|
عوائق أمام إصلاح وتطوير النظام في لبنان
فؤاد سلامة
الحوار المتمدن-العدد: 7460 - 2022 / 12 / 12 - 21:33
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في سياق لعبة تلعبها الأطراف اللبنانية الطائفية لتأجيل تطبيق المادة ٩٥ من الدستور التي تنص على تشكيل برلمان خارج القيد الطائفي ومجلس شيوخ للطوائف، تمتنع الأحزاب والشخصيات والمراجع الدينية المسيحية عن إعلان موقف واضح من تطبيق المادة ٩٥ من الدستور، في مقابل امتناع الأحزاب والشخصيات والمراجع الدينية الإسلامية عن إعلان تأييدها لإنهاء الازدواج الأمني أي وجود قوى عسكرية خارج القوى الأمنية الرسمية، وإنهاء معارضتها لقانون مدني موحد للأحوال الشخصية. هل هو تبادل منافع أو تبادل خدمات أم رغبة مشتركة لدى هؤلاء وأولئك برفض عملية الإصلاح السياسي في لبنان؟ أم أنها استمرار لما يعرف باسم سياسة النعامة أي دفن الرأس بالرمال؟
نجح ذلك في الماضي، وتم تعطيل عملية الإصلاح بذرائع تبادلتها مختلف الأطراف الطائفية لتأبيد هيمنتها على الدولة وعلى المجتمع. ولكن ما حصل منذ ٣ سنوات من كوارث كشف هشاشة كل القوى الطائفية وفشلها في منع إنهيار النظام الذي تحصنت داخله لحماية مصالحها الضيقة. بإمكان تلك القوى الاستمرار في المكابرة على عملية الإصلاح عبر طرح الشروط والشروط المضادة، ولكن النتيجة الحتمية هي المزيد من الاهتراء والتآكل للنظام والمجتمع، والمسيحيون سيكونون الخاسر الأكبر نظراً لسهولة اندماجهم في مجتمعات الهجرة.
لا شك بأن ذوي الأصول الإسلامية، شيعة وسنة بالأخص، لهم مصلحة بقيام برلمان خارج القيد الطائفي وإنهاء التوزيع الطائفي للوظائف، لأنهم يشكلون أكثرية عددية في لبنان، وهم سيستفيدون من برلمان لاطائفي بزيادة عدد النواب السنة والشيعة وزيادة حصتهم من المواقع والمراكز في الدولة. في المقابل لا يرى ذوو الأصول المسيحية مصلحة آنية لهم في إنهاء التوزيع الطائفي في البرلمان وفي الوظائف لأنهم أصبحوا أقلية عددية في لبنان، وهم يستفيدون من المناصفة في مجلس النواب والمواقع والوظائف في الدولة.
تلك عقبة رئيسية أمام المضي في إصلاح النظام في لبنان.. كيف أو هل يمكن تجاوز تلك العقبة الكأداء؟ من دون قيام دولة مواطنة حديثة في لبنان سيكون هذا البلد محكوماً بدورات العنف والنزاعات الطائفية الدائمة، وهذا يخلق ما نسميه "كربجة" للنظام في لبنان. المسلمون يريدون "حكم" لبنان بأكثريتهم العددية، والمسيحيون يريدون الإبقاء على امتيازات أو "ضمانات" تمنحهم إياها المناصفة، رغم تآكل تدريجي للمواقع المسيحية.
المهتمون بإصلاح النظام اللبناني من النخب الحداثية يصطدمون بتصلب المسيحيين في موضوع إلغاء الطائفية السياسية، وبتصلب المسلمين بموضوع سلاح "المقاومة" وموضوع القانون المدني الموحد للأحوال الشخصية. كيف يمكن تجاوز هذين التصلبين على طريق تجديد وتطوير النظام اللبناني؟ بإعلان قوى وازنة في المجتمع المسيحي قبولها بتطبيق المادة ٩٥ من الدستور بالتزامن مع إنهاء الازدواج الأمني في لبنان، وبإعلان قوى وازنة في المجتمع الإسلامي بالقبول بمبدأ التزامن بين تطبيق المادة ٩٥ وإنهاء الازدواج الأمني وإقرار قانون مدني موحد للأحوال الشخصية.
لن يكون ذلك سهلاً في أمد منظور. ذوو الأصول الشيعية يرفضون إنهاء الازدواج الأمني، وقد يتساهلون في موضوع قانون مدني موحد للأحوال الشخصية، وذوو الأصول السنية يؤيدون إنهاء الازدواج الأمني ولكنهم يرفضون إقرار قانون مدني موحد للأحوال الشخصية. المسيحيون يؤيدون إقرار قانون مدني موحد للأحوال الشخصية ولكنهم يرفضون إنهاء المناصفة في البرلمان وفي الوظائف الرسمية، وهم قد يقبلون بذلك اليوم في حال تحقق إنهاء الازدواج الأمني وتم القبول بقانون موحد للأحوال الشخصية.
