أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أكرم شلغين - قمر، ولكن...!















المزيد.....

قمر، ولكن...!


أكرم شلغين

الحوار المتمدن-العدد: 7585 - 2023 / 4 / 18 - 04:48
المحور: الادب والفن
    


ليست المرة الأولى ولا الثانية ولا الخامسة التي تحدثني بها عن تلك الفتاة بهذه الطريقة المليئة بالعواطف والرغبة...هل تحبها حقا يا عبد وتتمنى أن تكونا معا بشكل دائم؟ أجاب عبد: إنها تختلف عن كل من عرفتهن من قبل...إنها بريئة وخجولة وهي ابنة ضيعتنا وأعرفها. وفوق كل شيء إنها من طبقتنا في حالها الاقتصادي ومستوى المعيشة ومن ناسنا اجتماعيا...وبها مواصفات تقربني منها أكثر. و هي جميلة جدا كما تعرف يا أمجد، وكل مرة أزور شقيقها أشعر بالقرب منها أكثر، وأشعر بالارتياح بشكل عام. وأنت تعلم طيبة قلب والدتها، ومحبتها للخير وللناس جميعا.. أضف إلى ذلك كله أنها ستنتهي من دراستها وتتخرج وتصبح منتجة خلال فترة أشهر...علّق أمجد بسؤال: وماذا تنتظر يا عبد؟ لا تتردد.. لماذا لا تتقدم لها رسميا؟ تنهد عبد وقال: لا أعرف كيف أشرح لك ذلك. سأله أمجد: هل تتخوف من متطلبات مالية؟ قال: لا، فهؤلاء الناس لا يمتلكون عقلية متطلبة ولا يريدون سوى تيسير الأمور... ولكن المشكلة تختلف...سأله أمجد: وما هي المشكلة؟ قال عبد: دعنا الآن من هذا الموضوع!
بعد أيام قليلة جاء عبد برفقة بسام لزيارة أمجد. تناولوا الشاي والقهوة وتحادثوا حول ذكرياتهم في تعليم الساعات الإضافية للعام الدراسي الذي أوشك على الانقضاء في مدارس أرياف محافظتهم...واستمرت الدردشة والضحك وتنوعت الأحاديث حتى أصبح الوقت يقترب من العاشرة مساء...حينها أصبح عبد شاردا منشغلا بتفكيره بأمر ما لم يشأ أن يشاركه مع صديقيه...ثم فجأة قال: "دعونا نخرج من داخل الجدران! دعونا نتمشى في أطراف القرية بين أشجار الزيتون! دعونا نشاهد القمر من تلك المنطقة العالية شرق أراضي القرية!" طلبه لم يقابل بحماس الآخرين ولهذا صمت عبد لوقت قصير ثم قال: "روحي تتمزق دعونا نخرج من هنا...! لنذهب ونراقب القمر من تلك المنطقة العالية في هذا الوقت...!" واستجابة لإلحاحه وافقا وخرجا معه...كانت خطوات عبد أسرع من صديقيه ولهذا علق بسام بقوله إننا نتمشى ولا نتسابق بالسرعة.. انتبه يا عبد! بعد ربع ساعة وصل الثلاثة إلى المنطقة التي أرادها عبد لمراقبة "القمر". وفيما كان بسام وأمجد يتطلعان إلى السماء عاليا، كان عبد يركز بصره إلى الأسفل، إلى الوادي حيث هناك بضعة بيوت متفرقة تنبعث منها أضواء خافتة...وبدا كما لو أنه لم يعد حاضرا بعقله مع صديقيه...ضحك بسام وقال: لكل منا قمره، قمرنا في الأعلى وقمرك هناك في الأسفل...تجاهل عبد ما سمعه من تعليق ملغوم وأيقن أن قصته مع تلك الفتاة معروفة لصديقيه...وهكذا اتخذها عبد عادة أن يقنع كل من يراه أن يذهب معه لمراقبة القمر في الليل...
