أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إيمان سبخاوي - قراءة في مجموعة قصصية طفلان ضائعان للقاص و الروائي -سلام إبراهيم- الصادرة عن دار الدروايش.















المزيد.....

قراءة في مجموعة قصصية طفلان ضائعان للقاص و الروائي -سلام إبراهيم- الصادرة عن دار الدروايش.


إيمان سبخاوي

الحوار المتمدن-العدد: 6620 - 2020 / 7 / 16 - 00:54
المحور: الادب والفن
    


قراءة في مجموعة قصصية ـــ طفلان ضائعان ـــ للقاص و الروائي "سلام إبراهيم" الصادرة عن دار الدروايش. لطالما قلت أنني قرأت " الحب في زمن الكوليرا" للماركيز انطلاقا من فتنة الإهداء " إلى زوجتي مرثيدس" استمرت الفتنة إلى آخر سطر. "حميدة الميلود" ابن مدينتي أيضا فعل في ديوانه "مثل كل الدهر يشبه بعضه" و الروائي "اسماعيل يبرير" الى زوجته " أمينة الشيخ". لست أدري على وجه الدقة من سنّ من الكتاب هذه السنة الحميدة، أي الإهداء إلى الزوجات و هل فعل أحدهم مع عشيقته أم أننا نعيش فصام الحب في الخفاء و الظل و الكتمان و التنكر في الضوء، مع سلام يحدث العكس تشعر كأنه ينزع الحجب عن كل شيء يحكي الحقائق كما هي عارية غير آبه بصدمة المتلقي. لكنك سرعانما تتآلف مع حجم الصدق الذي فيها. في الصفحة الخامسة تجد (إلى ناهدة القرمزية)، كأنه يقول لها أنت خامس أطفالي أول العناقيد و آخرها، ثم سرعانما تلفتك رمزية الرقم خمسة في موروثنا الشعبي، إلى درء العين خمسة في عين الشيطان و القاريء الحاسد الذي لا يصلي على النبي، تلك القصة الرائعة التي جمعت سلام بناهدة، ذهول الإهداء نفسه انتابني أنا المفتونة بتتبع صور سلام و ناهدة و حياتهما بخيباتها بانتصاراتها بجنونها، يسعدني أنني أتلمس الحب و لو افتراضا و أعيشه من خلالهما حيا يتحرك أنا التي كنت أقرأ عن قصص الكتاب و الشعراء الذين قضوا و ارتبط في غفلة مني بحضور عقلي الباطن أنه لا يوجد في غير الكتب و يروى عن الأموات الذين خلدوه في أشعارهم و سردهم بالتالي هو ميت أيضا، لكن أن تراه ينتصر على الخيبات حيا و يتحرك و يعبر عن نفسه و يشهر صوره في وجه الحياة " الحياة لحظة " كما يقول سلام الجميل، لعمري تلك هي السعادة الحقيقية التي عشتها معهما و فرحت بها فرحي بكل تفصيل حكاه أو وثقه بالصور عن ناهدة. من القصة الأولى في المجموعة ستبدأ في شمّ عبق العراق من أول الطين السومري إلى آخر البوح. ستقع في حب من طراز عشتاري ليقابلك العنوان "عشتار العراقية" سيلتبس عليك الأمر إن كنت أمام قصة أم فصل من رواية، أم أن كل فصل من رواياته هي قصة مكتلمة الأركان و الخصائص مستقلة بذاتها عن بقية الأحداث لتعود و تترابط بصورة ما غير متوقعة، ثم تتقبله كما هو عصيا عن التجنيس متحررا من ضفافه كنهر هادر متدفق بعذوبة الصدق و روعة التوصيف، لن يهمك أبدا إن كان قصة أو رواية أو قصيدة نثرية طويلة أو سيرة ذاتية، لأن ضمير المتكلم حاضرا بقوة في وقت غياب الضمير الإنساني، كما أنني أؤمن تماما بما قاله القاص و الناقد ساجد المسلماوي: ( الأدب له إطار عام، و لا يمكن أن نجعله مقيدا بقوالب و نظريات و قوانين حدية.. فكيف للأسير أن يبدع و كيف له أن يتوج و السلاسل في قدميه) هكذا هو سلام كيف له أن يتقيد بشروط جنس أدبي ما و هو المتمرد في الحياة على العادات و التقاليد و الأعراف و الطوائف و و و ... المناضل من أجل الحرية و المنادي بها منذ أو التكوين. ــــ في عـشتار العـراقية: عندما يحكي "سلام" كأنه يرتّل على مسمعك نواح العراقيات المشترك في كل قصصه على أزواجهن و أبنائهن لحظة الدفن، ينقل لك الصراخ عبر الكلمة التي ينبت لها ذراعين و لسان وشفتين و رحم و أعضاء تناسلية تلامس القاريء و تسحبه إلى تفاصيل الجسد و الغرفة التي تفوح برائحة الحرمل المحروق و الحدث، تعابيره الجنسية تخصه وحده في ( الربوة اللّدنة المتماسكة) و ( أصغيت إلى بوابة كونها المخفي مستمتعا بضجيج أحشائها العذب و الذي سأدمن عليه في الأيام اللاحقة لم أكف عن تلك العادة حتى خريف العمر) و (تدوير الثـديين الصغيرين اللذين بديا لشدة طلاوتهما و كأنهما مطليان بزيت الزيتون..) و في وصفه المهول الذي بقيت أتأمله في مخيالي كلوحة، للسرّة ب (وشم الحياة المحفور) عن المزيج المذهل، الخلطة السحرية العجيبة التي يريدها الرجل في عبارة (وجهها الساحر الذي يختلط فيه خفــر و حياء ملكة مع جرأة عاهرة معبد قديم) عن شجارات النهار التي يحلّها لقاء الجسد في الليل كأنه يحكي عن علاقات كل الأزواج في العالم تقريبا، للآن "سلام إبراهيم" يسكر سكرين، سكر جسد يحرّض على الصحو و سكر كأسه المترعة التي تحرّض على الحلم و النسيان و المحو. ــ في القديس: لم ينفلت "سلام" من أزقة "الديوانية" لم يخرج من حيهم كعادة كل المنفيين الذين يبحثون عن الحياة ليجدوا أنفسهم يكررون حياتهم في أوطانهم و يجرونها معهم و يتوقون إليها إلى لآخر رمق، وقت الحصار الحاضر الذي جعله يتوق للإنعتاق و الحرية مكررا في كل نفس " الحياة لحظة" كمتلازمة في شعار و دستور حياة. يذهب إلى أقاصي الطفولة و يعود محمّلا بالنص، بالحبيبات اللواتي عشقهن بأعينهن الملوّنة و البنية و السوداء.. في كل قصة يوثّق كشاهد على المرحلة، رفيق أو جندي احتضر حتى الموت بين يديه المسجون وحده و مبدع مثله يقول عبارة فتاكة كهذه ( تشبّث بي كنافذة وحيدة لسجين زنزانة انفرادية يفضي لها بما كان يضطرم فيه و يحتدم) و ( تحول الحلم من إعادة بناء العالم إلى رغبة في رؤية الشارع و تنفّس هوائه) سجن أبو غريب. يعلّمك في القديس أنك عندما تقول: لا... في وجه من قالوا نعم، لن تكون قديسا بل شيطانا يمجدك أمل دنقل في قصيدته معبود الرياح، تهمتك الوحيدة انتماؤك إلى عشيرة أو طائفة ما تتعرّض للتعذيب بحجتها "الطائفية"، ستفقد صوتك و كبريائك بقوله: (الكلاب أخذوا شيئا من بهائه)، سيبقى "سلام" يبحث عن رائحة الحرمل المحروق و بخور المزارات و العرق و العطر تحت الملاءات السوداء و الحنين الذي يفوح من حكايا الأمهات في ما تبقى من رئتيه المعطلتين رغم استنشاقه لهواء نقي في الدانمارك، ستبقى تحن لشم رائحة تراب الديوانية ستبقى تحن لأهوار العراق و سينشطر حزنك إلى نهرين كدجلة و الفرات، سيظلان يسقيانك كنخلة كلما حاولوا اقتلاعها ازدات شموخا، ستبقى تحن للوطن الذي أحرق رئتيك و إن احترقتا بالكامل سنستنشقه بمسامك. صراخه المبهم و ركضه المجنون بعد موت قديسه "جاسم شلبي" نحو بيوت الغجر حيث الغناء، الغناء و الصراخ لونان مختلفان