أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جلبير الأشقر - في المقارنة بين أفعال الصهاينة وأفعال النازيين














المزيد.....

في المقارنة بين أفعال الصهاينة وأفعال النازيين


جلبير الأشقر
(Gilbert Achcar)


الحوار المتمدن-العدد: 7537 - 2023 / 3 / 1 - 10:28
المحور: القضية الفلسطينية
    



حتى وقت قريب جداً، كل من قارن بين أفعال النازيين وأفعال أصحاب الدولة التي تدّعي أن قيامها بذاته هو نقض للنازية، كانت تعلو في وجهه على الفور أصوات الاستنكار لكلامه مصحوبة بتهمة «معاداة السامية» وهي التهمة الجاهزة التي كان يوصم بها كل من يقترف المقارنة المحظورة والمحرّمة. وها أن الصهيونية بلغت ذروة كمالها المنطقي مع وصول الفاشيين المعلنين إلى قمة دولتها بحيث باتت المقارنة متداولة حتى في الأوساط الصهيونية عينها.
فقد نشرت صحيفة «هآرتس» الصهيونية الليبرالية قبل أقل من ثلاثة أسابيع (بتاريخ 10/2) مقابلة مع مؤرخ يهودي إسرائيلي، أستاذ في الجامعة العبرية ومتخصص في تاريخ الإبادة النازية لليهود الأوروبيين (الهولوكوست) حمل العنوان الصارخ التالي: «تضمّ حكومة إسرائيل وزراء من النازيين الجدد. إنها حقاً تذكّرنا بألمانيا في عام 1933». تصوروا فقط لو صدر مثل هذا الكلام في صحيفة غير إسرائيلية حتى وقت قريب، ما كان سيثيره من بكاء وعويل على جرح مشاعر اليهود (وكأن كافة اليهود ممثلين بدولة إسرائيل، وفي الأمر تبنّ ضمني للادّعاء الصهيوني) مرفقة باتهام المتكلم وناشره بالنوايا المعادية للسامية.
أما الغارة البشعة التي شنّها المستوطنون اليهود على بلدة حوارة جنوبي نابلس ليل الأحد الماضي، فلم يتردّد بعض المعلقين اليهود الإسرائيليين في اتهامها بتقليد أفعال النازيين وسواهم من العنصريين المعادين لليهود. في اليوم التالي، يوم الإثنين، نشر موقع «واي نت نيوز» الصهيوني بامتياز مقالاً حمل في ملخصه المسوّد تحت عنوانه الرئيسي وصفاً لما حصل بأنه قيام «المتطرّفين» بإخراج (بمعنى الإخراج المسرحي) «ليلة بلّور خاصة بهم في حوارة» وهي بالطبع إشارة إلى الغارة الشاملة التي شنّتها الميليشيات النازية على المعابد والمتاجر والمنازل وسواها من الممتلكات اليهودية في عموم المدن الألمانية ليلة التاسع إلى العاشر من نوفمبر/ تشرين الثاني 1938.


