أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - طنطا … تصدحُ شِعرًا … وتشدو مددًا














المزيد.....

طنطا … تصدحُ شِعرًا … وتشدو مددًا


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 7431 - 2022 / 11 / 13 - 11:52
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


"قرطبة" الإسبانية وليس العاصمة "مدريد"، "روتردام" الهولندية وليس العاصمة "أمستردام"، "جَرَش" الأردنية لا العاصمة "عمان"، “بابل” و"مربد البصرة" العراقية وليس العاصمة "بغداد"، “دهوك” و"السليمانية" الكردستانية وليس العاصمة “أربيل”، "فالينسيا" الفنزويلية وليس العاصمة "كاراكاس"، "أصيلة" المغربية، "قرطاج" التونسية، "الشارقة الإماراتية، "مديين" الكولومبية، ثم "طنطا" المصرية، جميعُها مروجٌ خضراءُ تستقبل طيورَ الشعر المهاجرة الهاربة من ضجيج العواصم لكي تحطَّ رحالَها هادئةً غير مذعورة من الياقات العالية المنشّاة. هكذا يتوقُ طائرُ الشِّعر أن يحلِّقَ بعيدًا عن صخبِ العواصم الرسمية، ويفرَّ إلى وهادِ المدن الهادئة ليحطَّ على أشجار مطمئنة تستجيبُ أوراقُها لإيقاع النسيم الخافت؛ فيتجلى صدحُه ويصفو شدوُه. هنالك يهمسُ لي عصفورُ الشعر ويبوحُ بسرِّه وهو يلتقطُ القمح من قلبي: “أنا هنا آمنٌ، أنا هنا حيثُ أنتمي." ثم يضعُ الشدوَ على لساني قصائدَ وفرحًا. في كل مرة ألقيتُ فيها قصائدي في مدينة من مدن العالم بعيدًا عن العواصم، كنتُ أغارُ على بلدي مصرَ، وأتوقُ لأن يكون لمصرَ مهرجانٌ شعريٌّ عالميٌّ عالي الصوت شاهقُ المقام، يجتذبُ شعراءَ العالم من بلادهم إلى حيثُ المدن والقرى المصرية الجميلة. وكان "مهرجان طنطا الدولي للشعر"، الذي شرفتُ بالمشاركة في دورته الثامنة ٢٠٢٢ قبل أيام. الشاعر الإعلامي "محمود شرف" مؤسسُ المهرجان ومديره، صدّقَ الحُلمَ، فصدّقَه الحُلمُ؛ وتحقق بين يديه. كان يحلم بأن يتحرّرَ طائرُ الشعر من إسار الغرف المغلقة إلى رحاب الشوارع والساحات والمدارس والجامعات والقرى والنجوع حتى يصلَ إلى الناس. ودائمًا الناسُ في انتظار الشعر. لا تصدقوا أن الناسَ عازفةٌ عن سماع الشعر. فقط الناسُ لا تجدُ الشِّعرَ ولا تعرفُ طريقَها إلى قاعاته السرية المغلقة. في واقعنا المصري كثيرًا ما يُعامَلُ الشِّعرُ معاملةَ "الخطيئة" أو “الجريمة”. يتمُّ في أماكنَ سريّةٍ لا يعرفُها إلا مرتكبو الجريمة: الشعراء! لا يُنّوّه عن مواعيد فعالياته وأماكنها، اللهم إلا على استحياء على صفحات الشعراء أنفسهم. وحتى الإعلامُ الراكضُ بجنون وراء أخبار الجريمة، يتغافلُ عن الإعلان عن "جريمة" الشعر!! فلسفةُ أن يذهبَ الناسُ إلى الشِّعر، فكرةٌ قديمة متعالية لا تليقُ بمقام سلطان الشعر الكريم. ولماذا لا يذهبُ الشعرُ إلى الناس؟! لا يليقُ بالشعر أن يظلَّ حبيسَ القاعات المغلقة حيث منتجُ الشعر هو مستهلكُه. أرادَ الشاعرُ "محمود شرف" أن يُحرّر جناحي الشعر لكي يطير إلى حيث يريدُ ويحطَّ على أيكاتٍ لا تعرفُ القيود. وقبل سنواتٍ ثمان غرس فكرتَه الطيبةَ في تربة الوجود، وظل يرويها عامًا بعد عام حتى صارت شجرةً وارفة يتوقُ شعراءُ العالم أن يحجّوا إليها ويستظلّوا بظلالها، حاملين معهم طيورَ قصائدهم، لتنطلق في مدينة "طنطا" ذات السَّمت الروحاني الآسر. استنبت "محمود شرف" مع زملائه الشعراء الذين آمنوا بحلمه، محارةً تحتضنُ لؤلؤةَ الشعر التي راحت تكبر عامًا بعد عام حتى صار بريقُها يُشعُّ في أرجاء العالم.
