أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير محمد ايوب - حتى الأماكن، تحنُّ وتَئِنُّ !!! أحافير في الحب














المزيد.....

حتى الأماكن، تحنُّ وتَئِنُّ !!! أحافير في الحب


سمير محمد ايوب

الحوار المتمدن-العدد: 7457 - 2022 / 12 / 9 - 00:30
المحور: الادب والفن
    


كتب سمير محمد ايوب
حتى الأماكن، تحنُّ وتَئِنُّ !!!
أحافير في الحب
إتصلت بي مساء الأمس وهي حزينة، مثقلة بدمع الفراق ورحيل جل روحها. واسيتها وشكرت لها اتصالها، وسألتها المزيد من الصبرالجميل، على ما قد ابتلاها به ربها.
دعَّمَ اتصالها أشواقا كثيرة، كنتُ في ثنايا التفاصيل، منذ زمنٍ بعيد أتفادى بالتّعمُّدِ، مقاربةَ أماكنَ نشأتِها ونُضجِها، مشاعرٌ شكّلَت في حياتي جُسورا وجودية، أضافت أشواقا لأشواقٍ، ما انْقضَت لا بالتّنكر ولا بالنسيان، ولا تشظّت ولا خَفَتَ دِفؤها.
تهرّبا من الادمان، كنتُ مُبكّرا قد أقنعتُ نفسيَ بتفادي ما أتصوره حنينَ الأماكن، مهما كانت جغرافيتها أو وظيفتها. ولكنَّ اتصالها بالأمس أيقظ شوقا وبعث حنينا، للكثير من الأماكن في جغرافيا الاردن، طالت غربتُنا معا عنها، كنا قد نقشنا الكثير من أشيائنا في ثناياها.
كانت لنا، هي وأنا، طقوسٌ مُتجددة في ممارسة متعة انتقاء الأماكن والأماكن، ففي أرحامها البكر، كنا لساعات عديدة، نؤسس اواصر وجودية، نستعيد عبرها، الكثير من لهو طفولتنا البريئة، وجنون مراهقتنا، ونزق شبابنا، واتزان النضج المبكر. وفيما نظن، خلّفنا فيها آثارا في الحب، باقاتٌ أشيائُها شديدة التنوع، مفعمة بجموح رصين، ووقار متفلت جريء، لم يعرف غيرنا مثل عناقيدها، ولا حتى بعضها او بعض بعضها.
لأنها تعرف ما يكفي عن عشقي للأماكن، كانت تُحذرني بجدية من اهمالها ، كانت تصر ناصحة على ان الأماكن لها ارواح تحس بها، لذا فهي تكتئب مثلنا، بل تحزن وتغضب إن أهْمِلَت أو هُجِرَت من عشاقها ومريديها بغيابٍ غير مبرر.
إثْر اتصالها بالأمس، عُدتُ اليوم إلى مكانٍ رَبداويٍّ هادئ بامتياز، كانت له عندنا مكانة خاصة، عبق الذكريات فيه مؤثِّر، كثيرا ما التقينا فيه، بعيدا عن أعينِ البصّاصين وآذان المُتطفلين وهواةِ التأويل الفج.
إرتقيتُ تضاريسه بتمهل متعمد، محاذرا صَدَّه لي. وقفت فيه بصمتٍ متأملٍ. في ظلال مهابة المكان ورهف المشاعر ورهبة السكون الهائم ، وجدته صابرا، بلا احتجاجٍ شديدٍ على طول غيابنا، وبصبرٍ أكثر أنصتَ وأصغى لصوتِ تمتماتي المُبَرِّرَة. جُلتُ بقدميَّ وعينيَّ فيه. توجهتُ بتوتّر نحو صخرة ملساء، لأكثر من عام لم نجلس عليها ملتصقين، جلستُ عليها لوحدي متوترا لدقائق، خلتُ خلالها أنني أسمع المكان يسألني عنها، فلم أجد في مجلسي الراحة التي اعتدت عليها، فسارعتُ بالوقوف الحائر.
مددتُ يدي إلى بقايا حصى في موقدٍ كنا نعدُّ فيه المُحَبَّبَ من قهوتنا، فظننت وأنا أداعبها، أنّ استقبال الحصى لأصابعي كان فاترا غير ودود. فوجَّهتُ بصري في كل اتجاه، مُشتاقا لتضاريس المنطقة وكلها عزيز علي، الجولان العربي السوري المُحتل الممتد امامي، وعلى يميني بحيرة طبرية وقرية سمخ الفلسطينية المحتلة ، ونهر الاردن المنهوب بالتجفيف الارهابي على يساري، وانثناءات أشجارالجوافة من حولي، رغم ضوء شمس الظهيرة، بدت كلها شاحبة الألوان، حزينة مكسورة الخاطر.
تأتأت شفتاي بغضبٍ حيي مُدَجّنٍ، وعيون القلب تنزف، ودمعٌ مالحٌ ساخن يَلْسَعُ شفتيّ، أدرت مفتاحَ سيارتي وأسرعت في الرحيل !!!!



#سمير_محمد_ايوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نعم لفلسطيننا أنشد، وللتاريخ أشهد ...
- في ظِلالِ النَّص احافير في الحب
- الرحيل المُتَسَلِّلْ أحافير الحب
- شئ عن الرحيل احافير في الحب
- شئٌ لم يَنتهِ، وشئٌ لم يبدأ بعد! أحافير في الحب
- الحج البايدوني في الشرق ؟ إضاءة على مشهد عربي
- من حكاوى الرحيل إتْرُكْها لِلْصُدَفْ
- روسيا ترسم خرائط جديدة لعالم، متحرر من التبعية الامريكية
- يا ابا الهول ، حاورني عشوائيات في الحب
- والسَّعدُ يَرْحل- لبنان بلا حريرية زيارة جديدة للمشهد في لبن ...
- لكل المؤمنين العاملين للصالحات.. أقول عن مواسم اعياد إخوتنا ...
- أدْنُ مِنِّي في حوار معها
- - السلف الصالح - و- نحن - وبعد، مقاربة نقدية للموروث البشري ...
- سُبْحانَكَ رَبَّي، أقِمْ قيامَتَك إضاءة على المشهد في بلاد ا ...
- لبنان عالمكشوف، قراءة في الصراع
- شويكه سيدة الحكايات – 8 تضاريس التربية والتعليم
- شويكه سيدة الحكايات – الجزء السادس ذاكرة المياه
- الجزء الخامس الذاكرة الزراعية
- شويكه سيدة الحكايات – الجزء الرابع المشهد الزراعي – ذاكرة ال ...
- شويكه سيدة الحكايات – الجزء الثالث الاصول والمنابت


المزيد.....




- الان Hd متابعة مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 23 مترجمة عبر ...
- تابع حلقات Sponge BoB تردد قناة سبونج الجديد 2024 لمتابعة أق ...
- من هو الشاعر والأمير السعودي بدر بن عبد المحسن؟
- وفاة الشاعر الأمير بدر بن عبد المحسن
- بتهمة -الغناء-.. الحوثيون يعتقلون 3 فنانين شعبيين
- دراسة تحدد طبيعة استجابة أدمغة كبار السن للموسيقى
- “أنا سبونج بوب سفنجة وده لوني“ تردد قناة سبونج بوب للاستمتاع ...
- علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي ...
- استقبل الآن بجودة عالية HD.. تردد روتانا سينما 2024 على الأق ...
- -انطفى ضي الحروف-.. رحل بدر بن عبدالمحسن


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير محمد ايوب - حتى الأماكن، تحنُّ وتَئِنُّ !!! أحافير في الحب