أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد الطيب - ديمقراطية التفاهة















المزيد.....

ديمقراطية التفاهة


عماد الطيب
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 7446 - 2022 / 11 / 28 - 18:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يقول الدكتور آلان دونو في كتابه نظام التفاهة " الاسهل القيام بأشياء تافهة وملحة من القيام بأشياء مهمة غير ملحة .. مثل التفكير " . والتفكير اسهل الطرق بين نقطتين لتحقيق انجازات على جميع الاصعدة . وعلى الرغم ان العالم يطفو على بحر من التفاهة في اغلب الدول إلا ان العراق يستقر في القاع . فالتفاهة امست نظام حياة وسلوك في حياة العراقيين . نفتقر الى التفكير العلمي الذي يتسم بالمهارات والكفاءة والنضج في القرارات . فالنظام السياسي مازال تحكمه الاحزاب التي اتصفت بتفكير استبدادي وهمجي وبوهيمي ادت الى خراب العراق وتدميره منذ عقود ما قبل عام 2003 في ظل نظام شمولي والى ما بعد هذا العام حيث الفوضى هي اللغة السائدة في المحافل السياسية ومؤسسات الدولة . اصحاب هذا الرأي – واقصد الفوضويين واصحاب التفكير المستبد والبوهيمي والحاقد - نجدهم في كل حين يدافعون عن اوهام ينسبونها الى انفسهم وتحريف مايرونه من صدق فيثيرون النزاع ويسمحون بالتحيز والتعصب . وهذا مانجده – مع الاسف في بعض الفضائيات العراقية - التي تتسابق بشكل محموم لاجراء حوارات في برامج سياسية يتصيدون فيها شخصية تافهة لها اطلاع على مايجري ومعرفة بالاخبار الداخلية والدسائس في اوساط ذوي السلطة لاستغلال المواقف لمصالح شخصية . وهذه الامور جعلتهم نجوم الشاشة الفضية تتلقفهم تلك الفضائيات ووسائل الاعلام الاخرى . غير مبالية بما يسمى بالذوق العام والادب والحس فيسوقون منتجهم الرديء الى الجمهور الذي يكون السواد الاعظم منه يتصف بالجهل المعرفي وهو على يقين وثقة كاملة ماتبثه الفضائيات من معلومات قد تكون بعضها زائفة يرونها عنوانا للحقيقة . هذا الجمهور نفسه لم يستطع امتلاك مسافة بين النفس والرأي لتشكيل رأي خاص به دون مؤثرات خارجية وداخلية . هذه السلبية لدى الجمهور انعكست على طبيعة رفضهم لاوضاعهم المتدهورة عبر المظاهرات والاعتصامات . فتلك الجماعات ميالة الى الشعارات المؤثرة والاستعراضات الشعبية والانفعالات العاطفية التي تصيب عقليتها بالغيبوبة والانقياد الى كل مايطرحه لهم من قائد الكتلة او الحزب وهو كأمر مسلم به ومقدس دون النظر والتحليل بعقلية “ الثائر” الحقيقي الذي عادة ما يحدد اهدافه وفق نظم تكتيكية واستراتيجية تهم الصالح العام للبلد . وهذا ماتبينه الدكتورة مشاعل عبد العزيز " اننا ندفع سنوات طويلة من الثقافة الطرفية التي قامت على السخافة والتسطيح ( سواء انغلاقا او انفتاحا ، لا فرق ) . وتضع الدكتورة مشاعل اصبعها على الجرح لتؤكد " انه رغم ادعاء اي تجمع او حزب او برلمان كونه ممثلا لإرادة الاغلبية فأن مرور الوقت سوف يؤدي الى استئثار بعملية صنع القرار . وهذا ما نجده في تعزيز المصالح الشخصية بدلا من خدمة الجماهير . "
تمر السنون على العراقيين دون رؤية لاصلاح حقيقي في الشأن العام للبلد . فكل الحكومات منشغلة بمصالحها الخاصة وكرسي المسؤولية في العراق يباع ويشترى لمن يدفع اكثر على حساب الشعب وثرواته المهدورة . لاتوجد تنمية بالمعنى المعروف في السياقات الدولية العامة . تناسوا الانسان الذي يعد الركيزة الاساسية في كل عملية اصلاح وتنمية . كما فعلت اليابان ونهضت من الخراب كطائر الفينيق يتجدد ويطير بتحد واصرار لتصبح اليابان اليوم اكبر دولة عظمى لانها قامت ببناء الانسان اولا على الرغم من قلة الموارد ونقص التمويل . لان التنمية في منهجهم العام تعتمد على مايقدمه الانسان من نتاج فكري وعقلي وعضلي .
ان حكوماتنا غفلت وتغافلت عن تبني التفكير العلمي المدروس في بناء البلد الذي يعتمد على اكتشاف نواحي القصور والاهمال في حياة العراقيين وتفسيرها للعمل على معالجتها واصلاحها . وهذا ناتج عن قلة الكفاءة والخبرة والنضج في القرارات التي تؤدي الى حدوث اخطاء منطقية في التطبيق والتسرع في الوصول الى النتائج . فالمؤسسات العراقية التي تحمل شعارات مزيفة التي تدعي فيها تحقيق الجودة لاتعتمد على ركيزة الموارد البشرية في تحقيق اهدافها برفع مستوى التفكير لدى موظفيها وتطويره . كما ان اعلامنا العراقي لم يتحمل المسؤولية في بناء الانسان وانشغل بالفضائح والاخبار والتقارير السطحية الخالية من المهنية والموضوعية . فالاعلام في ادبياته هو التطبيق المباشر للفكر الثقافي وتنمية المعرفة العلمية في مسيرة التنمية – كما يؤكد ذلك الدكتور علي حبيش والدكتور حافظ شمس الدين في كتابهم التفكير العلمي وصناعة المعرفة - . وفق تلك الصورة السلبية تمخض وضع شعب كل همه أن يوفر لقمة العيش مشغولا بشؤون معيشته دون النظر فوق ذلك . وقد وجد السياسيون ضالتهم في ذلك يشغلون الشعب المسكين المسلوب الارادة دائما بأزمات تخص شؤون العيش وتنمية النزعة الاستهلاكية ومشكلة الاسعار والرواتب والتمويل والصحة وما الى ذلك من تلك الامور التافهة دون النظر الى الحقائق الجوهرية في بناء البلد . يستخدمون عادة في خطاباتهم مايسمى باللغة الخشبية التي تعطي الوعود الكاذبة وهي لغة جوفاء تقوم على الحشو والتكرار بألفاظ مختلفة لاتضيف شيئا . وهي محط الفاظ زائدة عن اصل المعنى . وما يسميها الدكتور آلان دونو " الخطاب الاجوف الصالح لكل زمان ومكان " . بعضنا يتذكر مافعله رئيس وزراء ماليزيا في بلده فقد اعتمد على التفكير العلمي المدروس وانطلق وفق قاعدتين اساسيتين هما التعليم من منطلق علمي مدروس جيدا وبحث علمي جاد . ومن هذا المنطلق حققت ماليزيا في ربع قرن مالم تحققه دول غيرها في قرن من الزمان .
لم يقف الحال عند ذلك وانما ادت الظروف جميعها الى انحطاط الذوق العام واشغال العين بتوافه الامور فشبكات التواصل الاجتماعي ساهمت في تسطيح الفكر وترميز التافهين واعلاء شأنهم في المجتمع . هذا الانحطاط في قيم المجتمع ادى الى انهيار روما في الماضي عندما كان الرومان مأخوذين بالمتع الحسية والطعام والترفيه .
اخيرا نقول ان ديمقراطيتكم ايها السادة السياسيون التي تتبجحون بها في المحافل الدولية هي ديمقراطية التفاهة . واعيد ماقاله افلاطون " ان الديمقراطية اعطاء الفقراء دورا في الحياة العامة وتفتيت ظاهرة التفاوت الطبقي " . وهذا هو جوهر الامور .



#عماد_الطيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذكرى في قلب الزمن
- اندحار فوق جسر الرحيل
- نحت في غيوم الخريف
- كان حلما ...!!!
- نافذة الروح
- الاعلام عند العرب قبل الاسلام .. رؤية تاريخية شمولية ونوعية ...


المزيد.....




- هل تصريح نتنياهو ضد الاحتجاجات في الجامعات يعتبر -تدخلا-؟.. ...
- شاهد: نازحون يعيشون في أروقة المستشفيات في خان يونس
- الصين تطلق رحلة فضائية مأهولة ترافقها أسماك الزرد
- -مساع- جديدة لهدنة في غزة واستعداد إسرائيلي لانتشار محتمل في ...
- البنتاغون: بدأنا بالفعل بنقل الأسلحة إلى أوكرانيا من حزمة ال ...
- جامعات أميركية جديدة تنضم للمظاهرات المؤيدة لغزة
- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد الطيب - ديمقراطية التفاهة