أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رياض العصري - نهاية العقيدة الدينية















المزيد.....


نهاية العقيدة الدينية


رياض العصري
كاتب

(Riad Ala Sri Baghdadi)


الحوار المتمدن-العدد: 1704 - 2006 / 10 / 15 - 11:02
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ان التغييرات التي حدثت في حياة البشر في القرن المنصرم ( القرن العشرين ) قد فاقت كما ونوعا جميع التغييرات التي حدثت في حياة البشر على مدى آلاف السنين , لقد قدمت العلوم والمخترعات التي ظهرت في القرن العشرين انجازات عظيمة للحضارة البشرية هي أشبه بالمعجزات التي كان يحلم بها الانسان قديما أو حتى لم يكن يحلم بها على الاطلاق , وان الفضل في هذه الحضارة التي يتمتع بها البشر في عصرنا الحالي انما يعود الى أولئك العلماء العظماء الذين اكتشفوا قوانين الطبيعة فسهلوا على البشرية الاستفادة من الطاقات الموجودة في الطبيعة لخدمة الانسان وصنع الحضارة والتقدم , ان المعلومات الكثيرة والواسعة التي توفرت للبشر في العصر الحالي عن الكون والحياة والانسان وكل ما تحتويه بيئتنا لم تكن متوفرة للبشر في العصور السابقة , وهذا يعني ان البشر في العصر الحالي هم أكثر علما ومعرفة من البشر في العصور السابقة , ومن هذا المنطلق فان عصرنا الحالي يعتبر عصرا جديدا ومتميزا , له سمات وملامح تميزه عن جميع العصور التي مرت بها البشرية عبر تاريخها منذ فجر الحضارة , ولكون عصرنا الحالي هو عصرا جديدا ومتميزا ويختلف اختلافا كبيرا عن جميع العصور التي سبقته , فاننا نرى ان من غير المعقول ان يستمر البشر في هذا العصر في التمسك بعقائد العصور السابقة دون تفحص وتمعن لمدى مصداقيتها ومدى ملائمتها للعصر الحالي , فحقائق كثيرة أكتشفت , وتغيرت من جرائها طرق وأساليب المعيشة , وتغيرت أزائها مفاهيم اجتماعية كثيرة , وتغيرت مظاهر الحياة , وليس من المعقول ونحن نحيا في عصر التقدم العلمي والتفوق المعرفي والحضارة التكنولوجية ان نستمر في الرؤية الى كل ما يتعلق بشؤوننا وما يحيط بنا من خلال عيون أناس عاشوا قبل عشرات القرون , صحيح ان عيون البشر لم تتغير من الناحية الفسيولوجية ولكن المرئيات تغيرت وكذلك مساحة الرؤية , ان من يقف على قمة التل يمتلك مساحة رؤية أوسع وأبعد ممن يقف على سفح التل .
