أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إيمان سبخاوي - قصة قصيرة














المزيد.....

قصة قصيرة


إيمان سبخاوي

الحوار المتمدن-العدد: 6132 - 2019 / 2 / 1 - 14:17
المحور: الادب والفن
    


أم الــظـــّاهـــــــر
هكذا كان اسمها إحدى مجنونات المدينة اللواتي تعاقبنها بتواتر منتظم غريـب...
يفتح ( شويحة ) باب دكانه الخشبي الأزرق لبيع الخردوات و تصليح العجلات و نفخها كلما اقتضى الأمر وجدها متكــورة على حزنها الشهي كأرنب بـــرية تــرمقـه بنظــرات باهتة ذاهلة بلا معنى ...
لا تدري أي ليل لفظها عند بابه، راح يطلق وابلا من شتائمه الصباحية المعتادة مضيفا إليها شتيمة جديدة تخصها وحدها، اللّعنة عليك و على هذه المدينة التي تبيض المجانين كل ليلة... ينهــرها، يصرخ في وجهها، تقف و تبتعــد راكضة إلى زقاق مجهول آخر، يــرمق استدارة إليتيها، كرتيها العجيبتيـن اللتين تنفلتـان من أسر ثيابها كلما تحــّركت، من شاهق فحولته.
إنطفأ صراخه بغتة و تمتم (يا خيرك يا ربي )...
أصابت حمّى أم الظـاهر مفاصله، أصبح يـرى جسمها في استـدارة كل عجله، أقسم بغرائـزه المنفلتـة أمامها أن لايتــركها تخـذله إن هي عادت في المــرّة القــادمة.
أعادتها إاليه الطـريق... و ذاكـرة المجــانيـن التي تغفــر للصور انعاكسها على جدارها الهش...
هدّها تعب القيـلـــولة عند إحدى عجلاته، تكــّـورت داخـلها و نامت.
وقف كـراهب يتأمل سمــرتها التي راحت تجلو عتمة تــرقبـه الطويل، طالبا الغفـــران أمام جسدها الذي بعث فيه رغبات دفـينــة لم تعد تلبيها زوجته رقيـة؛ لأول مرة يرى في العجلة التي كانت سبب شقائه و اتساخ يديه و ثيابه الدائم، صندوق عجائبي يحمل هدية فاتنة حية تتنفس، تصيح و تــركض... راح يدنـدن أغنية شعبية قديمة لسكّير يدعى ( الجاكا ) ..." لالي سكـرة فالسوق لبنات أتـوق نعمّر منهم صندوق و الــزّينة ليّ دزو دزو يابنات لا لوم عليّ... حرقت قلبي و امشات بنت الـرّومية "
لا أحد يعرف من أين أتت أم الظاهر و لا من الذي تــركها عند دكـّـان شويحة .
لم يسمع صوتها طـوال المدّة التي مكـثتـها اللهم بضع صـراخ يشبه العــويل، بسبب الأطفال الذين يثيرون غضبها.
لامسها انتـفـضـت، حاصرها بقوة، لن تنزلقـي من بين أصابعي هاته المـرّة كطحلب ياحديقة نطافي...
لن تــذري جسدي ملتـاعا يلملم انكسار غـرائـزه بعيدا عنك يعجّ بالأحلام و الصور...
أدخلها دكّانه و نفخ فيها عجلة صغيرة تكبر كل يوم، أشهر قليلة بعد تأجّجات متتـالية كبــرت بطن أم الظاهـر و ذاع سـرّ الجنون الذي ارتكبه العاقل شويحة، كبــرت الأقاويل على ألسنة صغـار و كبار المدينة كـورم خبيث بين محوقل و لعّان و مستغفــر و راغب في تكرار الخديعة المسفوحة كطعنة خلفية...
لم نسمع أخبارها منذ سنوات، نسيناها كما نسيها الكل هنا؛ نسيتها المدينة كندبة صغيرة على وجهها دون عملية تجميل...
ــــــ في رحلات أخي المسائية للغابة المجاورة هو و صديقـه عثمان، عثرا على راعي أغنام قوي البنية داكن السّمرة بفعل الشمس، يحمل عجــوزا مسنة يطوف بها السفـوح و المـرتـفعات على ظهـره و يهشّ على أغنامه و يأسه بعصاه، أعطياه قارورة الماء التي كانا يحملانها و مضى .
أخبره عثمان أنه ابن أم الظاهر و هي التي يحملها معه أينما ذهب، أخذها شيخ و زوجته إلى كوخهما بعد فعلة شويحة، تكفـلا بها و سترا المسخ الذي أنجبه هوس المدينة بالخطيئة... أوراثاهما ذلك الكوخ و هذه الأغنام و الكثير من الظلم و الانسحاق تحت العجلات المتآكلة؛ أورثت ابنها شراسة الدّفاع عنها كما كانت تفعــل كــذئبة هائجة عندما يتقـرب منه أحد.
أنظر يا قادة في هذا السّفح بعـد موت العجـوزين، لا أحد غير أم الظاهر كصنـوبرة برّية تجابه الرّيح وحدها و ابنها الذي يشبه ( نفّاخ الرّوض ) كبصمة إلاهية أمام نكـــران شويحة...
كلّما أتى إلى سوق السّبت و على ظهره والدته لبيع عنـزة و شراء مؤونة لهما، نفث إبرة صنوبرية من رئتيه في عجله والده الذي لم يعد يقوى على النفخ.



#إيمان_سبخاوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصص قصيرة جدا


المزيد.....




- تكريم ضحايا مهرجان نوفا الموسيقى في يوم الذكرى الإسرائيلي
- المقابلة الأخيرة للبابا فرنسيس في فيلم وثائقي لمارتن سكورسيز ...
- طفل يُتلف لوحة فنية تُقدر قيمتها بخمسين مليون يورو في متحف ه ...
- بوتين يمنح عازف كمان وقائد أوركسترا روسيا مشهورا لقب -بطل ال ...
- كيلوغ: توقيع اتفاقية المعادن بين واشنطن وكييف تأخر بسبب ترجم ...
- عرض موسيقي مفاجئ من مانو شاو وسط انقطاع الكهرباء في برشلونة ...
- مسقط.. أكثر من 70 ألف زائر بيوم واحد للمعرض الدولي للكتاب
- محاربون وعلماء وسلاطين في معرض المماليك بمتحف اللوفر
- إخترنا لك نص(كبِدُ الحقيقة )بقلم د:سهير إدريس.مصر.
- شاركت في -باب الحارة- و-هولاكو-.. الموت يغيب فنانة سورية شهي ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إيمان سبخاوي - قصة قصيرة