أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مؤيد عليوي - الفصل الثامن والتاسع رواية -لم اشرقت ..لم رجعت -















المزيد.....


الفصل الثامن والتاسع رواية -لم اشرقت ..لم رجعت -


مؤيد عليوي

الحوار المتمدن-العدد: 7484 - 2023 / 1 / 6 - 00:32
المحور: الادب والفن
    


الفصل الثامن "" من الحلة وفي طريقه إلى لندن """
لم يكن قد بقي من إجازة محمد سوى يومين، يوم يحتاجه أن يكون في لندن قبل استئنافه عمله في الجريدة هناك، ويوم يريده أن يكون في صباحه مع تظاهرة عمال الحلة ومنها يغادر الحلة الى مطار بغداد، بينما صارت بغداد العاصمة تخلع عن سماءها وأرضها، ثوبَها الأسود بعد انتهاء الزيارة الأربعينية، في ظهيرة بغدادية مشمسة من أيّام الشتاء، كان هو يمعن النظر إلى قرص الشمس في كبد السماء، كأنه رغيف خبر حار من تنور طيني كما تشتهيه نفسه، وقد أخذ يتناوله بعينيه، فلم تأذيهما الشمس كأن أشعتها أدركتْ أنه يريد التزود منها، ثم تنفس بقوة كأنه يدّخر الهواء في رئتيه، وملء عينيه من الناس، وعندما أنهى طقوسه تلك، التي أعتاد عليها نهاية كل إجازة له في وقت الصيف أو الشتاء ببغداد قبل أن يغادرها الى لندن، حينها أستأجر سيارة تاكسي تقلّه من "علاوي الحلة" الى مطار بغداد، اتفق مع السائق على الأجرة ثم ركب الى جواره، كان يقلب صور تظاهرات الحلة من كامرته الشخصية، ليشاهدها وحده وهو يحدث السائق - كان صباحا مشمسا في الحلة، عندما أشرقت تظاهرتنا بالجماهير الغفيرة، تتقدمها لافتة كبيرة وقد كُتب فيها ( لا لبيع مصانع الدولة/ لا لبيع معمل نسيج الحلة)، وقد زينتها يد عاملات مصنع نسيج الحلة، وهن يتقدمن بها التظاهرة، وخلفهن العمال والرجال والشباب..، فيما كان الجميع يحمل أعلاما عراقية.
أغلق محمد السومري كامرته وهو مستمر بحديثه، وقتذاك انطلقنا من جهة الصوب الصغير بنصف التظاهرة، من الساحة بين المحكمة ونقابة الفنانين، كانت الإرادة القوية بأننا على حق، تخلق فينا همّة متوقدة، فتُحركنا بقوة أكثر مع ان الجو كان باردا وقاسيا، لكننا قد عبرنا الجسر إلى الصوب الكبير حيث ينتظرنا نصف التظاهرة، لتنطلق بشمسها من جديد مانحة الأمل لآلاف العمال والمواطنين برغيف خبز وكرامة من كدّ أيديهم، فتوقفنا عند "مسطر عمال البناء" ليدلف إلى قلب التظاهرة نصفُ العمال وهم يهزجون بـ(عطّالة بطّالة.. والخبزة مرّة) معبرين عن حاجتهم للعمل التي باتت نادرة، يتحرك الجميع وتصير التظاهرة بساتين من النخيل تتحرك، بهاماتها الباسقة، وروح واحدة تحرك النساء والرجال بالهتاف (وين الشغل وين؟ وأنت تريد تطردنه)، حتى وصلنا الى شارع أربعين عند "إعدادية الخنساء للبنات" منه، حيث كانت السيارات بانتظارنا، مع سوّاقها المنتمين لـ(إتحاد نقابات عمال العراق)، ومعها سيارات المتبرعين من المواطنين، لتنقلنا بمحبّة من مركز المدينة إلى "حي نادر" قرب معمل النسيج فيه، ومن هناك أندفعنا بقوة الى باب المعمل الرئيسية، يشمّر الجميع بأيديهم مع سواعد العمال السمراء القوية، فالجميع كان يدافع عن فرصته بالعمل وبالحياة، حتى حصلت بعض المعارك الكلامية مع إدارة معمل النسيج عندما اقتحم المتظاهرون بحماسة، تلك الباب الخارجية من المصنع، عندها حدث تدافع بين أحد المسؤولين وأحد عمال المصنع، لتنتهي التظاهرة بسلام، بعد أن هتفنا(سلمية.. سلمية..).
