنسان عليها لاحقا .



#سنان_نافل_والي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الروها.. ملكة عالم الظلام في الديانة المندائية
- مندائيو إيران والعراق خلال المئة سنة الاخيرة
- رحلة الملاك هيبل زيوا الى عالم الظلام في الديانة المندائية
- النور والظلام في الديانة المندائية
- التوحيد في الديانة المندائية
- المبشرون المسيحيون والمندائية خلال القرن السادس عشر
- صابئة القرآن في المصادر الإسلامية
- الدولة المشعشعية ومذبحة شوشتر
- الإله البابلي مردوخ ورحلته الى العالم السفلي
- الثنوية في الديانة الزردشتية
- المندائية في دراسات المستشرقين
- الطوفان في المصادر البابلية والمندائية
- الشيخ صحن والدولة العثمانية
- في منتصف الطريق
- أبو علاوي _ قصة قصيرة
- انتظار _ قصة قصيرة
- الرحيل _ قصة قصيرة
- المندائية في كتابات الغرب والشرق
- أول المعرفة .... سؤال


المزيد.....




- هل تتعاطي هي أيضا؟ زاخاروفا تسخر من -زهوة- نائبة رئيس الوزرا ...
- مصريان يخدعان المواطنين ببيعهم لحوم الخيل
- رئيس مجلس الشورى الإيراني يستقبل هنية في طهران (صور)
- الحكومة الفرنسية تقاضي تلميذة بسبب الحجاب
- -على إسرائيل أن تنصاع لأمريكا.. الآن- - صحيفة هآرتس
- شاهد: تحت وقع الصدمة.. شهادات فرق طبية دولية زارت مستشفى شهد ...
- ساكنو مبنى دمرته غارة روسية في أوديسا يجتمعون لتأبين الضحايا ...
- مصر تجدد تحذيرها لإسرائيل
- مقتل 30 شخصا بقصف إسرائيلي لشرق غزة
- تمهيدا للانتخابات الرئاسية الأمريكية...بايدن في حفل تبرع وتر ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سنان نافل والي - الحروب النورانية والخلق في الديانة المندائية