أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - مهند طلال الاخرس - الخرز الملون؛ محمد سلماوي















المزيد.....

الخرز الملون؛ محمد سلماوي


مهند طلال الاخرس

الحوار المتمدن-العدد: 7569 - 2023 / 4 / 2 - 23:44
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


الخرز الملون رواية لمحمد سلماوي، وتقع على متن 156 من القطع المتوسط وهي من اصدارات دار الشروق /مصر سنة 2004.

الخرز الملون رواية ذات مضمون اجتماعي وسياسي فريد ومتفرد، تتناول احداثها القضية الفلسطينية ابتداء[الفصل الاول] وبشكل مجرد، ثم ارتباطها وتداخل احداث القضية الفلسطينية وتعدد مراحلها مع الوضع المصري منذ الملكية وحتى الثورة وارهاصاتها ، وذلك الامل الجارف الذي اجتاح الناس، وصولا الى موت عبد الناصر وتسلم السادات للحكم وما تبعه هذا الانتقال من مرحلة لمرحلة اخرى بما في ذلك تداعياته على صحة واوضاع واحوال بطلة الرواية نسرين بشير حوري ابنة رئيس بلدية يافا حتى النكبة، نسرين المتمردة بطبعها والثائرة بافكارها والمتزوجة زيجتها الاولى من ابراهيم زيدان والذي اهداها ذلك السنسال ذي "الخرز الملون" والذي كان على الدوام يزين صدرها.

وقد وزع الكاتب محمد سلماوي أحداث روايته على خمسة فصول، كل منها يمثل يوماً ذو حدث فارق في حياة بطلته نسرين، والتي لا يخفى على القاريء المتتبع أنها وبقية شخصيات الرواية والاحداث بمعظمها مستاة مباشرة من الواقع رغم طبعا تغيير المؤلف لأسماء الشخصيات الرئيسية بما ويتناسب وطبيعة العمل الروائي او حفظ مكنون الشخصيات...

وقد اسس الكاتب روايته هذه بناء على تلك العلاقة الوثيقة بين فلسطين ومصر، وكتب بنهم وبحس العارف والمتتبع عن حجم تلك التداخلات، وهنا بالذات تحصلت فرادة الرواية؛ اذ انها بجانب تلقي الضوء على احداث النكبة والمقاومة في فلسطين فهي تبني وتؤثث الرواية من خلال شخصيات ستمتد بعلاقاتها نحو مصر بشكل او باخر. واحد اهم هذه الامتدادات البطلة نسرين نفسها؛ والتي تلجأ هي وعائلتها الى مصر، مصر التي لها في وجدانها ذلك الارتباط الكبير، وهذا الارتباط وبعيدا عن الارتباط الروحي والتاريخي ...كانت قد تسببت فيه حديثا شخصية البطل المصري احمد عبد العزيز الذي قاد جموع الفدائيين والمتطوعين المصريين والفلسطينيين والعرب خلال حرب 1948 والذي جمعته الاقدار مع بطلة الرواية نسرين..

وعلى اثر النكبة والهجرة لمصر، تعمل بطلة الرواية نسرين في الصحافة المصرية وبالذات في الاهرام، وتعاصر ستة من رؤساء التحرير الذي تتابعوا على ادارة الصحيفة، ويلمع نجمها وتتوسع علاقاتها وتمتد وتشمل كافة فئات وطبقات المجتمع المصري من الارستقراطية في العهد الملكي [التي سببت لها كثير من صور الحيرة والالتباس مع تلك الطبقة؟ فهي وبحكم كونها ابنة رئيس بلدية يافا فقد ورثت وضعا ذو مكانة؛ لكن هذا الوضع لا يتلائم مع معتقداتها وافكارها وحلمها في الثورة والتحرير، وتبقى على حالة من الحيرة حتى وقوع الثورة المصرية بزعامة عبد الناصر وتعرفها الى
الصحفي المصري المعروف باسم اسماعيل جابر.. والذي تتزوجه نسرين على اثر الوحدة بين مصر وسوريا وعلى اثر مرافقة الاثنين نسرين واسماعيل للرئيس عبد الناصر الى سوريا، فيعقدان قرانهما هناك في دمشق ولا ينتظران العودة للقاهرة، وبزواجها من المصري اسماعيل جابر تكون نسرين تزوجت للمرة الثانية بعد طلاقها من زوجها الاول ابراهيم زيدان والد ابنها باسل.

نجح الكانب في توظيف واقعة الزواج كمقاربة ومجاز ذو رمزية ودلالة ادبية بالغة، فهو من جهة يشير الى الارتباط الابدي والى تجدد الروح وانبعاث الامل في انتظار المستقبل، وهذا ما يعبر عنه الزواج ودولة الوحدة آن، وبالتالي قرب تحقق الاماني بالعودة والتحرير لفلسطين.
ومثلما نجح الكاتب في توظيف علاقة الزواج كان قد نجح مسبقا في توظيف حادثة الطلاق من الزوج الاول من حيث اسبابها ومبرراتها، لكن يبقى الاهم ربط حادثة الطلاق بالنكبة ولذلك ايضا اسبابه ومبرراته التي تبوح بها صفحات الرواية.

تتوالى الاحداث وتتصاعد في عهد السادات ويتم التضييق على البطلة نسرين وزوجها، فيختار زوجها الرحيل الى لبنان والعمل هناك، وتبقى هي في مصر لترعى اباها المريض ابتداء، ولانها لا تستطيع العيش في مكان بعد فلسطين إلاّ مصر.

تندلع الحرب الاهلية في لبنان وتصل رسالة تحمل خبرا قاتلا:" تم تدمير مبنى جريدة المحرر اثناء القصف العنيف الذي دار ليلة امس بوسط المدينة... واصيب في هذا الهجوم رئيس تحرير الجريدة الصحفي المصري المعروف اسماعيل جابر والذي نقل على الفور الى مستشفى الجامعة الامريكية حيث لفظ انفاسه الاخيرة بعد وصوله بلحظات" ص 102.

ولولا تشويق وحبكة الفصل الاخير من الرواية[الخروج من اللعبة] لوقعت الرواية في رتابة ولغة صحفية تقريرية كان بالامكان تفاديها والتقليل منها؛ لكن هذا الفصل بالذات ص ١٢٧ وحتى ١٥٦ كان الاقرب للقلب، ففيه حوار غني وهادف وبلغة ادبية راقية تستهدف الاجابة على كل الاسئلة التي طرحتها الرواية وتوجد الاجابات والنهايات المنطقية للاحداث ، كل ذلك بلغة سلسلة ومشوقة شكلت اضافة نوعية للرواية اكثر من الفصول السابقة جميعها، وبقيت هذه اللغة تسير بشكل ثري و متصاعد بتصاعد الحدث حتى تصل الى قفلتها ونهايتها الرائعة الواردة على متن ص ١٤٧ والمكررة على ظهر ص١٥٦،" استقرت الورقة على الارض بجوار اوراق شجر انتزعها الخريف من غصونها لتفرش الارض ببساط لم يعد فيه بقايا للون الخصوبة الاخضر الذي قد انحسر امام زحف الزمن بلونه الاصفر... لون رمال صحراء صامتة صمت الافق الممتد الى مالا نهاية".
هذه المقطوعة النثرية والتي تختزن مآلات الرواية ونهاياتها الماساوية جائت غنية وذات ثراء نوعي اغنى النص ومنحه حيزا للبقاء في النفس والذاكرة، ولولاه لكان الريح ابتلع صفحاتها سريعا دون ان يقف على اخصب شيء فيها.

هذا التكرار لهذه المقطوعة جاء من مستلزمات الحبكة النهائية؛ بل بدونه لما كان لهذا الجمال ان يتم؛ اذ انه على هذا التكرار اصلا بنيت الحبكة، ومعها فقط تحصل التشويق الذي انتظرناه طويلا وتأخر كثيرا.

ولان بطلتنا نسرين تسلم بالحكمة الابدية التي جرت على لسان المتنبي والتي تقول: ذو العَقلِ يَشقى في النَعيمِ بِعَقلِهِ وَأَخو الجَهالَةِ في الشَقاوَةِ يَنعَمُ، ولان صاحب الفكر والقضية والمبدا كالقابض على الجمر دائما كانت بطلتنا ايضا تعرف وتعي جيدا ان من الافكار ما قتل؛ لكن الاهم من ذلك كله هو ما اورده الكاتب على ظهر ص ١٥٥ حين تذكرت نسرين قول نيتشة:" البطل هو الذي يعرف كيف يموت في الوقت المناسب".

وهنا بالذات وضمن هذا النسق يمكن للقاريء ان يضع الخاتمة والنهاية التي يتوقعها لنسرين بطلة الرواية؛ تلك الخاتمة المؤلمة والفاجعة التي باحت بها ص ١٥٦ وهي الصفحة الاخيرة من الرواية.

لجودة هذه الرواية اسباب عدة منها:
اولا: فرادة "الخرز الملون" في مضمونها السياسي، خاصة من ناحية الترابط بين فلسطين ومصر وتداخل الاحداث.
ثانيا: التقنية والأسلوب الفني الذي مزج فيه الكاتب محمد سلماوي بين رواية السيرة والرواية التسجيلية من جهة، وبين مأساة بطلته نسرين بشير حوري ومحنة الوطن؛ فهي تاريخ للحياة العاطفية للبطلة مواز لسيرتها النضالية ومسيرتها المهنية.
ثالثا :هي تسجيل لأهم الأحداث السياسية التي شهدها الوطن العربي في فترة نصف القرن الأخير من حرب فلسطين عام 1948 إلى كامب ديفيد عام 1979.
رابعا: تعتبر هذه الرواية تسجيل حي لواقع الصحافة المصرية منذ العند الملكي وعصر عبد الناصر وحتى عهد السادات، علاوة على كونها شاهد على مخاضات الصحافة المصرية ومعتركاتها بما في ذلك توثيق لجميع رؤساء تحرير الاهرام وحتى تاريخ الاهرام نفسها.



#مهند_طلال_الاخرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نصفي الآخر؛ شفيق التلولي
- الجنة المقفلة؛ عاطف ابو سيف
- الكتاب الاسود عن يوم الارض 30 اذار 1976
- حنظلة؛ بديعة النعيمي
- الف يوم في زنزانة العزل الانفرادي؛ مروان البرغوثي
- انا والمُحقق والزنزانة؛ سعيد ابو غزة
- مقاومة الاعتقال؛ مروان البرغوثي وعاهد ابوغلمة
- بانتظار القمر؛ مي الصايغ
- تيسير قبعة الانسان والقضية؛ وليد نويهض
- فتح من البندقية الى السرداب؛ عبدالقادر ياسين
- الليلة عيد راس السنة
- نوبة حنين لفلسطين
- الحياة وقفة عز، عزمي منصور
- تحسين فؤاد صايمة، الحياة وقفة عز
- دروس وتجارب ثورية؛ التضحيات والنتائج
- الليلة عيد راس السنة، الى فتح في عيدها 58
- نوبة حنين
- صلاح جودة ضمير الشعب
- فتح والفصائل؛ التأسيس والانشقاقات
- بكره العيد وبنعيد، محمد سرسك


المزيد.....




- -بحوادث متفرقة-.. الداخلية السعودية تعتقل 4 مواطنين و9 إثيوب ...
- اجتياح إسرائيل لرفح قد يكون -خدعة- أو مقدمة لحرب مدمرة
- بسبب استدعاء الشرطة.. مجلس جامعة كولومبيا الأمريكية يدعو للت ...
- روسيا تستهدف منشآت للطاقة في أوكرانيا
- الفصائل العراقية تستهدف موقعا في حيفا
- زاخاروفا: تصريحات المندوبة الأمريكية بأن روسيا والصين تعارضا ...
- سوناك: لندن ستواصل دعمها العسكري لكييف حتى عام 2030
- -حزب الله-: مسيّراتنا الانقضاضية تصل إلى -حيث تريد المقاومة- ...
- الخارجية الروسية: موسكو تراقب عن كثب كل مناورات الناتو وتعتب ...
- -مقتل العشرات- .. القسام تنشر فيديو لأسرى إسرائيليين يطالبون ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - مهند طلال الاخرس - الخرز الملون؛ محمد سلماوي