أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير محمد ايوب - الرحيل المُتَسَلِّلْ أحافير الحب














المزيد.....

الرحيل المُتَسَلِّلْ أحافير الحب


سمير محمد ايوب

الحوار المتمدن-العدد: 7353 - 2022 / 8 / 27 - 02:14
المحور: الادب والفن
    


هيَ في مُقتَبلِ الشباب وإنْ لمْ تَكُنْ في مُقتبَلِ العُمرْ. بِرَغْمِ عَدِّ السنين بَقيتْ بِشعرها القصيرِ المُشَذَّبِ، وعَيَنيها العسليتين الغائرتين، وقامَتِها الممشوقةِ بِلا إبتذالٍ، جميلةٌ أنيقة، هامسةٌ تكاد أن لا تسمعَ لها صوتا، مُسالِمَةٌ وإن بدت أحيانا نَمِرةً.
إلتقينا عبر حرفها الأنيق، فهي ممن ينتمون لما يقولُون ويكتبون، بعيداً عن حقائقِ الحَسَبِ والنسَبِ والألقابِ والمناصب أو المكاسب.
إمرأةٌ مثل باقاتٍ كثيرة من نِساء جيلها، لم تُوَفَّقُ في معارجِ زواجها ولا في مدارجه قبل ان تُرزَقَ بِبَنينٍ. بعد الإفتراقِ دون مقابلٍ توارت عن صخب الحياة، تصالحت مع الوحدة دون ان تفلت من أنيابها، إستَظلَّتْ بِغياهبِ الصمتِ الذي لاذت به، وأجهزَالوقارُ المُتَشَعِّب على مبسمها الجذاب، وعلى الكثيرِ من الطقوسِ المُعلَنةِ لإيِّ فَرَح.
حين كنا نلتقي وكثيراً ما كُنَّا، بالرغم من قُوَّتِها في إخفاءِ ما بِدَواخِلِها، كنتُ أحِسُّ بلوعةِ الحَزَنِ الراكدِ في عينيها، صَمْتُ شفتيها المُكتَنِزَتين، كان يختزلُ شظايا إبتساماتِها ويُخَبِّئُ حيرةً غير منطوقة.
عصرذات يوم ربيعي، في ظلال قَصبِ وادي شُعيبٍ المُتَهادي على حوافِّ مدينةِ السلط في بلقاء الأردن، كان كلُّ ما فيها صامتٌ، ولكن عينايَ كانت قد لامست بقايا ضَباب دمعٍ في بِحار عينيها، حتى خِلْتُ أن أذنايَ تلتقطُ وجعَ الدمع المثرثر فيهما.
إحتَضَنَت أصابعها ألمرتعشة سيجارتَها بحنانٍ بَيِّنٍ ، وهي تحدثها بشفاهٍ مُرتعشةٍ ، مُتغافلةٌ عن وجودي قبالتها ، قالت بصوت تَبَيَّنْته بشكلٍ جليٍّ لِقُربي من أصابعها وشفتيها: قلبي ما زال مُمْتَلئاً به، أرهقني رحيله، غيابه يزيدني تعلقا به. من عادتي ان أشتاقه كل ليلة، تارةً بصمتٍ ، وكثيراً بشغبٍ خاصٍّ به. ليْتَه يعلم أني ما زلتُ راضيةً عنه.
أكْمَلَتْ تُحدِّثُ سيجارتها التي إنطفأت جمرتها: كنتُ برضاً صادقٍ قد رَجَوته : إذا ما مَلَلَتَ مِني يوماً ، ولم أعدْ لإيِّ سببٍ أستَحِقك ، ووجَدْتَ من تَحتلُّ بإمتيازٍمكاني، لا تتجاهَلْني ولا تختلق أسباباً أو تفتعل مشاكلَ بيننا. فقط تَجرَّأ وأخبرني أنك مُنسَحِبٌ أو حتى راحلٌ. سأحاول حينها قدر ما أطيق، تَعَلُّمَ كل فنون النسيان، لِتَمضي بقايا الحياة بسلاسةٍ دونَك.
إلْتَفَتَتْ بِجُرأةٍ مُحببةٍ إليَّ وكانت تنظر في الافق البعيد هناك ، وكأنها فَطِنَت فجأة لوجودي أمامها، قَفَزَتْ واقفةً كظبيةٍ داهمها خَطَر، وأكملتْ بين يديَّ بوحَ روحِها، وهي تَسُد الأفقَ ألممتدِ غرباً أمامي ، قائلة : كنتُ أحتملُ تقلباتِ مَزاجِه وقَسوتِها، كان مُهتماً بي وصادقاً معي، غيوراً عليَّ . وتابَعَتْ مُتسائلة : قل لي بربك ، ما بَدَّلَهُ ؟ ما أبْعَدَهُ عني ؟! لِمَ بقسوة تَسَرَّبَ وانسحب ؟!
لم أُجِبْها كأني لم أسمع ، فأكمَلَتْ تقول : لم أستسلم . إختليت بذكرياتِنا وصافحتها على أمل. لامَسْتُ وقائعَ إنسحاباته. تَمَثَّلْتُ وقائعَ رحيله . فَتَداخَلَتْ المرايا . لَيتَ مُحاولاتي قد بَقِيَتْ بِلا أثَرْ . فقد أسأتُ للمشهد أكثرَ مِمَّا أصلَحْتُ.
هنا ، كزرقاءِ اليمامة رأيتُ سَيْلاً من الأسئلة ، تُطِلُّ طلائِعُهُ من تضاريسِ عيونها وإرتجافاتِ رموشها. فإستبقتُ هذا السيل مُنتصباً أمامها. تأبَّطتُ ذِراعَها وقُلت وأنا أحُثها على المسيرِ بإتجاهِ مقامِ النبي شُعَيْبٍ القريبِ منا ، قلتُ وكأني أُحادِثُ شَبحاً حولَنا : الحبُّ كهويةٍ مُتْعِبٌ يا سيدتي، والحب كَقِيَمٍ نَقمةٌ فارقةٌ. في الرحيلِ المُتَسَلِّلِ لأيٍّ من رعاياهُما ، حِكايَةٌ وروايةٌ . ما عليكِ الآنَ يا إمرأة . هيَّا ، مع صوتِ فيروز الآتي مع المدى، جَدَلُ قلبك وعقلي ، بِحاجة ماسةٍ للكثير من القهوة . فالحديثُ قد يَطولْ!!!



#سمير_محمد_ايوب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شئ عن الرحيل احافير في الحب
- شئٌ لم يَنتهِ، وشئٌ لم يبدأ بعد! أحافير في الحب
- الحج البايدوني في الشرق ؟ إضاءة على مشهد عربي
- من حكاوى الرحيل إتْرُكْها لِلْصُدَفْ
- روسيا ترسم خرائط جديدة لعالم، متحرر من التبعية الامريكية
- يا ابا الهول ، حاورني عشوائيات في الحب
- والسَّعدُ يَرْحل- لبنان بلا حريرية زيارة جديدة للمشهد في لبن ...
- لكل المؤمنين العاملين للصالحات.. أقول عن مواسم اعياد إخوتنا ...
- أدْنُ مِنِّي في حوار معها
- - السلف الصالح - و- نحن - وبعد، مقاربة نقدية للموروث البشري ...
- سُبْحانَكَ رَبَّي، أقِمْ قيامَتَك إضاءة على المشهد في بلاد ا ...
- لبنان عالمكشوف، قراءة في الصراع
- شويكه سيدة الحكايات – 8 تضاريس التربية والتعليم
- شويكه سيدة الحكايات – الجزء السادس ذاكرة المياه
- الجزء الخامس الذاكرة الزراعية
- شويكه سيدة الحكايات – الجزء الرابع المشهد الزراعي – ذاكرة ال ...
- شويكه سيدة الحكايات – الجزء الثالث الاصول والمنابت
- شويكه سيدة الحكايات – الجزء الثاني معالمها ،ثوابتها ورواسيها ...
- شويكه سيدة الحكايات الجزء الاول من نوافذ على ما قد مضى من ال ...
- إنهم مرة أخرى، يقتلون ناجي العلي، إضاءة على تُجّار وفُجّار أ ...


المزيد.....




- ميغان ماركل تعود إلى التمثيل بعدغياب 8 سنوات
- بمناسبة مرور 100 عام على ميلاده.. مهرجان الأقصر للسينما الأف ...
- دراسة علمية: زيارة المتاحف تقلل الكورتيزول وتحسن الصحة النفس ...
- على مدى 5 سنوات.. لماذا زيّن فنان طائرة نفاثة بـ35 مليون خرز ...
- راما دوجي.. الفنانة السورية الأميركية زوجة زهران ممداني
- الجزائر: تتويج الفيلم العراقي -أناشيد آدم- للمخرج عدي رشيد ف ...
- بريندان فريزر وريتشل قد يجتمعان مجددًا في فيلم -The Mummy 4- ...
- الكاتب الفرنسي إيمانويل كارير يحصد جائزة ميديسيس الأدبية
- -باب البحر- في مدينة تونس العتيقة لا يطل على البحر
- -طاعة الزوج عبادة-.. فنانة خليجية تشعل جدلا بتعليق


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير محمد ايوب - الرحيل المُتَسَلِّلْ أحافير الحب