انتهى فصل الصيف وحل الخريف وبقي الحال هكذا لأشهر، عبد يتكلم عن حبه ولكنه لا يقوى على فعل شيء...جاء الشتاء والحال على ما هو عليه...ذات مساء ماطر، جاء عبد لزيارة صديقه أمجد وفور وصوله راح يتحدث حول نفس الصبية وأنه يحبها، ولكن...! قاطعه أمجد بشيء من عدم الارتياح وقال: إما أن تحكي عن العوائق، أو أن تصمت لأنني لست على استعداد لتضييع وقتي بالاستماع لكلام غامض...! هنا أجاب عبد وقال: أنت تعرف أن شقيقتي الكبرى، التي أسميها أمي، فهي صاحبة الفضل الأكبر في حياتي وهي من ضحت بالكثير لأجلي كي لا ينقصني شيء...ومشكلتي هي أن شقيقتي لا تريد لي تلك الفتاة... سأله أمجد ولماذا لا تريدها؟ إنها حسناء ومهذبة ومحترمة، وهي الصبية الحلم فلماذا ترفضها شقيقتك؟ قال: لا أعرف...! قال أمجد: وأنا أيضا لا أعرف لماذا شقيقتك تقف عائقا في حياتك. فتلك ليست المرة الأولى التي ترفض بها ارتباطك بهذه الفتاة أو تلك...وأنا استمعت أكثر من مرة لكلامها العصبي ولفتتني ردود أفعالها عندما تكلمها عن علاقة مع أية فتاة وتوضح رغبتك في الارتباط بها...!! أعرف أنها خدمتك وكبرت تحت رعايتها ودرست بفضل إعالتها وتضحياتها.. أحترم كثيرا أنها شقيقتك الكبرى وبمثابة والدتك ولكن ذلك لا يجب أن يشكل عوائق في طريق مستقبلك...! فكر عبد لبعض الوقت وقال: لو كنت مكاني ماذا تفعل؟ أجاب أمجد: ببساطة أذهب وبالسرعة القصوى وأتقدم بطلب يد الفتاة ولا يهمني أي رأي آخر أيا كان مصدره! قال عبد: لا أمتلك الجرأة على فعل ذلك...! قال أمجد: لهذا أرجوك ألا تتحدث أمامي عن تلك الفتاة تلك مرة أخرى! قال عبد ولكنني أحبها! قال أمجد: أتريدني أن أرافقك وألعب دور ليس الصديق فحسب، بل المخول بأن يتكلم بخصوص مستقبلك؟ انبرى عبد بالقول: أتمنى أن تفعل ذلك... قال عبد اترك المسألة لي وسأعلمك بوقت لاحق عما عليك فعله...
في اليوم التالي سعى أمجد لرؤية أقرب المقربين من تلك الفتاة، وهو شقيقها الشاب الهادئ المحترم. حدثه عن الموضوع بدون مقدمات...كان الأخير متفهما واعيا وقال: "فليتفضل وأسرتي لن تضغط عليه بشيء ولن تشترط شيئا، بل على العكس نرحب به فهو ابن القرية ونعرفه من زياراته لنا...بكل سرور...أهلا به..." سأله أمجد هل بالإمكان زيارتكم مساء اليوم؟ قال: بالتأكيد! وراح أمجد يزف الخبر لصديقه عبد قائلا: سنذهب مساء اليوم لطلب يد الفتاة لك...سأقرع بابكم الساعة السابعة مساء وتكون أنت مستعدا للذهاب إليهم فورا...وافق عبد...
تمام الساعة السابعة مساء وسط برد شديد وزخات خفيفة من المطر كان أمجد يقرع الباب وينادي على صديقه عبد ليتحركا باتجاه عائلة الفتاة...لكن عبد لم يكن جاهزا بعد وقال: ادخل سنذهب بعد قليل...لم يكن في ذلك ما يريح أمجد ولكنه دخل فعلا وراح يحثه على السرعة...كان عبد مرة يرتدي هذا المعطف ثم يخلعه قائلا إنه لا يناسب وأخرى يقف أمام المرآة ويمشط شعره بأكثر من شكل ثم يعيد تمشيطه مرة بعد مرة...بعد أكثر من ساعة أصبح جاهزا وهكذا تحركا باتجاه البيت المقصود، في الطريق قال عبد: سأعطيك إشارة للبدء في الحديث...قبل إشارتي لا تتكلم بالموضوع...وكرر ذلك مرارا بالقول: أرجوك لا تتكلم قبل أن ترى إيماءتي لك بالكلام.
