أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد فاروق عباس - سنابل سوداء .. رواية جديدة لأديب مبدع














المزيد.....

سنابل سوداء .. رواية جديدة لأديب مبدع


أحمد فاروق عباس

الحوار المتمدن-العدد: 7524 - 2023 / 2 / 16 - 22:21
المحور: الادب والفن
    


الرواية هى العمل الثانى للروائي الشاب د محمد عبد الحميد ، وفى حين جاء عمله الاول " حور " منتميا فى جزءه الأكبر إلى الفانتازيا وعوالم ما وراء الطبيعة ، جاء عمله الثانى رواية اجتماعية وسياسية ..
وما يجمع بين العملين هو وحدة المكان - وهو مسقط رأس الكاتب - فى محافظة قنا ، جنوب مصر ..
وهو ما يشى بأن ذكريات الكاتب وأطراف مما عاشه هناك ربما صبغت رؤيته للحوادث والناس ، الذين أخذهم شخوصاً في روايتيه الجميلتين ..
١ - الرواية تنتمى إلى جنوب الصعيد ، فى العقدين التاليين لثورة يوليو ١٩٥٢ ، وقصة جابر وأبناءه العشرة ، حيث الإقطاع مازال مسيطرا على النفوس ، على الرغم من الإصلاح الزراعى وتوزيع الأرض على المعدمين من الفلاحين ، وفى تصوير بارع رسم المؤلف صورة مؤثرة وبديعة عن الحياة فى تلك البيئة القاسية ، وفى ذلك الزمن ، وقصة الناس هناك مع الأرض ، والبحث عن الكرامة ، والبحث عن الثروة ، وعن الدين والحب ..
٢ - الرواية سريعة لاهثة، تشبه اللقطات السينمائية في سرعتها وتشويقها ، لذا ارشح هذه الرواية - ربما أكثر من روايته الأولى حور - للتمثيل في التلفزيون أو السينما ، وأعتقد أن حظها سيكون جيدا جدا ..
٣ - هناك خيط مؤثر في أحداث الرواية ، وهو عن المظالم الرهيبة وعن الحياة القاسية في صعيد مصر فى الفترة التى تتكلم عنها الرواية ، والتى تخلفت عن قرون الذل والقهر والفقر التى عاشها المصرى ، وحاولت ثورة يوليو قدر جهدها إزالة آثارها ، وفى حين نجحت إلى حد ما فى الجانب المادى - شروط ومستوى الحياة - إلا أنها لم تنجح بنفس القدر فى إزالة جوانبها المعنوية والنفسية ، الناتجة عن قهر وذل السنين الطويلة ..
وهى حياة لن يتخيلها إلا من عاشها ، أو حُكيت له ممن عاش تلك السنوات ، وقد أبدع الراوى فى تصوير قسوة تلك الحياة وتلك المظالم فى روايته ، وهو يعيد بذلك فصلا منسيا من تاريخ الريف المصرى ، نسيه الناس فيما نسوا ، في حين راح أخرون - جهلا - يرون في تلك العهود المظلمة جنة مفتقدة !!
٤ - فمحمود وهو الابن الأكبر لجابر يترك دراسته - على الرغم من تقدمه فيها على أقرانه - بسبب نزاع فى الفصل مع حفيد العمدة ، وهو اقطاعى شرس الطباع ، لم يغير قيام ثورة ١٩٥٢ من فترة قليلة من احساسه بثراءه وعظمة أسرته وعلوها فوق الجميع ، لذا كان من أكبر الجرائم فى عرفه ان يتجرأ أحد أبناء الفلاحين المعدمين ويدخل في نزاع مع واحد من أبناء أسرته ، والنتيجة أن يطرد محمود - وأخيه التالى له معه - من الدراسة ، ويضرب - مع أبيه - عقابا له ضربا مبرحا ، وقد تركت هذه الحادثة الأليمة أثرها على حياة الأسرة كلها وغيرت من مجرى حياتها ..
وربما من هنا تحول محمود الفتى المتميز إلى خدمه سادته القدامى ، حتى استطاع إستغلال إدمان زميله القديم فى الفصل على المخدرات - الذى كان محمود بنفسه من يقوم بشرائها وتوفيرها له - وشراء جزء من أرضه ، ثم أتت الثروة الناتجة من التنقيب عن الآثار ، والتى يعمل بها الأخ الرابع الشاب " المتصوف " عبد الله لتفتح للأسرة آفاقا أخرى غير متوقعة ..
كان نتيجتها أن سار محمود فى تجارة المخدرات شوطا بعيدا وأصبح أكبر تجارها في الصعيد كله ..
٥ - أجاد المؤلف تصوير اختلاط الحقائق بالاوهام فى تلك البيئات ، والطرق القديمة للعيش والطرق الحديثة للغنى ..
ففى حين عمل الوالد - كجدوده منذ القدم - فى الأرض ، وهى إحدى الحقائق الأساسية في الحياة المصرية ، لجأ بعض أبناءه - وهو الشاب الصوفى عبد الله - بحثا عن الثراء المنتظر إلى التنقيب عن الآثار ، واختلط البحث عن الثراء والآثار بتهويمات دينية ، تخلط المقدس بالمدنس ، وهى قصة تقليدية ومستمرة فى الحياة المصرية ، وأن اتخذت أشكال مختلفة مع كل عصر ..
٦ - كانت شخصية حسن - أحد أبناء جابر - ذات دلالة خاصة ، فهو يترك قسوة العيش في القرية ، حيث العمل الوحيد المتاح فيها هو العمل بالزراعة ، وفى القاهرة يعمل في عمل متواضع - ساقى فى محل بوظة - ثم بتأثير من صديق له ينضم إلى الإخوان المسلمين ، ويتقدم فى العمل معهم ، وكأى شخص لم ينل حظا من العلم وليس لديه ثقافة خاصة ، فإن التأثير عليه يكون سهلا ، وتكليفه بأشد الأعمال خطورة يكون طبيعيا ، ويتداخل فى حياته فى العاصمة الحب والجنس والإرهاب !!
٧ - يدخل المؤلف عن طريق ثلاث من شخصيات روايته إلى الأفرع الثلاثة الكبرى التى استحوذت على الإسلام فى مصر القرن العشرين : الصوفية والإخوان المسلمين والسلفية ، كيف دخل الاخوة الثلاث - من أبناء جابر - إلى تلك المذاهب المتنافسة ، وكيف كانت حركتهم وحياتهم فيها ، وإلام انتهى الأمر بكل واحد منهم بداخلها ..
وقد رسم المؤلف ببراعة الحياة الداخلية في هذه التنظيمات ، بدون تجنى عليها ، والمنطق الذى يحكم الأمور داخلها ، وكيف تجند الاتباع وكيف تبقيهم فى إسارها ..
٨ - تنتهى الرواية الشائقة بأن يأخذ كل مخطئ جزاءه ، فمنهم من قُتل ومنهم من هرب ومنهم من سُجن ، ورأيي الشخصى أن نهاية الرواية جاءت صاخبة أكثر مما ينبغى ، وكان يمكن أن تكون أهدأ من ذلك ..
٩ - يتقدم الكاتب من عمل لآخر في امتلاك أدواته ، عرضا لموضوعه ، واسلوبا في تناوله ، واختيار زوايا التركيز ..
ولغة المؤلف سهلة واضحة تنساب بلا تعقيد أو تكلف ، وعند الكاتب ولع بالتشبيهات الكثيرة ، واللغة الفخمة ، وقد دمج الراوى بنجاح بين الفصحى والعامية فى لهجتها الصعيدية ..
لن يكون مناسباً أو لائقاً أن اتناول كل أحداث الرواية البديعة وتفاصيلها المتشعبة ، ولكن هى عمل رائع ، ووجبة دسمة ، وقصة مؤثرة ، تستحق أن تقرأ أكثر من مرة ..
محمد عبد الحميد صوت متميز فى الرواية المصرية الحديثة ، بلغته ومكان وزمان أعماله ، وأسلوب عرضه وتناوله ، وهو بكل ما سبق يقف كنبرة جديدة ، لديها ما تقوله ، وصوتا جنوبيا أصيلا ، وقلما يستحق الاحترام ..



