أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد الرحمن علي - من أسباب التخلف: تحريم علم الأديان















المزيد.....

من أسباب التخلف: تحريم علم الأديان


عبد الرحمن علي

الحوار المتمدن-العدد: 7544 - 2023 / 3 / 8 - 07:14
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


العلم - أي علم - مقدس بالفطرة والعقل والبديهة والوهلة الأولى، حتى أن النص القرآني حث عليه، وتبرأ رجل الدين المسلم من مجابهته كما فعلت الكنيسة، ولكن هذه دعوى كاذبة، لأن العقلية الدينية هي التي تحكم العالم العربي على مستوى القانون والتعليم وكل شيء.
على سبيل المثال: هل هو مسموح دراسة علم الأديان في الجامعات؟
علم الأديان هو علم معني بدراسة أنثروبولوجيا الدين، تاريخه الإنساني، وبحثه كعلم إنساني داخل ضمن التاريخ البشري والتجربة البشرية. ويفرق فيورباخ بين جوهر الدين الذي يمكن العثور عليه وفهمه من خلال دراسته أنثروبولوجياً، وبين الأسطورة التي لا تمثل جوهر الدين.
والسائد حالياً هو الأسطورة والقصة التاريخية والعقلية القديمة الوثنية، التي تسللت إلى الأديان التوحيدية. وبالتالي فبحسب علم الأديان: لا توجد تفرقة حقيقية بين الأديان الوثنية والأديان التوحيدية، ويرى الباحث الدكتور خزعل الماجدي أستاذ علم الأديان بجامعة ليدن أن الأديان كلها هي حلقات متصلة ببعضها ومتسلسلة تسلم كل حلقة للتي بعدها، ولا يخرج الإسلام بأي حال من الأحوال عن هذه السنة التاريخية، بل قد يكون من أكثر الأديان نقلاً عمن قبله.

فمن أين جاءت الفكرة المعاكسة لهذه الحقيقة؟ وهي تلك السائدة في التدين الشعبي وتدين الطبقة المثقفة على السواء: أن الإسلام هو الوحيد النقي، وأن ما سواه محرف و"غشاش" إلا الإسلام فهو يملك حقيبة دبلوماسية ومعه حصانة.
هذه الفكرة الإستعلائية هي نتيجة التعتيم والتجهيل من خلال منع علم الأديان الخطير على العقل العربي المغرم بالمقدس والتقديس ومشتقاته ومرادفاته، بزعم أن هذا العلم يمس المقدسات (بالفحص والتشريح والنقد الأعلى).
إن شئت فقل أنها (صناعة الجهل).. نفس التعتيم الكنسي على الكتاب المقدس في القرون الوسطى، وامتلاك أحقية تفسيره لرجال الدين وإلا فهو ازدراء أديان.
من قرأ كتاب (مغامرة العقل الأولى) لفراس السواح، يرى أن الإسلام مثله مثل غيره، ينقل نفس الأسطورة الوثنية ويكررها، من أول استواء الإله على عرش على الماء، إلى قصة الخلق من طين، إلى الأكل من الشجرة، إلى طوفان نوح، وذو القرنين، الخ كلها أساطير وثنية من تصورات العقل البشري في فجر طفولته الأولى.
والإسلام ينقل للوعي البشري المتواضع لرجل الصحراء العربية المتواضعة، أساطير تناسب درجة فهمه، كنظرية الخلق من طين، لا سيّما وأن العربيّ لم يعرف حضارة ولا فلسفة ولا أي جهد عقلي، مثل اليونان المتمرسين، أو الهنود الروحانيين، ولكن كانت حياته بسيطة ساذجة يغلب عليها الجانب الحركي والشفهي، فكان من الطبيعي أن يكون الإسلام هو أكثر الأديان نقلاً لميراث التجربة البشرية بشكل مبسط وسهل الهضم على المعدة، وبشكل واضح جداً لدرجة أن فراس السواح له كتاب بعنوان (الإنجيل برواية القرآن).

إذن كيف تكون الحقيقة بهذا الشكل السافر، بينما يحفر العلمانيون في الصخر، لكي يقنعوا الناس بتاريخية النص الديني وفهم أنه داخل التاريخ وليس فوقه، وأن الوحي يراعي الواقع الزمكاني وليس نصاً مطلقاً لا يراعي التطور.
ما سبب تعب قلب المثقف واستراحة الشيخ وامتلاكه لثقة رجل الشارع وسوء ظنه بالعلمانية ؟ بحيث أنه يمكن لرسام الكاريكاتير أن يرسم جبلاً على أحد جانبيه يصعد علماني بشق الأنفس وهو مجبر على أن يدفع صخرة أمامه في طريق صعوده، وعلى الجانب الآخر من الجبل: شيخ بلحية ينزل بكل سهولة ويسر على عربة سريعة.. السر في هذا التفاوت هو التعليم.
كم جامعة دينية في العالم الإسلامي؟
وفي المقابل كم جامعة تسمح بدراسة الدين - من خلال علم الأديان - كعلم إنساني وليس كخرافة وأساطير الأولين؟
بمعنى أدق: كم موجة بشرية تدفعها الجامعات الدينية تخاطب الشعوب المسلمة؟ آلاف مؤلفة في كل بلد.
وكم موجة بشرية أخرى من خريجي قسم علم الأديان تخاطب تلك الشعوب؟ ولا واحد ! ولا واحد يوحد ربنا.. كل ما هو موجود هو اجتهاد شخصي، بمعنى أن هناك أكاديميين يتكلمون باسمهم وليس باسم الجهات الرسمية في الدولة، مثال: د. نصر حامد أبو زيد، أو د. محمد أركون، هؤلاء قمم هم وأمثالهم كثير وكلامهم درر يحتاج إليها العقل المسلم بشدة، ولكن ما يحدث هو أن هؤلاء لا يملكون حصانة ودعم الدولة، لأنهم لا يتكلمون باسم مادة تدرس في المناهج التعليمية المقدسة (لأن أي شيء رسمي هو مقدس في العقل العربي) ولكن يتكلمون باسمهم أو اسم فلاسفة عصر النهضة أو باسم التفسير العصري للقرآن! وكل هذا يمكن للمؤسسة الدينية نقضه بجرة قلم، سواء نفي التمسك بالنص أو إعادة تفسيره، لأنه ليس صادراً عن مؤسسة حكومية، ولسبب آخر وجيه، وهو الكم والزخم! كم شخص يظهر ويتكلم في نقد الفكر الخرافي؟ يمكنك عدهم على الأصابع في العالم العربي، وفي المقابل كم شخص يتكلم في تكريس ومنطقة الفكر الخرافي؟ العدد لا يقع تحت حصر، ولا يقتصر على رجال الدين، وهنا لن يفلح المثقف في أن يتغلب على هذا ويغلب القاعدة بأن يسوق النص القرآني القائل: (وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله) أو (وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين) لأن هذه النصوص كانت تساق على سبيل تأكيد قاعدة امتلاك الحقيقة وليس التعددية، لأن التعددية لم تكن من طبيعة عصر الأديان الشمولية. والسبب الآخر : أن الجماهير لا تؤمن بالعقل والمنطق أو حتى النص، ولكن تؤمن بالعاطفة والتيار الغالب والأقوى، وهذا ماقرره علماء الإجتماع، وكتب جوستاف لوبون (روح الجماعات) حول هذه النقطة.
وبالتالي فالعربي مظلوم وليس غبياً كما يشاع، ولكن الخطيئة خطيئة جمود وخوف من التغيير.. علم ينقد المقدس ويصفه بالإنساني؟ واو.. ياللهول!
هذا التجهيل من خطايا وطوام العرب والمسلمين.. وهي برأيي ورأي كل عاقل أكبر سُبّة في جبين هذه الأمة اليوم.
دعك من التقاتل على تدريس نظرية التطور مع أهميتها ومحوريتها، لكن الأهم هو فرش الأرضية التي تمهد الطريق لقبول فكرة نزع القداسة عن النص الديني ومن ثم قبول نظرية التطور، افتح قسم علم الأديان في الكليات الدينية والمدنية على السواء، وإذا كان القرار سيادياً صادراً عن الوزارة الشئون الدينية أو وزارة التعليم العالي الخ، بهدف تنوير الشعب وإخراجه من الظلمات إلى النور، فلن يستطيع أحد الإعتراض.