ان الاديان الرئيسية الموجودة في العالم في الوقت الحاضر قد تأسست جميعها منذ مدد طويلة جدا , ونحن نعتقد ان جميع هذه الاديان ما عادت صالحة لعصرنا الحالي , فهي بالاضافة الى ما تشتمل عليه من أفكار خاطئة , بل وحتى ساذجة , وروايات من نسج الاوهام وحياكة الخيال لا تعبر عن الحقيقة , فان اساليبها في تنظيم شؤون الاسرة والمجتمع ومعالجة المشاكل الاجتماعية أصبحت غير صالحة في عصرنا هذا , كما انها تشتمل على طقوس تسمى عبادات وهي ليست الا ممارسات عبثية لا معنى لها ولا جدوى من ورائها , منتهجة اسلوب التهديد بمعاقبة من لا يتبع تعاليمها بعذاب النار , ومكافئة من يتبع تعاليمها بمتع ولذات الطعام والشراب وحتى الجنس في الجنة وعلى طريقة الدفع بالآجل ( يوم القيامة ) ونحن نعتقد ان من المخجل ان يؤمن انسان في عصرنا هذا حيث التفوق والرقي في مضمار المعرفة والحضارة بمثل هذه الافكار والمعتقدات الساذجة التي هي نتاج حضارة متخلفة وعقلية قديمة , ولان جميع اتباع هذه الاديان حاليا هم منتمون اليها بالوراثة أبا عن جد , فنحن نرى ان من المخجل ان يسير الانسان في حياته في طريق لم يختاره هو بارادته ومشيئته وانما اختاره له أجداده الذين عاشوا قبل مئات السنين او الوف السنين , فيحمل على كاهله ميراثهم من المعتقدات والتعاليم كقدر لا مناص منه الى الابناء فالاحفاد , وحتى لو سلمنا بان هذه الاديان ما زالت تشتمل في تعاليمها على بعض ما ينفع الناس وما يصلح حالهم فان نسبة هذا النافع والصالح لا يبرر الايمان والثقة بكل ما تشتمل عليه , وان الدليل على وجود ما هو غير نافع وفاقد الصلاحية في العقائد الدينية هو لجوء اتباعها الى اسلوب الانتقاء في التعامل مع تعاليمها ووصاياها وهذا ما أدى الى نشوء المذاهب او الفرق لدى كل دين , ان أي دين عندما يصبح قابلا للتجزئة الى مذاهب او طوائف فان هذا دليل على أنه ليس صالحا لكل مكان وزمان , فهل تستحق أي عقيدة ان نمنحها ثقتنا وايماننا وان نحملها كميراث من الاجداد الى الابناء فالاحفاد وهي أخطائها وأضرارها أكثر من منافعها وخاصة عندما يدعي مؤسسها انها منزلة من السماء وليس من عند البشر ؟ والسؤال المهم هنا هو ما الذي يجعل الناس في عصرنا هذا من أتباع كل دين يصدقوا بأن مؤسس دينهم هو نبي مرسل فعلا من قبل خالق الكون لتبليغ رسالته الى البشر ؟ وان كل ما جاء به هذا النبي من تعاليم هي نافعة وصالحة في كل مكان وزمان ؟ ما هي الادلة والمستندات الثبوتية التي لديهم لاثبات صدق نبوة نبيهم , و ماهي المعايير التي يعتمدوها لاثبات صلاحية تعاليم ومعتقدات دينهم في كل مكان وزمان ؟ لو تم توجيه هذا السؤال الى علماء الدين , أي دين , لجاءت الاجابات مختلفة ولكننا على العموم نستطيع ان نتوقع ان تكون اجاباتهم ضمن الاطار الاتي : ( ان نجاح نبيهم في تحقيق دينه ونشر دعوته دليل على ان كل ما جاء به من تعاليم وعقيدة هو صحيح وهذا دليل على انه مرسل من قبل السماء ) و( ان انتصارات نبيهم في معاركه ضد أعداء دينه بالرغم من قلة عدد اتباعه وضعف امكانياتهم دليل على ان كل ما جاء به هو صحيح وهذا دليل على انه مرسل من قبل السماء ) و( ان بقاء دينهم لحد يومنا هذا وعدم زواله رغم مرور عشرات القرون على تأسيسه دليل ان كل ما يشتمل عليه هذا الدين هوصحيح لان ما ينفع الناس يمكث في الارض وهذا دليل على ان مؤسس دينهم هو نبي مرسل حقا من قبل السماء ) و( ان نبيهم ذو معجزات خارقة لا يستطيع ان يأتي بها أي انسان وهذا دليل انه مرسل من قبل السماء وعليه فان كل ما جاء به هذا النبي هو صحيح ) هذه هي الاجابات الرئيسية التي نتوقعها , ونحن بدورنا نستطيع ان نرد على هذه الاجابات المفترضة فنقول : هل أن كل نجاح او مكسب يمكن اعتباره دليلا على الاستحقاق والاهلية ؟ وهل ان كل انتصار او فوز في المعارك او المواجهات او الصراعات يمكن اعتباره دليلا على الاستحقاق ؟ وهل ان كل من يمتلك القدرة على البقاء والاستمرارية يمكن اعتباره دليلا على امتلاكه المنفعة والصلاحية والاستحقاق ؟ ما هي المعايير التي تعتمد لاثبات ان وراء أي نجاح يحرز في أي مسعى او أي مشروع , او وراء أي انتصار يحرز في أي مواجهة قتالية , او وراء أي عمل يتصف بالبقاء والاستمرارية هو الحق او المصداقية ؟ في الحقيقة ان الباطل او الزيف او الغش ايضا له القدرة على احراز النجاح او الانتصار او الفوز بالبقاء اذا ما توفرت له ظروف الجهل او قلة الوعي او ضعف التمييز او الضبابية في الرؤية . , كما ان المنازعات كثيرا ما تكون ناجمة عن سوء الفهم او سوء التقدير او نقص في المعلومات او تلفيق في الاخبار , ومن ينظر عبر نافذة واحدة لن يعرف جميع جيرانه .
