أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد مضيه - اليسار الصهيوني وتوزيع الأدوار















المزيد.....

اليسار الصهيوني وتوزيع الأدوار


سعيد مضيه

الحوار المتمدن-العدد: 7471 - 2022 / 12 / 23 - 14:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يسار صهيوني الى جانب يسار اوروبي
بعد اندلاع الحرب العالمية الأولى تنكرت أحزاب اشتراكية ديمقراطية لتعهدها بمناهضة الحرب وانضمت الى برجوازيتها باسم " الدفاع عن الوطن". باستنثاء حزب البلاشفة وقائده لينين، نكثت قيادات احزاب الاشتراكية الديمقراطية في أوروبا تعهداتها بتعطيل جهود الحرب برفض المصادقة على ميزانياتها. كذلك انفرد لينين وحزبه البلشفي برفض التوسع الامبريالي، وأدانه مسعى لاستعباد شعوب الشرق، بينما أيدت أحزاب الاشتراكية الديمقراطية كولنيالة الامبريالية واعتبرتها رسالة تحضرللشعوب. خانت تلك الأحزاب طبقاتها العاملة وقدمت نفسها للامبريالية عميلة في صفوف الطبقة العاملة. بمواقفها الخيانية موهت المشروع الاستيطاني للحركة الصهيونية الناشئة وقدمتها حركة تحرر قومي، بوجه إنساني.
راجت خرافة اليسار الصهيوني في وقت مبكر من القرن الماضي، كي تقدم في بواكير النشاط الصهيوني صورة يتقبلها العرب. انطلت الحيلة على عناصر من تيار الليبرالية العربية . فهذا التيار ، وهو يكابد استبداد السلطة العثمانية الغاشمة ، انبهر بليبرالية الغرب واعتبر كل ما يصدر عن الغرب موسوما بالعدالة والرؤية التنويرية. عبر الانبهار بثقافة الغرب وليبراليته وعدالته جرى تسريب مشروع الصهيونية الاستيطاني بفلسطين.
كان الدكتور سليم ملول وصحيفته "السلام" من أوائل الناجحين في التسلل بين اوساط القوميين العرب. دخل حزب اللامركزية الذي أسسه مهاجرون شوام عام 1912 في مصر برئاسة رفيق العظم. اضعف نشاطُه في أوساط الليبراليين العرب معارضتهم للمشروع الصهيوني، حيث تمكن من إقناع بعض قادة الرأي ، ومنهم الدكتور شبلي شميل، بأن هدف المشروع الصهيوني هو النهوض بفلسطين.
وجهت صحيفة الكرمل بقلم ناشرها ورئيس تحريرها ، نجيب نصار، انتقادات لاذعة للدكتور شبلي شميل، وذلك ردا على مقال نشره بصحيفة ألأهرام هاجم خصوم الصهيونية متهما إياهم بالشوفينية ، وبرر استيطان اليهود بفلسطين انطلاقا من فكرة أن "الآرض ميراث المجتهد"، وهي نظرية المستوطنين الاوروبيين بالقارة الجديدة، وتبرر بها إسرائيل اغتصاب الأراضي العربية.
أصدر ملول جريدته عام 1910 بالقاهرة، ونقلها الى يافا بتاريخ 31 ايار1920. كما واصل الكتابة في صحيفتي الأهرام والمقطم المصريتين.
ببراعة استطاع الصهاينة "اليساريون" تمويه أهداف الصهيونية على الصفحات الأولى والافتتاحيات من صحفهم؛ اقحموا رسالتهم الحقيقية تحت عناوين فرعية ، فكتب ملول ، على سبيل المثال، تحت العنوان " أخبار شتى" خبرا من لندن " ان مسالة الانتداب على فلسطين قد تقررت نهائيا، والمسالة اصبحت بيد بريطانيا ، وهي المنوط بها تنظيم الإدارة والأحوال بفلسطين". وعلى الضد مما نفاه على صحيفتي الأهرام والمقطم نشر في صحيفته "السلام" ان" دول الحلفاء الكبرى التي تدير جمعية الأمم وافقت على الوعد الذي صرحت به الحكومة البريطانية في 2تشرين ثاني 1917(وعد بلفور)، ثم وافقت عليه سائر حكومات الحلفاء بإنشاء وطن قومي لليهود بفلسطين... ونجحت فرنسا في فركشة لجنة كنغ –كراين، التي بعثها الرئيس الأميركي واجرت استفتاءات بين الفلسطينيين واللبنانيين والأردنيين و السوريين مقدمة لرسم تقرير مصيرهم انطلاقا من مبادئ الرئيس الأميركي ويلسون التي نصت على حق الشعوب في تقرير مصيرها". المعروف أن اللجنة حذرت من إقامة وطن قومي لليهود داخل منطقة الشرق الأوسط.
وفي بيروت أصدر سليم إلياهو في 1 آيلول 1921 صحيفة " العالم الإسرائيلي"، كرست معظم صفحات أعدادها من أجل فلسطين يهودية على حد تعبير محررها الأول، إلياهو ساسون. ساسون من مواليد دمشق عام 1902 وكان عضوا بالوفد القومي الذي استقبل الأميرفيصل بدمشق. ومهر في تقديم الصهيونية مشروعا لإنهاض فلسطين . لم يخل اي من اعداد الصحيفة من أخبار الاستيطان بفلسطين. وفي صفحة كاملة نشرت الصحيفة عن تيودور هيرتزل اوردت فيه ان " الأمل في عودة إسرائيل الى فلسطين لم يأخذ شكله العلمي ثم العملي إلا بذلك المفكر العظيم تيودور هيرتزل".
وصدر العدد الأول من " بريد اليوم" في مدينة القدس بتاريخ 11 مايو 1920، لصاحبها سفير . حملت افتتاحية بعنوان "مشروعنا" عبارات مموهة ، مثل القول " ان أكبر رجال السياسة وأعظم ذوي الأقلام باوروبا وأميركا علقوا ويعلقون الآمال الكبيرة على إمكان نهوض الشرق من خموله وانحطاطه اذا اشتبكت أيدي أمم الشرق وعملوا متحدين قلبا وقالبا ، فتنشأ من امتزاج الأقوام حياة جديدة...". هذا علاوة على صحف صدرت في اسطنبول ومدن تركية اخرى لناشرين غير يهود إمعانا في التضليل، روجت للاستيطان اليهودي بفلسطين.
المنورون الفلسطينيون ناهضوا الاستيطان الصهيوني، وكشفوا دوافعه الخطرة على الوجود العربي، وبعضهم اجرى مقارنة بين المستوطنات وما تحويه من معدات زراعية وما تقدمه للمزارعين اليهود من خدمات وحياة مرفهة، وبين حالة الفلاح الفلسطيني المزرية والإمكانية البدائية بحوزته؛ لكنهم لم يفطنوا الى ارتبط الحركة الصهيونية بالامبريالية. المنور الفلسطيني نجيب عازوري امل في تحرير الشرق العربي من الاستبداد العثماني على ايدي الغرب؛ أما المنور الفلسطيني، محمد روحي الخالدي، فقد نظرالى الحركة الصهيونية امتدادا للقوميات الأوروبية. لم يكن يدري ان القومية الصهيونية برزت مع افول المضمون التقدمي للقوميات الأوروبية، حيث حطمت اللاهوت وأحلت العقل مكان القداسة يشكك وينقد ويكتشف ضمن أفق مفتوح على التقدم والعقلانية. بينما الصهيونية أحلت اللاهوت والأساطير الغيبية مكانة مهيمنة، واستولدت التاريخ من مشيئة إلاهية تمضي به عبر الكوارث والحروب والدمار والقتل الى ان تبني الدولة العبرية ويشيد الهيكل وتحل حقبة الألفية السعيدة. دخلت الصهيونية الميدان في مرحلة الامبريالية، ولم تتكشف بعد زيوف حكايات التوراة واختلاقاتها من قبل المدونين للتوراة في عهود متاخرة عن زمن موسى في القرن الثالث عشر قبل الميلاد.

