أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد كاظم غلوم - حتامَ نحفر في الماضي لنطمر وندفن الحاضرَ والمستقبل














المزيد.....

حتامَ نحفر في الماضي لنطمر وندفن الحاضرَ والمستقبل


جواد كاظم غلوم

الحوار المتمدن-العدد: 7464 - 2022 / 12 / 16 - 01:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كم كان مصيبا ذلك الفيلسوف المفكّر الذي قال ان التأريخ لا يرحم !
من قال ان التاريخ عفا عليه الزمن وتم طمره في أخاديد عميقة ؟!
هاهو يظهر الان بكل قامته الفارعة بطَلا يهابه الجميع ويذعن لكلامه السامعون وتمتدّ اليه الرقاب تذللاً وطاعةً ولم يسلم حتى الابطال والنخب البارزة في مجتمعنا من الرضوخ لأوامره والانصياع لجثثهِ التي نفخوا فيه الحياة وبُعثت فيه الروح فغدا يأمر وينهى ، يأمر بالمنكر وينهى عن المعروف يُبرز الباطل ويطمر الحقّ وينتقي العوَج مسارا ويبعد عن الطريق القويم ووصل الامر الى أعالي قومنا وصفوة مجتمعنا حتى بدأت مشايخنا تتفنن في فرش فتاويهم في اسواق النزاعات وينادون الملأ المتعب من الناس الذين غمرهم الجهل ويزعقون بملء افواههم للترويج على بضائعهم الفكرية الفاسدة ووصلت حدّ ارغام الناس على اقتنائها وارتضيناها خوفا من سيوفهم وطمعا في إرضائهم .
الغريب انهم نسوا طريق حاضرهم المليء بالمطبّات والعثرات الجسام وكان الأحرى أن يقوموا بتسويته وتسليكه للوصول الى مستقبل مزهر ؛ ولكنهم لم يعملوا على ردم الهِوى السحيقة بل أمسكوا بمعاولهم وبدأوا بنبش الماضي وإظهار العِظام الهشّة النخِرة لتقديسها وعبادة الرفات الملوّث بكل عفَنهِ ورائحتهِ التي تزكم الأنوف .
وتتردد على مسامعي بين فينة وأخرى مقولة فيها الكثير من الصواب مفادها " إنْ تخاصَمَ الماضي مع الحاضر المعاش فان الخاسر الوحيد هو المستقبل " .
وليس بعيدا عنا كم خسرنا نحن في هذا الظرف العصيب الذي نعيشه من الموارد البشرية والمادية المهولة بسبب تلك النزاعات التي لا معنىً لها والاصطفافات الطائفية الكريهة والتكتلات الضيقة الافق التي تمّ تغذيتها من مائدة الماضي السامة القاتلة ؛ وكم فرغت عقولنا وأرواحنا من قيم التسامح والمحبة والعفو والسلام واستيعاب العقل الاخر والاقتناع بالتعددية فصارت جرداء قاحلة الاّ من الكراهية والعنف والحنق وإشاعة الموت المجاني وتفخيخ العقل والقلب بهوس العداوة والبغضاء فصارت بقاعنا سوحا للدماء وحلبات للمصارعة ومهوى للانفجارات ومهبطا لوحي الشياطين والأبالسة ممن تزيّوا بعباءة الدين تظليلا وسترةً لنوازع الشرّ الكامنة فيهم واعتلوا عِمّة الزيف والخديعة غطاءً لرؤوسهم التي تثير المكائد والدسائس كي يبقوا جاثمين على صدورنا ؛ فمثل هؤلاء يعتاشون على إثارة الأزمات واصطناع العداوة والنفخ في الرماد لإظهار جمراته فلا يستطيعون المكوث والاستعلاء في مناخ سياسي واجتماعي صحي سليم ولا يريدون ان يستقرّ المجتمع وتهنأ الأوطان ؛ ففي استقرارها إبعاد لهم ، وهل تترعرع الجراثيم والعفن وتنتشر الاوحال ويعلو نقيق الضفادع وتبطش التماسيح النهمة الاّ في المستنقعات الراكدة ؟!
أعجب كيف لا تفكّر شعوب واعية ذكية ، عريقة المحتد والمنبت مثل بلداننا العربية والإسلامية بمستقبل مزهر يكاد يكون قريبا منها لو أمسكت زمامه بحزمٍ وبأيدٍ واثقة لان شعوبنا تحوز ثروات بشرية هائلة وخزينا ستراتيجيا من النفط والمعادن الاخرى ما يفوق الكثير من الشعوب مع قدرات يمكن ان تكون خلاّقة لو تمّ تفعيل العقل العربي وغربلته من ملوّثات الماضي وصراعاته الدموية ، وفتح أبوابه على مصراعيها لتحديث ذهنيته وإطلاق نوافذه لرياح الحرية كي تمرح في ربوعه وتجديد فكره وتنويره بأنظمة حكم حديثة تُبنى على النهج الديمقراطيّ واستيعاب الخلافات ووجهات النظر الأخرى بقلب مفتوح رحب الصدر ؛ لكن هناك بين ظهرانينا وممن ترعرع في اوساطنا ونحسبه ضمن نسيجنا من أخوة يوسف لا يريد لنا ان نصحو وننهض ؛ فهم على شاكلة مثَلِنا العربيّ المأثور ( قومي همُ قتلوا أميمَ أخي ) ؛ ويبدو اننا وقعنا تحت تأثير هؤلاء فعملوا على تخديرنا وتنويمنا نوما جماعيا وبثّ الهزال في عقولنا وأجسامنا وإضعاف مقدّراتنا عن عمْدٍ وإصرار لنبقى أسارى ماضٍ مثقلٍ بالدم والكراهة وضيق الافق .
هناك حالات من العجز والتكاسل تصيب الشعوب يسمونه علماء النفس " التنويم الجمعي للعقل " لا يختلف عن التنويم المغناطيسي للفرد وأظن اننا واقعون تحت تأثيراته ، أضعنا حاضرنا ومستقبلنا وتشبثنا بمنعرجات ماضٍ اسود مظلمٍ معيقٍ وهادم مع ان الماضي ليس كله صفحة سوداء لكننا وقعنا في دروبه الحالكة المظلمة وغفلنا عن مواطن تألّقه لاننا عصّبنا عيوننا واخترنا النوم في جانبه المظلم وتركنا الساطع المنير المشرق لبثّ الصحوة فينا ولم نحسن غربلته وأغلقنا نوافذنا عن شمسه المضاءة .
اجل ربما يكون الماضي ليلاً معتماً ولكن يا لهُ من ليلٍ مرصّعٍ بالنجوم فاهتدوا بنجومه اللامعة الجميلة الوضاءة ولا تضيّعوا أنفسكم وأهليكم وآمالكم وأهدافكم في دروب الماضي المعتمة ومتاهاته التي لا مخرج منها .

جواد غلوم



#جواد_كاظم_غلوم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع فهد سليمان نائب الامين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين حول الحرب الاسرائيلية على غزة، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب الفلسطيني نهاد ابو غوش حول تداعايات العمليات العسكرية الاسرائيلية في غزة وموقف اليسار، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مُدرجات وسلالم تؤنسك بموسيقاها
- حين يكون العقلُ مبدعا وثريّا والضمير نقيّا
- التعلّمُ في الكِــبَر
- ما بناهُ المسلمون يخربهُ المتأسلمون
- كيف تجعلون أطفالكم أذكياء راجحي العقول
- انتشار الحركات الإسلاموية
- مغزى العطاء والبذل للآخرين المعوزين
- رفقاً بالمتقاعدين العراقيين
- عن الجهل المقدَّس والجهل المؤسَس
- نصائح ماسيّة - نعمة الكتمان -
- عندما نصل الى عتبة الشيخوخة
- ومن تقنية السوشيال ميديا ما فككتْ الأسرة
- نشيخ وترقى عقولنا
- العراق من أرض السواد والرواء الى الصحراء والغبراء
- هرطقة الفصول الأربعة
- هكذا كانت معتقداتنا في بلاد أوروك العراق وأوغاريت الشام
- خارطة طريق سالكة وسلسة باتجاه الإيمان
- هكذا هو وعد الإنسان - الأب - الحقيقي
- شتاءٌ وهناء
- حزمةٌ من ومضات الشعر


المزيد.....




- بلينكن يدعو إسرائيل لبذل المزيد لحماية المدنيين مع استمرار ا ...
- الحوثيون يمنعون السفن من التوجه لإسرائيل
- القرم.. قناة الأمة تحارب الأخبار الملفقة
- القسام تبث مشاهد لمواجهات بمحور خان يونس
- تحديث مستمر لساعات المساء..-القسام- و-السرايا- تعلنان قتل عش ...
- حزب الله: نرد على التصعيد الإسرائيلي -بضربات نوعية جديدة سوا ...
- جنود إسرائيليون يضرمون النار بشاحنة مساعدات لصالح غزة والجيش ...
- يعلن عن مصرع جندي وسط تعتيم بشأن الأرقام.. الجيش الإسرائيلي ...
- تقرير: مجتمع الأعمال الأمريكي يزداد تأييدا لنيكي هايلي في سع ...
- الإدارة الأمريكية تعلن أن مليار دولار فقط بقي في ميزانية تمو ...


المزيد.....

- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو جبريل
- كتاب مصر بين الأصولية والعلمانية / عبدالجواد سيد
- العدد 55 من «كراسات ملف»: « المسألة اليهودية ونشوء الصهيونية ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- الموسيقى والسياسة: لغة الموسيقى - بين التعبير الموضوعي والوا ... / محمد عبد الكريم يوسف
- العدد السادس من مجلة التحالف / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- السودان .. ‏ أبعاد الأزمة الراهنة وجذورها العميقة / فيصل علوش
- القومية العربية من التكوين إلى الثورة / حسن خليل غريب
- سيمون دو بوفوار - ديبرا بيرجوفن وميجان بيرك / ليزا سعيد أبوزيد
- : رؤية مستقبلية :: حول واقع وأفاق تطور المجتمع والاقتصاد الو ... / نجم الدليمي
- یومیات وأحداث 31 آب 1996 في اربيل / دلشاد خدر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد كاظم غلوم - حتامَ نحفر في الماضي لنطمر وندفن الحاضرَ والمستقبل