أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جواد كاظم غلوم - نصائح ماسيّة - نعمة الكتمان -














المزيد.....

نصائح ماسيّة - نعمة الكتمان -


جواد كاظم غلوم

الحوار المتمدن-العدد: 7348 - 2022 / 8 / 22 - 16:03
المحور: الادب والفن
    


وأنا أنبش وأتحرّى في أحد كتب تراثنا العربيّ العريق العتيد باحثا عن ضالّة ما تعينني على موضوعي الذي أكتبه ؛ وجدت دُرّة نفيسة من درر الكلام لم أطلع عليها قبلا وهي مما قاله ابن الجوزي في كتابهِ " الأذكياء " إذ يقول ما نصّه :
( اكتم عن الناس ذهبَـك وذهابَـك ومذهبَـك )
وكم وددت ان لو كنت اطلعت عليها في شبيبتي قبل مشيبي لكنت علّقتها شارة في صدري ووسما لا يُمحى في ذاكرتي لتكون منهجا راسخا في حياتي .
أما المقصود في ( ذهبَك ) فتعني مما لديك من مال ونعيم يؤازرك في حياتك سواء قلّ ام كثر ؛ فان كان كثيرا فأنت معرّض للحسد او الطمع لأن كل ذي نعمةٍ محسود وقد تكون مستهدفا للسرقة والاحتيال عليك لأجل جعلك خالي الوفاض منه في غمضة عين ، مثلما قال المتنبي عن قومٍ سرقت خيراتهم فجأةً بعد أن غزاهم الطامعون فافتقروا في غمضة عين حتى قبل الليلة وضحاها كما يقول المثَل العربي السائر :
وصبّحهمْ وبسْطهمُ حريرٌ ---- ومسّاهمْ وبسطهمُ ترابُ
ولو كنتَ فقير الحال لا تملك إلاّ ما يسدّ رمقك او يقيم أودَك وربما معوزا ، فأنت بهذه الحال كسير النفس ، مستهان الشخصية يراك الناس بعين الشفقة والانكسار ورثاثة الحال ووضاعة الفقر .
أما المفردة الثانية ( ذهابَك ) فإنها تعني قيامك بعملٍ ما ومشروع في ذهنك تريد تحقيقه كأنْ تنوي الخوض في مشروع تجاري استثماري او تشييد بيت او تزويج أولادك ، وهنا عليك ان تعمل بصمت وتخطط بما يرسمه عقلك وتتوكل على الله وعلى إرادتك وعزمك وأنت ساكت دون جهر وإعلان واستعراض لا داعي له .
يحدثنا التاريخ ان سيدنا يعقوب نصح ابنه يوسف قائلا له : لا تقصص رؤياك على أخوتك فيكيدوا لك كيدا ؛ مما يؤكد ان الأب المحزون هجسَ ان هؤلاء الأخوة الضالين وجّهوا عيونهم الحاسدة الحاقدة على أخيهم الوديع ولم يعبئوا حتى بدرجة القرابة الحميمية التي جمعتهم معا ، رغم ان الحالة كانت مجرد رؤيا في عداد الأحلام .
فما نقوله لا يتعارض مع قول الله تعالى : وإما بنعمة ربّك فحدّث ؛ فالحديث هنا ليس بمعنى التهريج بما عندك من مال وحلال والمباهاة امام الملأ بغناك وضياعك ؛ انما أراد الله الواهب المعطي ان تشكره على نعمائه بينك وبينه وتوسع ما عندك على أهلك وتوهب عطاءك سرّاً لمن يستحق بالقدر المعقول الذي أباحك الواهب الكريم دون ايّ تبذير او المفاخرة والمباهاة مع الاعتدال في الملبس والمظهر والمأكل .
وفيما يتعلق بخصوص المفردة الثالثة " مذهبَك " ، هنا عليك ان تكفّ لسانك عن اللغوّ بما ترى من وجهات النظر ولا تجهر علانيةً عما تحب وتكره وتروّج وعدم التشهير بقناعاتك الفكرية وآرائك ، وإياك من الترويج لمفاهيمك ونشر نصائحك عيانا إلاّ اذا طلب أحدهم النصح والإرشاد منك عن صدقٍ وطيب خاطر ؛ وكم ندم الكثير من العارفين على الكلام لمرّات عديدة لكنهم محال ان يندموا على الصمت ولا لمرة واحدة ، وحاول ان تكبح جماح النفس التوّاقة الى إظهار وإعلان شهوة ما بداخلها من وجهات نظر ؛ والإفصاح عنها زهواً ومفاخرة والكفّ عن إبداء نرجسيتها ولو كنت راجح الفكر مصيبا فيما تقول وتجهر حتى لو كنت على صواب في إبدائها .
حين ذاك ستتلافى الجدالات العقيمة غير النافعة وتزيل حالات الجفوة والخصام واختلاف وجهات النظر مما قد يؤدي الى إشاعة العداوة والبغضاء بين من تأتلف معهم وتُرخي حبال المودة والالتئام والمحبة مع الأطراف الأخرى .
حقا هناك الكثير من نفيس الكلام وجوامع الحِكَم والعبَر مبثوثة هنا وهناك في إرثنا الغنيّ بالكنوز ، يعوزنا غائص حاذق يبحر في غوره ويصطاد دُررهِ لتغتني عقولنا ونفوسنا بثرائها ، فما أكثر رحابة إرثنا الفكري السليم المُرشد وما أقلّ ما نجول به لاقتناص مباهجه ولمعانه وإشراقه ليضيء لنا دروب مستقبلنا .

جواد غلوم



#جواد_كاظم_غلوم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما نصل الى عتبة الشيخوخة
- ومن تقنية السوشيال ميديا ما فككتْ الأسرة
- نشيخ وترقى عقولنا
- العراق من أرض السواد والرواء الى الصحراء والغبراء
- هرطقة الفصول الأربعة
- هكذا كانت معتقداتنا في بلاد أوروك العراق وأوغاريت الشام
- خارطة طريق سالكة وسلسة باتجاه الإيمان
- هكذا هو وعد الإنسان - الأب - الحقيقي
- شتاءٌ وهناء
- حزمةٌ من ومضات الشعر
- شيء من صفات ( الأحمق المفيد )
- قصيدة - قوىً خائرة أمام وقحَةٍ قاهرة -
- عندما تنزفُ شعرا
- قواعد الفساد الستُ عشرة في عراق الموبقات
- سيرتي الذاتية في أذيال العمر الأخيرة
- القواعد العشرون للظفر برفيق العمر الحنون
- وإذا الأنيسة توحّشتْ
- أين الطاقة الكهربائية أيها الواهنون ؟؟
- سفاسف شهادات التقدير والدروع والدكتوراه الفخرية
- مراثٍ لخيبة وأحزان انتفاضة تشرين


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جواد كاظم غلوم - نصائح ماسيّة - نعمة الكتمان -