أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - سعد هجرس - ..إلاّ الماء والهواء يا حكومة















المزيد.....

..إلاّ الماء والهواء يا حكومة


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1711 - 2006 / 10 / 22 - 11:50
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


كان من الممكن أن ألقى حتفى، أو إذا كنت محظوظاً فمن المحتمل أن أتعرض لوعكة صحية خطيرة، يحتار الأطباء فيما إذا كانت الكوليرا أو التيفود او التسمم الغذائي.
فهذا بالضبط .. ما حدث للعشرات وربما المئات من بلدياتى وأهلى أبناء بعض قرى الدقهلية التى نشأت بها وأمضيت فيها أجمل سنوات الطفولة فى ظل بيئة نقية لم تكن قد عرفت التلوث بعد، حيث كان الهواء عليلاً والماء سلسبيلاً.
اليوم .. انقلبت الآية وتغيرت الأحوال .. وعلى عكس التوقعات المنطقية بأن تكون أوضاع الريف قد تحسنت بفضل التقدم الذى شهدته البشرية فى مشارق الأرض ومغاربها، أصبح الهواء فى الريف المصرى ملوثاً بسبب السحابة السوداء وأصبح الماء موبوءا، حتى أن المرء يمكن ان يلقى حتفه فى "شربة ميه".
وهذا ما حدث فى عدد من قرى المنصورة، التى كانت "عروس الدلتا" فى سالف العصر والآوان.
ورغم أن وزير الصحة الدكتور حاتم الجبلى أقسم على المصحف والإنجيل أنه لا توجد حالة كوليرا واحدة فى مصر فأنه اعترف بوقوع إصابات فى الدقهلية أرجعها إلى نوعين من السالمونيلا وميكروب الاتربتوفكالى، والأنواع الثلاثة – على مسئوليته- تأتى نتيجة اختلاط المياه بالصرف. وذلك بدوره يرجع إما لوجود معظم الطلمبات الحبشية بجوار غرف تفتيش الصرف الصحى او وجود مناطق تسرب محدودة بشبكة المياه.
هذه التعبيرات والمفردات الصعبة نفهم منها أن المشكلة – كما حددها وزير الصحة – ناتجة عن مياه الشرب وعن شبكة الصرف الصحى. وهما بالذات المرفقان اللذان لا تمر مناسبة دون ان تضعهما الحكومة فى مقدمة إنجازاتها.
أما توجيه الاتهام إلى الطلمبات الحبشية – ولا أفهم لماذا هى حبشية بالذات – فلا ينفى التهمة الأصلية الموجهة إلى شبكة مياه الشرب الحكومية، لأن هذه الشبكة لو كانت تصل إلى الناس فى الكفور والنجوع لما اضطروا إلى دق هذه الطلمبات الحبشية.. وها هو تقرير اخبارى منشور بأحدى الصحف القومية يوم الأحد الماضى يقول أن أهالى القرى المنكوبة بالدقهلية "لازالوا يصرخون من ندرة المياه وعدم وصولها على مدار اليوم. الأمر الذى زاد من شكوكهم حول استخدامها خشية اختلاطها بمياه الصرف مرة ثانية نتيجة الاستخدام الدائم للمواتير. ويقول المواطن محمد السيد محمد (67 سنة) نحن نعيش فى مأساة بسبب المياه التى لا تأتى إلا ساعة واحدة يومياً ونظل بجوارها طوال اليل خشية أن تأتى ثم تنقطع. ويضيف المواطن عادل النجار: كيف نستغنى عن الطلمبات الحبشية وهل حل المشكلة يأتى بهذه الصورة قبل تدبير البديل. أن ثمن زجاجة مياه معدنية واحدة تعيش عليه أسرة كاملة فى اليوم. لكن يبدو أن أحداً لا يشعر بمأساتنا".
هذه الكلمات التى جاءت على ألسنة فلاحين بسطاء، أيديهم فى النار - أو بالأحرى فى المياه الملوثة- أكثر أهمية وجدية ومصداقية من التصريحات الوردية لكبار صغار وصغار كبار المسئولين الذين لا يملون من التأكيد الكاذب على أن كل شئ تمام!
ولذلك فأننا يجب أن نستمع إلى كلام هؤلاء الفلاحين الغلابة بكل اهتمام وكل احترام.
وخطورة هذا الكلام أنه لا يتعلق بمئات الفلاحين فى قرى الدقهلية فقط، بل يبدو أن المشكلة أخطر من ذلك بكثير. وكما تقول الزميلة غادة عبد الحافظ فى "المصرى اليوم" أن أزمة مرضى الدقهلية المصابين بأعراض مشابهة لمرض الكوليرا قد فجرت "مشكلة مياه الشرب الملوثة وما تمثله من خطر دائم ينذر بتدمير صحة آلاف المواطنين فى أى لحظة. وأشارت دراسة للدكتور جاد المولى عبدالعزيز أستاذ الفسيولوجى بجامعة المنصورة ان مياه الشرب الملوثة تتسبب فى وفاة 90 ألف مصرى سنوياً، بينهم 17 ألف طفل و100 ألف حالة سرطان بواقع 273 حالة يومياً، إضافة إلى 35 ألف حالة فشل كلوى تكلف الدولة 500 مليون جنيه سنوياً واكثر من مائة ألف حالة كبد وبائى".
هذا كلام خطير .. لا يجب أن يمر مرور الكرام خاصة وأنه جاء على لسان عالم أكاديمى وفى سياق دراسة علمية جامعية .. وها آنذا أعيد نشره وأضعه تحت نظر وزير الصحة وأطلب منه ان يقول رأيه فيه.
كما أضع تحت نظره – من جهة ثانية - ما نسبته الزميلة منى ياسين إلى خبراء الصحة والبيئة الذين أكدوا "ان موجة التلوث الشديدة التى انتشرت فى الهواء فى الفترة الأخيرة هى السبب الرئيسى فى تزايد معدلات الإصابة بأمراض الحساسية الصدرية والنزلات الشعبية والشعور بضيق التنفس لدى المواطنين. حتى أن الدكتور عوض تاج الدين وزير الصحة السابق وأحد أعظم أساتذة الأمراض الصدرية قال أن تلوث الهواء هذه الأيام الناتج عن حرائق قش الأرز والقمامة فضلا عن عوادم السيارات أدى بالفعل إلى تأثر الجهاز التنفسى للمواطنين، خاصة أولئك الذين لديهم استعداد للإصابة بأمراض التنفس مثل الربو والنزلات الشعبية وضيق الشعب الهوائية المزمن .. ونصح الدكتور تاج الدين المرضى بالتزام المنازل أطول فترة ممكنة وإذا خرجوا يضعون كمامات على الأنف والفم .. لتفادى التلوث".
إذن نحن وأبناؤنا وأحفادنا نتعرض للقتل بسبب الماء والهواء .. ليس فقط فى المنصورة وضواحيها وإنما فى كافة أنحاء أرض الكنانة.
وليس هذا قضاء وقدراً .. وليس كارثة طبيعية لا حول لنا ولا قوة أمام جبروتها، إنما هى مصائب نحن المسئولين عنها بسوء تصرفنا وفساد إدارتنا لشئوننا فمن المخجل أن هذه الكارثة المروعة كانت معروفة بتفاصيلها منذ عام، حتى أن مجلة أمريكية هى "إينفرون هيلث" نشرت السنة الماضية بحثا علمياً أجراه مجموعة من العلماء المصريين المهاجرين أثبت أن المياه فى الدقهلية ملوثة .. وأثبتت أن هذه المياه تسبب سرطانات عديدة أهمها سرطان البنكرياس. وقد نشرت "المصرى اليوم" أسماء هؤلاء العلماء فرداً فرداً أمس الأول. واذا صح هذا الكلام إزاء أمر بالغ الخطورة.
فالحكومة التى تعجز عن توفير الماء النقى والهواء غير الملوث لمواطنيها عليها أن تحمل عصاها وترحل..
فما بالك وأنها تعجز عن تأمين سفر المعتمرين الذين ينامون – رجالا ونساء وأطفالاً – فى العراء ، وتعجز عن تأمين حركة القطارات وتعجز كبح جماعى غول أسعار ضرورريات الحياة.
أما السياسات الكبرى .. المتعلقة بالشئون الداخلية والخارجية .. فلا نتحدث عنها الآن .. ونحن فى أواخر شهر رمضان حتى لا يبطل الصيام.
وكل عام وانتم بخير.



