أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زكي رضا - رائحة الوقت.. رواية للروائي هاشم مطر














المزيد.....

رائحة الوقت.. رواية للروائي هاشم مطر


زكي رضا

الحوار المتمدن-العدد: 7494 - 2023 / 1 / 17 - 01:14
المحور: الادب والفن
    


الحبكة، الزمان، المكان، الموهبة، الألهام، الحسّ الأنساني، صدق المشاعر، تجسّدت كلها عند الروائي والناقد هاشم مطر وهو يتناول في روايته رائحة الوقت، باناروما التيه الفيلي وبانوراما المهجرين. وهاشم مطر وهو ينشر روايته هذه، فأنّه يغوص في أعماق نفوس المهجرّين، فيرسم مشاعرهم وأحاسيسهم وآمالهم وآلامهم ودموعهم بريشة فنان مبدع، يعرف كيف يوظّف خياله الواسع في رسم صورة مؤلمة ولكن لا بد منها لتلك الأيام الحالكة السواد. لا بدّ منها، كوننا نحن الكورد الفيليون وبقيّة المهجرّين بحاجة ماسّة لتأرخة المصائب والمصاعب التي عشناها بشكل أدبي، بعيد عن تجّار القضيّة من كل حدب وصوب، وهاشم مطر أرّخ تلك الويلات بدقّة وكأنّه مهجّر معهم عانى ما عاناه أبناء جلدته.

لم يكن هاشم مطر يجلس وسط (الزيل العسكرية) (1) ولا الى جوانبها، ولا حتّى الى جانب ذلك العسكري وهو يوجّه فوهة رشّاشه نحو الأجساد المتكدّسة في العجلة وهي تنهب الأرض نحو المجهول، بل كان يجلس فوق (القمارة) وبيده كاميرا ذات مميزّات خاصّة، فعلاوة على ألتقاطها صور ثلاثية الأبعاد لتلك النفوس التي يثقل كاهلها الخوف والرعب وفوهة الرشاش وأخرى للقلق في ترك أب أو أخ أو زوج أو حبيب، فأنّها كانت تلتقط نفس الصور للشوارع والأبنية والمحال والأسواق والمدارس وصالات السينما التي يعرف المهجرّون جغرافيتّها بشكل دقيق، ولم ينسى هاشم مطر مصابيح الطريق التي تتلاشى بسرعة والشاحنة تتوجه بسرعة نحو الحدود التي على تلك الأجساد عبورها، رغم الألغام والذئاب والأفاعي والريح العاتية والزمهرير والثلج وقساوة الطبيعة و"البشر"، تلك المصابيح التي كان نورها ينعكس لثوان على وجه أمّ تركت أكثر من إبن في قبضة الموت، أو زوجة لا تعرف إن كان في رحمها جنينا من زوجها الذي أعتقل في اليوم الثاني لزواجهما، أو أخت ودّعت أخوتها بنظرة شعرت من أنّها الأخيرة، أو فتاة رأت وهي تصعد الشاحنة تحت تهديد أصحاب الزيتوني حبيبها مكسورا والدموع تملأ عينيه.

هاشم مطر وهو يجلس على أعلى (الزيل)، لم يكن وقتها كاتبا ولا ناقدا ولا مصوّرا فوتوغرافيّا، بل كان شبحا لا يراه أحد، شبح مهمّته توثيق تلك الساعات الرهيبة لتلك الأجساد التي رافقها وهي تعبر الحدود وتعارك الطبيعة والجبال الوعرة، رافقها وهو يوجه كاميرته للأجساد التي هدّها التعب فأستسلمت مرغمة للموت لتتهاوى الى وديان سحيقة، رافقها نحو بيوت الفلاحين والرعاة البسطاء وطيبتهم، رافقها الى (الأوردگاه) (2) والخيام المبعثرة وصفير الريح وهي تخترقها والأجساد التي فيها، رافقها الى عذابات المدن والعمل المضني بأجور زهيدة، رسم اللاأنسانية في هويّات الفيليين والمبعدين والممنوحة لهم من السلطات الإيرانية (إين كارت أز نظر قانونى أرزش ندارد) (3) ! لقد رافق هاشم مطر الفيليين في محطّاتهم المختلفة وهم يزحفون نحو الشمال، فرسم باقي اللوحة بألوان حقيقية وكأنّه كان لا يزال يرافقهم.

رائحة الوقت يجب أن تزيّن بيوت الكورد الفيليين وبقيّة المهجّرين، ويجب أن تترجم ليقرأها أبنائهم في المهاجر كي يتعرفوا على الأهوال التي مر بها آبائهم وأمهاتهم.. الرواية تقول: عليكم أيها الفيليون وأيها المهجّرون ان لا تنسوا تلك الفظاعات ابدا.

شكرا ابا نخيل وأنت تترجم مآسينا وآلامنا وعشقنا للحياة رغم الموت الذي كان رفيقنا الدائم، لقد كنت معي يا ابا نخيل وأنا أعيش تلك الأيام القاسية....


(1) الزيل شاحنة عسكرية كان يستخدمها الجيش العراقي.
(1) (الأوردگاه)، كلمة فارسيّة تعني معسكر.
(3) (إين كارت أز نظر قانونى أرزش ندارد)، بطاقة تعريف كانت تعطى للمهجرين معناها (من الناحية القانونية لا قيمة لهذه البطاقة).



#زكي_رضا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل حقّق مؤتمر بغداد الأوّل 2021 أهدافه ليُعقد مؤتمره الثاني ...
- هدايا سانتا كلوز الأمريكي للعراق
- فريق مهمل ، ثلاثة بلدان، كابوس واحد
- المرجعيّة الشيعيّة وأرساء معادلة جديدة لبناء نظام الحكم في ا ...
- قراءة في الوثيقة السياسية لقوى التغيير الديمقراطية بالعراق
- هل العراق دولة ضعيفة أم منهارة أم هشّة أم فاشلة ..؟
- الكونفدرالية وقانون النفط والغاز في الصراع بين بغداد وأربيل
- السيادة الوطنيّة مَهمّة أكبر من أن يتحملّها قادة العراق والأ ...
- عمر الخيّام الى الفضاء وابا نؤاس تُقَطّع أوصاله
- ضاع موطني بين الملّايات والماكيرات
- مجاميع الظل الحاكمة بالعراق
- سحق العراق بين إلإطارين
- إنتخاب رئيس للجمهورية إنتصار للإتحاد الوطني وقوى المحاصصة ول ...
- من حرق المصاحف والمساجد في إيران ..؟
- الإسلاميّون وعمائمهم علّموني الوطنية والنزاهة والأخلاق..!!
- لتتعلّم بغداد من ليفربول
- مستقبل العراق وآفاقه الضبابية
- غيتو الخضراء ... مفارقات تاريخيّة
- خطورة التنازل الطوعي عن الديموقراطيّة بالعراق
- قطار ولاية الفقيه وصل حدود النجف الأشرف


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زكي رضا - رائحة الوقت.. رواية للروائي هاشم مطر