أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - اتهامات مفيد فوزي ... وهداياه














المزيد.....

اتهامات مفيد فوزي ... وهداياه


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 7459 - 2022 / 12 / 11 - 10:28
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في مكتبة "مصر الجديدة"، وأمام الحضور، أمسك بالميكروفون وقال: “فاطمة ناعوت، أنت متّهمة بما يلي: متهمة بازدراء كل ما هو قبيح، وكل ما هو شرٌّ، وكل ما هو ظلمٌ. حضرتك متهمة بازدراء كل من يكره، ويبغض، ولا يعرف الحب. في عيد ميلادك أقول لك: كل سنة والحب زايد في قلبك.” أمسكتُ الميكروفون وأجبتُ: “أستاذ مفيد فوزي، أُقرُّ وأعترفُ بجميع التهم.”
كان ذلك في صالوني الشهري: “السلفُ المصريُّ الصالح"، سبتمبر ٢٠١٧، وكان "مفيد فوزي" ضيفَ الشرف. قرّر فريق عملي مفاجأتي بالاحتفال بعيد ميلادي في الصالون. طفرت موسيقى الميلاد من أرجاء المكتبة، وبانتهائها وجّه الأستاذُ لي تلك الاتهامات، التي كانت واحدة من أجمل هداياي. ولم تكن الهدية الوحيدة التي قدمها لي الإعلامي الكبير. عام ٢٠١٦، حين كنتُ في منفاي الجميل بمدينة أبو ظبي، صدر كتابه: “اسمح لي أسألك"، وأرسلتُ له: " أستاذ مفيد، عاوزة نسختي تؤنسني في غربتي" وبعد أيام وصلني الكتاب مع هذه الكلمات المشرقة بخطّه الجميل: “إلى عاشقة الحروف، صديقة الكلمات، رفيقة الوجدان، ابنة الحريّة، سفيرة الحب، حليفة السفر، ساكنة الدروب، ذائقة الشرود، فاطمة بنت ناعوت، مع محبتي، مفيد فوزي".
ألجمتني الكلماتُ. فتركتُ الكتابَ على المكتب، ونهضتُ إلى الشرفة أنثرُ حبوبَ البُرغل والقمح على سور شرفتي، حتى تتجمّع اليماماتُ والعصافيرُ في صومعتي الصغيرة، كعادتها كل صبحٍ. حينما يباغتني الجمالُ أتريّث، ولا أتعجّلُ ارتشافَه دُفعةً واحدة. أُقسِّمُ كلَّه إلى جرعاتٍ صغيرة أتناولها على مهلٍ حتى لا تنفدَ قبلما أرتوي من قطْرِ العذوبة الشهيّ. وهذا "مفيد فوزي". العملاق الذي تتلمذ على أيادي عمالقة، وجالس عمالقة، وحاور عمالقة. فهذا الذي بين يديّ إذن ليس كتابًا، بل دغلٌ كثيفٌ مشتجرُ الأغصان من عقولٍ فذّة تتحاور وتتعاصفُ وتتعاركُ وتتصالحُ وترتكبُ الخطيئة الكبرى: التفكير. وما أجملَ الحياة حين تسودُ المحبّةُ! ما أجملَ المحبّة حين تكونُ عونًا لنا على مواجهة الصعاب! رغم أنف الغُربةِ، ورغم أنف السفر والأميال والأنهار والبحار، تصلُني هدايا السماء من مصرَ، إلى حيثُ أكون. المحبةُ غيرُ مرهونة بالجغرافيا، ولا الفرحُ رهينُ المكان.
أما أغلى هداياه لي، فكانت وقوفه إلى جواري، شأنَ جميع مثقفي مصر والعالم "الحقيقيين"، في القضية الكيدية التي لاحقني بها "الإخوانُ" بعد إسقاطهم. ساندني الأستاذ مفيد بقلمه وخرج للإعلام صارخًا: (أنا مخضوض! الحكم على فاطمة ناعوت بالسجن، خلاني "مخضوض. لو ناعوت اتسجنت هاخاف، وأنا مش عاوز أخاف!! ) كان يقصد أنه سيخاف أن يفكر بحرية ويتكلم بحرية.
بمجرد أن تفتح دفتي كتابه الثريّ "تسمح لي أسألك"، سوف تسمعُ صخبَ عصوف ذهنية هائلة بين خمسة وعشرين عقلا حرونًا صاخبًا مشاكسًا متمرّدًا. عقلٌ مشاكسٌ، هو عقل المحاوِر "مفيد فوزي"، في مقابل ثلاثة وعشرين عقلا مشاكسًا، هم عقول المحاوَرين، وفي الخلفية ثمّةُ عقلُ شاعرٍ رقيقٍ يرقبُ جلساتِ العصف الذهني ليكتب مقدمة بديعة عنوانها: “درس مفيد فوزي” هو الشاعر الكبير: “فاروق شوشة”.
حين أمسكتُ قلمي لأكتب عن الكتاب الصادر عن "دار العين"، دثّرتني الحَيرةُ. كيف بوسعي أن أنقل أربعةً وعشرين جبلا شاهقًا من الألماس بكفّ يدي النحيلة، لأودعَ جواهرَه ودُرَّه وألماساتِه في جيوب القراء؟ كيف بوسعي أن أختزل أربعةً وعشرين مقالا، في زاويتي الصغيرة بجريدة "المصري اليوم"؟ رحتُ أتجوّل بين أفنان وأغصان حدائق الفكر الرفيع في حواراته مع الكبار متجاوزي الألقاب: مجدي يعقوب، يحيى الرخاوي، الإمام الشعراوي، البابا تواضروس، الفريق مهاب مميش، المستشار الدستوري ماهر سامي، فاروق حسني، فاتن حمامة، ماجدة الرومي، رشوان توفيق، الموسيقار محمد عبد الوهاب، وزوجته نهلة القدسي، الشاعرة سعاد الصبّاح، مصطفى سويف، علي السمّان، علي سالم، حمدي رزق، بثينة كامل، السياسيان بطرس غالي، أمين فخري عبد النور، الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وزيرة الثقافة البحرينية مي آل خليفة، ورجل الأعمال أنسي ساويرس.
أشكرك أيها الأستاذ الكبير على ما قدمت لمصر من إعلام نظيف، وعلى إثرائك مكتبتنا العربية وشاشاتنا بالبرامج والحوارات المهمة التي كانت جميعها تصبُّ في خانة "الوطن" العزيز مصر، التي عشقتَها وقدمت لها عمرك في مجال الصحافة والإعلام. شكرًا على الشخصية الوهمية التي غرستها في قلوبنا وعقولنا: “نادية عابد" التي كتبت باسمها قرابة العقدين حتى تحكي على لسانها همومَ المرأة وعذاباتِها في مجتمع يقسو عليها. شكرًا لأنك قدمت لنا صديقتي الجميلة "حنان مفيد فوزي" التي أدعو الَله لها بالصبر والاحتساب بعد فقدها صخرتها وصخرتنا. نَمْ ملءَ جفونك عن شواردها، فأنت باق في ذواكرنا.

***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذوو الهِمَم … أبناءُ الحياة
- ياسين بيشوي … والأخلاقُ في اليابان
- أخبرني الخيميائيُّ: عن طيف التوحُّد Autism
- سرُّ إشراق السير مجدي يعقوب: PPHH
- عيد ميلاد الرئيس … محرابٌ ومذبح
- التنمُّرُ ... قاتلُ المستقبل
- تجمَّلْ بالأخلاق
- طنطا … تصدحُ شِعرًا … وتشدو مددًا
- مصرُ الراهنةُ ... في عيون الأشقاء
- ماذا صرتَ اليومَ يا جوناثان؟
- اِتحضَّر للأخضر … نحو عالَمٍ نظيف COP27
- علبةُ كشري ودرسٌ : الأسطى مختار
- افتتاح مهرجان الموسيقى العربية… إبهارٌ في إبهار!
- أخبرني الخيميائي: الزئبق... القاتلُ الصامت
- جيشُنا المصري… مصنعُ رجال
- اليوم العالمي للفتاة … زهرة الحياة
- شهداءُ مصرَ -المصريون- ... لأجل الوطن!
- جائزة الأولمبياد للرئيس... ويومٌ مع أطفال الرجاء
- عِلمُ بلادي الجميلة: Egyptology
- -هشام سليم-… الأبُ الجسور


المزيد.....




- إبادة جماعية على الطريقة اليهودية
- المبادرة المصرية تحمِّل الجهات الأمنية مسؤولية الاعتداءات ال ...
- الجزائر.. اليوم المريمي الإسلامي المسيحي
- يهود متشددون يفحصون حطام صاروخ أرض-أرض إيراني
- “متع أطفالك ونمي أفكارهم” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 ب ...
- لولو يا لولو ” اظبطي تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- شاهد: عائلات يهودية تتفقد حطام صاروخ إيراني تم اعتراضه في مد ...
- أمين عام -الجماعة الإسلامية- في لبنان: غزة لن تبقى وحدها توا ...
- وزيرة الداخلية الألمانية: الخطوط الحمراء واضحة.. لا دعاية لد ...
- لجنة وزارية عربية إسلامية تشدد على فرض عقوبات فاعلة على إسرا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - اتهامات مفيد فوزي ... وهداياه