وصلا.. و كانت هي المرة الأولى التي يدخل بها أمجد ذلك البيت، لفته كثيرا ما يراه هناك في ذلك البيت، فالغرفة حيث جلسوا صغيرة ونافذتها بدون زجاج وإنما بنايلون مثبت على الخشب وجدران الغرفة بدون ليس فقط طلاء وإنما بدون إسمنت داخلي أيضا...في زاوية من الغرفة تكومت فرشتان من القطن طويتا ووضعتا فوق بعضهما البعض، وكان ضوء الغرفة خافتا قليلا كما لو كان ضوء مصباح كاز كأيام زمان، الخ... رحبت والدة الفتاة كثيرا بهما، وأما شقيق الفتاة فكان يشع نورا وترحابا ويبتسم ليخلق أفضل الأجواء...وبحق كان ذلك الجو مفعما بالحميمية والنقاء...بعد مضي وقت قصير جاءت الصبية تحمل إبريق الشاي بيد وباليد الأخرى صينية من البلاستيك فوقها عدة كاسات فارغة...صبت الشاي وأعادت ملء الكاسات وبين الفينة والأخرى كان أمجد ينظر لعبد ولكن الأخير كان يبعد نظره كي لا تلتقي النظرات...بعد وقت أخذت الصبية صينية الشاي ثم عادت تحمل صحنا به عدة حبات من البرتقال وسكينان: واحدة بيضاء المقبض وأخرى بنية...كان أمجد ينظر لساعته التي اقتربت من الحادية عشرة ليلا...ثم ينظر بعدم ارتياح لعبد ولكن الأخير كان مصمما على ألا يلتقي نظره بنظر أمجد الذي راح يفقد صبره ولكنه يضبط نفسه...كانت نظرات والدة الفتاة تحكي أنها تنتظر أن تسمع ما أتيا من أجله...وكذلك كان شقيق الفتاة يحاول أن يستمر في نفس الروح التي بدأ بها متظاهرا أن كل شيء على ما يرام...وسط هذا التوتر والترقب والانتظار قال عبد بصوت مرتجف: لقد حان الوقت لنذهب...!
عندما خرجا وابتعدا عن بيت الصبية كان أمجد يشتم صديقه عبد الذي راح يبرر بالقول: لم أستطع أن أخالف شقيقتي! لقد كان وجهها أمامي طيلة الوقت يقول لي: لم أتوقع منك هذا يا أخي! علق أمجد قائلا: مهما عشت وحييت فإنك لن تتزوج!



#أكرم_شلغين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- والمال بدّل أيديولوجية مسرحية تاجر البندقية
- بانتظار الغريبة
- لا يكفر من يصرخ من شدة الألم!
- أهو ذئب في ثوب حمل؟
- نموذج إنجليزي لتفادي المشاكل الاجتماعية السياسية
- إذلال
- مواجهة
- يحيى ويحيى
- حب أو حرمان
- القافلة
- الغرب لم يسرق أخلاقك
- غياب
- قد يكون الحب
- أنت موجود وغيرك موجود
- فرح وصدمة
- غش عابر للامتحانات
- -رخيصة-
- زواج
- عميل
- هبلة


المزيد.....




- الضحكة كلها على قناة واحدة.. استقبل الان قناة سبيس تون الجدي ...
- مازال هناك غد: الفيلم الذي قهر باربي في صالات إيطاليا
- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أكرم شلغين - قمر، ولكن...!