ففيما يتعلق بعلاقة النجاح بالحق فنحن نعتقد ان من الممكن في ظروف معينة ان يكون النجاح حليف الخطأ ويكون الفشل نصيب الصواب دائميا , ان نجاح اي عقيدة في الانتشار لا يمكن اعتباره دليلا على ان جميع تعاليمها ومفاهيمها صحيحة وصائبة وتعبر عن الحقيقة , فقد ينجح تاجر ذو مهارة في فن التجارة في خداع الناس وبيعهم ما لديه من بضاعة مغشوشة او رديئة وغير مطابقة للمواصفات الصحيحة مستغلا جهلهم اونقص معرفتهم , وقد ينجح محامي متمرس ذو خبرة في المسالك القانونية في كسب قضية باطلة مستغلا جهل أصحاب الحق في توفير الادلة الثبوتية لدحض افتراءات اصحاب الباطل , ان الجهل يعمي الابصار , ففي ظل الجهل لا يمكن التمييز بين الحقيقي والمزيف , ولا يمكن التمييز بين الصدق والكذب , وخلاصة القول ان أي نجاح ليس دائما نتيجة حتمية للحق , ففي ظل الجهل قد يحرز الباطل نجاحا .
وما يتعلق بعلاقة الانتصار في المعارك بالحق , فيجب ان نعرف ان نتيجة أي صراع اوقتال بين طرفين او فئتين يتوقف على ثلاثة عوامل بغض النظر عن مباديء اومعتقدات كل طرف وبغض النظر عن مصداقية او استحقاق كل فئة , والعوامل الثلاثة هي : 1) المستلزمات المادية وتشمل المقاتلين ومعدات القتال كما ونوعا فهذه لها اهمية كبيرة في نتيجة المعركة 2 ) المستلزمات المعنوية وتعني الطاقة او القوة المعنوية الدافعة التي تدفع الانسان نحو القتال والتضحية او المغامرة بحياته في سبيل دوافع قد تكون دينية او عقائدية او تكون اقتصادية او حتى نزعة عدوانية توسعية شريرة , ان الطاقة القتالية تختلف من انسان لاخر حسب قوة الدوافع التي تحركه جذبا او تنافرا , ان الحق عادة يولد معنويات عالية وطاقة قتالية كبيرة لدى اصحابه , وان الطاقة القتالية لفئة قليلة العدد والعدة اذا كانت تقاتل عن حق او حتى عن اعتقاد بانها على حق وهي على خطأ وضلال وهي لا تعلم , تكفي هذه الطاقة لمواجهة فئة اكثر عددا وعدة منها , كما ان في ظل ظروف الجهل يمكن للباطل من خلال اساليب الخداع والتضليل او ربما عن جهل بالحقيقة ان يشحن اتباعه الجهلاء بطاقة قتالية بدافع عقائدي او بدافع الحصول على الاموال او النفوذ , والتاريخ يحدثنا عن معارك عديدة انتصر فيها الباطل على الحق , والخطأ على الصواب , والزيف على الحقيقة 3 ) توفر مستلزمات الحركة السريعة وفنون المناورات والتكتيك , فالتحركات المفاجئة والسريعة في المكان والزمان المناسبين تصنع نصرا .
ان هذه العوامل الثلاثة تمثل قوى فعالة اساسية في أي قتال , وعادة ما يمتلك كل طرف متصارع قدرا متباينا من هذه القوى , وان نتيجة القتال او الصراع او المواجهة تكون لصالح الطرف الذي يمتلك أعلى قيمة لمحصلة هذه القوى الثلاثة التي لديه , وخلاصة القول ان الانتصار في ميادين القتال لا يمكن اعتباره دليلا على صواب او استحقاق المنتصر , لان قيم ومباديء الحق ليست معيارا وحيدا في ميزان القوى بين أي طرفين متحاربين , فاذا كان الحق هو المصدر الاقوى للطاقة القتالية فانه بالتاكيد ليس المصدر الاوحد .
واما ما يتعلق بمبدأ ما ينفع الناس فيمكث في الارض فان هذا لا يعني ان البقاء والاستمرارية والديمومة حصرا لكل ما هو نافع للناس , فالبقاء وفقا لمعاييرالطبيعة ليس مرهونا بالمنفعة للناس وانما مرهونا بالتوافق مع قوانين الطبيعة بمنافعها واضرارها , وهناك الكثير من الكائنات والاشياء الموجودة في بيئتنا الطبيعية منذ زمن سحيق وهي لا منفعة فيها لنا , بل ان بعضها ضارة لنا . ان المعتقدات التي يؤمن بها الناس قد تبقى راسخة في عقولهم ووجدانهم على مدى آلاف السنين , ولكن بقاء هذه المعتقدات كل هذه الفترة الطويلة في عقول الناس لا يعتبر دليلا على مصداقيتها وصحتها مئة بالمئة , لان اي معتقدات مهما كانت درجة مصداقيتها او استحقاقها لها القدرة على المكوث في عقول الناس زمنا طويلا طالما كانت الحقيقة مجهولة . فمن ذا له القدرة على دحض الافتراءات اذا لم يكن يعرف الحقيقة , ومن ذا يملك القدرة على التمييز في الظلام اذا لم يكن يملك مصباحا , وعليه فان البقاء ليس معيارا للصلاحية طالما ان الجهل هو الشائع .
واما قضية المعجزات الخارقة التي تتحدث عنها الاديان في معرض دعمها لصدق نبوة مؤسسيها وصحة العقيدة التي جاؤوا بها , فان هذا القضية لا تخلو من التضخيم والتهويل لبعض الاشياء التي من الممكن ان يقوم بها أشخاص ليسوا أنبياء ولا دعاة عقيدة وهؤلاء يتواجدون في كل مكان وزمان , ان الخداع البصري والطاقات الايحائية لدى بعض البشر ليست امور خارقة لقوانين الطبيعة , كما ان البشر الذين يحيون في بيئة الجهل ليس بوسعهم تفسير الامور وتمييز الاشياء وتحليل الاحداث بشكل منطقي , ان من ينشأ في ظل الجهل يكون فاقدا للقدرة على التمييز بين المعقول وغير المعقول وبين الخطأ والصواب , في ظل الجهل تموت الحرية وتنتعش العبودية , لقد عاش الانسان على مدى آلاف السنين في عبودية شديدة للمعتقدات , ولا زالت هذه العبودية موجودة لغاية ايامنا هذه , ان العبودية الشديدة للمعتقدات هي التي تولد التطرف , في ظل الجهل تولد مظاهر التعصب والتطرف والعنف العقائدي , واذا كان لهذه العبودية في السابق ما يبررها حيث الجهل والظلام , فانه ليس هناك أي مبرر لها في الوقت الحاضر بعدما أنار لنا العلم حياتنا وكشف لنا حقائق الطبيعة , فكان صادقا معنا ومحترما لعقولنا .
اننا نعتقد ان منتوجات السابقين لم تعد مطابقة لمواصفاتنا القياسية , وبالتالي فان الدعوة الى اقتناء وتداول جميع منتوجات السابقين انما هي دعوة غير صحيحة لان تلك المنتوجات فقدت الكثير من صلاحيتها بسبب بعد الزمان وتغير ظروف المكان , اذ ان لكل عصر ظروفه ولكل مكان ظروفه , وان عصرنا هذا يتميز عن جميع العصور السابقة بميزات كبيرة وعظيمة , انه عصر ( اقتحام الفضاء ) وعصر( تكنولوجيا الاتصالات ونقل المعلومات ) وعصر ( الجينوم وهندسة الجينات والتحكم بالخلية الحية ) . في عصرنا هذا تحدث المعجزات , نحن نملك الحقيقة فكيف نتبع من لم يملكها ؟ وكيف نقتدي به ؟
اننا في هذا العصر لسنا بحاجة الى القناديل التي لا تنير إلا طرق الاوهام والخرافات , ولسنا بحاجة الى الخبز الذي لا يشبع إلا المخدوعين والسذج , ولسنا بحاجة الى الروايات والحكايات التي لا تنطلي إلا على الجهلة والواهمين . فلدينا في عصرنا هذا ما هو خيرا منها , لدينا العلم ومنجزاته العظيمة , فهو النور وهو الخبز وهو الحقيقة الناصعة . ان الشيء الوحيد الذي يرضينا هو الحقيقة , فطالما نملك العين التي تبصر والاذن التي تسمع والعقل الذي يفكر فاننا لن نقتنع إلا بالحقائق العلمية . لقد شهدت البشرية عبر تأريخها الطويل حروبا ومنازعات كثيرة بسبب اختلاف العقائد واختلاف الحضارات , ولا زالت هذه المنازعات موجودة لغاية عصرنا هذا , وهذا شيء مؤسف , لأنه لا يليق بالبشر في هذا العصر ان يتنازعوا ويتقاتلوا بسبب مفاهيم ومعتقدات وضعت في عصور سابقة ولا يملك أحد الدليل على مصداقيتها وهي بالاساس لا تتفق مع الحقائق العلمية . ان الاوهام والخرافات لا تجد طريقها لتعشعش في عقول الناس إلا عندما تجهل الناس الحقيقة , وفي عصرنا هذا ـ عصر المعلومات والحقائق العلمية ـ فان الاوهام والخرافات والحكايات غير الواقعية لا تنطلي إلا على السذج من البشر الذين لا يتمتعون بقوى عقلية ونفسية سليمة , اننا بصراحة لا نريد ان نحيا سذجا مخدوعين , ولا نريد ان نحيا على وعود وآمال كلها اوهام وخيال . نريد ان نحيا حياتنا بكامل حقوقنا ولا نريد ان نحيا من أجل حياة ما بعد حياتنا لان هذه لا وجود لها ومخدوع من يصدق بها , اننا بحاجة الى عقيدة تصدق معنا وتصلح شأننا وتنفعنا في حياتنا , كما اننا بحاجة الى صياغة مفاهيمنا ومبادئنا وقيمنا الاخلاقية في عصرنا هذا استنادا الى الحقائق العلمية المتوفرة بين أيدينا في الوقت الحاضر لكي لا نشعر بالانفصام بين العقيدة والحقيقة .
اننا لا ننكر ان جميع الاديان الشائعة في العالم حاليا قد أدت خلال العصور السابقة خدمات عظيمة للبشرية , وكان لها أهمية كبيرة في مراحل تطور الفكر البشري , فقد كان لوجودها ضرورة وكان لقيمها الاخلاقية دورا كبيرا في حماية المجتمع بالرغم من اسلوبها الخيالي , وعلى العموم ان يحيا الانسان على أمل سرابي خيرا من أن يحيا بدون أمل , ولقد آن الاوان لكي تحال تلك العقائد على التقاعد بعد ان انتهى دورها وانتهت رسالتها .
واستنادا لما تقدم فاننا نرى ان هناك ضرورة ملحة ومبررات قوية لتأسيس عقيدة جديدة تصلح للعصر الحالي للبشرية , عقيدة تنسجم مع الحقائق العلمية ومع الطبيعة البشرية وفي نفس الوقت لا تتعارض مع قوانين الطبيعة المادية , وتكون هذه العقيدة بديلا عن جميع الاديان الموجودة في العالم في الوقت الحاضر , واستنادا لما تقدم فاننا نعرض من خلال هذا الكتاب عددا من المقترحات التي نراها كفيلة بتحرير الانسان في كل مكان على سطح هذا الكوكب تحريرا كاملا من عبودية او تبعية العقائد القديمة , وتقطع الصلة تماما بكل معتقدات ورموز تلك العقائد , وتوفر مناخا حقيقيا للتقارب والتآلف بين شعوب العالم كافة , منتهجين نهجا علميا وعلمانيا وعالميا في صياغة المفاهيم التي تشتمل عليها هذه المقترحات , ومتخذين من الحقيقة شعارا وغاية , ومتمسكين بجميع الوسائل التي تخدم قضية السلام العالمي وقضية حقوق الانسان وتخدم مباديء وقيم الحضارة والتقدم .
ان هذه المقدمة انما هي بمثابة اعلان عن نهاية مرحلة من مراحل تطور الفكر البشري وبداية مرحلة جديدة , انها اعلان عن نهاية العقيدة الدينية لدى البشر وبدأ عقيدة جديدة تعتمد الحقيقة العلمية غاية ومنهجا لها , انها عقيدة العصر الجديد للبشرية .
ففيما يتعلق بشعار الحقيقة فقد وضعنا نصب أعيننا القاعدة المبدأية التالية : ـ (( ليس هناك ما يستحق ان نؤمن به ايمانا عميقا وراسخا سوى الحقيقة , وانه من الجهالة والضلالة ان نحول الاعتقاد الى ايمان عندما يكون المعتقد مجرد افتراض وليس حقيقة )) .
ان هذه القاعدة المبدأية أصبحت بمثابة قانون فكري وأخلاقي نعتمده في كل أفكارنا ومفاهيمنا وقيمنا , واما تعريفنا للحقيقة فهو ما يلي : ـ
في ما يتعلق بالطبيعة البشرية فالحقيقة هي : ـ كل ما يعبر عن الحق والصدق والمنطق والواقعية ويتقبله العقل السليم بموجب أدلة وبراهين لا تطالها الشكوك ولا تقيدها ظروف المكان والزمان .
واما ما يتعلق بالطبيعة المادية فان الحقيقة هي : ـ كل ما هو موجود في الطبيعة ويمكن ادراكه من خلال حواس الانسان او من خلال الاجهزة والمعدات العلمية ذات التقنية الفائقة التي تفوق قدرات حواس الانسان في التحسس بغض النظر عن ظروف المكان والزمان , وان أي شيء خارج هذا الوجود المحسوس لا يعتبر حقيقة وانما مجرد افتراض .
ومن هذا التعريف فاننا نعتبر الوجود بما يحتويه من مادة وطاقة وحركة وكذلك القوانين الخاصة بمحتويات هذا الوجود ( قوانين المادة والطاقة والحركة ) كلها نعتبرها حقيقة , لأن وجودها قائم يمكن ادراكه في كل مكان وزمان , وان أي شيء خارج كينونة هذا الوجود او خارق لقوانين الوجود فهو لا وجود له وبالتالي لا حقيقة له .
واستنتاجا من هذا التعريف للحقيقة فقد وضعنا مرجعيتين اساسيتين واعتمدناهما في صياغة المقترحات السبعة التي يتضمنها هذا الكتاب , والمرجعيتان هما : ـ
1 ـ مرجعية الحقيقة والتي تنص على (( ان المرجعية الوحيدة في صياغة معتقدات الناس وافكارهم هي الحقيقة , وان أي معتقد لا يستند الى هذه المرجعية يعتبر مضلل للناس )) .
2 ـ مرجعية الطبيعة والتي تنص على (( ان المرجعية الوحيدة في تنظيم شؤون الناس ومصالحهم هي الطبيعة , وان أي تنظيم أو ترتيب لا يستند الى هذه المرجعية يعتبر مفرق للناس )) .
