أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كاظم حسن سعيد - استكشاف الشارع المعبد














المزيد.....

استكشاف الشارع المعبد


كاظم حسن سعيد
اديب وصحفي


الحوار المتمدن-العدد: 7571 - 2023 / 4 / 4 - 03:01
المحور: الادب والفن
    


رغم وصفهم لكنه لم يحاول , مضت ثلاث سنوات منذ اشار اليه جاره المسن ( امامك جسر تعبره ويقودك الدرب الى الشارع الرئيس ) , بقيت ساعة على الافطار , يمر الوقت متثاقلا على الصائم , فخطا نحو ذلك الجسر , تناول من حافة الدرب الترابي انبوبا بلاستيكيا ليصّيره عصا ...هل الفضول متكلس لديه ؟! ام انه شديد الفضول لاشياء دون غيرها ؟ الهذا لم يسافر ؟ لكنه في مراهقته قصد المحافظات مرارا .. ووطيء كل شبر في مدينته قبل ان ينزوي .
على بعد مئتي خطوة رأى على يساره بقايا بستان تحاصره البيوت الحديثة من جهتين وتتدفق منه شبكة اسلاك مثبتة على اعمدة او جذوع النخيل .. هنا صاحب المولدة الثقيل , في اول ايام انتقاله هنا زاره لاصلاح سلك اطاحت به شاحنة ولم يقصد المكان ثانية من ثلاث سنوات , وراى ان طريقه يعترضه شارع فوضوي وعليه ان يختار جهة اليمين او اليسار ليصل الجسر .. وبعد تردد توجه يسارا ولم يتوقع ذلك العدد من البيوت العصرية ,بعضها تم تشييده واخرى طور الانشاء ,لاحظ اكواما من الرمل والطابوق والشبابيك غير المطلية المكفئة على الشارع المترب والرملي .. فجوات بين البيوت يظهر منها نبات القصب , اذن هو يتقدم مع النهر الذي تلوح أثاره وتتوارى , وعلى اليسار سلك مولدة احمر ثبت في نخلة آيلة للسقوط تتقدم سياجا من الاسلاك المشبكة خلفها ارض حرثت واهملت فانتشرت نبتات شوكية واعشاب قزمية فيها , وبقع من الملح .. ينتهي البستان بمجزرة نخيل :اثنان منهما سقطتا على مرتفعات ترابية تذكره بسبطانات المدافع , بعض جذورها ارتفعت عن الارض وكشفت عن احشائها , كتلا مخروطية ضخمة ذكرته بخلفيات الخبازات حيث حفظ مثلا عنها في طفولته ,كانت الجذوع مثل جمع تفجر وسطهم لغم : جذع يحضن جذعا وبعض تخفي بعضا .. تتعانق او تتقاطع او تتجاور او تبتعد برؤوس متيبسة او مبتورة الا واحدة فهي هناك تهاوت فاسندها جدار من البلوك , في اقصى البستان . وعندها رأى الشارع مغلقا في طريق العودة , راى سدرة زاخرة بالنبق الزيتوني , وحيدة وحزينة فاقترب منها والتقط ما تساقط من الثمر المصفر ثم استقام والتقط خمس نبقات فقط .. انه لا يتحمس لهذا الثمر الا اذا جناه بيديه .
تقدم جهة اليمين .. راى بابا مفتوحا ومراهقات واخوانهم يظهرون الى العتبة ويدخلون في هرج , حتما انهم غرباء من السكان الجدد فاهل هذا الحي لا تفتح ابوابهم ويتعذر رؤية شابة تقف في باب او تمضي وحيدة للتسوق او غيره .
ونادته شجرتا سدر وبرهامة معمرة شاهقتين على بقعة مرتفعة جوار نهر صغير : هنا باثوابهن النيلية والحجاب حفاة وتلك الاذرع السمر التي تئن الارض من سطوتها ان غارت فيها المسحاة , يجلسون لتناول التمر واللبن في الساعة التاسعة .. ولكنهم رحلوا وتلاشت الحسرات , فالاحفاد لا تربطهم بالمنجل والعثوق اية مشاعر او صلة .
وراى الترع التي طمرت تماما او خلفت آثارها , بعدما غادرتها الاسماك الثمينة والسلاحف ومبيدات البعوض وصنارات الصيد,والادعية التي تقيهم الهزات والاوبئة .
عثر على الجسر الصغير فعبره ,نافثا حسرته على النهر المسجى بكل ما يحمل من الاحساس بالوحدة والاهمال وباحشائه حاوية المزبلة ورائحته النتنة .
كان يدفعه بعصاه الانبوب والشمس من بعيد تمطر مذهباتها على الشجيرات القزمية واجنحة الطيور التي تقصد اعشاشها وهؤلاء المتسارعون لبيوتهم في انتظار مدفع الافطار .. اجتاز فروعا ضيقة فمر على عشرة اشخاص يتقابلون , ظهورهم لابوابهم, اصابه قليل من الحرج, فقد قرر ان يلغي التحية بعدما تاكد ان الناس غادروا بساطتهم وانفوا من ردها لكنه انتصر على طبيعته فغادرهم بلا همس حتى بالشفاه وهم ينظرونه مستغربين .. اخيرا ظهر له الشارع الرئيس المعبد , فهناك في البعيد عبرت مسرعة بعض العجلات اصغر من حجمها .. وعندما عاد اخطأ الطريق المؤدي الى الجسر بحجم قنطرة بانابيه الصدئة.. وتوغل بعيدا عنها ,.. رآهم يتجمهرون صاخبين - مسنين و صغار نساء وفتيات ورجال , قطط وكلاب - في الزقاق المتعرج الذي يتخصّر حتى الاختناق .. حبل الغسيل مرتفع وسط الزقاق ,فسالته متلفعة بالعباءة وشعر انها تمر بلحظة حرج فقد مالت رقبتها قليلا ولمست ارنبة انفها ,(تبحث عن ماذا ؟ ) .. .. قبل ثلاث سنوات كان يصطاد مواجها ظهور منازلهم: اسيجة من المزابل والصفائح والاسلاك الشائكة والاشجار التي تنحني حتى منتصف النهر .. سمعهم : شجار لا ينقطع ومجمع للشتم والسباب ... دفعته جائحة كورونا ان يقصد المكان قريبا جدا من منزله قبيل اذان المغرب بساعة لكنهم منعوه .. انهم مصنع لتدوير وتصدير الازمات ..هؤلاء الذين ينشرون الغسيل علنا ويهجرون بيوتهم ويفترشون في الازقة الموبوءة .
بعد دقائق عنهم.. في اللحظة التي طرق فيها الباب ,سمع من يرفع الاذان .



