زيارة لمتحف الأدمغة الناشفة

كاظم فنجان الحمامي

الحوار المتمدن-العدد: 7460 - 2022 / 12 / 12 - 10:49
المحور: الفساد الإداري والمالي
    

طالما انك تعيش هنا، في هذا البلد، لابد ان ترغمك الاقدار للتحاور في يوم من الأيام مع مسؤول في الدولة من النوع الذي يصعب التحاور معه، فتشعر انه وعلى الرغم من غباءه يرى نفسه اذكى منك، وانه على حق في كل ما يقوله حتى لو كان باطلا، فتدرك انه من أصحاب الأدمغة الناشفة أو المتحجرة او المقفلة أو المشلولة. .
أحياناً تجد نفسك مضطرا للتحدث مع الجماد، وتشعر بفائدة عظيمة، وربما تلمس تفاعلاً إيجابيا من بعض الجمادات، بينما لا جدوى ابدا من مناشدة الفاشلين في متحف الأدمغة الناشفة. .
قد تجد نفسك تتحدث مع حاسبتك الشخصية، وترجوها أن تعمل بعد توقفها المفاجئ، أو تطلب منها أن تعيد لك بعض المعلومات والصفحات المفقودة، أو تتكلم مع جوالك وهو صامت، وتناشده باستعادة الأرقام المحذوفة، وأحيانا تجد نفسك تتحدث مع طيورك و نباتاتك المنزلية، أو مع ساعتك اليدوية لكي تريح اعصابك وتنفس عن همومك. .
لا شك إن إعطاءك صبغة إنسانية للأشياء والكائنات غير الإنسانية هو تصرّف طبيعي يدل على ذكاء أعلى لدى البشر من غيرهم من الكائنات الأخرى. وكثير من الناس يقومون بهذا السلوك بشكل أوسع مما يعتقدون ودون أن يلحظوا ذلك، وربما يوجّهون الشتائم إلى سياراتهم، أو يتغزلون بقدح الشاي أو فنجان القهوة، أو يحتجون بصوت عال على قرار الحكم في المباراة الكروية المنقولة من مدريد إلى البصرة عبر الأقمار الصناعية. وهذا طبيعي جداً، ويندرج ضمن ردود الأفعال البشرية المقبولة والشائعة، وعبثاً تحاول إقناع الأغبياء والفاشلين والمهملين الذين حملتهم رافعات المحاصصة السياسية، ووضعتهم فوق سقوف المؤسسات الحكومية، من دون مراعاة للخبرة والشهادة والمهارة والكفاءة والموهبة والخدمة الفعلية والتوصيف الوظيفي. وحتى لو دفعك حماسك الوطني لابداء النصح لهؤلاء ومساعدتهم لإصلاح الانحرافات المتكررة في أداءهم، فانهم لن يسمعوك، ولن يستجيبوا لك، بسبب أدمغتهم الناشفة، وعقولهم المعطوبة، ونفوسهم المريضة. . .
ختاماً يقول الكاتب إدغار آلان بو: الغباء هو موهبة في سوء الفهم . . . .

#كاظم_فنجان_الحمامي (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل