راهنية البيان الشيوعي

نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)

الحوار المتمدن-العدد: 7488 - 2023 / 1 / 11 - 18:31
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    

يعد البيان الشيوعي واحدا من أهم الوثائق في التاريخ الحديث لجهة تاثيره على عوالم السايسة والاقتصاد والفلسفة والآداب بمختلف حقولها، فمنذ قرن وثلاثة أرباع القرن، وبالتحديد منذ صياغته وإقراره في العام 1847 ونشره في العام 1848 كان البيان الشيوعي ( The communist Manifesto) وما يزال البيان إلى يومنا هذا مرجعا مهما في فهم قوانين التطور الاجتماعي وصياغة علاقات البشر، طبقات وأفراداـ ببعضهم البعض وبما ينتجونه من ثروات وخيراتت كما في شؤون تنظيم المجتمع وسياسته. فهذا البيان الذي صاغه الفيلسوفان الشابان في ذلك الوقت كارل ماركس (مواليد 1818) وفريدريك انجلس (مواليد 1820)، سيترك أثره بشكل فوري وعلى امتداد العقود التالية على كل مجالات الفكر والفلسفة والحياة السياسية والاقتصادية وحتى على ميادين الثقافة والفنون والأدب، فقد نشأت على اثر هذا البيان حركة سياسية وثقافية شيوعية شاملة، وتحولت الشيوعية من أفكار عامة و"شبح غامض" يهدد اوروبا والعالم، إلى حركة سياسية ثورية منظمة تنشط في وسط العمال، ولا تخفي أهدافها وبرامجها في العمل من أجل إسقاط النظام السياسي الاقتصادي الراسمالي الذي يعمل فقط لمصلحة الطبقة البرجوازية، عن طريق ثورة الطبقة العاملة (البروليتاريا) ونضالها السياسي وصولا الى استلامها السلطة.
بدأ انتشار الفكر الاشتراكي في أوساط واسعة وعديدة من المفكرين والمثقفين والسياسيين منذ بدايات سيطرة النظام الرسمالي والطبقة البرجوازية التي احكمت سيطرتها على المجتمعات والدول على أنقاض النظام الاقطاعي الذي ساد على امتداد القرون الوسطى، لكن الثورات الصناعية ثم الاجتماعية والسياسية زعزعت أركانه وأسسه، ومع بدء انكشاف المظالم التي يحملها هذا النظام الجديد للعمال وللانسانية بشكل عام، ووسط ذلك ظهرت العديد من محاولات اصلاح عيوب النظام الراسمالي، كما برزت أفكار اشتراكية طوباوية (خيالية/ نسبة الى يوتوبيا)، جاء الفكر الشيوعي ليطرح رؤية جديدة للفكر الاشتراكي وهي فكرة الثورة التي تقودها الطبقة العاملة لتبني الاشتراكية العلمية، اي الاشتراكية المستندة الى معرفة قوانين تطور المجتمع، وقد بشر البيان الشيوعي بعهد جديد للفكر والممارسة الاشتراكية التي تحل فيها الاشتراكية العلمية (الشيوعية) المستندة الى قيادة الشريحة المتقدمة من الطبقة العاملة (البروليتاريا) محل كل أفكار الاصلاح الوهمية مثل محاولات الفابيين والميثاقيين (الشارتريين) واتباع اوين في المانيا، وافكار الاشتراكية الطوباوية الفرنسية المستندة الى تصورات سان سيمون وفورييه وغيرهما، تتسلح الاشتراكية العلمية بتجربة الاشتراكيين العملية ونضالهم السياسي والنقابي مع رؤية فلسفية تغتني من الافكار الفلسفية الالمانية لكل من هيغل ( الديالكتيك) وفويرباخ (الفكر المادي) ، ويطلق ماركس في مؤلفاته اللاحقة نظريته بشأن الفلسفة والتي كانت وظيفتها تقتصر على وصف العالم، ولكن مع نظرية الاشتراكية العلمية صارت وظيفة الفلسفة تتمثل في تغيير العالم.
أنتج كل من ماركس وانجلز وتلاميذهما كثيرا من الكتب والمؤلفات المهمة التي تشرح بالتفصيل جوانب الفكر الاشتراكي العلمي وهذا ما برز بشكل خاص في رأس المال، العمل الأكبر والأهم لماركس الذي حلل فيه الصراع الطبقي في المجتمع الراسمالي، وكذلك في مؤلفات انجلز التي ركزت على الجوانب العلمية المادية من الفلسفة والتاريخ الاجتماعي وخاصة في أصل العائلة والملكية الخاصة والدولة، وديالكتيك الطبيعة، وكذلك في الكتابات اللاحقة لكل من فلاديمير لينين وبليخانوف ، ولكن يبقى البيان الشيوعي هو الوثيقة المكثفة الأهم التي تشرح طبيعة الفكر الشيوعي على الرغم من حجمه المحدود الذي لم يزد في طبعاته الأولى باللغات الاوروبية في ذلك الوقت (الانجليزية، والفرنسية والالمانية، والايطالية والفلمنكية والدنماركية) عن 130 صفحة.
الفكرة الأهم في البيان الشيوعي هي انقسام المجتمعات الى طبقات وكون التاريخ هو ترجمة لهذا الصراع الدائم بين الطبقات على الرغم من تغير الانظمة الاجتماعية الاقتصادية، من المشاعية للعبودية للاقطاع ثم الراسمالية، ويرى البيان ان نهاية الصراع الطبقي تكون فقط عند سيطرة الطبقة العاملة والغاء الطبقات.

#نهاد_ابو_غوش (هاشتاغ)       Nihad_Abughosh#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل