أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فراس سعد - فنانة سورية تواجه المشروع الإيراني الاسرائيلي في سوريا














المزيد.....

فنانة سورية تواجه المشروع الإيراني الاسرائيلي في سوريا


فراس سعد

الحوار المتمدن-العدد: 7554 - 2023 / 3 / 18 - 14:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


احدثكم عن فدوى سليمان:
تعرّفت إليها عن طريق صديقة مشتركة فكان لقاؤنا الأول في مقهى "لاروش" في حي ساروجة حيث يجتمع نشطاء ومثقفون في غالبيتهم انخرطوا في الثورة التي بدأت قبل شهرين .. استعارت كتاباً لي صدر قبل سنوات، بعد ذلك بشهر أو شهرين التقينا من خلال ورشة تدريبية على العمل المدني، في ختام الورشة انقسمنا إلى مجموعات، فضمّتنا مجموعة واحدة مع صديق وصديقة وكان الوعد أن تلتقي المجموعة في منزلها لمتابعة عملنا، لكنها غابت في ذلك اليوم لأمر طارئ.

بدت لي فدوى حزينة قلقة ومترددة، لم أكن أعرف آنذاك حجم الضغوط التي كانت تتعرض لها، لكني لاحقاً عرفت أن النظام طلب رأسها بعدما ظهرت على خشبة المسرح مع الساروت في أمسيات حمص الثورية.

فدوى في حي الخالدية وبابا عمرو تقف على منصة عالية ضيقة مع الساروت، وتهتف مع الشعب "حرية للأبد غصباً عنك يا أسد" .

وجود فدوى في حمص داخل أحيائها المنتفِضة سيُغضب العصابة الحاكمة، ففدوى -كفنانة من الطائفة العلوية- يمكن أن تعرقل مشروع الحرب الأهلية الباردة التي أطلقتها العصابة بأوامر إيرانية إسرائيلية لتمزيق سورية وتقسيمها، بحجج طائفية، مقابل بقاء العصابة في السلطة

وضع النظام اسمها في قائمة المطلوبين فوراً الأكثر خطراً.. فأن تلتقي فنانة معروفة من الطائفة العلوية مع أيقونة ثورية مثل الساروت كان خطاً أحمر يودي بها للإعدام دون محاكمة ... هكذا راحت فدوى تعيش حالة من التخفّي المستمر والتنقل من مكان إلى مكان ومن مدينة إلى أخرى إلى أن غادرت البلاد... زاد الأمر سوءاً أنها أم لطفل وحيد وبسبب موقفها الجذري المعادي للنظام فقد منعها زوجها من رؤية ابنها.. ربما بضغط من النظام نفسه أو بسبب خوف زوجها على مصيره... ودفعَ الأمن أخاها الكبير محمود عبر تلفزيون تابع للنظام ليهاجمها ويتبرأ منها.

هكذا هربت فدوى إلى الأردن واجتازت الحدود سيراً على الأقدام، ومن هناك سافرت إلى فرنسا، محاوِلةً بالتعاون مع بعض المعارضين فضحَ النظام عبر نشاط إعلامي لتعود من جديد إلى المسرح.

في فرنسا ‏بدأت فدوى تكتب نصاً يحكي سيرتها.. ربما لن يظهر للنور أبداً، تقول بحزن: "كنا الحدث صرنا نتحدث عن الحدث".. تتغزل بالسوريين وتفتخر بهم "صانعو حضارة ومشاركون في حضارة العالم، رغم معرفتي أننا كشعب لدينا أخطاء كثيرة ..".

‏تشرح فدوى بسلاسة جوهر سياسة النظام وعملية استقطابه وتلاعبه بالسوريين جماعات وجهويات ومناطقيات ما يظهر ثقافتها السياسية الاجتماعية.

‏تشير إلى أن الديكتاتورية تستخدم نقاط الضعف المحلية التي يمكن أن تجعل منها تناقضاً اجتماعياً يضرب الناس ببعضها ويمنعها من التفكير السليم والتكاتف لمواجهة الديكتاتورية.

تقول إن أول ما فرض النظام سلطته وقمعه فرضها على الطائفة العلوية (عبر عائلة الأسد وزعماء مافياتها ) "ومارس الاغتصاب والقتل والاستعباد بحق أبناء القرداحة خصوصاً واستخدم أبناءها الفقراء" (كعناصر مُياومين وموظفين) في مافياتها. ارتكب النظام مجزرة حماة "ومن بعدها بدأ بتخويف العلويين من السنة والإخوان المسلمين الذين سينتقمون من العلويين".