لا أجد كلماتٍ بوسعها أن تعبر عن حجم الدفء والفرح والثراء الذي حصدتُه مع زملائي الشعراء من تلك الأيام الأربعة في مهرجان طنطا. نشكركم على كل هذا الجمال والبهاء والسخاء. أشكرُ فرسانَ المهرجان من الشعراء الرائعين الذين قدّموا لنا الحلم في ثوبه الثامن: محمد سامي، محمد عزيز، هاني عويد، سماح مصطفى، زهرة سامي، والشباب المتطوع الجميل الذين يسّروا لنا كل الأمور اللوجستية قبل وطوال أيام المهرجان. شكرا للهيئة المصرية العامة للكتاب ولجميع الرُّعاة الذين رعوا مهرجانًا جميلا واعدًا للشعر يعلو باسم مصر العظمى. شكرا للمركز الثقافي لمدينة طنطا الذي استضاف حضورنا على مسرحه الأنيق في الافتتاح والختام. والشكر الجزيل لعمداء وأساتذة كليات الآداب والتربية بجامعة طنطا، ودار الكتب، والمدارس، وجميع الأماكن التي استضافت قصائدنا في مدرجاتهم العامرة. شكرًا لفرقة طنطا للموسيقى العربية والمايسترو "محمد حسين"، والمطربين الذين أشرقوا في حفل الافتتاح، وشكرًا لفرقة التنورة التراثية، التابعة للهيئة العامة لقصور الثقافة،التي أبهرتنا في حفل الختام بعرضها الصوفي المدهش. شكرًا لجموع الشعراء الذين جاءوا من جميع أنحاء العالم ليشاركونا عُرسَنا الثقافي الأدبي الراقي في طنطا البهية. وشكرا لشجرة الشعر الوارفة التي تجمعنا دائمًا تحت مظلتها وتُسقط علينا أوراق العشق وندى الجمال. والشكر أولا لمدينة "طنطا" التي انتصرت للشعر الذي يتنكّر له غيرُها. وكل الامتنان لإدارة المهرجان التي رحّبت بمرافقة ابني "عمر"، الذي قرأتُ السعادةَ في عينيه وهو يُنصتُ إلى القصائد، وهو يشاهدُ العروض الفنية الساحرة، وأخيرًا وهو يضع يديه على مقام "السيد أحمد البدوي" هامسًا: “اللهم اشفني واشفِ كل مريض.”
               ***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصرُ الراهنةُ ... في عيون الأشقاء
- ماذا صرتَ اليومَ يا جوناثان؟
- اِتحضَّر للأخضر … نحو عالَمٍ نظيف COP27
- علبةُ كشري ودرسٌ : الأسطى مختار
- افتتاح مهرجان الموسيقى العربية… إبهارٌ في إبهار!
- أخبرني الخيميائي: الزئبق... القاتلُ الصامت
- جيشُنا المصري… مصنعُ رجال
- اليوم العالمي للفتاة … زهرة الحياة
- شهداءُ مصرَ -المصريون- ... لأجل الوطن!
- جائزة الأولمبياد للرئيس... ويومٌ مع أطفال الرجاء
- عِلمُ بلادي الجميلة: Egyptology
- -هشام سليم-… الأبُ الجسور
- الآخرُ الجحيمُ … الآخرُ الفردوس
- فارساتُ راهباتِ الفرنسيسكان
- لقد نسيتَ كيس الأرز أيضًا!
- السنة المصرية والسنة القبطية وعيد النيروز
- هذا سبتمبر … يا أمّي!
- كوكب ياسمين مصطفى… المصري
- نجيب محفوظ … العصيُّ على الغياب
- ميس كاميليا … مسيو موريس


المزيد.....




- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...
- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...
- أسئلة عن الدين اليهودي ودعم إسرائيل في اختبار الجنسية الألما ...
- الأحزاب الدينية تهدد بالانسحاب من ائتلاف نتنياهو بسبب قانون ...
- 45 ألف فلسطيني يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى ...
- استعدادا لذبحها أمام الأقصى.. ما هي قصة ظهور البقرة الحمراء ...
- -ارجعوا إلى المسيحية-! بعد تراكم الغرامات.. ترامب يدعو أنصار ...
- 45 ألفا يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى
- الأتراك يشدون الرحال إلى المسجد الأقصى في رمضان


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - طنطا … تصدحُ شِعرًا … وتشدو مددًا