لوجه واحد هو الحياة، أن تصرخ و تسقط لتفقد وعيك عند قدمي غجرية تسبيحها الغناء؛ حتما أنت أمام الضمّادة الملائمة لجرح سيظل ينزف طويلا... ـــ طفلان ضائعان: التي عنون بها مجموعته تحكي عن أكبر أبنائه "كفاح" الذي أخمّن أنه استمد اسمه من حياته النضالية في الحزب الشيوعي والتحاقه بالجيل و من ثم الفرار و الذي تركه وراءه اضطرارا، عندما التقاه كان قد كبر، لكنه اختار طريق الشّر الذي كان يحاربه "سلام" من أجل أن يعيش أبناء العراق متساوين في الحقوق و الحياة، لحظتها شعر أن كل الحروب التي خاضها بلا جدوى ما دامت لم تنقذ فـــلذة كبده، هذا الموال العراقي كعادة المواويل العراقية المحشوة بالحزن الفتّاك يلخّص تمزّق أب في حضرة ولده: أموتن سكتة كلبي كتاب... و اليقره القلب يعمه... كان "سلام" مشدوها أمام ضياع ابنه و تعاطيه للمخدرات و حيازته للمال بسبب انتمائه لعالم غير عالمه المسالم و النظيف بمبادئه العالية من أجل مجتمع عراقي أفضل، لغته الغريبة عنه، لباسه المختلف يشتركان في الملامح فقط؛ "سلام" هو الطفل في حضرة ابنه ضائع مثله لا حيلة له أمامه و هو الذي نبت بعيدا عنه، تعانقهما كطفلين ضائعين يجعلك ثالثهما، قاريء القصة بقلبه، سيكون الطفل الضائع الثالث، سيضيع في مشاعر أب هشة كقشة. ـــ في قالت لي: ستكتشف السّر الذي جعل "سلام" ينجو من الموت المحتم عدة مرات، يتخطاه ليختطف أصدقاءه واحدة تلوى الآخر، سيكون شاهد حرب الحرية التي خاض كل معاركها كأي عراقي حر أن تعيش لتوثق كل أصدقاءك بوفائك النادر و الغريب و تمنحهم حياة أبديا كأبطال قوميين بهم بزلاتهم بأخطائهم لا ملائكة و لا شياطين ستوثقهم كبشر لهم الحرية في الخطأ تماما كآدم، أن تعيش لتحكي... لتسمع صوت رجاء التي حلمت بالزواج و ماتت دون أن يتحقق حلمها ستعيش معها خيبتها في الحصول على قلب "سلام" لحظة اكتشافها زواجه ستردد معها " أنا عندي حنين ما بعرف لمين.. و سيرد عليك الجبل صدى الحوارات الخافتة بينه و بين رجاء. سأترككم مع باقي القصص خلطة توابل حرّيفة، فلسفة حياة، تعرية الحياة الخاصة بصدق منقطع النظير و تصالح مع الذات، الحرب، المنفى، تقديس الإنسان، الوفاء للأصدقاء و الأماكن، الجسد حيا نابضا و في المتاحف و الصور تحسس الفن بذائقة مرهفة... الجنس، الديانة بدين الله الواحد كما صوره هو في كل الأمكنة حتى الكنائس و المزارات و الشدائد و المحن كالمخلّص الوحيد مساءلته كإبراهيم " أرني كيف تحيي الموتى" الشك و اليقين في زجاجة واحدة، التطرّف في الإيمان و الحب، إدمان الشرب، الكتابة.. التوغّل في الذات البشرية و سبر أغوارها، ستفوح رائحة الحرمل و الشمع المحروق من كل ثنايا النصوص.



#إيمان_سبخاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة: كمّامة عزلة
- قصة قصيرة: الرّدية
- قصة قصيرة: عاثر حظ
- قصة قصيرة: أرواح معلّبة
- قصة قصيرة: حورية خلاسية
- قصة قصيرة: ما في وسعك من جنون
- قصة قصيرة عنوانها: مكيرد
- قصة قصيرة: أزرار مفتوحة
- قصة قصيرة
- قصص قصيرة جدا


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إيمان سبخاوي - قراءة في مجموعة قصصية طفلان ضائعان للقاص و الروائي -سلام إبراهيم- الصادرة عن دار الدروايش.