أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - نهاد ابو غوش - بين إعلان الاستقلال وتجسيده الفعلي














المزيد.....

بين إعلان الاستقلال وتجسيده الفعلي


نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)


الحوار المتمدن-العدد: 7438 - 2022 / 11 / 20 - 11:48
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


نهاد أبو غوش
في الذكرى الرابعة والثلاثين لإعلان الاستقلال الفلسطيني، حفلت مواقع التواصل الاجتماعي وبعض المنتديات الواقعية والافتراضية، بموجة واسعة من التندر والتهكم والتنمر على هذه الذكرى ودلالاتها، إلى درجة وصفِها بالفاظ بذيئة، ومسيئة بالحد الأدنى من قبيل: كذبة الاستقلال، ووهم الاستقلال، والاستقلال الزائف وما إلى ذلك من شتائم على المناسبة والمحتفلين بها. وحتى على من أطلق الإعلان وهي القيادة التاريخية للشعب الفلسطيني وعلى رأسها الشهيد ياسر عرفات، على الرغم من أن القسم الأكبر ممن شاركوا في إطلاق الإعلان أصبحوا في ذمة الله ومن بينهم شاعرنا الكبير محمود درويش الذي تولّى الصياغة الأدبية للإعلان.
كان يمكن تفهّم بعض هذه الاعتراضات لو أنها كانت موجهة للجوانب الشكلية لإحياء الذكرى التي تأتي غالبا على حساب مضمونها النضالي، من قبيل تعطيل المدارس والدوائر الرسمية بدل ان يخصص هذا اليوم للقيام بفعاليات وطنية واسعة تؤكد معنى الاستقلال، مثل تخصيص حصص دراسية عن المناسبة، والقيام بفعاليات وطنية وجماهيرية، وتكريم المناضلين والشهداء والأسرى، والمسيرات والفعاليات الكفاحية والعمل التطوعي، أو لو جاء الانتقاد لحالة الإغراق في الشكليات والمراسيم كالتفنن في إطلاق ألقاب الفخامة والتعظيم وصفات المعالي والعطوفة والسعادة التي لا معنى لها في نظام يقدر مبدأ المواطنة ويحترم قيم المساواة بين أفراده، وينظر للوظيفة العمومية باعتبارها خدمة للجمهور، وكذلك مظاهر الأُبَّهة و" الهيلمان" التي تحيط بكبار المسؤولين من مواكب مرافقين ومساعدين وسيارات فارهة بينما نسبة عالية من شعبنا تكابد ضنك العيش والعوز وتعاني من ارتفاع نسب الفقر والبطالة.
ولكن للأسف انصبت الانتقادات ومظاهر السخرية على الإعلان نفسه، وعلى دلالاته وتوقيته، مع أن معظم هؤلاء الساخرين لم يجتهدوا كثيرا في اقتراح البدائل، هل نقبل بالاحتلال مثلا كمصير نهائي وقدر كتب على شعبنا؟ أم نشحذ الهمم ونشد الحيل ونغذّ الخطى لإيجاد بدائل نضالية تقودنا إلى الاستقلال الفعلي في اسرع وقت ممكن؟
ليس سرا أن إعلان الاستقلال الفلسطيني جاء في ذروة حالة نضالية فلسطينية ناهضة ومميزة، هي الانتفاضة الكبرى التي بدأت في نهاية العام 1987، وقدمت نموذجا فريدا على المستوى العالمي للنضال الجماهيري الواسع، حتى أن لفظ "الانتفاضة" دخل قواميس كثير من اللغات العالمية للدلالة على هذه الحالة النضالية الاستثنائية، كما وفّرت الانتفاضة إجماعا شعبيا قلّ نظيره على أهداف العل الفلسطيني وشرعية قيادته التاريخية. كما تزامنت مع نموذج مميز للوحدة الوطنية التي لم تقتصر على قيادات القوى والهيئات السياسية بل تجسدت أولا في ميادين الكفاح، فجاء إعلان الاستقلال ليتوّج هذه الحالة، ويرسم هدفا واقعيا وملموسا وقابلا للتحقيق للنضال الوطني الفلسطيني بدلا من الأهداف العامة والمطلقة. وهذه الأهداف التي رسمها إعلان الاستقلال ساهمت في استقطاب أوسع تأييد عالمي للنضال الفلسطيني وهو ما تمثل في سيل الاعترافات العالمية بدولة فلسطين، اعترافات ما زالت تمثل مكسبا سياسيا للشعب الفلسطيني ويمكن توظيفها لقطع الطريق على مخططات أو مؤامرات للاحتلال وداعميه للقضاء على خيار الاستقلال الناجز.
يمثل إعلان الاستقلال وثيقة دستورية في غاية الأهمية لطبيعة النظام السياسي الذي يناضل الفلسطينيون لتحقيقه، وهو نظام قائم على التعددية ويصون الحريات العامة، ويطمح لبناء نظام عصري قائم على استقلال القضاء والعدل الاجتماعي والمسساواة وعدم التمييز في الحقوق على أساس الدين واللون والعرق او بين الرجل والمرأة، وهي مبادئ متقدمة جدا حتى بمعايير الوقت الحالي وبعد إقرار عديد المعاهدات والاتفاقيات الدولية، وسوف تحتفظ هذه الوثيقة بأهميتها التاريخية كصيغة مرجعية ودستورية لأية قوانين وأنظمة مستقبلية قد تمس الحقوق والحريات العامة. كما ترصد وثيقة إعلان الاستقلال علاقة الشعب الفلسطيني بأرضه وتضحياته من أجلها وصموده في وجه كل التحديات فتشكل بذلك مادة تعبوية وسلاحا معنويا للأجيال المتلاحقة من الفلسطينيين والفلسطينيات.
من المعروف ان سلسلة من الأحداث والتطورات الدولية والإقليمية التي لم تكن في صالحنا طرأت بعد الإعلان بسوات قليلة فساهمت في مزيد من الإخلال بموازين القوى لغير صالح شعبنا ونضاله من أجل الاستقلال، أبرز هذه الأحداث كان انهيار الاتحاد السوفييتي والمنظومة الاشتراكية وخسارة جبهة دولية كانت على الدوام إلى جانب شعبنا وسائر الشعوب المقهورة وحركات التحرر، وكذلك حرب الخليج واحتلال العراق، ثم بدء مسيرة التسوية على أساس مؤتمر مدريد واتفاقات أوسلو في ظل الاختلال الفادح في موازين القوى، واستفراد الولايات المتحدة في رعابة ما أسمي بعملية السلام، وقد ثبت للقاصي والداني أنها رعاية بعيدة عن النزاهة والحياد، ومنحازة بشكل مطلق لإسرائيل ومعادية لشعبنا وقيم العدالة والشرعية الدولية.
وكأننا لم نكتف بالظروف الدولية والإقليمية التي أعاقت استقلالنا، فكان لا بد من ان نساهم بأيدينا في زيادة معاناتنا من خلال الانقسام البغيض وسوء الأداء وانتشار مظاهر الفساد والمحسوبية والقمع والاستبداد وغياب الحريات والرقابة وتعطيل دور المؤسسات وتقديم نموذج رثّ للأداء الفلسطيني وكاننا غير قادرين على إدارة شؤوننا بأنفسنا.
يجدر بنا وبكل من يملك حسا نقديا أن ينتقد العوامل التي أضعفتنا وأعاقت قدرتنا على تحقيق الاستقلال، أو ساهمت في إطالة أمد معاناتنا وجعلت هدف الاستقلال يبدو كالسراب كلما قدمنا مزيدا من التضحيات وحسبنا أننا اقتربنا منه يبتعد عنا ويبدو أصعب من ذي قبل!
للتذكير والتأمل: المشروع الصهيوني قبل إعلان دولته أنشا الجامعة العبرية، ومعهد التخنيون، ومعهد وايزمان، والمكتبة الوطنية الإسرائيلية، وأنوية الجيش والهستدروت، والأحزاب والصناعات الحديثة وغيرها من منشآت البنى التحتية وبعد ذلك ركّب الدولة، أما نحن فيبدو أننا بدأنا ب"الشقلوب" أي بالمراسم والمظاهر وألقاب التفخيم والسجاد الأحمر!