مدّ محمد ببصره إلى سائق الأجرة، قبل أن تصل السيارة إلى مطار بغداد بقليل، حين أبدى السائق رأيه بما سمع، وهو يضع يديه على مقود السيارة، هكذا أنتم تعيقون تحرير العراق من بقايا الاشتراكية ومنها مصانع الدولة، ثم إلى متى تظل الدولة تصرف على الناس وتوزع الرواتب على عمال لا تنتج؟ عليهم أن يجدوا فرص العمل في القطاع الخاص، بهتَ محمد فاغرا فاه، ثم كلّمه بصيغة التعجب عن أية اشتراكية وأي تحرير منها تتحدث، انتم أين من الاشتراكية؟ هل أنت تعي ما تقول؟ أم إنه درس للحفظ عن ظهر قلب عندكم؟ لم تكن ثمة معانٍ على وجه السائق الملتحي وأصابعه تقبض على مقود السيارة، لتظهر متزينة بخواتمها، فيما تقدمّ محمد بعفويته الشجاعة خطوة في كلامه أن مَن أخبرك بهذا الكلام غبي، كيف سيكون آلاف العمال وأسرهم بلا رواتب؟!، وأين هي فرص العمل في القطاع الخاص؟! عجيب أمرك! أقول لكَ آلاف العاطلين عن العمل، تقول التحرير من بقايا الاشتراكية!، ثم مَن قال لكَ كان ثمة نظاما اشتراكيا في العراق؟! لقد كانت الدولة ربّة رأس المال، أما اليوم فلماذا الدولة هي من تصرف الرواتب؟ بل على الدولة أن تُشغل هذه المصانع بالشكل الصحيح ويكون لها سوقا عراقيا، فتصير رواتب العمال والموظفين فيها، مما تبيعه تلك المصانع من سلع، حينها ساد الصمت المطبق سوى صوت محرك السيارة الذي ظل يدور، حتى وصلتْ إلى مطار بغداد، ليدفع محمد أجرة السيارة إلى السائق، نزل منها وهو يهزأ متعجبا من تلك الأفكار التي لا ربط فيها مع معاناة الناس وواقعهم المرير، ثم أخذ نفْسه ودلف المطار بخطى كلها لهفة إلى ديانا التي اتصل بها، وأخبرته أنها ستنتظره في مطار لندن بشوق أحرّ من جمرها إليه .
*****
وقف أمام ضابط المطار الذي ابتسم وهو يختم بالمغادرة في جوازه، ويغلقه بحركة يده التي اعتادت على عملها وهي تعيد الجوازات إلى المسافرين، جلس في مكانه المخصص له، كان بجواره مسافر يرتدي عمامة سوداء ولا ثالث معهما، وقد علتْ وجهه غيمة فيها خيبة الأمل، وليس في يده اليمنى سوى خاتم فضي صغير الحجم يناسب أصبعه الخنصر، كان محمد قد حياه بالسلام عند جلوسه إليه، ثم أقلعت الطائرة من مدرجها واستقرت في سماء رحلتها إلى مطار لندن، فجرى الحديث بينهما بسلاسة عن السفر ولندن، حتى سأله السومري محمد : كيف ترى أمور العراق ؟ لا شيء لن يحقق البرلمان الفاسد شيئا للناس، ذلك البرلمان أغلبه ليس منا ، جاءوا من أماكن بعيدة لنهب وسرقة بلادنا، ولو وصل الأمر بهم إلى قتل الناس سيفعلون، إنهم أقذر خلق الله ويجيدون لعبة اللف والدوران وخداع الناس في الدين والسياسة، أجابه مجالسه الوحيد الشعب سيحقق ما يريد باستمرار بالتظاهرات السلمية ، كان الرجل ينصت له وقد أخرج رجل مسبحته من جلبابه، ثم انتفض رجل العمامة قائلا : أننا نتحدث عن العراق وليس عن دولة في أوربا، وأنا أتحدث معك بصدق ودراية وأقسم بالله لن يعملوا سوى على ما يحقق نفوذا أكثر لهم، تفاجأ السومري محمد فتلعثم وهو يقول : لكننا سنواصل التظاهر، وسيكون هناك اعتصام حتما، إذا تطلب الأمر أو حتى عصيانا مدنيا، كما ستكون المرجعية الدينية بجانب الشعب العراقي، ضحك صاحب العمامة السوداء بملء شدقيه، وفي نهايتها التفتَ الى محمد بكلمة:(صدك معيدي)، الذي استغرب من منطقه هذا، فسأله بانزعاج باد على وجهه، كيف؟! فرد عليه : لا شيء فالموضوع أكبر مما تظن وأرجوك اغلقه أفضل، فلن نصل إلى نهاية سعيدة كما يقول المثل.
رجع السومري إلى داخله من هذه المحادثة، منكسرا بعض الشيء، وفي سريرته: (سنستمر بالتظاهرات وسوف تتغير الظروف لصالح شعبنا، عندها ستتغير كفة الميزان وسنرى مَن هو المعيدي)، ظن إن الرجل المعمم ممَن يريدون كسر شوكة المتظاهرين نفسيّا، وخلق أجواء اليأس في نفوس العراقيين، فتجاوز المفاجأة، وهدّأ من روعه الذي كان يفور، وقد بان دخان فورته تلك على وجهه، فأراد أن يكشف سريرة محدثه، عاوده بنبرة استفزاز هذه المرة، (سيد) لم أتعرّفْ على حضرتك مولانا ، من أي المحافظات أنت؟ ردّ عليه منفعلا وقد أحمر وجهه وانتفخت أوداجه، أرجوك لا تعاملني هكذا فأنا لستُ منهم، أنت سيد نفسك وأنا سيد نفسي، كما أنني لستُ مِن أجواء مَن تظن، فأنا حر إلا من عبادة الله، وأما هذه الملابس، وقد حركتْ يده طرف عباءته الرجالية، فهي عندي شيء من موروث أسرتي المتواشج بالصدق والأمانة وحب الناس ومساعدتهم قدر المستطاع بعيدا عن الأنظار، علما أنني لا أرتدي هذه البزة في العراق لكي لا يضيع الحابل بالنابل،عندها صدق لسان محمد بالقول معه : صار ضروريا أن أتعرف عليك ربما أحتاجك في لندن، أجابه بنعم و :(لا سيد ولا معيدي) وقد نظر إليه مبتسما ،فضحك الاثنان معا بعد أن أدركَ السومري إن الرجل كان يمازحه وقد مد يده لمصافحته، مُعرفا نفسه باسمه فقط عبد الله من مدينة النجف الاشرف، تصافحا وقد علا ضحكهما دون قصد منهما حتى ملء مقصورة جلوسهما، كانت يداهما تتحرك مع ضحكهما، ثم دخلا في تفاصيل كثيرة أكلتْ وقت الرحلة، حتى أوصلتهما إلى مطار لندن، حيث كانت ديانا تنتظره في صالة انتظار الوافدين، بقلبها الشغوف إليه ووجها الذي يفيض بشاشة ومسرة مع قلق انتظارها، فيما كانت الجهة الثانية من الصالة تحتضن انتظار فرانك صديقه ومنافسه، بينما كان محمد يحث الخطى على أرض المطار، ويجاريه في مشيه عبد الله النجفي، حتى دخلا صالة المطار فغادره صاحبه إلى مسكنه في إحدى ضواحي لندن، ليظل هو ينتظر ديانا.