المسرح المكان الوحيد الممكن لتعرية الديكتاتور دون عقاب:
في بداياتها، اختارت فدوى المسرح كفضاء وحيد ممكن للصراخ في جمهورية الصمت والرعب الأسدية، حيث المعتقل يمتد رحيباً إلى كامل أراضي البلاد بل يمتد إلى ما بعد الحدود... فكيف لهذه الطفلة الصادقة أن تفضخ كل هذا العري القبيح للنظام السياسي والاجتماعي بصوت ضعيف وسط ضباع وعقارب وقمع وتخلف؟ .. إذاً فليكن المسرح، العالم الافتراضي من لحم ودم الذي نستطيع اللعب عبره بحرية والنطق بالحقيقة ولو تمثيلاً.

تقول فدوى متحدثة عن نشأتها: "وُلدت في حلب ونشأت في براري صافيتا وطبيعتها. حلمتُ بالمسرح وأحببتُه منذ طفولتي. ما أحببتُ المدرسة قطّ، ولا أظنُّ أنني تعلمت شيئاً حقيقياً من خلالها. حين سألتني المعلمة السؤال التقليدي عما أطمح إلى أن أكونه في المستقبل، أجبتها: "قائدة ثورة". حذّرتني من مغبة تكرار مثل هذا الكلام مرة أخرى؛ وعند عودتي إلى البيت انتهتْ بهجتي بقولي شيئاً يختلف عن الآخرين، إذ ضربني إخوتي للسبب ذاته الذي أبهجني، وفيما بعد رحت أحتال لأغني أغنيات ثورية في المدرسة أنسبها إلى مارسيل خليفة. غنيتُ في الحفلات في عطلات الآحاد، ولم أنتسب إلى شبيبة البعث وكان الموجهون التربويون لحوحين لكي أوقع ورقة تفيد بانتسابي إلى حزب آخر سواه من أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية، كنتُ أسهو في الامتحانات قبل أن أستعجل الإجابة، مدفوعةً بخوفي من الرسوب والعقاب الذي يعقبه. أحسستُ بأن المسرح هو الوحيد القادر على جعلي حرة" ( من نص جميل للشاعر جولان حاجي لمقابلة أجراها في باريس مع فدوى).

آخر لقاء بيننا كان عبر ما يشبه ندوة افتراضية جمعتنا ناشطين وناشطات من عدة بلدان أوروبية، بعدما باعدت المسافات والفقر بيننا، فعجزنا عن تنظيم لقاء يجمعنا في مكان ما في كل تلك القارة الرحيبة "الحرة".

وبعد شهرين من تلك الندوة جاء خبر وفاتها صاعقاً، فلم يكن كثيرون منا يعلمون بإصابتها بالسرطان، هي التي كانت تجاهد دوما لتُخبّئ آلامها فيفضحها صوتها المُدمن على الحزن.. أصيبت فدوى في فرنسا بالسرطان مثل مي سكاف ورغدة حسن وماتت بسببه.

"ننعي إليكم وفاة الفنانة السورية التي أجبرت العالم على رؤية الحقيقة". كلمات قليلة إنما بليغة نعى بها الفنان السوري فارس الحلو زميلته فدوى سليمان، التي أجبرت العالم ليس على رؤية الحقيقة بل على الاعتراف بالحقيقة.. أيضاً.

الرحمة لروحها الحرة
...
نشر في اورينت نت



#فراس_سعد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسطين مسألة شعبية سورية . والهوية الشامية
- اعلان ابرام- ابراهام ونهاية النظام العربي
- عشر سنوات على اعتقال القيادي الشيوعي عبد العزيز الخير في سجو ...
- الفلسفة الحيوية- مبادئ وتعريفات
- الفدرالية وفكرة المكونات مشكلتين بالنسبة لسورية
- سورية مسألة اسرائيلية والاثم الفلسطيني
- الثورة تعترف بأخطائها
- سورية المدمرة على يد النظام والمعارضة
- كزخ المطر شهداء شهود
- سأحرق نفسي في باب توما
- عائلة المجد ....عائلة علي العبد الله
- المريض السوري 2 : أخاف على خوفكم عليّ
- المريض السوري : مرة ثانية ... و العود أحمد ؟! ( إلى مهند الح ...
- أين الجيش السوري من الحرب الأسرائيلية على لبنان ؟
- الجواب الأصعب رداً على سؤال جهاد الزين الصعب ......نزعة الاس ...
- - اقتراحات لبرنامج ليبرالي سوري - نقد و تقريظ
- الهجوم على النظام تبريراً للهجوم على المعارضة........... و أ ...
- ضد إعلان بيروت – دمشق , دفاعاً عن ثلاثة أرباعه و عن كل الموق ...
- القراءة في كتاب الأب ......- الأمير- و الأسد
- الوطنية السورية و سورية أولاً رد على ياسين الحاج صالح


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فراس سعد - فنانة سورية تواجه المشروع الإيراني الاسرائيلي في سوريا