أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - عزالدين بوغانمي - حول -الاستقلال- ودولة الاستقلال.














المزيد.....

حول -الاستقلال- ودولة الاستقلال.


عزالدين بوغانمي
(Boughanmi Ezdine)


الحوار المتمدن-العدد: 7580 - 2023 / 4 / 13 - 00:28
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


في كل التيارات السياسية الفكرية التي نشأت بعد الخمسينات، وترعرعت خارج الدولة وفي تعارض مع خياراتها، هنالك سرديات مجانبة لوقائع التاريخ، طاعنة في مصداقية صُنّاع القرار آنذاك. وربّما يعود ذلك إلى طبيعة نشأتها الاحتجاجية. هذه تيارات سياسية وُلدت في خصومة جذرية مع الدولة، سيما وأن هذه النشأة كانت في الصّخر. أي أنها وُلدت في مناخ استبدادي قاهر للمعارضة، مهما كانت وجاهة أطروحاتها.
وبسبب طبيعة هذه النشأة الصعبة وهذا التكوين الاحتجاجي، نجد في كلّ منها رموز ينظرون لتجربتهم نظرة قداسة، فتحوّلوا مع الوقت إلى حُرّاس، يعتقدون أنهم الأُمناء على ثوابتها الفكرية التي لا يجوز إعادة النظر فيها أو نقدها أو الاقتراب منها.

في هذا السياق أعدت نشر مقال حول الاستقلال حاولت فيه تصحيح بعض السّرديات، وبيّنتُ بعض جوانب التجنّي على التاريخ. وكانت النيّة هي وضع ورقة نقاش تحمل بعض الأفكار التي تحتاج المُساءلة وإعادة الفحص.
طبعا كان هنالك تفاعل ونقاش أزعم أني استفدت من بعضه. من جهة أخرى قال بعضهم بأن خطابي "يُقوّضّ الأطروحة الوطنية الديمقراطية"!

بداية "الأطروحة الوطنية الديمقراطية" مجالها هو النّسبي المُتغيّر. ولا علاقة لها بالاكتمال والإطلاق الدّيني.

ثانيا، معظم هؤلاء الأصدقاء لا يُفرّقون بين نظام بورقيبة الذي استأثر بالسلطة و جمع كلّ مقاليد الأمور بيد الرئيس، فوضع بذلك أسس الدولة الشمولية، التي لم تترك لإرادة الشعب مكانًا يسمح بنشأة التعددية والتحرر السياسي. وبين ما أنجزته الدولة من تحديث للبلاد.

ومهما كان الحال، ومهما كانت درجة وجاهة الأطروحة الوطنية الديمقراطية، ومرّة أخرى، لا يجوز إنكار وقائع التاريخ. ولا يمكن لأية فكرة أن تستمرّ وتُلهم الناس إلّا إذا بُنِيت على مقاربة دقيقة وموضوعية للواقع، وقَطعت نهائيا مع خطاب الدّعاية ضد النظام، ذلك أن الدعاية تحمل في معظم الأحيان تزييفا للوقائع وبعض الكذب على صُنّاع تلك الوقائع، لأن الدعاية غايتها التّحريض على الخصم، وليس معرفة الحقيقة.

لذلك ليس هنالك تقويض للأطروحة الوطنية الديمقراطية في الإقرار بأن الدولة التونسية أرست أسس التحديث، وحررت الشعب من سطوة المستعمر، وذلك بمقاومة الأمية والجهل، عبر نشر التعليم، وفتح المجال للآلاف من التونسيين والتونسيات للوصول إلى أعلى درجات التحصيل العلمي وللارتقاء في سلم النجاح المهني والاجتماعي. وقد كان التعليم في ظل الاستعمار يقوم على أساس طبقي، عنصري، وذكوري أيضاً، فلم يكن يحظى بالتعليم سوى ذكور أبناء العائلات المخزنية الغنية والمتعاونة مع المستعمر. وما أن تشكلت حكومــة بورقيبة الأولى (أفريـل 1956) حتى أصدرت مجلة الأحوال الشخصيّة. ووحّدت القضاء. وحلّت الأحباس الخاصّة والعامّة. واستصلحت الأراضي الزراعيّة في عدّة جهات. وبعثت دواوين الإحياء والاستثمار. وتونست الإدارة والمؤسّسات الاقتصاديّة. وأعادت تنظيم الإدارة وبعثت سلك الولاة. ووحدت التعليم وجعلته عصّريا وإجباريّا ومجانيّا، وخصّصت له ثلث الميزانيّة، وأحدثت المدارس والمعاهد والجامعات. ووفّرت وسائل المعالجة الصحيّة للجميع ببناء المستوصفات والمستشفيات. وأنشأت الحرس الوطني. وبعثت الجيش. وأعادت هيكلة الديوانة وتونستها. وأنشأت البنك المركزي، وتونست العُملة بتعويض الفرنك بالدينار. وتونست البنوك التجاريّة. وفتحت السفارات. وأطاحت بالنظام الملكي، وصادقت على دستور جديد، وأقامت النظام الجمهوري. وسنّت قانون العمال الفلاحيين. وحددت الأجر اليومي الأدنى ليصبح ضعف ما كان عليه. ومتعت العامل بحقّ منح الساعات الزائدة. وفرضت على المؤجّر احترام حقوق العمال. وأصـــدرت قانون الضمــان الاجتماعي وقانون لجان المصانع كأداة تخوّل للعامل المساهمة في تسيير المؤسّسة. وأعدّت دراسات التنمية ومخطّطاتها الخماسية، فأنشأت المصانع. وبعثت القطاع السياحي. وطوّرت طرق استغلال الأراضي الفلاحيّة. وركّزت وحدات الإنتاج الفلاحي على الأراضي المسترجعة من المعمّرين. وحاولت خلق بنية تحتية بمد الطرقات. وبناء الجسور والسدود والموانئ والقرى الريفيّة، وتعصير المدن، ومقاومة العروشيّة.

بطبيعة الحال، عدم إنكار هذه الإنجازات، لا يتعارض مع الإقرار بأن الدولة أخفقت في استكمال التحرر الوطني والانعتاق الاجتماعي. لقد فشلت فشلا ذريعا في بلوغها هذا الهدف. وبلا شك يجب العودة بالنقد على هذه التجربة والوقوف على أعطابها. وهذا ما سيجعل أفكارنا محترمة وأقرب للواقع. أما تقويضها فإنما يكمن أساسًا في انفصالها عن الواقع وتقديسها ومنع مراجعتها.



#عزالدين_بوغانمي (هاشتاغ)       Boughanmi_Ezdine#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بوصلة الشهيد!
- العالم بتغيّر
- الفساد هو الأساس المادّي لحكم الأقليات المافيوزية في تونس من ...
- ضدّ التّضليل، ضدّ تزوير الذّاكرة.
- المتعاونون الجُدُد مع نظام الإرهاب والفساد.
- العَلمَنَة مسار تاريخي، وليست قرارًا إداريًّا.
- أحزاب القبيلة وحُكم الأقلّيات
- الإسلام السياسي والاستعمار، مشروع واحد.
- أُفول اليسار التّونسي على يد قيادات اليمينيّة.
- في غياب تحالف شعبي ديمقراطي، لا خيار إلا الرئيس
- حركة النهضة سقطت بسبب جرائمها
- هذا ما حدث في تونس
- برقية إلى شباب اليسار التونسي
- أزمة الأحزاب السياسية في تونس
- التدخل الروسي في أوكرانيا: هل هو غزو للأخت الصغرى؟ أم مواجهة ...
- هل يمكن الحديث عن أزمة في الإسلام؟
- حضور حركة النهضة، يساوي غياب المشترك الوطني.
- حركة النهضة أصبحت -مافيا- ولم تعُد حزبًا سياسيًا.
- ثورة، بلا ثوريين.
- نَكبتُها، في نُخْبَتِهَا، بما في ذلك الرّئيس.


المزيد.....




- لماذا يضغط وزراء إسرائيليون متشددون على نتنياهو لرفض مقترح و ...
- وزير الخارجية السعودي أجرى اتصالين هاتفيين برئيس مجلس السياد ...
- إسرائيل تدعو حلفاءها إلى معارضة تهم محتملة من الجنائية الدول ...
- ترامب: -من الممتع مشاهدة- مداهمة اعتصام مناصر للفلسطينيين
- مصر.. نجل وزير سابق يكشف تفاصيل خطفه
- ذكرى تحارب النسيان.. مغاربة حاربوا مع الجيش الفرنسي واستقروا ...
- لبنان.. لقطات توثق لحظة وقوع الانفجار بمطعم في بيروت وأسفر ع ...
- القبض على الإعلامية الكويتية حليمة بولند لاتهامها بـ-التحريض ...
- مصر.. موقف عفوي للطبيب الشهير حسام موافي يتسبب بجدل واسع (صو ...
- -شهداء الأقصى- التابعة لـ-فتح- تطالب بمحاسبة قتلة أبو الفول. ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - عزالدين بوغانمي - حول -الاستقلال- ودولة الاستقلال.