الفصل التاسع """" لندن ديانا.. وشمسه """""""
كان محمد كثير التلفتُ، وعيناه تتفرس الوجوه في صالة المطار بنهم، بحثا عن ديانا قرب معرض صغير لبيع الزهور كما طلبتْ منه أن ينتظرها هناك، فلم تتصل هي عليه من هاتفها، ولم تلبّي اتصاله، لتفاجئه وتقف أمامه فتعانقه عناقا حارا مع قبلة عطشانة من نهر ولهـها، ظل يتأمل وجهها وشفتيها المُحمرة شوقا وهي تدنو من شفتيه، قبـّلته بعمق إحساسها وعطشها له، حتى أخذته من يده مسرعة بخطواتها المبتسمة المرحة، كأنها تسحب طفلها إلى سفرة جميلة، رنّ هاتفه المحمول، تناوله ونظر بوجهها، وقد غمزها بإحدى عينيه السوداوين، لتطمأن أنه لن يطيل الأمر .
- نعم تفضل فرانك .
- أين أنت، أني انتظرك في المطار ؟
- شكرا جزيلا أنا في باب المطار الخارجي .
- حسنا، إنتظرني أنا قادم أليك بسيارتي.
- سأنتظرك لأشكرك، فمعي أصدقائي وسأذهب معهم، لقد سبقوك صديقي شكرا جزيلا .
- حسنا أنا قادم .
لم يكن فرانك يعير أهمية للعلاقات الاجتماعية والأصدقاء، إذ جلّ تفكيره أضحى منصبا على عمله والمعلومة الصحفية، فلم يكن يحتفظ بالكثير من علاقات الصداقة، وقد إستثنى زميله محمد السومري من قاعدته هذه، ليكوَن صديقه ومنافسه الحضاري في آن واحد، حين صل لهما ألقى التحية عليهما، رّحب به محمد وعرّفه إلى ديانا، تصافح الجميع والابتسامة في سماء وجههم، حاول مغادرتهما باكرا، إذ لم يكن قد تعّرف على ديانا قبل هذا اللقاء، إلا أنه أخبر صديقه بأمانيه أن تكون سفرة سعيدة وممتعة ومفيدة، ثم اتفق معه على لقاء في غدهما، تحرك بخطوة مترددة وقد مال بجسمه وهو يهمّ بالذهاب، فتوقف مغيّرا بوصلة وجهه الذي مازال مرحا بشوشا باتجاه ديانا، تشرفتُ بمعرفتكِ أرجو أن تحرصي عليه، إنه كنز من الإنسانية وحضارة الشرق وسحرها..
بقي محمد وديانا للحظات ينظران إلى بعضهما عن قرب كأنهما ينتظران أمراً ما، كانا مثل الجسد الواحد، بات شعرها الأشقر الذهبي يطير من أسفل قبعتها الشتوية، ليحطّ فوق أسفل كتفه حيث نبضات قلبه تتسارع بهيامها، وقد أبحرتْ عيناها تهيم بوجهه، فيما كنت يده تشع بدفء وحنان على بشرة وجهها البيضاء الناصعة بالحيوية وجهها الذي يتدفق مرحا ومسرة، ينز الدم من خديها الحمراوين، وعاودته تحث خطاها به، وهي تأخذه من يده للمرة الثانية، وقد أشرق فرحها وسرورها على وجهها الذي احمر أكثر من ذي قبل خجلا منه، كانت تمارس لعبة أن تختار هي، لأول مرة تمارس الاختيار في سنوات ربيعها الخامسة والعشرين، كما لم تكن تعلم إنها بهذا الشوق إليه كأنها تريد الاحتفاظ به إلى الأبد، وهي تهامسه برقّة وثقة، سنذهب إلى سكني، لقد أعددتُ كل شيء، وسنقضي ما بقي من اليوم معا، دخلا إلى سيارة التاكسي التي استجارتها من خلال هاتفها المحمول، وجلس الاثنان في المقعد الخلفي منها، فرمتْ بجسدها يشع جمرا مِن ولهها به، على جسده المشبع فحولة وحرارة تفوق جمرها، أحسّها مثل قطعة قيمر العرب الذي يحب، وقد ذابت في فمه، وعلق طعمها بلسانه وأعلى فمه.
