أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد زكريا توفيق - يا شيخنا الكبير، رفقا بالقوارير















المزيد.....

يا شيخنا الكبير، رفقا بالقوارير


محمد زكريا توفيق

الحوار المتمدن-العدد: 7471 - 2022 / 12 / 23 - 17:03
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


رسالة مفتوحة إلى شيوخنا الكرام: تحية كبيرة تليق بمقامكم الكبير، وبعد،

فيا شيخنا الكبير، ليس من المعقول أن تطارد الناس من حين إلى حين بهذا الشكل القميء. تأخذهم، أخذ عزيز مقتدر، إلى المحاكم، بتهمة ازدراء الأديان، كلما تفوه أحدهم بكلمة، أو جاء برأي لا يرضي جنابك. فالرحمة حلوة برضه.

يا شيخنا الجليل، إن كنا قد أخطأنا، وجل من لا يخطئ، فخذ بأيدينا واهدنا إلى الصراط المستقيم. ولا تجرجرنا وراءك إلى المحاكم ودهاليز القضاء، كما يجرجر السفلة والمجرمين.

وأنت عاقد العزم والنية، مع سبق الإصرار والترصد، على تكفير من يبدي رأيه، والتحريض على قتله وسمل عينيه، وخراب بيته وتطليقه من زوجه وتشريد عياله. ولسان حالك يقول: " أنا ابن جلا وطلاع الثنايا – متى أضع العمامة تعرفوني"

ماذا نفعل إذا وجدنا الجهاز، الموجود في رؤوسنا، والمسمى بالمخ، يخبرنا ببعض الحقائق التي كانت غائبة عن السلف الصالح، بحكم اختلاف العصر والأوان؟

وبماذا نجيب أولادنا عن أسئلة وتساؤلات كثيرة، يعودون بها من المدرسة، عن الخلق، والحياة، والظلم الذى يملأ قلوب البشر، ولا نجد لها إجابات في التراث والتفاسير القديمة؟

هل نجري وراء أولادنا بالهراوات والسنج والبواني الحديد؟ أم نجيبهم بما تسر لنا من علم وفهم جديد، لم يكن متوافرا للسلف الصالح من قبل؟

الآن، لدينا الكمبيوتر وشبكة الإنترنت الرهيبة، التي تجعل المعلومة طوع بنانك. تأتي طيعة أمامك، بالصوت والصورة، وبالكلمات وبكل اللغات، في جزء من الثانية. فسبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين.

سيدي الشيخ، المصادر العلمية المتوافرة للباحث اليوم، لم تكن موجودة زمان، أيام البهاليل والسلطان شعبان. والباحث اليوم، يستطيع أن يلم بكل ما يعرفه السلف الصالح والطالح. بالإضافة إلى أطنان جديدة من المعرفة، لم تكن متوافرة لشيوخ الماضي.

السلف، لم يكونوا يعرفون ما نعرفه اليوم، وهذا شيء بديهي. كل معلماتهم، بالرغم من احترامنا الشديد لهم، لم تكن دقيقة، ولا تمثل واحد في المليون، من المعرفة الحديثة بفروعها المختلفة.

حجم المعرفة الموجود اليوم، يشيب لها الولدان، ولا تخطر على بال إنسان. وبالطبع لم تخطر، حتى في الأحلام، على بال مشايخنا الكرام أيام زمان.

السلف الصالح لم يكونوا يعرفون شيئا عن الميكروبات والفيروسات وتركيب الذرة والخلية والحامض النووي (DNA)، والنظريات الحديثة، مثل النسبية الخاصة والعامة ونظرية الكم والأوتار والتطور، والكمبيوتر وخلافه.

كانت تنقصهم المعرفة بالعلوم الرياضية الحديثة ومعادلاتها المعقدة ونظريات الاحتمالات، التي تساعدهم في كشف أسرار الطبيعة والتنبؤ بالمستقبل..

ومعرفة كيف تنتشر موجات الضوء في الفراغ، وموجات الحرارة في الموّصلات والسوائل. وكيف تتحرك الإلكترونات في أشباه الموصّلات. وكيف تتواجد النجوم والأجرام السماوية، وكيف تنفجر وتموت فى نهاية عمرها المديد، أطال الله فى عمرك.

العلوم الحديثة تساعدنا على معرفة تغير المناخ، والتنبؤ بحركة الرياح والتيارات البحرية فى المحيطات، والأنهار وخلافه.

لذلك كانت تفسيرات السلف الصالح لمعظم الظواهر الطبيعية، بسيطة وساذجة. تعتمد أساسا على وجود الملائكة والشياطين والعفاريت والجان والقوى الخفية، ودمتم.

هل تعلم يا مولانا أن بتلات الزهرة والقرنبيط وفروع الشجرة وتوالد الأرانب، تتبع نمط واحد عددي يسمى "أعداد فيبوناتشي".

وأن بعض الزهور تتفتح تبعا لخواص القطع المكافئ الضوئية. بالطبع هناك سبب. لكي تتجمع أشعة الشمس المتوازية في بؤرة الزهرة عند البتلة.

هناك أعداد هامة أخرى، تفسر لنا كيف تعمل الطبيعة وتكشف لنا شيئا عن أسرار هذا الكون. مثل ط، نسبة محيط الدائرة للقطر، وأعداد: أويلر، وبلانك، والنسبة الذهبية، وأعداد، لوكاس، وكاتالان، و"بل" وغيرها.

بالطبع شيخنا الجليل ومعظم مشايخنا الكرام، قد حبسوا أنفسهم فى آية واحدة أو بضع آيات أو حديث نبوي مشكوك في صحته. لا يستطيعون الخروج منه، أو تفسيره بما يتماشى مع علوم العصر.

هل تعلم يا شيخنا، أن هناك مادة ومضادات للمادة. إذا تقابلا، تلاشيا واختفيا من الوجود. ولم يبق منهما شيء سوى وميض ضوء، هو بمثابة الروح تصعد إلى بارئها.

وأن الزمن يرجع إلى الوراء، أي إلى الماضي، بالنسبة لجزيئات المادة الصغيرة. فهل هذا كفر أيضا. الزمن ينكمش ويتمدد، مثل آلة الأكورديون، حسب الحركة واتجاهاتها. وأن الكون والفراغ ينبعج وينكمش، ويتحدب ويتقعر، ويلتوى مثل الرغيف الملعبط، وفقا لما به من مادة.

هل تعلم يا مولانا، أن فى كل خلية من الخلايا الحية، موسوعة علمية ودار معارف مكتوبة بلغة رقمية مثل لغة الكمبيوتر. مدونة بأربع حروف فقط لا غير. هي المسؤولة عن كل شيء يقوم به الكائن الحي.

هذا جزء صغير جدا من المعلومات المتوافرة لنا حاليا، على سبيل المثال. بالتأكيد لم تكن متوافرة للسلف الصالح. ليس هذا عيب فيهم، أو ميزة فينا، لكن بسبب أنهم سبقونا وجاءوا قبلنا. فماذا نفعل بهذه المعلومات؟

هل نضع هذه المعلومات فى غرفة من غرف القصر، ونغلقها بالضبة والمفتاح، ونجلس بالنبوت على بابها، لكي نمنع أي متطفل من التسلل ومعرفة ما بداخلها.

وهذا ما يفعله مشايخنا الكرام اليوم بالحجر على العقول ومنع حرية الرأي. أم الأفضل ترك هذه المعلومات والكنوز وتراث البشرية ملكا للجميع؟

لماذا الخوف؟ إذا وجدنا تعارض، فالخطأ يكون دائما فى التفاسير. التفاسير مجهود بشري. ولولا أنها مجهود بشري، لما كان لدينا المذاهب الأربعة: المالكي والحنفي والشافعي والحنبلي. فالمعنى، كما يقول الفيلسوف "لودفيج فيتجنشتاين"، لا يمكن أن ينفصل عن اللغة المستخدمة.

يا سيدي، الإمام أبو حنيفة لم يقبل من الأحاديث النبوية سوى 17 حديث (الدكتور أحمد أمين). ولم يكفره أحد، أو يأخذ بتلابيبه ويجره للمحاكم. والخليفة عمر، أبطل حدا من الحدود، فى عام المجاعة، ولم يكفره أحد، بسبب ذلك أو يلومه.

الباحث والناقد للأديان، ليس بكافر. فدراسة الأديان ملك لكل الناس، مثل دراسة أي تاريخ. وليست ملكا لفئة معينة تحتكر الإسلام، لأسباب شخصية وسياسية.

شبابنا يريد أن يعرف لماذا هناك شيعة وسنة ودروز وعلوية. ولماذا ينقسم الإسلام إلى فرق وأحزاب دينية. ولماذا كان هناك خوارج وقرامطة وحشاشين وأزارقة وأصافرة ومعتزلة وخلافه. لماذا قامت حروب دامية بينهم؟ وليس فى دراسة التاريخ الإسلامي، أو أي دين، عيب. بل واجب مقدس على كل فرد.