هل يقبل من يصنفون أنفسهم كمسيحيين وكمسلمين بتبادل الإصلاحات أم أن لهم شروطاً ومطالب غير معلنة قد لا يودون الإفصاح عنها؟ التغييريون، مسلمين ومسيحيين، وبالأخص منهم العلمانيون فإنهم يبدون موافقين على إعلان نواياهم، لأنهم بغالبيتهم يؤيدون الإصلاحات الثلاثة دفعة واحدة: إنهاء الازدواج الأمني. إنهاء الطائفية السياسية. إقرار قانون مدني موحد للأحوال الشخصية.
قد تكون الصيغة التي تحظى بأوسع تأييد لقانون مدني للأحوال الشخصية هي قانون موحد للأحوال الشخصية يفسح المجال لاستمرار المحاكم الشرعية الطائفية بتلبية طلبات المتدينين مسلمين ومسيحيين والتصديق على خياراتهم الشخصية أي ما يسمونه قانون إختياري للأحوال الشخصية بموافقة المتعاقدين. وأما ما يتعلق بموضوع الازدواج الأمني فإن الصيغة التي قد تحظى بتأييد المسلمين الشيعة قد تكون بإعطاء وضعية خصوصية مؤقتة ومحددة لما يسمونه "سلاح المقاومة".
وأما ما يتعلق بموضوع تطبيق المادة ٩٥ من الدستور فلا مناص من إقرار تشريعات فوق دستورية تمنع تحول الدولة إلى دولة إسلامية مهما كانت الأكثرية العددية. وفي هذا الخصوص فإن القوى التغييرية العلمانية تؤيد مطالبة المسيحيين بوجود تلك الضمانات لأنها ستكون ضحية أية تشريعات إسلامية تُفرض على المواطنين نتيجة لاستفتاء أو لغلبة لاحقة للقوى الأصولية في المجتمع اللبناني.
#فؤاد_سلامة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لبنان بين الماضي والحاضر والمستقبل.. من اللادولة إلى الدولة
-
هل يشكل اليسار الشيوعي حالة تغييرية في لبنان؟
-
انتخابات ١٥ أيار في لبنان، وماذا بعد؟
-
ثورة أم تغيير نحو الأفضل؟
-
قوى التغيير في لبنان، إلى أين، وما العمل؟
-
لبنان، للخروج من الطريق المسدود
-
إزاحة منظومة الفساد في لبنان كأولوية!
-
النوادي العلمانية في لبنان، مؤشر للتغيير أم عارض في موت النظ
...
-
الانتفاضة، قيادة أو لا قيادة؟
-
بولا أخطأت، لم تخطئ؟
-
إئتلاف مدني أم تحالف يسار في لبنان؟
-
في ضرورة بلورة قواسم مشتركة لقوى التغيير في لبنان
-
تخبط المعارضة في لبنان وتكرار أخطاء 2015
-
تقييم أولي لتحرك الأحد الماضي
-
الشيوعي في مواجهة أزماته
-
المعركة الثقافية السياسية
-
دعوة للنقاش: السيادة أولاَ أو الإصلاح؟
-
سبعة، حزب أم منصة؟
-
مراجعة نقدية للتحركات الاحتجاجية في لبنان
-
هل يتحكم الشيعة بالنظام اللبناني، وكيف؟
المزيد.....
-
بالفيديو.. لحظة مقتل طفلين فلسطينيين برصاص قناصة الجيش الإسر
...
-
في الذكرى الثالثة لاغتياله.. سيارة العالم الإيراني محسن فخري
...
-
الحوثيون: مصير السفينة الإسرائيلية المحتجزة مرتبط بخيارات ال
...
-
روسيا تعلن السيطرة على بلدة قرب باخموت في شرق أوكرانيا
-
ملك المغرب يدعو إلى -فرض وقف فوري ومستدام لإطلاق النار- في غ
...
-
إسرائيل تقتل قائد -كتيبة جنين-.. وحماس تعلن مقتل -أصغر الرها
...
-
إنقاذ 41 عاملا بعد بقائهم 17 يوما داخل نفق في الهند
-
-أين كل العرب والمسلمين؟ لقد تركتم الشعب الفلسطيني يعاني-
-
ألمانيا: خطر تعرض البلاد لهجمات الآن هو-الأكبر منذ فترة طويل
...
-
شهادات مؤلمة على الدمار الذي خلفه القصف الإسرائيلي في جباليا
...
المزيد.....
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو جبريل
-
كتاب مصر بين الأصولية والعلمانية
/ عبدالجواد سيد
-
العدد 55 من «كراسات ملف»: « المسألة اليهودية ونشوء الصهيونية
...
/ الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
-
الموسيقى والسياسة: لغة الموسيقى - بين التعبير الموضوعي والوا
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
العدد السادس من مجلة التحالف
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
السودان .. أبعاد الأزمة الراهنة وجذورها العميقة
/ فيصل علوش
-
القومية العربية من التكوين إلى الثورة
/ حسن خليل غريب
-
سيمون دو بوفوار - ديبرا بيرجوفن وميجان بيرك
/ ليزا سعيد أبوزيد
-
: رؤية مستقبلية :: حول واقع وأفاق تطور المجتمع والاقتصاد الو
...
/ نجم الدليمي
-
یومیات وأحداث 31 آب 1996 في اربيل
/ دلشاد خدر
المزيد.....
|