وصلا إلى مسكنها حيث تقطن في غرفتها الوحيدة بعمارة سكنية، التي استطاعت دفع إيجارها على الرغم من ارتفاع إيجار السكن بلندن في السنوات الأخيرة، تدفع مما تجنيه من عملها الدائم في المكتبة، ومِن عملها الإضافي في توصيل الطلبات إلى منازل لندن، لتوفر تكاليف عيشها هذا، مع مواصلتها دراستها الماجستير في الحضارة البابلية، كانا قد خرجا من باب المصعد الكهربائي إلى باب غرفتها وقد وقفت عندها تحاول استخراج مفتاحها بشق الأنفس، من جيب بنطلونها الأزرق الذي التصق على جسدها الناعم الرشيق، على غير عادتها في لبس بنطلوناتها الأخرى الواسعة بعض الشيء في عملها، كانت تقصد أن تلبس هذا البنطلون الضيق لتحرك غرائزه، بعد أن سكبتْ نفسها في نفسه وتبادلا المشاعر، كانا قد دخلا إلى غرفتها أغلقتها بإحكام وأشعلت المدفأة، وقد هدأتْ نفْسها بعض الشيء، ثم أناطت عن جسدها سترتها الشتوية التي كانت أكثر التصاقا على جسدها، وقبعتها النسائية، ورمت بهما فوق السرير حيث يجلس، كان ينظرها وكأنه يلتقي بها أول مرة، كانت نظرته لها نظرة الرجل المبهور بامرأة لم ير مثلها من قبل، فجسدها الذي غدا مفصّلا بما يوافق مزاجه، مغزلي مفتول من الخصر أسفل أضلاعها ، وردفيها المكتنزين نوعا ما، كأنّ لهما ثقل تفاحة كبيرة وقد سحب خصرها ليكون أكثر رشاقة ودقّة، نهداها البارزان قد مدّا برأسيهما فوق جسدها الرشيق المتناغم، يكملان بقية القطعة الموسيقية، فيما أخذ هو ينزع ملابسه عن جسمه بهدوء، وعيناه تواجه مفاتنها وفي نفسه: (لم أكن أرى فيها كلّ هذه الأنوثة من قبل)، بينما أخذت هي تنيط لثام جسدها، فخلعت قميصها الوردي دون فك أزراره، رافعة يديها أعلى رأسها، لينتفض نهداها بحركة واحدة، وتظهر حلمتاها منتصبتين بشغف، اقتربتْ منه بجسدها البض ومعالم فتنته كلها، كشمس الضحى تتلألأ، قالت:(كن عراقيا كصيف تموز)، قال:(سأكون شهر تموز نفسه وأنت إحدى بنات عشتار في مضاجعتهن المقدسة)، قالت:( لا، كن أنكيدو المطيع القادم من الصحراء والبراري)، فأخذ هو المبادرة منها، لثم شفتيها، لثمته وهي تنزل به ثلما إلى أسفل بطنه تذوقتْ غصنه، امسك بها من خصرها وانتقلا إلى سريرها الوحيد الذي أعدته هي لهذا الوقت من شتاء لندن، دعك خصرها بلسانه ثم نزل ماسحا به على بشرتها التي تشبه قيمر العرب بياضا ، دعك بلسانه موطن شهوتها، طلبتْ منه أن يأخذ عنبتها بين شفتيه، كانت غرفتها من أجمل الأماكن في تلك اللحظة لديهما، فلم يسبق له أن عاش مثل هذه اللحظات بتلك اللذة على الرغم من حريته واختياراته هو، لم يكن يعلم إن الأنثى إذا اختارت كيف تكون، بقي معها نهار ذلك اليوم إلى صباح اليوم التالي، كأنه لم يضاجع امرأة قبلها خلال سنوات عمره اللندنية