#نهاد_ابو_غوش (هاشتاغ)       Nihad_Abughosh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن مشكلات الترجمة من العبرية (2 من 2)
- عن مشكلات الترجمة من العبرية (1 من 2)
- الفرص والتهديدات بعد صعود الفاشية الصهيونية
- صعود الفاشية الصهيونية يكشف اسرائيل على حقيقتها
- يمين فاشي يستند إلى عصابات الشوارع
- حوارات الفصائل وجديد يعتمل في قلب التحركات الوطنية
- عن النقابات وديمقراطيتها وهويتها الوطنية
- الحرب التي يستحيل انتصار إسرائيل فيها
- جيش الاحتلال والسجالات الدينية السياسية
- السلطة بين ما تريده إسرائيل وما يريده شعبها
- حرية الأسرى جزء لا يتجزأ من حرية الشعب
- الاستثمار الإسرائيلي في تطوير أدوات القتل
- احتمالات وشروط انتفاضة جديدة شاملة
- عن دموع سُلاف وانتظار أزهار
- تمسُّك إسرائيل باحتكار دور الضحية
- في الأداء الإعلامي خلال المعارك
- عن جولة وحدة الساحات
- استهداف الثقافة اعتداءٌ على المجتمع
- عدوان غادر ومُبيّت
- الأولوية لوقف الانهيار


المزيد.....




- نيابة مصر تكشف تفاصيل -صادمة-عن قضية -طفل شبرا-: -نقل عملية ...
- شاهد: القبض على أهم شبكة تزوير عملات معدنية في إسبانيا
- دول -بريكس- تبحث الوضع في غزة وضرورة وقف إطلاق النار
- نيويورك تايمز: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخاص ...
- اليونان: لن نسلم -باتريوت- و-إس 300- لأوكرانيا
- رئيس أركان الجيش الجزائري: القوة العسكرية ستبقى الخيار الرئي ...
- الجيش الإسرائيلي: حدث صعب في الشمال.. وحزب الله يعلن إيقاع ق ...
- شاهد.. باريس تفقد أحد رموزها الأسطورية إثر حادث ليلي
- ماكرون يحذر.. أوروبا قد تموت ويجب ألا تكون تابعة لواشنطن
- وزن كل منها 340 طنا.. -روساتوم- ترسل 3 مولدات بخار لمحطة -أك ...


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - نهاد ابو غوش - بين إعلان الاستقلال وتجسيده الفعلي