أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - الفلسفة الفرنسية.. تشعباتها وامتداداتها (الجزء السادس والأخير)














المزيد.....

الفلسفة الفرنسية.. تشعباتها وامتداداتها (الجزء السادس والأخير)


أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)


الحوار المتمدن-العدد: 7582 - 2023 / 4 / 15 - 04:54
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إذا تم جمع هاتين السمتين، فسوف تمنحان هذه الفلسفة ملامحها الخاصة. إنها فلسفة تحتضن عن كثب ملامح الواقع الخارجي، كما يتمثلها الفيزيائي، وأيضا بشكل وثيق جدا تلك الخاصة بالواقع الداخلي، كما يبدو لعالم النفس. لهذا السبب بالذات، غالبا ما تحجم عن اتخاذ شكل نسق. ترفض الإفراط في الدوغمائية والنقد الراديكالي. منهجها بعيد كل البعد عن منهج هيجل كما هو بعيد عن منهج كانط. هذا لا يعني أنها غير قادرة على تشييد بناء عظيم حينما تريد. لكن يبدو أن الفلاسفة الفرنسيين كان لديهم عموما هذا الدافع الخفي، وهو أن بناء النسق أمر سهل، وأنه من السهل جدا الوصول إلى نهاية فكرة، وأن الصعوبة تكمن في إيقاف الاستنباط حيث يجب ان يقف، في التأثير عليه كما ينبغي، بفضل تعميق العلوم الخاصة والتواصل المستمر مع الواقع. قال باسكال إن "الروح الهندسية" لا تكفي: يجب على الفيلسوف أن يضيف إليها "روح الدقة". وأعلن ديكارت، هذا الميتافيزيقي الكبير، أنه خصص ساعات قليلة للميتافيزيقا، وهذا يعني، بدون شك أن عمل الاستنباط الخالص أو البناء الميتافيزيقي الخالص يتم من تلقاء نفسه، بشرط أن يكون لدى المرء عقل مهيأ له. - هل يُزعم أن الفلسفة عندما تصبح أقل نسقية تنحرف عن هدفها، وأن دورها هو على وجه التحديد توحيد الواقع؟ - لكن الفلسفة الفرنسية لم تتخل قط عن هذا التوحيد. فقط، هي لا تثق في العملية المتمثلة في أخذ هذه الفكرة او تلك وحشوها، طوعا أو بالقوة، بمجموع الأشياء. مقابل هذه الفكرة، هناك دائما فكرة معارضة أخرى، والتي سنبني بها، وفقا لنفس الطريقة، نسقا مختلفا؛ سيكون النسقان معا قابلين لل، وكلاهما غير ممكن التحقق منه؛ بحيث تصبح الفلسفة لعبة بسيطة، مسابقة بين رجال الجدل.
لنلاحظ أن الفكرة هي عنصر من عناصر ذكائنا، وأن ذكاءنا نفسه هو عنصر من عناصر الواقع: فكيف إذن يمكن لفكرة، والتي هي جزء فقط من جزء، أن تحتضن الكل؟ لا يمكن توحيد الأشياء إلا عن طريق عملية أكثر صعوبة وأطول وأكثر دقة: يجب على الفكر البشري، بدلاً من تقليص الواقع إلى بُعد واحد لفكرة من أفكاره، أن يوسع نفسه إلى درجة التطابق مع جزء أكبر وأكبر من الواقع. لكن هذا سيتطلب العمل المتراكم لعدة قرون.
في انتظار ذلك، يتمثل دور كل فيلسوف في النظر إلى كل الأشياء التي قد تكون نهائية في بعض النقاط، ولكنها ستكون بالضرورة مؤقتة بالنسبة إلى نقاط أخرى. هناك سيكون لدينا، إذا أردنا، نوع من النسق؛ لكن مبدأ النسق نفسه سيكون مرنا، وقابلا للتمديد إلى أجل غير مسمى، بدلاً من أن يكون مبدأً ثابتا، مثل تلك التي أدت حتى الآن إلى ظهور الصروح الميتافيزيقية البحتة. يبدو لنا أن هذه هي الفكرة الضمنية للفلسفة الفرنسية.
هذه، في ما يبدو، هي الفكرة الضمنية في الفلسفة الفرنسية. لم تعد هذه الفكرة واعية تماما بذاته، أو التي لم يتم صياغتها، سوى في الآونة الأخيرة. ولكن، إذا لم تكن قد ظهرت في وقت سابق، فذلك على وجه التحديد لأنها كانت عادية بالنسبة للعقل الفرنسي، عقل مرن وحيوي، لا شيء فيه ميكانيكي أو اصطناعي، عقل اجتماعي بطبعه، يحجم عن البناءات الفردية. ينطلق من الغريزة إلى الإنسان.
من هنا، من خلال هذين الاتجاهين أو هذه الاتجاهات الثلاثة أشرنا إليها لتونا، ربما يفسر ما كان دائما مشعا وخلاقا دائمًا في الفلسفة الفرنسية. نظرا لأنها أجبرت نفسها دائما على التحدث بلغة الجميع، لم تكن امتيازا لنوع من الطائفة الفلسفية؛ ظلت خاضعة لسيطرة الجميع؛ لم تنفصل عن الحس المشترك. مارسها رجال من علماء النفس وعلماء الأحياء وعلماء الفيزياء وعلماء الرياضيات، وحافظت باستمرار على تواصل مع العلم وكذلك مع الحياة. هذا التواصل الدائم مع الحياة، مع العلم، مع الحس المشترك، قام بتخصيبها باستمرار في نفس الوقت الذي منعها فيه من اللهو، من إعادة تكوين الأشياء بشكل مصطنع بواسطة التجريدات. لكن، إذا كانت الفلسفة الفرنسية قادرة على إحياء نفسها إلى أجل غير مسمى بهذه الطريقة باستخدام كل مظاهر الروح الفرنسية، أليس ذلك لأن هذه المظاهر نفسها تميل إلى اتخاذ الشكل الفلسفي؟ نادرون جدا في فرنسا هم العلماء ،الكتاب والفنانون وحتى الحرفيون المنغمسون في مادية ما يقومون به، والذين لا يسعون لاستخراج فلسفة علمهم وفنهم وحرفتهم - حتى لو تم بسداجة وبغير إتقان. إن الحاجة إلى الفلسفة عالمية: فهي تميل إلى جلب جميع المناقشات، حتى الأعمال التجارية، إلى مجال الأفكار والمبادئ. ربما يترجم التطلع الأعمق للروح الفرنسية، والذي يذهب مباشرة إلى ما هو عام، وبالتالي إلى ما هو جيد (من الجود). وبهذا المعنى، فإن الروح الفرنسية هي روح فلسفية.
إلى هنا، تنتهي هذه الإطلالة الشاملة التي قام بها الفيلسوف الفرنسي هنري برغسون والتي نشرها عام 1915. (تعمدت عدم ذكر الكاتب في الأول ضمانا لعنصر المفاجأة).
وبعد أن تتبعنا هذه النبذة الوافية عن الفلسفة الفرنسية منذ بدايتها على يد ديكارت إلى حدود العقد الثاني من القرن العشرين، لن يصعب علينا ملاحظة أن خطوة مماثلة لا بد منها لتكتمل نظرتنا البانورامية عن الفلسفة الفرنسية منذ اللحظة التي توقف عندها برغسون إلى بداية الألفية الثالثة. لحسن حظنا، أنجز - مشكورا - الفيلسوف الفرنسي آلان باديو هذه المهمة بنجاح باهر من خلال محاضرة ألقاها سنة 2004 في المكتبة الوطنية لبوينس إيرس ونقلتها إلى العربية. تجدون النص في الرابط أدناه متضمنا لمقارنة بين اللحظة الفرنسية واللحظة اليونانية واللحظة المثالية الألمانية.
https://m.ahewar.org/s.asp?aid=766507&r=0