وتجاربه فيها، قام من سريرها عند العاشرة صباحا وقد تجددت طاقته، وهو يخطو خطواته القليلة إلى الحمام، (هل يعقل هذا؟! أن تمنح عشتار كل هذه الطاقة لمَن تختاره لمضاجعتها، فمازلتُ أرغب بها، وأحس بأنني لم افعل شيئا ، أحس كأني في بداية الطريق معها ولم أغوص إلى العمق من بحرها، ربما هي تريد ذلك أيضا سأنتظرها مرة أخرى:( انتظرها .. وانتظرها ترفع ثوبها غيمة، غيمة) كانت كلمات محمود درويش هذه، ترقص معه فيتناغم معها ويرددها في نفسه متمايلا يتراقص مع ديانا في خياله، ولج الحمام وهو يردد القصيدة تحت دش المياه الساخنة بصوت خافت يسمعه هو فقط، مغيّرا بعض معانيها بحسب مزاجه (انتظرها.. انتظرها ترفع لحافها غيمة، غيمة)، أكمل استحمامه وخرج ليعدّ الفطور في ركن الغرفة خلف بابها، الذي أخذ شكل مطبخ صغير، كان قد أنضج فطورهما، ورتّب أوانيه على طاولة غرفتها الوحيدة عن النافذة، غسل يديه من إعداد الفطور، وأقبل إليها يقبّل خدها الذي أضحى تفاحة حمراء ناضجة، ثم قبّل ضوء كتفها الأبيض الظاهر من تحت غطاء فراشها، لمستْ بأناملها الناعمة شفتيه وضعت يدها خلف رأسه وعبثت بشعره، ثم قبّلته من شفيته وأخذته إلى أعماق بحرها من جديد تحت غطائها، كان أكثر غوصا منها حتى تأوهت عدة مرات، كانت تحس بجمرها يرتوي من ناره، كلما دفع قلمه فيها أكثر إلى أعماق بحرها، لتترسب هي إلى قاع السرير، باحمرار وجنيتها أكثر من ذي قبل، مع كل تأويهة منها وزفرة منه، أعجبها أن تذهب معه إلى الحمام تحت دش المياه الساخنة، جمعت نفسها، وبعد أن فاض بحرها تحته وقد أفرغ حمولته هو أيضا، ثم قامت من السرير وقد أمسكت بيده الثالثة بهدوء، فأخذته منها وهي مازالت تشتهي ثماره، كانت تعلم أن في نفسه المزيد لها، بينما هي تريد أن تشبع حرمانها الأسطوري في الاختيار، لمّا تخيلته أنه البشري مختار بنات عشتار في طقوسهن المقدسة عند اكتمال القمر، دخلا الحمام بمرح جديد، فكان هو أنكيدو وشمسه تطيع رغبتها المقدسة، أضحت تتأوه لتختلط بتأوهاته، والماء فوقهما لا يميز بين جسديهما، تحت رشه المياه الساخنة التي غدت أقل سخونة منه ومنها..، خرجا من حمامها ونفسيهما منتعشة، فجلس أمامها على طاولة فطوره الذي أعده لها عند نافذتها التي تمد برأسها على الشارع وحركة المارة، تناولا فطورهما بهدوء ، كأنهما زوجين تزوجا للتو، تنظره بزرقة عينيها وتبتسم وسط شعرها المنفوش على وجهها، يبستم لها وينظرها بلهفة أكثر، حلّق طائر السعادة فوق رأسه ورأسها في تلك الغرفة التي لا يشعر بها أحد سواهما، بعد أن أنهى فطوره، وقف خلف كرسيها من طاولتهما، قبّلها مودعا ونزل من غرفتها في الطابق العلوي، يريد منزله الذي لا يبعد إلا قليلا في الحافلة التي تقله، كانت