وكانت «ليلة البلّور» تلك (التسمية مستوحاة من الزجاج المحطّم الذي غطّى أرض أماكن الهجمة الهمجية) كانت تمهيداً بارزاً لإبادة النازيين لليهود الألمان أسوة بسواهم من اليهود الأوروبيين خلال الحرب العالمية الثانية. ومن المعلوم أن النازيين بعد استيلائهم على الحكم في عام 1933 وحتى ذلك الحين، اكتفوا بنفي اليهود إلى فلسطين بالتعاون مع الحركة الصهيونية (اتفاقية «العبور»).
كما نشر موقع «واي نت نيوز» ذاته مقالاً حمل عنواناً عريضاً وصف ما جرى في حوارة بأنه «بوغروم» وهي التسمية روسية الأصل التي تُطلق تاريخياً على الغارات العنصرية على اليهود المماثلة لما اقترفه النازيون في عام 1938 وما اقترفه المستوطنون الصهاينة ـ تحت رعاية الجيش والقوى الأمنية الإسرائيلية ـ ليلة السادس والعشرين إلى السابع والعشرين من شهر شباط/ فبراير المنصرم. فها أن أفعال بعض الصهاينة باتت تُقارَن حتى من قِبَل صهاينة آخرين بأنها مماثلة لأفعال الكراهية «المعادية للسامية» وهو بالضبط ما لم ينفك يقوله ضحايا تلك الأفعال الذين كانوا يُتهمون على الفور بأن قولهم هذا هو «معاداة السامية» بعينها.
طبعاً، يبقى فرق شاسع بين ما كان يقوله ضحايا الصهيونية والمتعاطفون والمتضامنون معهم ولا زالوا يقولونه، وبين ما اقتبسنا أعلاه من مقارنات تفوّه بها بعض الصهاينة «المعتدلين» إزاء أخصامهم السياسيين من الصهاينة «المتطرّفين». ذلك أننا لا نميّز البتة بين قيام جيش الاحتلال الصهيوني بتحطيم منازل الفلسطينيين، تذرّعاً بشتى الحجج، وقيام المستوطنين الصهاينة الذين يحميهم جيش الاحتلال بحرق منازل الفلسطينيين كما فعلوا في حوارة. لا بل تفوق فظاعة الأولين فظاعة الثانين، إذ إنها ممارسة شبيهة بأفعال المعادين للسامية يقترفها جيش نظامي بصورة رسمية بناء على قوانين دولته العنصرية، وليس حفنة من المسعورين الذين يأخذ عليهم سواهم من الصهاينة، بمن فيهم رئيس حكومتهم، أنهم يتولّون «تنفيذ العدالة» بأياديهم عوضاً عن الاتكال على القوات المسلحة الرسمية التي تجيد «الأخذ بثأرهم» على حد قول نتنياهو.
لن تنهض الصهيونية من القعر الأخلاقي الطبيعي الذي بلغته ولن يتجدّد النفاق الصهيوني الذي كان يعمل بقاعدة «ضربني وبكى، سبقني واشتكى». فإن ما نراه اليوم من بشاعة فالتة العنان في الدولة الصهيونية الموسّعة، شأنها في ذلك شأن هجمات «بوغروم» التي تعرّض لها فلسطينيو أراضي 1948 وسكان القدس العربية قبل سنتين، عند الهبّة التي تلت أحداث حي الشيخ جرّاح في شهر أيار/ مايو 2021، إنما هي محطات عادية في مسار الاستعمار الاستيطاني الصهيوني العنصري الذي قام على مثلها منذ أن بدأ بتنفيذ مشروعه في فلسطين. قبل سنتين، وصف عمدة اللدّ الصهيوني احتجاجات الشباب الفلسطيني في المدينة بأنها «ليلة بلّور» كما أطلق عليها الرئيس الإسرائيلي ريفلين تسمية «بوغروم». وقد انقلبت الحكاية اليوم من الزيف إلى الصواب، ولن ينتهي مسلسل الأفعال العنصرية الصهيونية الجديرة بالمقارنة بأفعال النازيين سوى بزوال التمييز العنصري المؤسسي على كامل أرض فلسطين التاريخية.



#جلبير_الأشقر (هاشتاغ)       Gilbert_Achcar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين الرعونة الروسية والعجرفة الأمريكية
- الاشتراكية والاستعمار والاستشراق
- أطلال مصر ازدادت في عهد السيسي
- سوريا والكارثة المستمرّة
- الصهيونية والفاشية ومستقبل فلسطين
- تحية إجلال ثانية لرئيسة وزراء نيوزيلندا السابقة
- العراق ولعبة إلهاء الجماهير
- سنة جديدة في منطقة على كفّ عفريت!
- حان لذلك «الغضب الساطع» أن يصل!
- حكومة نتنياهو الجديدة وحقيقة الصهيونية
- تونس: «الشعب لا يريد تأييد النظام!»
- عندما يُرفع الرأس بكرة القدم…
- السودان: الطغمة العسكرية تتعلّق بخشبة خلاص
- «هبّات عا مدّ النظر»…
- في التفجيرات والمؤامرات والمناورات
- الفاشية الصهيونية وزملاؤها العرب
- مصر: تغيير المناخ السياسي أولاً!
- إيران ومعضلة إسقاط الأنظمة الاستبدادية
- السودان: الطغمة العسكرية سنة بعد الانقلاب
- من الأشبال إلى الأسود: نحو انتفاضة فلسطينية جديدة


المزيد.....




- فن الغرافيتي -يكتسح- مجمّعا مهجورا وسط لوس أنجلوس بأمريكا..ك ...
- إماراتي يوثق -وردة الموت- في سماء أبوظبي بمشهد مثير للإعجاب ...
- بعد التشويش بأنظمة تحديد المواقع.. رئيس -هيئة الاتصالات- الأ ...
- قبل ساعات من هجوم إسرائيل.. ماذا قال وزير خارجية إيران لـCNN ...
- قائد الجيش الإيراني يوضح حقيقة سبب الانفجارات في سماء أصفهان ...
- فيديو: في خان يونس... فلسطينيون ينبشون القبور المؤقتة أملًا ...
- ضريبة الإعجاب! السجن لمعجبة أمطرت هاري ستايلز بـ8 آلاف رسالة ...
- لافروف في مقابلة مع وسائل إعلام روسية يتحدث عن أولويات السيا ...
- بدعوى وجود حشرة في الطعام.. وافدان بالإمارات يطلبان 100 ألف ...
- إصابة جنديين إسرائيليين بجروح باشتباك مع فلسطينيين في مخيم ن ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جلبير الأشقر - في المقارنة بين أفعال الصهاينة وأفعال النازيين