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- باقة ورد إلى محمد عوده
- وادى دجلة .. فى خطر
- شكوى الفلاح الفصيح من بنك الائتمان الزراعى
- نوبل .. والفقراء
- كابوس إقطاع العصور الوسطى يهدد الحلم الأمريكى
- صحة الشعب أخطر من أن تترك للبيروقراط
- كلام المصاطب.. وتقارير العسس
- جرائد .. قبرصية
- بلد .. شهادات
- البحث عن البيزنس فى جزيرة افروديت - 1
- البحث عن البيزنس في جزيرة أفروديت 2
- البحث عن البيزنس في جزيرة أفروديت 3
- قواعد اللعبة
- لماذا يتلذذ البعض بالدعوة لتكميم الأفواه؟!
- الفنقلة!
- الجماهير .. احدث صواريخ حزب الله
- رجال الأعمال .. وأرباب السياسة
- صاحبة الجلالة تستعيد تاجها الضائع
- الانتماء والمواطنة:كلام جاد بعيداً عن الشعارات المستهلكة (2)
- الإعلام جزء من المشكلة.. والحل


المزيد.....




- مسجد باريس الكبير يدعو مسلمي فرنسا لـ-إحاطة أسرة التعليم بدع ...
- جيف ياس مانح أمريكي يضع ثروته في خدمة ترامب ونتانياهو
- وثيقة لحزب الليكود حول إنجازات حماس
- رئيس الموساد: هناك فرصة لصفقة تبادل وعلينا إبداء مرونة أكبر ...
- لقطات جوية توثق ازدحام ميناء بالتيمور الأمريكي بالسفن بعد إغ ...
- فلسطينيو لبنان.. مخاوف من قصف المخيمات
- أردوغان: الضغط على إسرائيل لوقف حرب غزة
- محلات الشوكولاتة في بلجيكا تعرض تشكيلات احتفالية فاخرة لعيد ...
- زاخاروفا تسخر من تعليق كيربي المسيء بشأن الهجوم الإرهابي على ...
- عبد الملك الحوثي يحذر الولايات المتحدة وبريطانيا من التورط ف ...


المزيد.....

- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد
- تشظي الهوية السورية بين ثالوث الاستبداد والفساد والعنف الهمج ... / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - سعد هجرس - ..إلاّ الماء والهواء يا حكومة