تلاحقه بنظرها من نافذتها عند طاولة الفطو، والتي قصدت إلى وضعها عند النافذة لكي لا يغيب عنها في نزوله منها، أحس أنها تحميه مجددا، رفع رأسه يبحث عنها في الشارع أسفل نافذتها التي تكثف عليها الضباب بينما هي كانت تشتعل من جديد، فتحت شباك النافذة لوحة له بيدها، نظر إليها ملوّحا بيده، لوّحت له مع قبلة على كفها الفاتنة، حتى توارى عنها بين المارة، وهو يتأمل كلامها (كن عراقيا كصيف تموز، كن أنكيدو المطيع..)إنها تعني ما تقول فهي تغذي نفسها وروحها من حضارتي القديمة فتموز إله الخصب، وقبله أنكيدو ليكبح جماح كلكامش، إنها تحاول أن تكتسب لنفسها ما تريد من الطباع وسجايا القوة الحضارية من خلال الجنس وهو أقرب نقطة تنفتح بها النفس على النفس الأخرى، كيف عرفتْ كل هذا؟ ربما مِن دراستها للحضارة البابلية ومعلوماتها عن السومرية، ثم إنها كانت تدرس علم النفس، وتبحث فيه طوال المدة الماضية كما أخبرتني في المكتبة قبل سنة، كان تعاملها معي مثل تعامل عشتار في بغائها المقدس، تحقق ما تريده هي من رغبة في الرجل، وتقويه وتحميه مِن أجلها، أم أنني أنا مَن أجنح لها بحضارتي، أم هو الحب والعاطفة التي تتناغم مع الجسد؟، سرح محمد بعقله قليلا وهو يمشي، وقد ترك ما جرى معه في غرفة ديانا، وقبلها منذ كان في العراق، وقال في نفسه سأتركه للوقت، واحتفظ بشيء واحد هو أن أطيع ديانا ولا أخالفها فيما تريد مِن حبّ أو جنس أو صداقة...



#مؤيد_عليوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفصل السادس والسابع رواية لم اشرقت ..لم رجعت
- رواية لِمَ اشرقتَ ..لِمَ رجعت َ!!
- الفصل الرابع والخامس رواية لم اشرقت ..لم رجعت
- الفصل الثاني والثالث رواية لم اشرقت ..لم رجعت
- التميع والتطبيع
- شعر كزار حنتوش ومرجعية الجمال في قصيدته - قصائد رسمية - إنمو ...
- أخرُ عشاءٍ للشاعر تأبط شرا في بغداد
- تقنية السارد بين الراوي العليم والرواي الثانوي في رواية -رما ...
- أخرُ عشاءٍ لتأبط شرا في بغداد
- في 2021
- قصة قصيرة - ضوءٌ منتفض -
- جماليات إيقاع التقابل في -تحوّلات- / الشاعر عبد المنعم القري ...
- سقوط
- سيرة نضال نجفيّة في قصيدة -خطى على ضفاف- *
- فنيّة اليوميات ولغتها في ولهِ الشاعر عمر السراي
- فنيّة القافية عند الشاعر د. وليد جاسم الزبيدي / ديوان -أناشي ...
- التضاد المكاني في قصيدة -الملوك - لكريم جخيور
- لا اشبهكَ
- همس الايقاع الداخلي في مكان قصيدة - شهرزاد - لرسمية محيبس *
- طفولة بنات الشوارع في فنية السرد القصصي ل-هي لا تشكو.. الى م ...


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مؤيد عليوي - الفصل الثامن والتاسع رواية -لم اشرقت ..لم رجعت -