عندما تكون حياة الشعوب في قبضة العسكر

كاظم فنجان الحمامي

الحوار المتمدن-العدد: 7510 - 2023 / 2 / 2 - 11:33
المحور: الفساد الإداري والمالي
    

تعددت انظمة الحكم وتنوعت عبر التاريخ، وتباينت في التصنيف من حيث شكل الدولة، وطريقة استلام رئيس الدولة لمقاليد الحكم، وأسلوب تسلم الحكم، والعلاقة بين السلطات، فهناك النظام الجمهوري والملكي والأميري، ونظام الحكم الذاتي والمركزي والبرلماني، والعسكري وهو أكثر الأنواع تعسفاً ودموية في بلدان العالم الثالث، ويعد علامة فارقة في سجلات البلدان العربية والإسلامية، حيث جاء توزيع قيادات معظم المدن والنواحي متناغماً تماماً مع التصنيفات العسكرية. فأصبحت مدننا عبارة عن مواقع حربية بمستوى (لواء) أو (سنجق). .
في العراق (مثلاً) كانت المحافظات (حتى ستينيات القرن الماضي) تحمل اسم (لواء)، فهناك: لواء البصرة ولواء الموصل ولواء الناصرية. . الخ. .
ثم مارست القيادات الحزبية هواياتها المفضلة في تنفيذ سلسلة من الانقلابات الدموية في مصر والعراق وليبيا وسوريا والسودان، وتحولت فيما بعد إلى دكتاتوريات عسكرية. بدأت بقيام دولة الحزب الواحد، ثم تحولت إلى ديكتاتوريات عسكرية متشددة، تؤمن بتقربب كبار ضباط الجيش، وتسليمهم مقاليد الحكم في كل ركن من أركان الدولة، حتى صارت النشاطات التجارية والزراعية والصناعية والاقتصادية والمالية والترفيهية والاعلامية والادارية والصحية والتعليمية والتربوية والفنية والادبية والرياضية والمعمارية والفكرية حكراً على قادة الجيش، ومقتصرة عليهم، أو بيد الذين يوالونهم، ويتمسحون بأذيالهم. .
فالعسكر إذا ما أقحموا أنفسهم في الشؤون السياسية، وضمنوا الوصول إلى سدة الحكم، يصبح من المتعذر إرغامهم على التخلي عن سلطاتهم. رغم أنهم ينكرون دائماً تدخلهم في السياسة، أو تسلُّم مقاليد الحكم، وأنهم إذا ما تدخلوا فإنما لإزاحة حكومة لا يؤيدها الشعب، أو بذريعة إحلال حكومة أخرى بإرادة جماهيرية مزعومة. .
ولكي لا نظلمهم لابد ان نذكر نجاحاتهم المحدودة في بدايات توليهم الحكم، لكن تلك النجاحات لن تصمد طويلا بسبب عدائهم المهني للتوصيف الوظيفي، وسرعان ما يلجئون لقواتهم الضاربة، واخضاع البلاد لسلطة الحديد والنار، وربما يتجاوزون حدود الدكتاتورية لتصبح دولتهم دموية مغلقة، تؤمن بتمجيد الوثنية الشخصية، وتخليد صنمية الحزب الأوحد. وهذا ما نراه اليوم أمام أعيننا في كوريا الشمالية، التي انفردت بالاعتماد على تعقيدات (الزوتشيه)، وتعني الاعتماد على الاكتفاء الذاتي، وغلق منافذ التبادل التجاري مع الآخرين، حتى لو مات الشعب من الجوع والمرض والتخلف. .
مشكلتنا في العالم العربي ان معظم البلدان الجمهورية انتقلت من الاستعمار إلى الدكتاتوريات العسكرية المتوارثة. .
ولكي لا نتجاوز حدود المساحة الكتابية المخصصة للمقالات، ننصح عشاق الدكتاتوريات العسكرية بقراءة كتاب ديفيد كيركباتريك، الموسوم: في أيدي العسكر (into the hands of soldiers) الذي يفضح فيه أسرار الانقلابات العسكرية وابتلاعها للبلدان، ومصادرة الحريات، فاغلقتها وحرمتها من فرص التطوير والتجديد والتقدم. .
فإذا حكم العسكر غابت السياسة، واندحرت الديمقراطية، وتبددت التطلعات المستقبلية، وامتلئت السجون والمعتقلات بالأبرياء، وتفشت الجريمة، وهبطت مستويات التعليم، وتزايدت معدلات النفاق. وشعر المواطنون بالغربة والضياع والإحباط. . .

#كاظم_فنجان_الحمامي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات