أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسر جابر الجمَّال - في رحيل محمد عناني (النص المترجم والنص الموازي)















المزيد.....

في رحيل محمد عناني (النص المترجم والنص الموازي)


ياسر جابر الجمَّال
كاتب وباحث

(Yasser Gaber Elgammal)


الحوار المتمدن-العدد: 7484 - 2023 / 1 / 6 - 02:41
المحور: الادب والفن
    


رحل الثلاثاء الماضي الكاتب والمترجم الكبير محمد عناني، وهو أحد رموز" الثقافة المصرية والعربية وهو شيخ المترجمين، إذ حَول الترجمة إلى مشروع حضاري وثقافي، وترجم 10 أجزاء من مسرحيات شكسبير، وملحمة "الفردوس المفقود" لجون ميلتون، وغيرها من عيون الأدب العالمي.
وترك عناني مكتبة حافلة بالكثير من الإسهامات البارزة في الترجمات والنشر في مختلف مجالات الكتابة، حيث صدر له أكثر من 130 كتاباً باللغتين العربية والإنجليزية، تتنوّع بين الترجمات الهامة والأعمال الإبداعية، فضلا عن الإشراف على العديد من الرسائل العلمية الجامعية.( )
وكان عناني مولعًا باللغة العربية ، فيقول:" إن أن لغتنا العربية نعمة من عند الله، ويا ويله لمن لا يعرف العربية! وهناك كتابان أقع دائما فى أسرهما : القرآن والمتنبي. وأذكر أننى قرأت على سمير سرحان ذات مرة قوله تعالى : ﴿ ۞ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ۖ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ ۖ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ ۚ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ ۗ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾[ النور: 35] فما كان من سمير سرحان إلا أن بكي، وأردف: "إيه الكلام الحلو ده! ( )
إن الموقف الذي نريد أن نسجله هنا هو أن الترجمة ليست مجرد نقل من لغة إلى لغة فحسب أو تحويل المكتوب بالإنجليزية إلى العربية أو العكس، فالموضوع أعمق من ذلك وأعقد بكثير، فإننا ننقل عن أمم وحضارات أخرى، وهذا يستلزم سياقات معرفية وحضارية متعددة ومغايرة، وأنساق معرفية في اللغة المنقول عنهاـ بالاضافة إلى طبيعة اللغة وفزيائيتها وغير ذلك من القضايا، إننا في الحقيقة أمام نص معقد يحمل عددًا لا نهائيًا من النظريات عنيت بالمعنى و لها رؤية في نقل النص من لغة إلى لغة، بداية باللسانيين، وأصحاب نظرية السياق، والتلقي، والمقامية، ونظرية الحقول الدلالية، والنظرية التفسيرية، والعلاماتية
وكل هؤلاء لديهم رؤية في النص من حيث المعنى، وإن كان على الكل استدراكات وملاحظات ؛لكن يبقى نظرة هؤلاء للنص وفق الرؤية التي يؤمنون بها، فلا يمكن أن ينقل النص حرفيًا، فإن هذا يميته أو يحرم النص من قضايا متعددة، ولا الترجمة بالصورة المجازية تمنح النص دلالته كما في اللغة الأصلية ، لذلك فإن " النص هو نسق من المفردات ضمن قوانين معينة وضوابط متعارفة، ويؤدي معنى معينا. وإذا كان النص هو مادة عمل الترجمة، فإن الربط بين هذا النسق من الكلمات وبين عملية النقل الممثلة في عملية الترجمة كفيل بأن يطرح من الإشكالات ما يجعلنا نبحث دوماً على ما يوافق المعنى ويخدم روح النص المترجم، لأن المترجم ملزم بالتقيد بضوابط النص لنقل مضمونه إلى القارئ، وهذا لا يمنع من تعدد الترجمات للنص الواحد بتعدد المترجمين. ذلك لأن النص المترجم ليس هو المصدر الوحيد في تحقيق عملية الترجمة، بل هناك عوامل أخرى تتدخل بصورة مباشرة في تحديد ماهية النص المترجم، منها الخلفية الفلسفية والثقافية للمترجم، والهدف الذي ترمي إليه الترجمة، والمستوى الاجتماعي الحضاري السوسيو حضاري للمتلقي( ).
