أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسر جابر الجمَّال - البعد الكوزموبوليتاني في شخصية الإسكندرية














المزيد.....

البعد الكوزموبوليتاني في شخصية الإسكندرية


ياسر جابر الجمَّال
كاتب وباحث

(Yasser Gaber Elgammal)


الحوار المتمدن-العدد: 7487 - 2023 / 1 / 10 - 14:58
المحور: الادب والفن
    


يمكن فهم شخصية الإسكندرية بعيدًا عن مفهوم الكوزموبولتيانية التي هي مزيج خاص من عدة ثقافات أهمها بالطبع الثقافة العربية، ويليها الثقافة اليونانية سواء في عصورها القديمة أو عصورها الحديثة.
والحقيقة أن الإسكندرية كانت تعج بالكثير من السكان اليونانيين الذين ينتشرون في مختلف بقاع المدينة.
كما عاش فيها الشاعر اليوناني الكبير قسطنطين كافافيس، والذي كان له تأثير على الحياة الأدبية في المدينة، ولذلك" ما العنصر الفاعل في هذه الشاعرية؟ أقصد ما هي السمة الجوهرية في شخصية الإسكندرية التي صنعت شاعريتها؟‏.
السمة الجوهرية في شخصية الإسكندرية هي أنها مدينة تحتضن العالم كله‏، مدينة كوزوموبوليتانية تتجاوز حدود الوطن وتعيش في العالم ويعيش العالم فيها‏.‏
العربية بالطبع هي لغة الإسكندرية القومية منذ عدة قرون‏، لكن اليونانية أيضا لغة من لغاتها‏، والعبرية، والإيطالية‏، والفرنسية‏، ‏وقد فطن الطهطاوي لهذه السمة الجوهرية فقال في ملحوظة مبكرة في كتابه تخليص الإبريز‏:‏ إنها - أي الإسكندرية - قريبة الميل في وضعها وحالها إلى بلاد الإفرنج‏، وإن كنت وقتئذ - أي قبل أن يخرج من مصر - لم أر شيئا من بلاد الإفرنج أصلاً‏، وإنما فهمت ذلك مما رأيته فيها دون غيرها من بلاد مصر‏، ولكثرة الإفرنج ونحو ذلك‏، ‏وتحقق ذلك عندي بعد وصولي إلي مرسيليا‏، فإن الإسكندرية عينة مرسيليا وأنموذجها‏.‏
شعر الإسكندرية إذن هو شعر كل اللغات وكل الثقافات وكل العصور‏، ‏وهذه أول سمة تشخصه‏، ومنها تأتي بقية السمات‏؛‏ فشعر الإسكندرية مزاج جديد من الشعر لأنه ثمرة الحوار والتفاعل والاتصال بين اللغات والثقافات"( ).
وهذه الفقرة السابقة دالة على بروز عنصر غير عربي في نسيج الشعر والأدب في الإسكندرية إذ لا يمكن أن تنتج مدينة شعرًا حقيقيًا لا يتأسس على أصل نسيجها الاجتماعي، وهو في حالة الإسكندرية نسيج متعدد الأجناس، وذلك كما رأينا - في العرض التاريخي- بعدًا أصيلاً سبق أن أشار إليه الباحث، وقد آن أن نلقي الضوء مجددًا على أهميته، وهو كون الإسكندرية، نموذجًا مستمرًا لتدفق الثقافة الهيليستنية في العصور المختلفة، وهي تعني انصهار الفكر اليوناني بالفكر اللاتيني والعربي في العصر "السكندري"، وظهرت خلال هذه الفترة فكرة الانفتاح على الثقافات والانفلات عن الثقافة الواحدة، كما ظهر العرفان الصوفي عند محتليه الكبار والهروب من المنطقية الصارخة التي كان قد أرسى أرسطو أبعادها.
وهذا له أثر كبير جدًّا على شكل واتجاه الشعر على مدار الزمن. ويرصد الباحث صورًا له لدى شعراء الإسكندرية الكبار في النصف الثاني من القرن العشرين، " كان العصر لذي افتتحه الإسكندر... عصر انفتاح بين الشرق والغرب، توفرت فيه فرص التداخل بين المقومات الحضارية التي ينطوي عليها كل من الجانبين، أو بين ردود فعل هذه المقومات على أقل تقدير، بحيث كان كل من الشرق والغرب ممثلا بطريقة أو بأخرى، وقد تعارف الغربيون على تسمية هذا العصر الجديد الذي تداخلت فيه العناصر الحضارية الشرقية والغربية لتشكل حضارة من نوع جديد باسم "العصر الهلينستي"، وهي تسمية أطلقها المؤرخ الألماني يورهان دروين Johann Droysen، في أواخر النصف الأول من القرن الماضي ليميز بها الحضارة الجديدة عن الحضارة اليونانية أو الإغريقية الكلاسيكية التي عاصر العالم المتحضر مرحلة نضجها في القرنين الخامس والرابع ق.م. - والتي عرفت باسم الحضارة الهلينية- على أساس أن الحضارة الجديدة منتسبة لهذه الحضارة السابقة أو متأثرة بها، كما تدل على ذلك نهاية كلمة هلنستي (Hellenistic. Hellenistique. Hellenistisch) التي تشير إلى الانتساب أو التأثر( ).
ميز إذن هذا البعد الهيلينستي الإسكندرية عن غيرها من مدن الشرق الأوسط فلم تحبس نفسها في إطار أيديولوجي إقليمي واحد، ولم ترتكز على معطيات محلية تنف غيرها من العطاءات الإنسانية في العقل والروح على السواء "إنَّ الإسكندرية بثقافتها الهيلينستية لتعدُّ أنموذجًا فارقًا وفريدًا بين حضارات العالم؛ فلم ينشأ بها صراع يذكر بين حضارة الوافد الفاتح وبين حضارة المقيم، لم يفرض اليونانيون ثقافتهم عنوةً ولم يرفض السكندريون الآخر، بل امتصَّا بعضهما ليعيدا تكوين الضمير الإنساني داخل أروقة مكتبة الإسكندرية، وكان للأدب - والشعر خاصةً - نصيبه الوافر من ذلك التكوين.
فعلى الرغم من معرفة اليونانيين بفن "الإبيجراما" كأحد فنون الشعر لديهم، إلا أنَّ ذلك الفن ارتبط باسم شاعر الإسكندرية العظيم "كاليماخوس" الذي أخلص لهذا الفن الشعري المكثف ساخرًا من شعراء الملاحم اليونانيين من أمثال "هوميروس"( ).