انه لشرف عظيم لنا ان نقدم وبكل تواضع هذا الجهد الفكري الذي يتضمنه هذا الكتاب الى جميع شعوب العالم قاطبة , والذي يشتمل على المقترحات او المشاريع السبعة التالية لتكون ملامحا او سماتا للعصر الجديد للبشرية :
( 1 ) مقترح العقيدة العالمية الجديدة ( عقيدة العصر الجديد )
( 2 ) مقترح الابجدية العالمية الموحدة ( الحروف العالمية الموحدة )
( 3 ) مقترح التقويم العالمي الجديد .
( 4 ) مقترح التوقيت العالمي الجديد .
( 5 ) مقترح البطاقة الشخصية العالمية الموحدة .
( 6 ) مقترح النظام الموحد لتشكيل أعلام دول العالم .
( 7 ) مقترح الهيكلية الجديدة لمجلس الامن التابع للامم المتحدة .
كما اننا ندعو لأقامة نظام اقتصادي عالمي مستقر ومتوازن وقائم على العدالة والتعاون والمنفعة المتبادلة , وان يتم استحداث عملة عالمية موحدة ليساهم وجودها في خلق التوحد العالمي وفي التقارب والتآلف بين شعوب العالم .
اننا نعتقد ان المقترحات التي نعرضها من خلال هذا الكتاب تساهم مساهمة فعالة في تحقيق أهداف وتطلعات البشرية في السلام العالمي الشامل والدائم وفي ترسيخ مباديء حقوق الانسان وفي رسم صورة واقعية للسعادة والرخاء والتقدم لشعوب العالم كافة .
ان البشرية في عصرنا هذا تواجه تحديات عديدة تتمثل أخطرها في وجود الافكار والمعتقدات العنصرية او العدوانية التي تنطوي على إثارة الكراهية والعنف والارهاب في ما بين البشر , وكذلك في وجود أسلحة الدمار الشامل والابادة الجماعية بانواعها الثلاثة النووية والكيمياوية والجرثومية , اضافة الى وجود انظمة ديكتاتورية لا تقيم وزنا لحقوق الانسان وخاصة عندما تمتلك مثل هذه الانظمة اسلحة دمار شامل .
ان هذا الكتاب بما يحتويه من أفكار ومقترحات نقدمه بنوايا سليمة وصادقة هدية الى شعوب العالم كافة تعبيرا عن المحبة الخالصة لبني الانسان , لاننا في حدود ادراكنا لهذا الوجود نعتقد ان الانسان هو أثمن ما في الوجود ومن دونه لا قيمة للوجود .



#رياض_العصري (هاشتاغ)       Riad_Ala_Sri_Baghdadi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المباديء الاخلاقية في عقيدة العصر الجديد 2
- المباديء الاخلاقية في عقيدة العصر الجديد 1
- المباديء الفكرية في عقيدة العصر الجديد 3
- المباديء الفكرية في عقيدة العصر الجديد 2
- المباديء الفكرية في عقيدة العصر الجديد 1
- المباديء السياسية في عقيدة - العصر الجديد
- العلمانية في عقيدة - العصر الجديد
- المباديء الاقتصادية في عقيدة العصر الجديد
- نقد المعتقدات الدينية
- مفاهيم ورؤى من ( العصر الجديد ) 8
- مفاهيم ورؤى من ( العصر الجديد ) 7
- مفاهيم ورؤى من (العصر الجديد ) 6
- مفاهيم ورؤى من ( العصر الجديد ) 5
- مفاهيم ورؤى من ( العصر الجديد ) 4
- مفاهيم ورؤى من ( العصر الحديد ) 3
- مفاهيم ورؤى من ( العصر الجديد ) 2
- مفاهيم ورؤى من ( العصر الجديد ) ـ 1 ـ
- الاسلام ومأزق الارهاب
- الازمة العراقية
- لماذا عقيدة العصر الجديد ؟


المزيد.....




- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رياض العصري - نهاية العقيدة الدينية