#أحمد_رباص (هاشتاغ)       Ahmed_Rabass#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المغرب: تعيين السحيمي في منصب كاتب عام بوزارة بنموسى فضيحة م ...
- الفلسفة الفرنسية.. تشعباتها وامتداداتها (الجزء الخامس)
- المغرب: الصيادلة يخوضون إضرابا إنذاريا والمدافعون عن حقوق ال ...
- الفلسفة الفرنسية.. تشعباتها وامتداداتها (الجزء الرابع)
- فرنسا: رسالة من مهاجر مغربي إلى الرأي العام الوطني و المعنيي ...
- الفلسفة الفرنسية.. تشعباتها وامتداداتها (الجزء الثالث)
- الفلسفة الفرنسية.. تشعباتها وامتداداتها (الجزء الثاني)
- ما كاينش مع من..
- شذرتان عن الحسد الأبيض والتضخم
- الفلسفة الفرنسية.. تشعباتها وامتداداتها (الجزء الأول)
- أحداث مفجعة بفلسطين وأجواء غير مناسبة لاحتفال المسيحيين بعيد ...
- هل يسهم استيراد الابقار من البرازيل في انخفاض أسعار اللحوم ب ...
- نساء عربيات في قبضة أحابيل الصور
- الداخلية توقف رئيس بلدية بوزنيقة للاشتباه في تضارب المصالح
- الاشتراكي الموحد بتمارة والصخيرات يطالب بالتعجيل بأسكان ما ت ...
- لويس ألتوسير.. حياته، معاناته وأعماله
- حوار حضاري يمتح من ثقافة الاعتراف
- لويس ألتوسير.. حياته، معاناته وأعماله (الجزء الخامس والأخير)
- مناضلو حزب الشمعة بكلميم يتوجهون بمطالبهم إلى الجهات المختصة
- لويس ألتوسير.. حياته، معاناته وأعماله (الجزء الرابع)


المزيد.....




- تربية أخطبوط أليف بمنزل عائلة تتحول إلى مفاجأة لم يتوقعها أح ...
- البيت الأبيض: إسرائيل أبلغتنا أنها لن تغزو رفح إلا بعد هذه ا ...
- فاغنر بعد 7 أشهر من مقتل بريغوجين.. 4 مجموعات تحت سيطرة الكر ...
- وزير الخارجية الفرنسي من بيروت: نرفض السيناريو الأسوأ في لبن ...
- شاهد: أشباح الفاشية تعود إلى إيطاليا.. مسيرة في الذكرى الـ 7 ...
- وفد سياحي سعودي وبحريني يصل في أول رحلة سياحية إلى مدينة سوت ...
- -حماس- تنفي ما ورد في تقارير إعلامية حول إمكانية خروج بعض قا ...
- نائب البرهان يبحث مع نائب وزير الخارجية الروسي تعزيز العلاقت ...
- حقائق عن الدماغ يعجز العلم عن تفسيرها
- كيف تتعامل مع كذب المراهقين؟ ومتى تلجأ لأخصائي نفسي؟


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - الفلسفة الفرنسية.. تشعباتها وامتداداتها (الجزء السادس والأخير)