الصحابة، كانوا منقسمين على أنفسهم. وقامت بينهم حروب وإسالة دماء. حروب بين الإمام على وطلحة والزبير. وكانت السيدة عائشة فى جانب طلحة والزبير ضد الإمام علي.

وقامت أيضا حروب بين علي ومعاوية. وبين الحسين ويزيد بن معاوية. والصراع على الخلافة، لم يتوقف لحظة واحدة إلى أن ألغيت الخلافة فى تركيا فى النصف الأول من القرن العشرين. وبعد أن تحول الحكم إلى ملكية وراثية، كان سلاطين المسلمين، يقتلون آباءهم ويخنقون أخواتهم حبا فى السلطة.

إننا عندما ندرس التاريخ الإسلامي الحقيقي، لا المزور، نتعلم منه ونستفيد من الأخطاء، إن كان هناك أخطاء، والمزايا إن كان هناك مزايا.

وإذا قام باحث منا، بدراسة المجتمع، أو حالة العرب فى الجزيرة قبل الإسلام أو بعده، فلا يعتبر هذا الباحث كافرا، يستباح دمه، ونسعى إلى تطليقه من زوجه.

الباحث قد يخطئ وقد يصيب. وهذا شأن كل باحث فى كل مكان وكل أوان. إن أخطأ، وجل من لا يخطئ، فله أجر اجتهاده. واجبنا تبصيره بالخطأ والرد عليه، لا قتله أو سجنه وتشريده. وإن أصاب، فله أجران. أجر اجتهاده، وأجر صوابه.

يا شيخنا الجليل، بالله عليك لا تكن من الظالمين. فالله لا يحب الظلم. لقد كان فى تاريخنا الإسلامي، من رشق المصحف بالسهام وهو يتغنى بالشعر. وآخر قفل المصحف، عندما أتته البشارة بالخلافة، وقال، "هذا آخر عهدي بك"، ولم يكفره أحد. وثالث قذف الكعبة بالمنجنيق وهدم جزءا منها، ولم نكفره أيضا.

يا شيخنا الكبير، رفقا بالقوارير.



#محمد_زكريا_توفيق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وليكن لنا في قناة بنما عبرة
- تاريخ فرنسا 06 – بداية الحروب الصليبية
- تاريخ فرنسا 05 – كونتات باريس
- تاريخ فرنسا 04 – شارلمان
- إزدراء الأديان، أم ازدراء الإنسان؟
- تاريخ فرنسا 03 – وقف المد الإسلامي
- تاريخ فرنسا 02 - تحول بلاد الغال إلى المسيحية
- تاريخ فرنسا 01 - الكيلتس
- دكتور زيفاجو، وال “سي أي إيه -
- جوزيف ستالين: بطل قومي أم قاتل بدم بارد؟
- نيكولاس الثاني: قصة إعدام قيصر
- روسيا الحديثة 10 العدميون يقتلون القيصر
- روسيا الحديثة 9 نهاية حرب القرم وبداية الحريات
- روسيا الحديثة 8 حرب القرم
- روسيا الحديثة 7 الإمبراطور نيكولاي الأول
- روسيا الحديثة 6 فشل نابليون في غزو روسيا
- روسيا الحديثة 5 الذئب في المصيدة
- روسيا الحديثة 4 مجد الإمبراطورة كاثرين وعارها
- روسيا الحديثة 3 كاثرين تطيح بزوجها وتحكم
- روسيا الحديثة 2 كيف كان حكم آنا وإليزابيث


المزيد.....




- “نزلها لطفلك” تردد قناة طيور بيبي الجديد Toyor Baby بأعلى جو ...
- تقرير فلسطيني: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى
- مصر.. هيئة البث الإسرائيلية تكشف اسم رجل الأعمال اليهودي الم ...
- كهنة مؤيدون لحق اللجوء يصفون حزب الاتحاد المسيحي بأنه -غير م ...
- حجة الاسلام شهرياري: -طوفان الاقصى- فرصة لترسيخ الوحدة داخل ...
- القناة 12 الإسرائيلية: مقتل رجل أعمال يهودي في مصر على خلفية ...
- وزيرة الداخلية الألمانية تعتزم التصدي للتصريحات الإسلاموية
- مراجعات الخطاب الإسلامي حول اليهود والصهاينة
- مدرس جامعي أميركي يعتدي على فتاة مسلمة ويثير غضب المغردين
- بعد إعادة انتخابه.. زعيم المعارضة الألمانية يحذر من الإسلام ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد زكريا توفيق - يا شيخنا الكبير، رفقا بالقوارير