أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - احمد جابر محمد - شيخة ذلك الحي... اُرقدي بسلام














المزيد.....

شيخة ذلك الحي... اُرقدي بسلام


احمد جابر محمد

الحوار المتمدن-العدد: 7441 - 2022 / 11 / 23 - 10:10
المحور: المجتمع المدني
    


شيخة ذلك الحي.. اُرقدي بسلام

( رثاء والدة صديقي المهندس استاذ حامد عن لسانه لمرور عام على وفاتها )

كان ركن بيتنا لطيفاً تزوره النسمات من كل حدب وصوب تسمع صوت طرق الباب منذ الصباح الباكر كان مضيفاً عامراً لشيخ مختلف عن كل شيوخ الارض لاترد عنده حاجة ولا تعرقل أمامه قضية انها ( اُمي) شيخة ذلك الحي كما كان يسمونها امراة حكيمة وقوية تستند دوما على نفسها لاجل الجميع تقف على ثوابت الاخلاق والتقاليد والشرع ولا تحيد عنها هي لطيفة لدرجة انها تنسى الاساءة ولا يعرف جوهرها حقداً او تحمل غلاً لاحد بثت في ذلك الحي روحاً كانها تنثر بذوراً للطيب والمسك ينمو وينثر عطره بمجرد ان ترفع قدمها من باطن الارض يلجأ اليها الكهل قبل الصغير رجالاً ونساءطلبا للمشورة معطاءة حد الاعفاء تنثر عبق الكلام الطيب اينما حلت وجلست وفي اي بيت وطأت قدمها كانوا يعتبرونها طائر السعد او (البخت) على لسانهم لاتقبل بالخطأ ابداً تقف عليه حتى تصححهُ .
ثُلمت في حياتها بفقد اخي لكن كانما السماء لم تهون عليها زعلها لطيب قلبها وعطفها موزعا كرحمة الله ع عباده تفيض به على محيطها في ذلك الحي فمنحني الله لها كجبر لخاطرها بذات العام حتى اصبحت تناديني (جبارة) كانت ترى فيّ عوض الله احبتني واغدقت علي بالاهتمام لديها قدرة ربانية عجيبة تشعر بي دون ان تراني من مخارج حروفي تعلم بانني لست بخير رغم انني امسك نفسي كثيراً كي لاتعلم ولكن في كل مرة افشل في اخفاء ذلك عليها كنت دائم اللجوء اليها فهي موطني وذاتي واركض كطفل صغير نحو أواني الطبخ هذه هي عادتي متيقنا بان شيئا من بين اصابعها ينساب على ذلك الطعام فيضيف له نكهة خاصة ربما شبيهة بفاكهة الجنة وان مرت من امامي تبقى روحي تتحسس عطرها كي يلامس أنفي ويعيدني بذاكرتي لحضنها حينما كنت صغيراً فلاتتوه عن مخيلتي كل المواقف معها ولاصورتها بفرحها وحزنها وألمها ومرضها ولها من البصمات ما لاتعد ولا تحصى طُبعت على جبيني لايمكنني نسيانها كانت تنتظر عودتي وانا احمل شهادتي من الثانوية خوفاً في داخلها لئلا اخفق ويكون التجنيد الالزامي طريقي فدخلت عليها وانا احمل شهادتي ونجاحي على كفي لكن قلبها كان يقف على اعتاب الباب يستقبلني ومن فرط فرحتها بكت وغطت على مرضها وقالت لي ( انت دواية) حتى ملئت تعابير وجهها فرحاً وانا اعلم هي ذات الفرحة وهي بمثواها حينما اجتازت الان ابنتاي الثانوية وليتها كانت معنا بجسدها وروحها.
انها جميلة كالبلورة ولامعة كالماس داخلها النقي يشع لخارجها فتبرق وتنشر الضياء بكل مكان امراة لا مثيل لها بمجرد ان تلامس اطراف اصابعها جسدي ينسلخ الهم ويتلاشى وتزهر روحي بكلماتها التي ارق من النسمة وكانني تخلصت من حمل ثقيل لكن عمر الزهور بديهيا ليس طويلاً وليس بيدنا شيء شاء ربها ان تُقطف وحال بيننا وبينها اللقاء من جديد سوى في الاحلام .
لم تكن ايادي ابناؤها فقط تضع التراب على قبرها مودعين وانما اكتظ التراب بالأيادي والعويل لان الكل كان يراها امه من زاوية اخرى ومنهم من علا صوته ( مودعة بالله سيقف لكِ الحسين) وكأن راية ذلك الحي انتكست بفقدها واختفى الضياء وساد الحزن والظلام كسرت نفوسنا واحدثت شق بأرواحنا وخيم على وجوهنا الشحوب فالخيمة التي اجتمعنا تحت سقفها وكنفها واحتمينا بها سقطت وانهارت وماعاد يحتوينا شيء و فقدانها كان علينا كهول انهيار الجبال فاليد التي تطبطب قد رحلت.. واللسان اللاهج بالكلام الطيب قد رحل... والحضن الذي نترمي بيه طلبا للامان قد رحل... والعين التي تفيض شوقا وسعادة تنتظر قدومنا خلف الباب قد رحلت.. ولا معنى وطعم للحياة بدون رؤية وجهك الباسم حتى البيت حيث تسكنين انطفأ كأرواحنا التي ودعتكِ ولم ترتوي منك بعد
أسفاً على تراب غطى جبينكِ لكن لا اعتراض على حكم الله .
أنا لم امنحها ولو جزء ضئيلاً من حقها في هذا الوصف والله لست مبالغاً بكلامي وكل من قطن الحي وانا على يقين يعلمون حقيقة كلامي وهم انفسهم اليوم يحزنون لمرور عام على فقدها... رحمك الله يا امي واسكنك فسيح جناته مراره الفقد غصة تعلمين ما مداها.. ارقدي بسلام جوار ربكِ واتركي لي ولو طرف من ثوبك استدل به طريقي واهتدي حينما اريد عبور الشارع كما كنتي تفعلين.



