كاظم فنجان الحمامي
الحوار المتمدن-العدد: 7484 - 2023 / 1 / 7 - 12:07
المحور:
كتابات ساخرة
عرفناه في السبعينيات طالبا كسولاً متعثرا في دراسته، حيث أمضى المرحلة الاعدادية بشق الأنفس. وحصل بعد الامتحانات النهائية على الشهادة التوجيهية بالدفرات، كان معدلة 53%، وهذا يعني ان أبواب القبول في الجامعات موصدة بوجهه إلا في مجالات ضيقة ومحدودة، لكنه التحق بالواسطات بالبعثة التي أرسلتها الدولة لنيل الشهادة البحرية الأكاديمية في إحدى بلدان المعسكر الاشتراكي وقتذاك. .
قال انه سيصبح قبطاناً يقود السفن العملاقة في عرض البحر، فتخرج بعد سنوات، ولم يتعلم شيئا مفيداً، لكنه كان بارعاً في دروب الدياحة والسياحة والوكاحة، والغريب بالأمر انه لم يكن يجيد لغة ذلك البلد، وهي اللغة التي يفترض انه تلقى بها علومه على مدى اربع سنوات. .
عاد بعدها إلى العراق ليكمل خدمته العسكرية المُختزلة، ثم التحق للعمل في الشؤون الإدارية في إحدى مؤسساتنا المترهلة، رافضاً العمل بالبحر. تارة بذريعة إصابته بالدوار، وتارة لصعوبة الفراق وآلام الاشتياق (هومسك). .
وهكذا ظل منزوياً في صومعته الإدارية، في حين ظل يتظاهر أمامنا بمواهبه البحرية الخارقة، وقدراته الملاحية الجبارة، رغم انه لم يعمل في الزوارق، ولا في القوارب، ولم يعمل يوماً واحداً على متن اية سفينة، بل انه لم يقف لبضعة دقائق في برج القيادة. ومع ذلك كان يتبختر بين الناس كما السندباد الذي نشر أشرعته بوجه الريح في البحار والمحيطات، ويتصرف كما الفارس البحري الذي انتصر على الحوت الازرق، وأدخل الرعب في قلوب أسماك القرش، زاعماً انه تجاوز برحلاته المضايق والممرات الملاحية الخطرة، متغلباً على فاسكو دي غاما، وماجلان، وابن ماجد والادريسي، حتى جاء اليوم الذي أحيل فيه إلى التقاعد من دون ان يعمل أسبوعاً واحداً في البحر أو في النهر، لكنه يقف اليوم في طليعة رواد البحار الناشفة، يحسب نفسه خبير الخبراء في البر والبحر والجو . .
مشكلتنا ظلت معلقة بهذا وامثاله من الذين آمنوا بفكرة (صخم وجهك وصير حداد)، حتى ضاع الخيط والعصفور للأسف الشديد. . .
#كاظم_فنجان_الحمامي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