فإذا كانت هذه عتبات لابد منها لدى المترجم للنصوص بمختلف أنواعهاـ فإننا يمكننا القول بوجود نصوص موازية للنص الأصلي تحاول تقريبه بصورة أو بأخرى دون أن تفقده مضمونه.
وقد اتخذ محمد عناني المنهج التفسيري في الترجمة الذي يربط بين الدلالة والمعطيات الاجتماعية والثقافية للمتعلم، وأن التفسيرات التركيبية تحدث في مجال البنية العميقة، دون غيرها، ولهذا فإن كافة المعلومات الدلالية التي يعطيها المكون الدلالي توجد في مستوى البنية العميقة ، وأما التحولات التي يحتمل القيام بها على البنية لن تغير شيئًا من المحتوى الدلالي للتركيب.( )
ورغم ذلك فإن مشروع عناني في الترجمة لم يُفعَل في الواقع بالصورة الكاملة، كما لاتزال فوضى الترجمة قائمة، بسبب الخلط بين النص الأدبي وغيره من النصوص العلمية، وهذا" أدى إلى مساواة النص الأدبي بالنص العلمى وبالنص التعبيرى وبالنص الإنشائي، فهم – النقاد- لا يهتمون باللغة إلا من حيث إنها لغة فقط، وهذا أدى بالمترجمين إلى اتباع أسلوب واحد في ترجمتهم لجميع النصوص. أحيانا بعضهم انتبه إلى إدراك الفرق بين الشعر والنثر، لكن كل هذه المحاولات كانت مستبعدة من جانب علماء اللغة المحدثين. علماء اللغة المحدثون أرادوا أن يطبقوا القواعد على أى نص دون مراعاة خصائص كل نوع"( )
ويفرق عناني بين الترجمة التواصلية التي الهدف منها نقل النص فحسب، وبين الترجمة الدلالية التي تحتاج إلى إدراك الأسلوب الأصلي للترجمة .
إن عناني يفرق بصورة حاسمة وقاطعة ويقف موقفًا حاسما من الخلط البين بين ترجمة الشعر والنثر، فهو يرى أن الشعر له أساليب خاصة وأنماطًا مختلفة في الترجمة بخلاف النثر، والمسرح، وغيره من الفنون، وهذا مالم يدركه المتأخرون، فوقع الخلط بين هذا وذاك .
كما نبه عناني على نقطة دقيقية نقلها عن أستاذه شكري عياد، وهي التحدي الحقيقي للمترجم، إذ كيف ينقل المترجم أسلوب الكاتب كما ينقل المعنى وإلا سوف تتحول الترجمة إلى تواصلية فقط.
إن مشروع عناني قائم على ركائز أساسية ودعائم أودعها في كتابه الأخير " ترجمة الأسلوب"
موضحًا منهجه في الترجمة ، وموقفه من قضايا ترجمة الشعر، والتحدي الذي يواجه أمام الذين يترجمون الشعر نثرًا ولا يكترثون بالقضايا المتعلقة بالترجمة، ومنها الأسلوب. فهو يتفق "واللسانيون على أن المعجم اللغوي لا يمكن أن يكون مجرد قائمة أو ركام من المفردات ينهل منها المتكلمون عند الحاجة، ويعترفون بأن الدلالة اللغوية تمثل عصارة فكر وحضارة أية أمة من الأمم ، فلذلك يصعب حصرها أو إحصاؤها،ولكي يتسنى لنا تحديد دلالة صيغة لغوية معينة تحديداً علمياً دقيقاً لابد لنا من معرفة علمية حقيقية بكل ما يشكل عالم المتكلم، بيد أن المعرفة البشرية محدودة اليوم إذا ما قورنت بسعة هذا العالم".( )
إن مشروع عناني بحاجة إلى التناول والتنقيب والحفر في جذوره وأهدافه التي نحتاج إليها وفق رؤية عصرية تساهم في إعادة الاعتبار للمعرفة المنقولة في كافة الميادين .



#ياسر_جابر_الجمَّال (هاشتاغ)       Yasser_Gaber_Elgammal#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاغتراب المعرفي عند ابن باجه في ضوء كتابه تدبير المتوحد
- المنجز المعرفي للكاتب الكبير السيد حافظ (مجمل أعمل الكاتب ال ...
- عتبات نصية معاصرة (الشعر السكندري في النصف الثاني من القرن ا ...
- السيد حافظ بين سرد السيرة ومذكرات السرد دراسة في الموقف والد ...
- النص بين مبدعه وناقده
- نجيب محفوظ وأحلام فترة النقاهة بين المؤثرات النفسية والاتجاه ...
- الإبداع والتلقي


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسر جابر الجمَّال - في رحيل محمد عناني (النص المترجم والنص الموازي)