أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - امال قرامي - النساء وكرة القدم














المزيد.....

النساء وكرة القدم


امال قرامي

الحوار المتمدن-العدد: 7445 - 2022 / 11 / 27 - 21:30
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


قديما أفصح الشاعر عن مكانة النساء في الإبداع فقال:
«ما للنساء وللكتابة والعمالة والخطابة هذا لنا، ولهنّ منا أن يبتن على جنابة»

ويبدو أنّ هذا الرأي قد تحوّل إلى قاعدة جعلت أكثرهم يتساءلون «ما للنساء والرياضة، وخاصّة لعبة كرة القدم» ؟ إذ ترسّخ في المتخيّل الجمعي أنّ علاقة الشابات والنساء بكرة القدم على وجه الخصوص، وبمباريات كأس العالم صدامية تكاد تتماهى مع علاقة الحماة بالكنة أو العلاقة بين الضرائر. فلا غرابة أن تكثر الخلافات في مثل هذه المناسبات، ويهجر الرجال البيوت ليجتمعوا بالأصحاب والخلان في أماكن «الفرجة الجماعية». وقد فهم أرباب المقاهي ومختلف المؤسسات الخاصة هذا الأمر فوفّروا الأفضية لممارسة طقوس المشاهدة والاحتفال الذكوري بمتعة «التكوير».
وبالرغم من تطوّر مستوى الوعي، والإرباك الحاصل في ترسانة الصور النمطية، وحرص فئة من الشابات والنساء على اقتحام المجال الرياضي وفرض وجودهن وكسب الاعتراف فإنّ الحضور النسائي المعبّر عن شغف حقيقي بلعبة كرة القدم وفهم لأصول اللعب لم يفض إلى تغيير في البنى الذهنية والسلوك والخطابات يتلائم مع ثقافة حقوقية تناهض كلّ أشكال التمييز والعنف ومع سياسات الدول التي اعتمدت أو اجبرت على إدماج النوع الاجتماعي. أمّا الفئة المؤمنة بالعلاقات المساواتية بين الجنسين فإنّها تكاد تكون غير مرئية.
ولا نكاد نعدم الأمثلة الدالة على هيمنة الصور النمطية ورغبة أغلبهم في مقاومة حضور الصحفيات في مجال تغطية المباريات أو التعليق عليها أو تحليل هفوات الفرق واللاعبين، وهو أمر راجع إلى عسر الاعتراف بتفوّق الشابات في هذا الاختصاص الذي شاع أنّه لا يفقهه إلاّ الرجال: أصحاب العقول والخبرة. ولذا من «العادي» التصريح بعبارات: «آش تفهم النساء في الكورة» باش تولي تحلل؟

تُعدّ الملاعب أفضية ذكورية بامتياز ففيها تتجسّد المجتمعية la sociabilité وتتوطّد العلاقة بين الأفراد فتنشأ الجماعات العضوية، وفيها تحدث المواجهات وممارسة العنف والتعبير عن الغضب من النظام المستبد والمؤسسة الأمنية القمعية ...ولكنّ «دخول» الشابات والنساء هذا الفضاء كشف عن «صراع جندري» وتحديات تطرح على عمليات بناء الرجولة وإعادة تشكيلها وصياغة الخطابات الداعمة لها.

وانطلاقا من هذا الواقع التمييزي والإقصائي الذي يكشف عن «قسمة ضيزى» صار على الشابات والنساء فرض حضورهن: إمّا من خلال التشبّه بالرجال على مستوى اللغة والسلوك العدواني وممارسة العنف وإظهار مشاعر الغضب... أو عناية بالأنوثة الصارخة وعرضا لها من خلال حركات الجسد والغناء والتعبير عن العواطف الرقيقة...وينجم عن الصراع بين الجنسين تطوّر أشكال التضامن الذكوري وشدّة مقاومة ممثّلي الرجولة التقليدية لهذا «الغزو» النسائي حفاظا على رأس مال وعلاقات اجتماعية وهويات أسسوها من خلال الرياضة.

