أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - الفرد عصفور - هل كان الغزو الأميركي للعراق مفتاح إيران الذهبي للهيمنة عليه؟















المزيد.....

هل كان الغزو الأميركي للعراق مفتاح إيران الذهبي للهيمنة عليه؟


الفرد عصفور

الحوار المتمدن-العدد: 7577 - 2023 / 4 / 10 - 14:57
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


في ما بين عامي ألفين واثنين وألفين وثلاثة سوقت الولايات المتحدة الغزو العسكري للعراق على أنه سيجلب الحرية للعراقيين والسلام للشرق الأوسط ويخلص العالم من أسلحة الدمار الشامل التي كان يظن أن العراق يملكها أو لديه قدرة على تصنيعها.
كان الهدف المعلن أن يتم إسقاط النظام الدكتاتوري وإقامة نظام ديمقراطي حر لكن الولايات المتحدة على ما يبدو لم تكن قد أعدت أي خطة حقيقية لإعادة بناء العراق من حيث النظام السياسي أو الاقتصادي فغرق العراق في الفوضى والإرهاب وهنا كانت فرصة إيران الذهبية إذ كان الفراغ الأمني والسياسي الذي أنتجه الغزو هدية من السماء لنظام طهران وولاية الفقيه.
استفادت إيران من الفوضى التي دبت في العراق فزاد نفوذها فيه وتعمق تسلطها على السياسة العراقية وباتت الحكومات العراقية أدوات خاضعة لرغبات طهران تنفذ أهدافها وتحقق غاياتها.
لم تكن مشكلة الغزو الأميركي للعراق في ما تم تحقيقه بل كانت المشكلة في ما لم يتم تحقيقه. فإسقاط نظام صدام حسين بكل ما كان يمثله من طغيان ودكتاتورية وتسلط على العراقيين كان هدفا سعى إليه العراقيون ولم يكونوا قادرين على تحقيقه وحدهم. لكن فشل التحالف الغربي بقيادة الولايات المتحدة في إعادة بناء الدولة وحمايتها من الفوضى وعمليات الإرهاب وتغلغل الحرس الثوري الإيراني في مفاصلها شكل ضربة قاسية للشعب العراقي وأعاقه عن تحقيق باقي أهدافه المشروعة.
في رأي بعض المسؤولين الأميركيين كانت عملية الغزو بحسب نتائجها الظاهرة خطأً كبيرا ومكلفا. فقانون اجتثاث البعث حرم مئات الألوف من العراقيين من العمل والوظيفة وحرم مؤسسات الدولة من الخبرات الوطنية التي أعيد ملء شواغرها بأصحاب خبرات ضعيفة سرعان ما تمت السيطرة عليهم من قبل الأحزاب الموالية لإيران وتشغيلهم لصالحها وانعكس ذلك سلبا على علاقة العراقيين بالأميركيين. كما أن تسليم الحكم إلى المعارضة العراقية الموالية لإيران مهد لقيام دكتاتورية طائفية لم تقم بحماية مصالح البلاد وتركت علماءها وشخصياتها الوطنية عرضة للاغتيال والتصفية. كما ساهم الحاكم الأميركي المدني للعراق بول بريمر بتهيئة البيئة السياسية العراقية لتمدد النفوذ الإيراني عبر تقسيم طائفي اقترحه عند تعيين ما سماه مجلس الحكم الانتقالي.
أما الخطأ الأكبر والذي لم يعالج فهو حل الجيش العراقي وترك أكثر من مليون جندي بدون مصدر دخل وجدوا انفسهم ينساقون للانضمام إلى الجماعات الإرهابية التي استغلتهم ابشع استغلال. ومع أن السلطات الأميركية أنشأت تنظيمات عسكرية بديلة للجيش اتجه إليها الشباب العراقيون إلا أن هؤلاء كانوا عرضة للاستغلال من قبل عملاء إيران. ومن هنا باتت جميع الإجراءات التي قصد منها النيل من النظام السابق ورموزه تصب في صالح تسهيل النفوذ الإيراني وتوسيعه.
البعض يصف نتائج الحرب بأنها كانت كارثية ليس فقط على العراق بل أيضا على الشرق الأوسط كله. فقد سمحت الفوضى التي دبت في العراق بانتشار التنظيمات الإرهابية التي امتدت إلى خارجه. واذا كانت بعض التقارير الأمنية لا تتهم إيران صراحة بدعم الإرهاب في العراق والمنطقة فإنها لا تبرئها تماما من دعم تنظيم القاعدة وتسهيل مرور عناصرها من أفغانستان إلى العراق ومنه إلى باقي المنطقة مقابل التزام القاعدة بعدم المساس بمصالح إيران.
عبر تمدد القاعدة وتفرعها في العراق وسوريا وقيام تنظيم داعش الإرهابي وجدت إيران فرصة ثانية للتدخل العسكري في العراق بحجة مكافحة الإرهاب من خلال تدريب القوات الأمنية العراقية وتمركز العديد من قادة الحرس الثوري في العراق وإنشاء تنظيمات مسلحة وميليشيات وضعت لها أهداف ظاهرها مقاومة الإرهاب وباطنها إحكام السيطرة على العراق.
بعد عشرين عاما على سقوط نظام صدام حسين ما هو حال العراق اليوم؟ هل اصبح العراق أفضل؟ هل اصبح الشرق الأوسط أفضل؟ بعض السياسيين يعتقدون ذلك لكن المعطيات الواقعية ليست كذلك. فالنظام السياسي القائم حاليا ضعيف ومرتهن بصورة أو بأخرى لنظام طهران. ومؤسسات الدولة العراقية تعاني من استفحال الفساد بسبب تنازل بعض قادة الأحزاب العراقية عن بلادهم لأجل المصالح الإيرانية مقابل أثمان قبضوها.
خلال حكم الرئيس صدام حسين كانت الأحزاب العراقية المعارضة تعمل من إيران بتمويل منها وبدعم واضح من سلطاتها. وقد تهيأت هذه الأحزاب لكي تحكم عراق ما بعد صدام حسين وهي ذات الأحزاب التي دعت الولايات المتحدة لغزو العراق وأقنعت البيت الأبيض بامتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل لتكون هذه حجة الغزو الرئيسية.
استغلت إيران ظروف العراق بعد الغزو فأخذت تدعم السياسيين المتعاونين معها وتسلح ميليشياتهم وتوصل من تريد إلى المناصب العليا. وكان معظم هؤلاء من الحزبيين الذين كانوا لاجئين في إيران وتمت تهيئتهم لما عليهم فعله بعد الغزو. أما القادة الحزبيون الذين لم يكونوا في إيران فقد تعاون كثير منهم مع الاحتلال الأميركي للوصول إلى المناصب العليا وبعد وصولهم التزموا بالتعامل مع إيران لضمان بقائهم.
وترد في الوثائق الاستخبارية الغربية أن إيران تتمتع الآن بسيطرة متميزة في الشؤون السياسية والاقتصادية العراقية. وبينما أكثرية النخبة السياسية العراقية مرتبطة بإيران فإن باقي المواطنين منقسمون بشأن كيفية التعامل معها.
في أواخر العام ألفين وتسعة عشر انتفض الشعب العراقي ضد الفساد وضد السلطات الحاكمة المرتبطة بإيران بعد أن أدرك مدى انتشار الفساد في البلاد. قام المنتفضون بحرق الإعلام الإيرانية تعبيرا عن رفضهم للتدخل الإيراني الذي يرونه السبب في تردي أحوال العراق وشعبه. وحاول التيار الصدري أن يقوم بتحرك قوي ضد الهيمنة الإيرانية وفساد النخبة الحاكمة إلا أن مسعاه لم يحقق نتائج ملموسة.
سيظل الفساد يشكل التحدي الأكبر للعراقيين أما التحدي الثاني فهو مقاومة التسلط الإيراني من خلال الميليشيات الموالية لطهران. تشير الأرقام إلى أن أربعين في المئة من العراقيين بدون عمل وواحد وثلاثين في المئة منهم تحت خط الفقر والتعليم في حالة انهيار والأمن مفقود والفساد يتحكم بجهاز الدولة.
لماذا تعمل إيران على تعزيز هيمنتها في العراق؟ بالتأكيد لا تريد إيران أن ترى عراقا قويا يمكن أن يشكل تهديدا لها كما كان النظام السابق. فتعمل على أضعاف العراق وإغراقه بالفساد والفوضى والطائفية التي تكرست بتوزيع المناصب العليا لتكون رئاسة الجمهورية منصبا رمزيا بصورة أو بأخرى ويكون من نصيب الأكراد بينما يكون منصب رئاسة البرلمان لشخصية سنية أما رئاسة الوزراء وهو المنصب التنفيذي الأول وصاحب الولاية العامة يكون لشخصية شيعية وفي معظم الحالات يتولاه شخص يتمتع بعلاقات عميقة مع طهران.
بعد عشرين عاما من الغزو الأميركي للعراق وسقوط النظام البعثي لم تعد مقولة أن النفوذ الإيراني في العراق فرضية بل أصبحت حقيقة مؤكدة شواهدها كثيرة وواضحة. لم يصبح العراق أفضل بدون صدام حسين كما لم يكن أفضل بوجوده. ولم تهدأ منطقة الشرق الأوسط ولم تصبح أفضل. نجحت الولايات المتحدة في إسقاط نظام البعث إلا أنها لم تكن قادرة على إعادة بناء العراق وحماية وحدة أراضيه.



#الفرد_عصفور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا بعد رحيل البابا بندكتوس واحتمال استقالة البابا فرنسيس؟
- الدكتور سمير مطاوع 1938-2022
- كيف تعطل قيام الدولة الفلسطينية
- استهداف منظمات المجتمع المدني الفلسطينية هل هو انتقام شخصي؟
- كيف يدعم النقل العام المجاني وشبه المجاني موازنة الدولة
- صديق المدخن كتاب يستحق القراءة
- الديمقراطية لا تحتاج انتخابات والانتخابات لا تصنع الديمقراطي ...
- اين الشرق الاوسط في الانتخابات ا لاميركية
- هل يواصل المسيحيون العرب هجرة أوطانهم؟
- لكل دولة من زعيمها نصيب
- الرمح والهدف الصعب مذكرات سمير مطاوع
- على مشارف الخمسين: التلفزيون الاردني الى اين؟
- لوريس: ابداع في الاخراج وابداع في الاختيار
- من منظور اردني قراءة جديدة في كتاب الدكتور سمير مطاوع الاردن ...
- لماذا لا نحتاج الى مجلس نواب
- النهضة الارثودوكسية في ارجاء البطريركية المقدسية
- العصور الوسطى هل كانت مظلمة؟ اكاذيب رائجة وحقائق مغيبة
- في سبيل تفادي انهيار الشرق الاوسط
- اليد الأميركية في الفوضى السورية
- الأسباب الخفية للحرب الاهلية السورية


المزيد.....




- مصممة على غرار لعبة الأطفال الكلاسيكية.. سيارة تلفت الأنظار ...
- مشهد تاريخي لبحيرات تتشكل وسط كثبان رملية في الإمارات بعد حا ...
- حماس وبايدن وقلب أحمر.. وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار ...
- السيسي يحذر من الآثار الكارثية للعمليات الإسرائيلية في رفح
- الخصاونة: موقف مصر والأردن الرافض لتهجير الفلسطينيين ثابت
- بعد 12 يوما من زواجهما.. إندونيسي يكتشف أن زوجته مزورة!
- منتجات غذائية غير متوقعة تحتوي على الكحول!
- السنغال.. إصابة 11 شخصا إثر انحراف طائرة ركاب عن المدرج قبل ...
- نائب أوكراني: الحكومة الأوكرانية تعاني نقصا حادا في الكوادر ...
- السعودية سمحت باستخدام -القوة المميتة- لإخلاء مناطق لمشروع ن ...


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - الفرد عصفور - هل كان الغزو الأميركي للعراق مفتاح إيران الذهبي للهيمنة عليه؟