أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إيمان سبخاوي - لا تكلني للكدمات... يا أبي















المزيد.....

لا تكلني للكدمات... يا أبي


إيمان سبخاوي

الحوار المتمدن-العدد: 7540 - 2023 / 3 / 4 - 16:43
المحور: الادب والفن
    


لا تكـــلني للكــدمــات... يا أبي. إلى أبي آخر المبشّرين بالجنة... إلى والد "المجدلية" آخر مسيح على صليب النار. إلى كل الآباء في عيد حــواء.. إلى طفلي "صادقي رابح" الذي مات والده و أصبح أبا لكل تلاميذ القسم، ها أنت تصير اليوم أباك، فلا يتم بعد اليوم.. أبي، أحبك مثل الله عندما يكبر في قلوب الجياع و المحتاجين، أحبك مثل مجنون لا يفهم حكمته أعرف أنني أول الحماقات التي أشهرتها في وجه الحياة، و أن سيف حاجبيك الذي تستله من غمد عينيك كلما أوشكت على السقوط، كان كل السلاح كي تسندني، يا من أهداني أول قلم في حياتي، ها أنا آخر الحماقات عاجزة عن صياغة ذراعيك و هما تشعراني بالأمان. ــــ إذا عثرت على صوركم القديمة من يعيد إليك شعورك القــديم؟ كان الفـرح يوثـــق بالأبيض و الأسود قبل أن تصيبنا شبهة الألوان..اخلع نعليك إنك بباب الذكريات المقدّس طوى و أكرم مأوى الراحلين، حافي القــدمين. لا تكتـرث "يا رابح" للثـقــوب على ركبتي سروالك القديم ببقايا أقمشة الخياط، رحّب بها بصدر واسع، عندما اشتـرينا الثياب فـقـدنا طعم العيد. يا مصباحا يكنس عن أكتافي التعب، يا عصاي التي أهشّ بها غبار الآخرين، لا مجال لاستئناف لعبة العلاقات المـزيّفة، المغلّفة بالنفاق، لا مجال لليأس كوتر مقطوع، فلنخض أجمل معاركنا بصحبة الكلمات. والد المجدلية: الوالد الذي ينجبنا مناديل دموع و قلق من عينيه، إلى الرجل القابع خلف النص عندما يدخّن حــزنه ينفث سحابة. إلى عرفي الأخضر الذي نجا من شجرة منتحرة على طرف المدينة. أبي الذي أجرجره في أروقة المحاكم، بعد أن نفاه الوطن و سحنتنا السمراء تشي بانتمائنا... و طعم الملح في دم المجدلية ينطق العربية. من أعدم العقل في الجمجمة و حاكم ابنتي المذعورة الخائفة كموناليزا سرقوا ابتسامتها، يستنطقونها يسألونها عن مستقبلها، من منا يعرف مصير العصافير بعدما نبذتها الشجرة؟ هذا المكان يطبق على أنفاسي، أنقذني يا أبي، لست كيس قمامة، ليس ذنبي أنه تلبّسني شيطان مجنون.. أرأيت إبليسا سجد لله في حضرة المجدلية؟ كلما تنفست بيأس و أنا مربوطة بإحكام على سرير غرفة معزولة و ذعري مرابط تحت السرير، أجد أبي كبطل خارق عندما تذبحه المواجع برسائلي الهاتفية، يتجاوز الشوارع القديمة و يكسر الأرصفة التي ترهب ظلّه و يتبوّل على مقابض الأبواب، فتنفتح الأقفاص، عفريتك مهبول يا طفلة.. إلى أين يقودنا المجهول؟ تعبت من انحناءات الدروب و الخيبات.. "مــريم المجدلية" يا سعادتنا القديمة في فلوات عــقل متعب، ماذا أقول لحبيبتي المذعورة العاجزة عن صياغتي في قميص نومها و الكل يريد أن يسفح بكارتها بقسيمة زواج ليسكت المجتمع... أبي: الذي كان يرسم لي دراجة هوائية بقلم الرصاص كلما طلبت منه شراءها على غرار ابنة الجيران الشقراء، و يحفر على مقودها اسمي فتدور العجلة على الورق كما تدير جارتنا عجلتها في شارع التوت لكننا كنا نخسر السباق. تعلمت ربح معاركي بينما كان... المسيح: يرسم محاميا على كف المجدلية و يترافــع عنها إلى أن جفّ ريقه، رسم اثنتا عشر عينا ارتوى منها العطش. المسيح لا يحب الانتظار، رسم مسبحة لذكر الله. الله الله الله يحضر و يجود الله.. لا ايلاه إلا الله يا بابا يحضر و يحن الله. و خمسة أصابع اثنتين منهما تـخنقان سيجارة و الثلاثة أصابع الباقية تحضن كوب شاي بطعم المنافي كبول خلاسية حائض.. عندما يضيق صدر أبي، فرعي الأخضر، يتسع حلق المدينة و يبتلعنا المكان أكثر. لا بد من بهتان الأمــل، كوني قوية يا ابنتي الطائشة، ترافعي عن حقك في الجنون و الحياة، خذي جرعات الدواء... لا تبالغي، كوني طفلتي التي لا تفطمها مئات الألعاب و حقن المورفين عن صوت الوالد... ستداعبي قطنا أصلان، و ستحمرين خجلا عندما يغازلك ابن الجيران. ستعجّ بالفرح حبيبتك البعيدة، التي في قلبها عائلة صغيرة، يخيفها أرقك و فقدان شهيتك و تعب قدميك و تمزق بنطالك.. الذي تخيطه كما جراحك بسورة الرحمان. كانوا كلما أخرجوا ألسنتهم ساخــرين من قصتنا كي أنام مكسورة الخاطر.. كل ليلة أخرج قميصك من الخزانة و أطوي كمّيه الطويلين فوق عنقي كي أنام. ألج إلى صدرك و في قلبي كل هذا البؤس فأتعافى برائحة عطرك تنثال من بين ثنايا الثياب. أيها النبي الذي أسنوه رسالته، أتل ما أوحي إليك في وجه القوانين العاهرة و أخبرها أن غدا لناظره قريب. أبي: أجمل ثوب اشتراه لي تنورة كاروهات بالأخضر و الأبيض قصيرة و جوارب طويلة بيضاء القميص كان أبيض بربطة عنق خضراء على شكل فراشة، شعري المضفر بشرائط حمراء قبل أن ينسانا ربّ الملابس و يضيق بنا صدر المدينة و تتعالى الحسرات في جيب الوالد... وقتها كان اسما أخضرا معمّما على الحواجز و النقاط الحدودية، فرّ هاربا تاركا فردة حذاء واحدة أضيق من رجل وطن عاجز عن غربلة مخلصيه. عند المعبر الحدودي قايض قلبه بفردة الحذاء المتبقية و رشوة دفعها مقابل حياته لكن قلمه المربوط بحبل سرّي مطاطي ظلّ ينزف في المنافي بوجع البلاد. مازال يراهن على وطن رمانا زناته و تلاعبوا بنا كالنرد و لن أخسر رهاناتي. ذلك الوغد أبي، لمن أبثّ شكواي بعد وجهك المنقوع في الحب و السخاء و الخوف علي؟ كيف أعبر الطريق بثبات دون ساقيك و هما تسنداني براءتي؟ منذ أخذوك و قالوا عليك أن تكبري دون أب ككل الصغار و أنا أحتسي كأس المرارة و أخاصر قصيدة كي أنام، من يغيّر عاداتي السيئة في الحزن و قد اختفيت ككل الأوغاد الذين أحبهم يا أبي. لا تكلني للكـدمات يا أبي... مزال صدري يحتفي بذكرى لادغيه مزال كتفي لم يتعاف من صوت "بشماق النيلون" و يحفظ صوت لسعاتها في تلافيف الدماغ. تزوجي يا عانس المدينة... تزوجي ليسكت المجتمع.. لا أحد سيكفّ عن مضغ حياتك بالأسئلة، لتنكسروا جميعا كالخزف و لتنزاحوا من على صدري كجاثوم، سأحمل اللقب في كيس شفاف لتروه جميعا و أعلّم أفواهكم ترويض العجاج. يا أولاد الكلب، تخيط الأنثى جراحها من الرحمة في صدر الوالد، و ينسج حولها بيت الدفء. يرميهم بالجمرات و الحجارة، و يشعل سجائره من النار في أكباد بناته حاضنات الجراح، هذه ابنة عيني يوجعني شحوبها كما يوجع الدخان رئتاي، إنها حبيبتي التي يتسامر على حانة كفها إذا ما قالت أبي، كل الملائكة و الشياطين.



#إيمان_سبخاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يشدّ الحزن من الأذنين
- قصة قصيرة: ابتسامة تصلح لنهاية الطريق...
- القصة الأولى من مجموعة: أنتِ أولى بنبضك...
- كلمات آبقة
- قصة قصيرة العايب
- الفصامي عن الفيلم القصير اثنان ناقص واحد ل-أشرف النجاد- و - ...
- قراءة في مجموعة قصصية طفلان ضائعان للقاص و الروائي -سلام إ ...
- قصة قصيرة: كمّامة عزلة
- قصة قصيرة: الرّدية
- قصة قصيرة: عاثر حظ
- قصة قصيرة: أرواح معلّبة
- قصة قصيرة: حورية خلاسية
- قصة قصيرة: ما في وسعك من جنون
- قصة قصيرة عنوانها: مكيرد
- قصة قصيرة: أزرار مفتوحة
- قصة قصيرة
- قصص قصيرة جدا


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إيمان سبخاوي - لا تكلني للكدمات... يا أبي