جوهر الصهيونية
بينما كانت الدعايات الصهيونية تقدم نفسها بوجه إنساني واهداف تقدمية نهضوية، ظهر في الساحة وافدا من بيئة التفوق العرقي الأوروبي، يوسف كلاوزنر. كتب أوري أفنيري في مؤلفه " إسرائيل بلا صهاينة" الذي نشر بالانجليزية ولم يترجم الى العربية أن أدباء يهودا برزوا في قيادة الحركة الصهيونية إثر وفاة هيرتسل المفاجئة عام 1904، كتبوا – وبعضهم صادق-حول علاقة عيش مشترك مع العرب وتقديم الخبرة والدعم لهم. وضع حدا لهذه الكتابات مقال نقدي كتبه الناقد الأدبي كلاوزنرعام 1907، عرض الصهيونية على حقيقتها بدون مواربة او تقنع، في مجلة هاشلواح التي كانت تصدر بمدينة أوديسا. استهجن كلاوزنرفي مقاله تكلم اليهود بالعربية ، وتشبههم بالعرب؛ إذ من الأفضل البقاء في الغربة والاندماج بمجتمعات متقدمة. جاء في المقال ان اليهود عاشوا الفي عام وسط مجتمعات متحضرة ومن المتعذر ان يتعايشوا مع "أشباه متوحشين"! أنذر المقال في النهاية ان العلاقة مع العرب في فلسطين يجب ان تكون عدائية مطلقة. ومنذ ذلك الحين تجلت الصهيونية حركة صدامية تبطن الأبارتهايد، تعتمد القوة المسلحة لإنجاز مشروعها بفلسطين.
في الحقبة التالية للحرب العالمية الثانية شاركت احزاب الاشتراكية الديمقراطية في الحرب الباردة ضد الاتحاد السوفييتي وحركة التحرر من الامبريالية. استطاعت تقديم بعض المكاسب لطبقتها العاملة من فتات النهب الامبريالي للشعوب. وطوال عقدي الخمسينات والستينات راجت في مجتمعات الغرب الامبريالي دولة الرفاه، حيث بتأثير الاشتراكية الظافرة اضطرت البرجوازية التنازل عن مكاسب هزيلة للشغيلة. وبهذه السياسات في الداخل تقنعت أحزاب الاشتراكية الديمقراطية بقناع يساري زائف ؛ وانتقلت العدوى الى الحركة الصهيونية، إذ برز مفهوم الصهيونية اليسارية ليشمل حزب العمل وقد اندحر من القيادة مع تفوق الليكود واليمين الفاشي داخل المجتمع اليهودي؛ بينما على الصعيد الخارجي تحالفت هذه القوى مع الامبريالية الأميركية ومع البرجوازية الاحتكارية الامبريالية .
عبرت فكرة اليسار في منشئها عن هدف إجراء تحول اجتماعي في فرنسا صدف ان كان دعاته يجلسون في الجانب الأيسر من الجمعية الوطنية. غدا اليسار مجازًا للتغيير الجذري ينهي الوضع القائم ؛ بينما "اليسار" الأوروبي او الصهيوني حافظ على الوضع القائم مع تقديم مكاسب تافهة للشغيلة تتبدد بسرعة مع التضخم. احزاب الاشتراكية الديمقراطية سمح لها لفترة محدودة تحسين أوضاع الشغيلة ضمن النظام الرأسمالي الاستغلالي؛ لكن أجبرت بعد انهيار الاشتراكية على إسدال الستار على مجتمع الرفاه، وتجريد الشغيلة من جميع المكاسب التي توفرت لهم إبان المنافسة مع الاشتراكية. فهم لا يناضلون من أجل التغيير الاجتماعي، و"يساريتهم" بذلك تزوير وخداع للطبقات العاملة.
حزب العمال البريطاني برئاسة إتلي ادخل بعد الحرب نظام الرعاية الصحية المجانية للجميع ثم تمت على مراحل تصفية هذا المكسب العظيم. وكذلك انطوني بلير والحزب الاشتراكي برئاسة غي موليه وغيرهم من قادة الاشتراكية الديمقراطية شاركوا في حروب الامبريالية ضد الشعوب المناضلة من أجل التحرر الوطني والاجتماعي، ومنها الشعوب العربية. وأورد الصحفي الإيرلندي ديفيد كروني، ان حزب العمال برئاسة اتلي ناقش خطة " تطهير عرقي" لعشرات آلاف الفلسطينيين؛ وفي العام 1944 ورد في بيان أصدره حزب العمال البريطاني " علينا تشجيع العرب على الهجرة ، بينما يدخل اليهود الى فلسطين". اقترفت جريمة مذبحة دير ياسين بينما كان الجنود البريطانيون يرابطون في البلاد. كان الحكم في بريطانيا بأيدي حزب العمال. سمحت بريطانيا بقيادة حزب العمال، بحدوث التطهير العرقي بفلسطين. وفي تحرياته بالوثائق البريطانية وجد ان الجيش البريطاني قد امتنع عن تقديم العون لسكان حيفا العرب، بعكس ماحاولت بريطانيا إشاعته.
سافر كلاوزنر الى فلسطين عام 1919 وتتلمذ على يديه بن زيون نتنياهو الذي تعلق بأفكاره، وعمل سكرتيرا لجابوتينسكي، الزعيم الصهيونية الذي عارض تمويه بن غوريون وطرح صراحة مهمة التحضير للحرب ضد الفلسطينيين . ربما بتاثير كلاوزنر او هو التلاقي كتب جابوتينسكي في مقالته الشهيرة " الجدار" التي اعدهابالتعاون مع بن زيون نتنياهو، ان العلاقة مع عرب فلسطين يجب ان تكون عدائية. كان بن زيون نتنياهو الابن الروحي لكلاوزنر، ونقل رؤيته الى ابنه بنيامين نتنياهو. والجدار الذي عبر عنه جابوتينسكي عبارة عن تراكم إنجازات لليهود فقط على أرض فلسطين تحمل الفلسطينيين على التسليم بالمشروع الصهيوني والرحيل عن فلسطين. وردد ميناحيم بيغن، الذي ورث القيادة بعد وفاة جابوتينسكي، ان هدفنا "إجبار العرب على الانصياع لمشيئتنا". اما بنيامين نتنياهو فقد راكم المستوطنات حتى حاصرت المجتمعات العربية بالمدن والبلدات والمخيمات في جزر متناثرة مع تحكم إسرائيل في الطرق والمياه والطاقة والمواد الغذائية والعمل ، بحيث تمنعها عنهم وقتما تشاء.

مرحلة الإرهاب الصهيوني

منذ ان قرر المؤتمر الصهيوني عام 1942 تشكيل دولة لليهود انتفت الحاجة الى يسار صهيوني يخادع ، لكن عمدت المنظمات اليهودية منع بالقوة وبالتصفية الجسدية كل معارضة لفكرة الدولة وانفراد الصهيونية بتمثيل اليهود. مباشرة بعد انتهاء العمليات العسكرية للحرب العالمية الثانية شرعت منظمات حيروت والهاغاناه حملاتها الإرهابية المسلحة ضد الجيش والشرطة البريطانيين وضد العرب الفلسطينيين واليهود المعارضين للصهيونية او المتخلفين عن تقديم المساعدات المالية للمجهود الحربي الصهيوني. فرضت الصهيونية النظام الشمولي بالقوة المسلحة، لكن الضرورة اقتضت ان تتمظهر دولة الصهيونية بمظهر ليبرالي على شاكلة دول الغرب. كان ذلك أحد دوافع عملية التهجير القسري للعرب واقتراف المجازر"شبه الوحشية" حسب تعبير بن غوريون في مذكراته. هكذا جرى تركيب الليبرالية على الشمولية في دولة إسرائيل ، أشبه بالحيوانات الخرافية، جسد حيوان ووجه بشري.
في خضم الإرهاب الصهيوين تم إسكات دعاة الصهيونية الثقافية. تحدث نوعام تشومسكي في مقابلة صحفية ان والده ووالدته والأقارب والجيران كانوا من أتباع احد هعام داعية الصهيونية الثقافية. كان الأخير قد انفصل عن الصهيونية مباشرة بعد مؤتمرها الأول وأعلن معارضته لمشروعها إنشاء وطن قومي بفلسطين. عين تشومسكي في شبابه قائدا لمجموعة شباب صهيون ، التي" في الوقت الحالي تعتبر مناهضة للصهيونية فلم تطالب بدولة يهودية". من انصار الصهيونية الثقافية مارتن بوبر استاذ الفلسفة بالجامعة العبرية ، وإيهودا ماغنس رئيس الجامعة وهنريتا شولتز إحدى مؤسسات حركة هداسا للنساء والفيلسوفة حنة آرندت. وابتعد اينشتين عن الصهيونية بعد ان ايقن من توجهها العدواني. وفي تصريح للجنة تحقيق دولية أفاد "في ظل الظروف الحالية لا يوجد أمل في تحسين الوضع ما دام الانتداب على فلسطين بيد بريطانيا." وقال ايضا "ان اقتراحي هو شبيه باقتراح ماغنس – حكومة ثنائية القومية تحت إشراف مباشر لهيئة الأمم المتحدة.أرفض إقامة دولة يهودية ".
عارض ماغنس التشكل الشمولي للصهيونية فهوجم ولم تحترم مكانته العلمية . توفي في ظروف غامضة.
بعد إقامة الدولة كان حزب مبام ، مدعي اليسارية يشيد بعبد الناصر وبالاتحاد السوفييتي بقيادة ستالين ، لكنه لم يسمح بتمرير أبسط خبر في صحيفته عن انتزاع الأراضي الفلسطينية وتهويدها. تم الاستيلاء بالصمت على ممتلكات الفلسطينيين المتبقين في بلداتهم ومدنهم ، كما صودرت اراضي النازحين وهدمت قرى عديدة.
العجز عن إقامة علاقة موضوعية مع الواقع يصيب المرء بالعصاب، حيث يبني أحكامه على آماله ومخاوفه وخيالاته الوهمية ، وليس على الحقائق الموضوعية الواضحة والكاشفة . هذه العلاقة الزائفة مع الواقع تجعل صاحبها متعصبا منغلقا يرفض بعقله الباطن كل حقيقة تأتي على النقيض من مخاوفه وتخيلاته ويخنقها . لم يصدر عن عنصر صهيوني ما يشير الى استعداد للتعايش مع الفلسطينيين ؛ بالعكس تماما لا يصدر إلا اغتصاب للأراضي العربية مع تهديدات بالتهجير.
سلسلة مقالات كتببها اوري افنيري، المفكر ورجل السلام الراحل، أثناء العدوان على لبنان عام 2006، من بينها مقالة بعنوان " يسار، ولكن..." ، نشرها في 6 سبتمبر / أـيلول 2006، جاء فيها:
"خلال الحرب الأخيرة غالبا ما كنت أسمع جملا مثل "انني يساري، ولكن..." وكان يتبع هذه الكلمات قول يميني.
" على ما يبدو ان لدينا مجتمعا كاملا من’ اليساريين ولكن...‘، الذين يطالبون بتدمير قرى لبنانية بأكملها ، وتحويل لبنان الى كومة من الدمار، وتدمير اية عمارة حيث يمكن ان يتواجد ( او لا يوجد) حسن نصر الله على رؤوس ساكنيها . وبالمناسبة ما دمنا في هذا المجال، لا بد من محو غزة من على وجه الأرض".
في المقال عبارة تختزل ما تقدم في هذا المقال بأكمله: " عند مواجهة هذه الكلمات في التلفزيون والإذاعة والصحف، يراودني في بعض الأحيان الشعوربالدعاء: ’يا ربي اعطني فاشيين حقيقيين بدلا من هؤلاء ’ اليساريين ولكن...‘ "!
ثم يواصل القول:
"قتل وتدمير بالجملة وبشكل منهجي لا يشير إلا الى ان الأمر مدبر من قبل"؛ ثم تساءل: "كيف يمكن لكتاب لديهم ضمير ، والأدهى من ذلك ’اليساريين‘ ذوي نظرة إنسانية ، ان يظلوا صامتين بينما ترتكب هذه الفظائع؟ كيف كان بمقدورهم الاستمرار في خدمة آلة الحرب الدعائية؟"
يجيب على تساؤله بتحليل صائب اقدمه باختصارمع انه ممتع متكامل:
"منذ بداية الحركة العمالية اليهودية في البلد، عانى اليسار من تناقض داخلي: كانت الحركة اشتراكية وقومية معا. ولكن النص القومي المكون هو الأهم الى حد بعيد في العنصرين... كان اهم المهام، وكانت تراق الدماء باسم العنصر القومي. القومي.