إن دور الأديان كان نقل الوعي البشري من تعدد الآلهة، إلى التوحيد، وبعد ظهور الأديان التوحيدية الشمولية (التي تدعو الناس للإيمان بها) ومعرفة أن هناك جوهر واحد كوني، فقد انتهى دور الدين، ويجب الإنتقال من التوحيد إلى وحدة الوجود والأخوة الإنسانية.
لكل مدينة وشعب إلههم الخاص، حتى أن إله بني اسرائيل كان اسمه يهوة Jehova ولأنهم كانوا من البدو الرحل لا يستطيعون بناء معبد أو حضارة: قالوا أن إلههم في السماء! فهذه العقيدة في إله الإنفصال الفوقي هي عقيدة يهودية، بينما عقيدة وحدة الوجود هي عقيدة الحضارات القديمة) وإله وحدة الوجود لا يأمر ولا ينهى ولا يثيب ولا يعاقب ولا يترصد لأحد، ولكن يساعد فقط على اكتمال التجربة البشرية، ولا يعترف بشيء مقدس وليس له دين ولا شعب مختار.
(من الطريف أن مساحة ولاية ألاسكا 1.7 مليون كم أي ما يعادل مساحة أي دولة عربية كبرى، وأن مساحة روسيا يفوق مساحة الوطن العربي أجمع مرة ونصف تقريباً.. ولذلك فليس هناك شعب مختار ولا دين صحيح ودين خطأ، ولكن توجد تجارب بشرية، كان لها مبررها، وانتهت الحاجة إليه.
هل علم الأديان مستبعد حقاً في عالمنا العربي؟
توثيق المعلومة توفيراً للوقت والجهد: في الدقيقة 38 من هذا الفيديو
https://www.youtube.com/watch?v=4wQl3Y6JUiM&t=2352s&ab_channel=%D8%B3%D9%83%D8%A7%D9%8A%D9%86%D9%8A%D9%88%D8%B2%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9



#عبد_الرحمن_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الغزال شادي
- من خلق الله ؟ وهل الله موجود أم واجد
- أثر الإيمان في قوة الشخصية
- قصة جماعة الإخوان المسلمين من الألف إلى الياء | ‏11‏
- قصة جماعة الإخوان المسلمين من الألف إلى الياء | ‏10
- قصة جماعة الإخوان المسلمين من الألف إلى الياء | 9
- قصة جماعة الإخوان المسلمين من الألف إلى الياء | 8
- قصة جماعة الإخوان المسلمين من الألف إلى الياء | 7
- قصة جماعة الإخوان المسلمين من الألف إلى الياء – 6
- قصة جماعة الإخوان المسلمين من الألف إلى الياء – 5
- قصة جماعة الإخوان المسلمين من الألف إلى الياء – 4
- قصة جماعة الإخوان المسلمين من الألف إلى الياء - 3
- قصة جماعة الإخوان المسلمين من الألف إلى الياء - 2
- قصة جماعة الإخوان المسلمين من الألف إلى الياء - 1
- قصة جماعة الإخوان المسلمين من الألف إلى الياء


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف موقع اسرائيلي حيوي ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو ...
- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد الرحمن علي - من أسباب التخلف: تحريم علم الأديان