ملاحظات حول برنامج الحزب الشيوعي العراقي ونظامه الداخلي 3 مسافة بالغة الطول بين مدخل البرنامج ومدخل النظام الداخلي

جاسم المطير

الحوار المتمدن-العدد: 1707 - 2006 / 10 / 18 - 11:53
المحور: التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
    

بانت مناقشات خضراء كثيرة ومتنوعة من قبل كتـّاب شيوعيين وأصدقاء للشيوعية ، وهي جديرة بان يحصدها كتـّاب المسودتين ، وجعلها قابلة للتدوير فيهما قبل عرضهما على المؤتمر بقصد اغتنائها في يوم مطير وغزير في النقاش الذي نأمل أن يكون وفيرا في الابتكار بما يتواءم مع الواقع السياسي والاجتماعي الذي يواجهه العراق في المرحلة الحالية .
من بين الحكايات التي أود إيرادها ، هنا ، هو وجود " غرفة حوار الكتروني " على سطح " البالتوك " اسمها غرفة " ينابيع " حقوق الملكية فيها محفوظة لشيوعيين عراقيين ، وعلى وجه التحديد للأنصار الشيوعيين . وقد لاحظتُ أنها تقوم ، حقا وفعليا ، في تنفيذ القيمية الشيوعية الجديدة التي يتطلبها نشر الديمقراطية وبنائها في العراق عبر ندوات وحوارات كثيفة وغنية ذات طبيعة متحمسة تتواصل بحنجرتها مع حناجر تضع أصواتها في موقع الطريق أو على صفحات جريدته . ففي كل ليلة ، منذ أكثر من أسبوعين ، يتيقظ الفكر الشيوعي في هذه الغرفة بكمية كبيرة من المواد الأولية في كثير منها قدرات فكرية وسياسية بالغة العمق خلال مناقشات برنامج الحزب ونظامه الداخلي المنوي عرضهما على المؤتمر الثامن للحزب الشيوعي العراقي . لكنني لاحظتُ أيضاً أن لا اللجنة المركزية ، ولا موقع الطريق الالكتروني ، ولا جريدة طريقة الشعب ، حاولت تجميع الحرارة الناتجة عن عملية المناقشات الجادة التي حضر بعضها وساهم فيها بعض أعضاء اللجنة المركزية " سلم علي " من بريطانيا و" رائد فهمي " من داخل العراق . لم يستخدم الحزب لا أضواءه ولا أجهزته للاستفادة من عشرات الأفكار ــ إن لم أقل المئات ــ والمقترحات التي تلبي معايير ما هو مطلوب مناقشته داخل المؤتمر والتي تنبثق من التزامات الشيوعيين العراقيين في أوربا وأمريكا واستراليا إلى جانب التزامات أصدقائهم التي تريد أن تجد لأصواتها المتناثرة صدى موحدا لها داخل الحزب من شبابيك غرفة ينابيع . وأنا لا ادري من هو المقصر : هل غرفة ينابيع لا تصدّر محاضر اجتماعاتها إلى وسائل الإعلام الحزبي أم أن وسائل الإعلام نفسها مقصرة في عملية استيراد منتجات هذه الغرفة الحوارية . ..؟ بهذا التقصير لا تتحول أجزاء مهمة من حرارة النقاش إلى حرارة ذات طاقة داينميكية فعلية .
أمامي ، الآن ، البرنامج والنظام الداخلي . وقد أبكر كل من كتـّاب الوثيقتين بشيء من الاختلاف الذي كان يمكن الاستغناء عنه . ولا ادري لماذا لجأ الكتـّاب إلى تكرار تحديد تاريخ ولادة الحزب الشيوعي العراقي بصيغتين غير موحدتين ، ففشلتا منذ البداية في صياغة المنتجات الفكرية والسياسية الإستراتيجية كأنما صعب على مجموعة كتـّاب " البرنامج " أن توحد مجازاتها التعبيرية مع مجموعة كتـّاب "النظام الداخلي " ..
أرجو من الكتـّاب في المجموعتين ومن القراء الكرام أن يأخذوا وعي صياغة كتـّاب البرنامج مقارنة مع وعي كتـّاب النظام الداخلي :
1 ــ قال كتـّاب البرنامج في صياغتهم (تأسس الحزب الشيوعي العراقي في 31 آذار 1934، تعبيرا عن تطور نضال الشعب العراقي والطبقة العاملة وحركته الوطنية والديمقراطية. انه حزب الطبقة العاملة والفلاحين والمثقفين وسائر بنات وأبناء شعبنا من شغيلة اليد والفكر، ليناضل ضد الاضطهاد السياسي والقومي و الاستغلال الاقتصادي والاجتماعي، ومن اجل التحرر الوطني وإقامة المجتمع الديمقراطي وتحقيق التقدم الاجتماعي وبناء الاشتراكية في العراق..)