والكيبوتسات... كان لدى الجزء الأكثر يسارية، حركة الكيبوتسات وهو ’هاشومير هتسعير‘ (الذي كان قاعدة حزب المابام المنحل الذي اصبح الآن ميريتس) شعارا رسميا ، يقول: ’من أجل الصهيونية ، والاشتراكية ، وأخوة الشعوب‘، لم يكن ترتيب كلماته عشوائيا ، بل معبرا عن الأولويات الحقيقية. حقا ، كانت هاشومير ها تسعير تقدس ستالين الذي هو ’ شمس الشعوب‘حتى مماته، ولكن اهم إنجازاتها كان الاستيطان، عموما على الآرض الي تم شراؤها من اصحابها الغائبين ، بعد طرد الفلاحين الذين اعتنوا بها وفلحوها لأجيال. وبعد إنشاء دولة إسرائيل تمركزت كيبوتسات هاشومير ها تسعير على أراضي المهجرين والأراضي التي تمت مصادرتها من مواطني إسرائيل العرب. فكيبوتس برعام اقيم على اراضي قرية برعم التي طرد السكان العرب منها بعد انتهاء القتال عام 1948. وهكذا الكثير من الصهيونية والقليل جدا من أخوة الشعوب". انتهى المقتطف من مقال المفكر اوري أفنيري.
نتساءل: هل من تجن ، بعد الاطلاع على ما تقدم ، الاستنتاج بأن الصهيونية، بجميع أطيافها، عميلة للاحتكارات الامبريالية في اوساط اليهود ، مثلما ان الاشتراكية الديمقراطية عميلة للامبريالية في صفوف الطبقة العاملة؟! هل يجوز أن تؤخذ مأخذ الجد انتقادات للحكومة الصهيونية تصدر من اوساط صهيونية تدعي اليسار، وان يبنى عليها مشروع تحالف جبهوي متين ضد فاشية الصهيونية؟ ؟



#سعيد_مضيه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شواحن الرأسمالية سياسية واقتصادية وثقافية نشطة بالولايات الم ...
- الفاشية الإسرائيلية تتوعد بتنفيذ الضم والتهجير
- كيف جلب الغرب الحرب لأكرانيا
- بتأثير غباء وعماء الحكومة الأميركية وجبن ولامبالاة القادة ال ...
- لمن يؤرقه الاحتلال الإسرائيلي تجاوز نصف القرن .. فتش في المد ...
- ميديا الغرب أذرع البروباغندا للامبراطورية الإمبريالية ومركزه ...
- النظام الأبوي تخلف وتبعية وإحجام عن التغيير
- ثورة اكتوبر -- الحلقة الرابعة والأخيرة
- ثورة اكتوبر دينامو الفكر التقدمي والتحرر الوطني والاجتماعي ( ...
- ثورة اكتوبر دينامو الفكر التقدمي والتحرر الوطني والاجتماعي ( ...
- ثورة اكتوبر دينامو الفكر التقدمي والتحرر الوطني والاجتماعي ( ...
- يتزاحم الشهداء ويحتجب أفق التحرر
- يحظر القانون الدولي على إسرائيل، دولة الاحتلال، استخدام القو ...
- الفاشية توطد ركائزها في الولايات المتحدة ويتجول شبحها في الع ...
- من أجل مقاومة وطنية تستعصي على الكسر
- قوى الشر متفوقة وتدفع البشرية نحو الدمار ..والخلاص في تفاؤل ...
- تفجير نوردستريم 1و2 ..الغاية وصاحب المصلحة
- بدون الثقافة يستحيل توطين الديمقراطية وكرامة البشر
- الفجور الأميركي
- مصداقية الميديا الأميركية في الحضيض


المزيد.....




- بالأرقام.. حصة كل دولة بحزمة المساعدات الأمريكية لإسرائيل وأ ...
- مصر تستعيد رأس تمثال عمره 3400 عام للملك رمسيس الثاني
- شابة تصادف -وحيد قرن البحر- شديد الندرة في المالديف
- -عقبة أمام حل الدولتين-.. بيلوسي تدعو نتنياهو للاستقالة
- من يقف وراء الاحتجاجات المناهضة لإسرائيل في الجامعات الأمريك ...
- فلسطينيون يستهدفون قوات إسرائيلية في نابلس وقلقيلية ومستوطنو ...
- نتيجة صواريخ -حزب الله-.. انقطاع التيار الكهربائي عن مستوطنت ...
- ماهي منظومة -إس – 500- التي أعلن وزير الدفاع الروسي عن دخوله ...
- مستشار أمريكي سابق: المساعدة الجديدة من واشنطن ستطيل أمد إرا ...
- حزب الله: -استهدفنا مستوطنة -شوميرا- بعشرات صواريخ ‌‏الكاتيو ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد مضيه - اليسار الصهيوني وتوزيع الأدوار