#ياسر_جابر_الجمَّال (هاشتاغ)       Yasser_Gaber_Elgammal#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مناهج نقد عربية خالصة ومعاصرة
- الموجات الفكرية والأدبية في الإسكندرية تاريخيًا
- الصورة بناء سيميائي متعدد
- السيد حافظ خمسون عامًا من العطاءات الثقافية والفكرية دراسة ف ...
- سميائية الإيقاع الموسيقى في القصيدة العربية .
- سلطة المكان وأثرها في تكوين شخصية الإسكندرية الفكرية
- في رحيل محمد عناني (النص المترجم والنص الموازي)
- الاغتراب المعرفي عند ابن باجه في ضوء كتابه تدبير المتوحد
- المنجز المعرفي للكاتب الكبير السيد حافظ (مجمل أعمل الكاتب ال ...
- عتبات نصية معاصرة (الشعر السكندري في النصف الثاني من القرن ا ...
- السيد حافظ بين سرد السيرة ومذكرات السرد دراسة في الموقف والد ...
- النص بين مبدعه وناقده
- نجيب محفوظ وأحلام فترة النقاهة بين المؤثرات النفسية والاتجاه ...
- الإبداع والتلقي


المزيد.....




- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...
- من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع ...
- أروى صالح.. صوت انتحر حين صمت الجميع
- السعودية تخطط لشراء 48 فدانا في مصر لإقامة مدينة ترفيهية
- هل يشهد العالم -انحسار القوة الأميركية-؟ تحليل فالرشتاين يكش ...
- التمثيل النقابي والبحث عن دور مفقود
- الفنان التونسي محمد علي بالحارث.. صوت درامي امتد نصف قرن
- تسمية مصارعة جديدة باسم نجمة أفلام إباحية عن طريق الخطأ يثير ...
- سفارة روسيا في باكو تؤكد إجلاء المخرج بوندارتشوك وطاقمه السي ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسر جابر الجمَّال - البعد الكوزموبوليتاني في شخصية الإسكندرية