#أحمد_فاروق_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حصر ومعرفة ما لدينا
- لماذا حالة الهيام بالقطاع الخاص الآن فى مصر ؟!
- خواطر عن الحب ... فى عيد الحب .
- كيف خطط الغرب من 25 سنة لما يحدث الآن فى اوكرانيا ؟!
- كيف خطط الغرب من 25 سنة لما يحدث الآن ؟!!
- كيف سيطرت مدرسة اقتصادية وسياسية واحدة على الحياة العامة فى ...
- جمال عبد الناصر .. والملحدين الجدد !!
- الرواية وعصرها ورسائلها
- الرئيس السيسي
- حور .. رواية جميلة لأديب واعد
- هل يمكن حل مشكلة اللحمة الآن كما تم حلها قديما ؟!
- هل يشبه ما يجرى اليوم في مصر بما جرى فى تركيا عام ٢ ...
- أردوغان .. هل اقتربت لحظة النهاية ؟
- عندما احترقت القاهرة مرتين !!
- يجب أن تتطهر 25 يناير أولاً من اصدقاءها .. قبل أن تغضب من أع ...
- أمسية مع الرواية ..
- حسنى مبارك و 25 يناير ... قبل لحظة النهاية !!
- زيارة إلى المتحف المصري ..
- بايدن .. والعثور على وثائق سرية في منزله !!
- كيف تقسَّم دولة متحدة ؟


المزيد.....




- الحكم بالسجن على المخرج الإيراني محمد رسولوف
- نقيب صحفيي مصر: حرية الصحافة هي المخرج من الأزمة التي نعيشها ...
- “مش هتقدر تغمض عينيك” .. تردد قناة روتانا سينما الجديد 1445 ...
- قناة أطفال مضمونة.. تردد قناة نيمو كيدز الجديد Nemo kids 202 ...
- تضارب الروايات حول إعادة فتح معبر كرم أبو سالم أمام دخول الش ...
- فرح الأولاد وثبتها.. تردد قناة توم وجيري 2024 أفضل أفلام الك ...
- “استقبلها الان” تردد قناة الفجر الجزائرية لمتابعة مسلسل قيام ...
- مونيا بن فغول: لماذا تراجعت الممثلة الجزائرية عن دفاعها عن ت ...
- المؤسس عثمان 159 مترجمة.. قيامة عثمان الحلقة 159 الموسم الخا ...
- آل الشيخ يكشف عن اتفاقية بين -موسم الرياض- واتحاد -UFC- للفن ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد فاروق عباس - سنابل سوداء .. رواية جديدة لأديب مبدع