#كاظم_حسن_سعيد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشحاذون في البصرة فصيل منظم
- البحث عن الروائية الامريكية آش دايفيدسون
- الهواتف ستحيل الكتاب الورقي الى المتاحف
- عقرب في رمضان
- الروائي الاوكراني كوركوف يوميات غزو
- البعثة المصرية لليمن لكشف مخطوطات المعتزلة
- كتاب ( حياة النساء في اليمن ) كلودي فايان
- النوبلية اليس مونرو : الغور في روح المرأة
- محنة المثقف العربي امام وهن الترجمة
- كناس الشوارع والصحافة الفكاهية في العراق
- عود ثقاب حول الادب والرواية الفيتنامية
- شمس المعارف الكبرى اقوى كتب السحر
- البدوي اقدم الخطاطين في البصرة
- افغانستان وسحر عنصر الليثيوم
- كازو المتوج بنوبل بقايا اليوم التخلي عن الذات لاجل الخدمة .
- الاطاريح الجامعية في العراق ما تزال معلبة
- اللهاث وراء المطاعم والوجبات السريعة
- اضراب الشحاين للسنغالية اميناتا ساو
- فلم افضل ما يمكن الحصول عليه محنة الاصابة بالوسواس
- ماذا نعرف عن ثلاثين كتابا للمجرية توت


المزيد.....




- رغم انشغاله بالغناء.. ويل سميث يدرس تجسيد شخصية أوباما سينما ...
- قوارب تراثية تعود إلى أنهار البصرة لإحياء الموروث الملاحي ال ...
- “رسميا من هنا” وزارة التربية العراقية تحدد جدول امتحانات الس ...
- افتتاح الدورة الثانية لمسابقة -رخمانينوف- الموسيقية الدولية ...
- هكذا -سرقت- الحرب طبل الغناء الجماعي في السودان
- -هاو تو تراين يور دراغون- يحقق انطلاقة نارية ويتفوق على فيلم ...
- -بعض الناس أغنياء جدا-: هل حان وقت وضع سقف للثروة؟
- إبراهيم نصرالله ضمن القائمة القصيرة لجائزة -نوبل الأميركية- ...
- على طريقة رونالدو.. احتفال كوميدي في ملعب -أولد ترافورد- يثي ...
- الفكرة أم الموضوع.. أيهما يشكل جوهر النص المسرحي؟


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كاظم حسن سعيد - استكشاف الشارع المعبد