وليس تداول صور «الجميلات الفاتنات» في الملاعب القطرية في تقديرنا، إلاّ علامة على لعبة أخرى تمارس على هامش لعبة كرة القدم إذ لا معنى للتركيز على صور هؤلاء «الجميلات» سوى تثبيت الهويات والصور النمطية إذ تبقى الشابات موصولات إلى عالم الإغراء والفتنة وتسليع الأجساد والاستهلاك والانفعالات... ويظلّ الاعتقاد السائد أنّ النساء يشاهدن فنّ اللعب ولا يلعبن في الميدان، ويختزل حضورهن في أجساد يُستمتع برؤيتها أو توظيفها «ديكورا» يضفي البهجة على الملاعب ويوحي بالتمدن ودخول عصر الحداثة. ولا تسل عن التعليقات على الفايسبوك التي توضّح كيف تستغل هذه المناسبات «الكروية» لممارسة العنف السيبرني وإجراء المقارنات بين جميلات السعودية ولبنان وتونس والمنافسة بين الأنوثات المصنّعة والمرمّمة والأنوثات «الأصيلة» وغيرها.

وهكذا يستمرّ النظر إلى أدوار النساء على أنّها داعمة للرجال /الأبطال ومناصرة لإنجازاتهم ومحتفية بها تماما كما كان الأمر في الغزوات والحروب ،وهو أمر يفضح مدى تغلل منظومة التمييز واللامساوة.

وفي مقابل هذا المشهد المتصرّف فيه وفق أهواء الرجال ثمّة شابات يناضلن من أجل الاعتراف بهنّ كلاعبات متميزات في كرة القدم او صحفيات محترفات أو حكمات أو... وليس أمامهن إلاّ مضاعفة الجهد حتى ينزعن الحُجب التي تُسدل عليهن، ويقاومن التغييب والتهميش والتحرش والابتزاز و... في سبيل تحقيق ذواتهن واكتساب حقوقهن ومرئيتهن.

لازلنا بعيدين عن المُثل الديمقراطية التي تُخضع الأنشطة والممارسات والعلاقات والتصورات والسياسات لمبدأ التشارك والشراكة....حتى ننتشي جميعا بفنّ اللعب بالمكشوف.



#امال_قرامي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في كره الديمقراطية
- تونس والتغيرات المناخية والتلوّث البيئي: هل يكفي الالتزام با ...
- فرض سياسات النسيان
- إخراج التونسيات من المشهد السياسي أو عندما تفصح الإرادة السي ...
- هجرة الأمّهات: محاولة فهم
- من «الأمن الجمهوري» إلى «القمع البوليسي»
- حملات انتخابات «بنكهة شعبوية»
- الاحتجاجات النسائية –الإيرانية: دروس وعبر
- الحاجة إلى السكر والزيت والماء والحليب... أهمّ من الحاجة إلى ...
- القانون الانتخابي وتراجع المشاركة النسائية
- «اشكي للعروي» ... «اشكي لسعيّد»
- تونسيون/ات يُهاجرون ولا يلوون على شيء وحكومة لا ترى ولا تسمع
- «تيكاد» وأحلام التونسيين
- الشعبوية والتعددية والإعلام
- التونسيات والديناميات الجديدة
- التونسيون/ات وتقرير المصير
- هل طويت صفحة الأحزاب الفاعلة في الحياة السياسية؟
- «الدستور» وضرورة مغادرة السقيفة
- قراءة سياقيّة للدستور
- تحويل الوجهة من قيس سعيّد إلى أنس جابر


المزيد.....




- حقيقة زيادة منحة المرأة الماكثة في البيت 8000.. رابط وطريقة ...
- رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت في الجزائر 2025.. ...
- فرصة لا تعوض.. قدمي الآن على منحة المرأة الماكثة في البيت 20 ...
- “800 د.ج منحـة فــوريـة“ كيفية التسجيل في منحة المرأة الماكث ...
- «فرصة ذهبية» منحة المرأة 2025 تعلن شروط التسجيل لدعم البنات ...
- تعزية الأمين العام محمد نبيل بنعبد الله إلى الرفيق عمر الزعي ...
- نساء الصفيح: البدونيات في الكويت بين العزلة القانونية والعنف ...
- السودان.. توثيق أكثر من ألف حالة اغتصاب في مناطق -الدعم السر ...
- شاهد.. 14 ممرضة حوامل في آن واحد بقسم الولادة في مستشفى أمري ...
- ما هي شروط التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت بالجزائر عب ...


المزيد.....

- كراهية النساء من الجذور إلى المواجهة: استكشاف شامل للسياقات، ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- الطابع الطبقي لمسألة المرأة وتطورها. مسؤولية الاحزاب الشيوعي ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - امال قرامي - النساء وكرة القدم