#احمد_جابر_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوسة الشك..
- النصف الاخر من قلادتي
- أيعقل ان يكون لديهم مارد ...؟
- بان الخيط الاسود من الابيض
- ما ذنبي...خلقت فتاة
- وفاق بلا نفاق ...وخلاف بلاشقاق
- لا توهموا انفسكم پأنها النهاية ...!
- حينما يكون الانسحاب افضل جواب
- لاتلوموه بحبها...!
- ها قد بدأ المزاد ؟
- في ىسجننا ....ابرياء
- جريمة ونحن الجناة ...!
- انخبر الله ماذا يفعل ؟
- اخراج الشيطان من دائرة الشكوك
- لا تدخلوا بغداد ....
- عيوننا ترتقبك ..كالأيتام
- مجزرة حمراء.....والمتخاذل ينعم براحة ضمير
- اصفعوا وجوهكم ....وايقضوها من السبات
- تجمع الامل ورقم ست وأربعون


المزيد.....




- وزارة الدفاع الوطني بالجزائر: إرهابي يسلم نفسه للجيش واعتقال ...
- أميركا تؤكد عدم تغير موقفها بشأن عضوية فلسطين بالأمم المتحدة ...
- برنامج الأغذية العالمي: لم نتمكن من نقل سوى 9 قوافل مساعدات ...
- قيس سعيد: من أولوياتنا مكافحة شبكات الإجرام وتوجيه المهاجرين ...
- -قتلوا النازحين وحاصروا المدارس- - شهود عيان يروون لبي بي سي ...
- نادي الأسير الفلسطيني: ارتفاع حصيلة الاعتقالات بعد 7 أكتوبر ...
- برنامج الأغذية العالمي يدعو لوقف إطلاق النار في غزة: السرعة ...
- هل يصوت مجلس الأمن لمنح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المت ...
- ترجيحات بتأجيل التصويت على عضوية فلسطين في الأمم المتحدة
- السلطات الفرنسية تطرد مئات المهاجرين من العاصمة باريس قبل 10 ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - احمد جابر محمد - شيخة ذلك الحي... اُرقدي بسلام