أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ازهر عبدالله طوالبه - النّجاة تكون بالتّوفيق بينَ العلم والدّين..وليسَ بتمديدِ الفراغ بينهُما.














المزيد.....

النّجاة تكون بالتّوفيق بينَ العلم والدّين..وليسَ بتمديدِ الفراغ بينهُما.


ازهر عبدالله طوالبه

الحوار المتمدن-العدد: 7516 - 2023 / 2 / 8 - 18:57
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بدايةً، لنتَّفق على أنَّه يجِب أن نقرَّ ونعتَرف، بأنّهُ ليسَ مِن حقّ أيّ أحدٍ من بني البشَر أن يتحدَّث عن الله، وأن يتدخّلَ في أمورٍ غيبيّةٍ جعلها الله مِن اختصاصِه، مِن اختصاصاه فقط. فلا يُقاسِمه أحدٌ بها ولا يُنازِعه أحد عليها.
والأقسى مِن ذلكَ كُلّه، أؤلئكَ الذينَ يسوقونَ علينا الحكمَ والمواعِظَ في غير ما تستَحق، ولا يتوقّفونَ عَن رميها في حقولنا المُهلَكة والمُنهكة، في سياقاتٍ زمانيّة ومكانيّة لا يُمكِن أن تقبلَ كُلّ ما يقولوهُ أو يتقوّلهُ على الدّين وعلى الآله.

فالكوارِث الطبيعيّة والمصائب التي تنزل علينا، لا يُمكِن أن نصرِف جهودنا عليها من أجلِ معرِفة ما إذا كانَت عقوبة إلهيّة أم لا . إذ أنَّ كُلّ ما علينا فعله في مثلِ هذه الأحوال، هو أن نتّعِظ، وأن نُصلِح أمورنا مع ربّنا أولًا، والتي بالضّرورة ستنعِكس على علاقاتنا بينَ بعضنا البَعض، كما وأنّهُ يتوجَّب علينا أن نُصلِح مسارات حياتنا، وأن نُليّن قُلوبنا، وأن نتعاطفَ، بكُلّ جديّة، مَع مَن وقعَت عليهم المصائب، وأن نُقدِّم لهُم كُلّ ما بوسعِنا، بل كُلّ ما تُمليه الوحدة الإنسانيّة علينا. فما مِن دُروسٍ يَجدُر بنا أن نُلقِّنها لأنفُسنا أجدرَ مِن دروسِ الاتِّعاظ وتليينِ الأفئدة..والمقصد مِن هذا الكلام، هو أن نتجاهل الجَدل الذي لا يُمكِن أن يأخذنا إلى نتيجةٍ تُتمثَّل بالوقوف إلى جانبِ المنكوبين، ومُواساة المفجوعين، وتعزِية أهل المصائب في مِحنهم ومصائبهم.

لذا، فإنَّ الأسباب الماورائيّة التي تُقذَف في وجوهنا عند كُلّ كارثةٍ تحلّ بالبشريّة، هي أسبابٌ لا توضِّح إلّا حجم تحجيرِ العُقول لمَن يُستحضرونَ هذه الأسباب عند كُلّ نازلة، وأنّهم أقوام ترتَكن على ما لا يقبَل بهِ لا "ربّ الكون" ولا العقل المُتدبّر الذي أعطاهُ الله لكُلّ بني البشَر.
كما وأنّ استِحضار العواقِب التي لا يُفيد استحضارها لمَن وقعَت عليهم الكوارث، هي مسألةٌ ذات تأثيرٍ سلبيّ على نفوس ضحايا الكوارث، ولا يُمكن أن تكون ذات تأثيرٍ إيجابيّ، أو طريقًا لتحسينِ حياتهم، وعودتهم، أي الضحايا، إلى رُشدهم - كما يُدّعى عليهم- الذي يقودهم إلى التفكير بالأسباب الماورائيّة للكوراث التي وقعت عليهم، كما يُريد منهُم الباحثينَ عن حضورهم القائم على استحضارهم للأسباب الماورائيّة.

وهذا، وبالضّرورة، يأخذنا إلى مساحةٍ تكثُر فيها الصِّراعات ما بينَ مَن يحمّلونَ الله ما لا يحتمِل ويقولونَ عنهُ ما لم يقُل، ويحيلونَ كُلّ شيءٍ للدّين، وبينَ مَن يخيّمونَ في ساحات العلم، رافضينَ أن يُخرَج أيّ حدثٍ إلّا من تحتِ أسقُف المُختبَر.
فهذه مأساةٌ مِن أكبَر المآسي التي تتولَّد مِن رحمِ المآسي التي تضرب البشريّة. وهي مأساة الاصطِدام بفئتينِ مُتحارِبَتين، لا يُمكِن، إلى هذه اللّحظة، أن تنجَح أيّ عمليّةٍ تسعى لخنق المسافات الفكريّة بينهُما.
إنَّ هاتان الفئتان، فيهما مِن الأعباء ما يُثقِل كاهِل البُسطاء والعامّة.
ففئةٌ تُريد أن تُحقِّق انتصارًا ذاتيًّا للعِلم على حساب الدّين، تقابلها فئة أُخرى، تتمثّل بالمُتديّنينَ الذينَ لا يكفّونَ عن مُحاولاتهم الرامية إلى ليّ عُنقِ العِلم، مِن خلال خنقهم للنّصوص الدينيّة وإلباسها ما لا يليق بِها من اللّباس، وتقديم تفسيرات مُجتزأة لها.

إنَّ الفواجع والمصائب والمآسي التي تفتّك أكبادنا، نحن بني البشَر، تؤكّد وجود العديد مِن الفئات تُريد سحقنا، فئاتٌ تستَغل جهلنا الدّينيّ، وفئات تعتَلي أكتافنا المتآكِلة عِلميًّا، وأُخرى لا تكُف عن تأطيرنا في أُطرٍ سياسيّةٍ مُعيّنة، تُمكِّنها من اللّعبِ على مآسينا وآلامنا وجراحنا ؛ وذلكَ لتحقيقِ مصالحه التي ترنو إليها.
كما تؤّكّد لنا أنَّ لا قيمةَ للإنسان في هذا الوجود إلّا بالقدَر الذي يُمكِن أن تُحصَّل المنافع مِنهُ.

الخُلاصة: إنّنا نعيش امتدادًا لمعمَعةٍ تصارعيِّة ما بينَ العلم والدّين، بعد أن مرَّت قرون ترفض وضعَ آليّة توافقيّة ما بينَ الأمرين، تجعل المُتزمّتينَ في رؤيتهم الدّينيّة والمُنغلقينَ على أنفُسهم علميًّا غيرَ قادرينَ على الوصول إلى قناعةٍ قويمة وسليمة، مفادها، أنَّ لا الدّين يُلغي العِلم ولا العِلم يلغي الدّين.

لله قُدرة عظيمة وهائلة في ضبطِ نظام الكَون. لكن، هذا لا يعني، على الإطلاق، أن نتعاملَ مع الحياة ومع الطبيعة دونَ أن نأخُذَ بالأسباب التي "أُمِرنا" أن نأخُذ بها.
فالله سخَّر وذلَّل وهيّءَ الحياة والطبيعة لنا، ولم يجعلنا مُسيّرينَ في كُلّ شيء ؛ حيث تركَ لنا مساحةً واسعة مِن الإرادة، وطلبَ مِن أن نفعّل عقولنا، رافضًا حبسها في زنازنِ الغيبيّآت التي يُبدع الكثير منّا بلوكها.



#ازهر_عبدالله_طوالبه (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لنخلَع عباءة الصّراع الدّينيّ التي ألبسنا إيّاها أصحاب المصا ...
- دور الدّين في السلطة السياسية، وفرضه على الآخر المُخالف.
- المؤسّسة الدّينيّة في خدمةِ السُلطة السياسيّة
- هل سنتمكَّن مِن تجاوزِ مُعيقات/أو معوِّقات الإصلاح الإداريّ ...
- مَن يفشَل في بناء الإنسان حتمًا سيفشَل في بناءِ العِمران.
- كفاكُم طعنًا لخاصرة سوريا بإبعادها مِن عضويّة الجامعة العربي ...
- الثقافة والساحة الأدبيّة: لُعبة تصدُّر المشهد.
- عبيدُ الأمزجة ولسنا سلاطين الرأي العام
- شرعيّة الإنجاز وضياع الوطن
- رمضان، محطّة مُهمّة للتمرُّدِ على عِبادَة الشّهوات والرّغبات ...
- التديُّن الاجتماعيّ/التديُّن التقليديّ : أحد أهمّ أسباب تخلّ ...
- حرب أوكرانيا وروسيا: الإنسان هو الخاسِر الوحيد فيها.
- -حرب المعلومات أوسع نطاقًا من حرب العسكر-
- مجلس الأمن لا يملك مِن الأمر شيئا
- -الأفكار لا تُشخصَن، والاختلاف بالفكِر سبيل لتقدُّم الأُمم-
- نحن من نصنع طغاتنا
- شُهداء الوطن وأبناء الأصالة الوطنيّة.
- الإنسان وتغيُّر السّنين
- السُلطة التشريعيّة...ما بينَ الهدِم والبِناء
- تجّار الدّين يشترونَ الإستبداد.


المزيد.....




- الإمارات تدين اقتحام باحات المسجد الأقصى وتحذر من التصعيد
- عبارة -فلسطين حرة- على وجبات لركاب يهود على متن رحلة لشركة ط ...
- رئيسة المسيحي الديمقراطي تريد نقل سفارة السويد من تل أبيب إل ...
- هل دعا شيخ الأزهر لمسيرة إلى رفح لإغاثة غزة؟
- -في المشمش-.. هكذا رد ساويرس على إمكانية -عودة الإخوان المسل ...
- أي دور للبنوك الإسلامية بالمغرب في تمويل مشاريع مونديال 2030 ...
- قطر تدين بشدة اقتحام مستوطنين باحات المسجد الأقصى
- -العدل والإحسان- المغربية: لا يُردع العدو إلا بالقوة.. وغزة ...
- وفاة معتقل فلسطيني من الضفة الغربية داخل سجن إسرائيلي
- الخارجية الإيرانية تدين تدنيس المسجد الأقصى


المزيد.....

- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ازهر عبدالله طوالبه - النّجاة تكون بالتّوفيق بينَ العلم والدّين..وليسَ بتمديدِ الفراغ بينهُما.