2ــ وقال كتـّاب النظام الداخلي (تأسس الحزب الشيوعي العراقي في 31 آذار 1934 تعبيرا عن إرادة أبناء الشعب من الكادحين – عمالا وفلاحين وغيرهم، ومن المثقفين، في النضال ضد الاضطهاد السياسي والقومي والاستغلال الاقتصادي والاجتماعي، ومن اجل التحرر والاستقلال وبناء المجتمع الديمقراطي وتحقيق التقدم الاجتماعي والاشتراكية..)
لم يتشارك كتـّاب المسودتين في خاصية معلوماتية واحدة رغم إنهما تبدوان صحيحتين وعلى الأقل في نظرا لكتاب أنفسهم ، لكن هذا الاختلاف هو اختلاف بين مجموعتين قيادتين في حزب واحد على هندسة أهداف الحزب وليس فقط هو اختلاف شكلي . فالمجموعة الأولى بنت معمارها على :
• النضال ضد الاضطهاد السياسي والقومي و الاستغلال الاقتصادي والاجتماعي، وقد التقت ــ والحمد لله ــ في هذه العبارة مع صياغة كتـّاب المجموعة الثانية .
• غير أن اختلافا ما ظهر في العبارة الثانية حين ورد في معمارها كلمات عمومية مثل (ومن اجل التحرر الوطني وإقامة المجتمع الديمقراطي وتحقيق التقدم الاجتماعي وبناء الاشتراكية في العراق..) وهي الكلمات المختلفة مع الصياغة الثانية بل المقلوبة على رأسها حيث وردت كالآتي (ومن اجل التحرر والاستقلال وبناء المجتمع الديمقراطي وتحقيق التقدم الاجتماعي والاشتراكية..)
الصياغة الأولى حددت إستراتيجية :إقامة المجتمع الديمقراطي وبناء الاشتراكية في العراق .
الصياغة الثانية قلبت الآية : بناء المجتمع الديمقراطي وتحقيق الاشتراكية .
قد يقول قائل أن هناك تقاربا بين التعبيرين ، لكنه بكل الأحوال ليس تقاربا اخضر أي انه ليس تقاربا بلون واحد .
لا أريد القول أيهما أصوب لان الصياغتين تحتاجان ليس إلى توحيد بل لإعادة نظر شاملة ودقيقة ، لكني أقول أن الصائغين جميعا وقعوا ضحايا تدفق الكلمات من دون التبصر في المعاني والتعريفات .
الصياغة الأولى تفاعلت مع عبارة " التحرر الوطني " كهدف من أهداف الحزب ، وكما هو معروف أن المقابل الواقعي للتحرر الوطني هو ( الوجود الاستعماري ) .
بينما الصياغة الثانية بنت محطتها على ( التحرر والاستقلال ) .. والاستقلال يقابله (الاحتلال الأجنبي ) .
بالطبع لا نرى بعد ذلك لا في البرنامج ولا في النظام الداخلي تغطية وافية حول توصيف العراق " بلدا مستعمرا " أم بلدا محتلا تحت قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن وبهذا اوجد كتـّاب الوثيقتين معضلة فكرية تفضي إلى التشويش السياسي .
أين ستكون نتائج هكذا صياغات التي لا تمتلك رؤية مستقبلية واضحة كما أنها تشوش الوعي الشعبي داخل الحزب ..؟ وقد لاحظ الرفيق رائد فهمي بنفسه الاختلاط المفاهيمي المطروح من قبل عدد من الشيوعيين وأصدقائهم خلال ندوته في غرفة ينابيع ـ قبل أربعة أيام ـ وهو من دون شك اختلاط يحتاج إلى تفريق واضح ، والى سعي قيادة الحزب وبرامجه إلى تدويرها حسب ثقافة شيوعية معاصرة تجعل الشيوعيين وابناء الشعب جميعا مرتاحين ليس فقط في استيعابها بل في تطبيقاتهم اليومية أيضا على ضوء الوضع العراق الحالي المتسم بالتوتر والتشابك مما يلقي على عاتق الحزب الشيوعي العراقي معرفة الحقائق ببيئتها الطبيعية ، فلا يكفي معرفة أن الغابة هي مجرد أشجار والأشجار مجرد خشب والأخشاب وجدت للحطب والحطب وقود ..ألخ إنما يحتاج الحزب إلى قدرة فكرية وثقافية عالية في فهم وتطبيق معاني الكلمات في المجتمع وطبقاته وقوانينه الموضوعية الممتدة عبر الزمان والمكان والمتغيرة عبر الزمان والمكان ، فلكل شيء بدائل متغايرة وبوسع كتـّاب برنامج الحزب ونظامه الداخلي أن يتدبروا نتائج وجود اختلاف المفاهيم ضمن ظروف واحدة للتوصل إلى قدرات تفكيرية عقلانية تجيب على أسئلة عراقية كبرى مثل كيف .. متى .. أين ..؟
***************************
بصرة لاهاي في 16 – 10 - 2006

#جاسم_المطير (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل