|
بروق القلادة ج2 الفارابي
كاظم حسن سعيد
اديب وصحفي
الحوار المتمدن-العدد: 7438 - 2022 / 11 / 20 - 00:26
المحور:
الادب والفن
أبو نصر محمد الفارابي أبو نصر محمد الفارابي هو أبو نصر محمد بن محمد بن أوزلغ بن طرخان الفارابي. ولد عام 260 هـ في فاراب في إقليم تركستان (كازاخستان حالياً). ولهذا اشتهر باسمه. نسبة إلى المدينة التي عاش فيها, وتوفي عام 339 هـ. فيلسوف مسلم, اشتهر بإتقان العلوم الحكمية وكانت له قوة في صناعة الطب.
كان أبوه قائد جيش ، وكان ببغداد مدة ثم انتقل إلى سوريا وتجول بين البلدان وعاد إلى مدينة دمشق واستقر بها إلى حين وفاته.. تأثر به كل من ابن سينا وابن رشد.. تنقل في أنحاء البلاد وفي سوريا، قصد حلب وأقام في بلاط سيف الدولة الحمداني فترة ثم ذهب لدمشق وأقام فيها حتى وفاته عن عمر يناهز 80 عاماً ودفن في دمشق، ووضع عدة مصنفات وكان أشهرها كتابه (احصاء العلوم ) حصر فيه أنواع وأصناف العلوم.. سمي الفارابي "المعلم الثاني" نسبة للمعلم الأول أرسطو والإطلاق بسبب اهتمامه بالمنطق لأن الفارابي هو شارح مؤلفات أرسطو المنطقية كان والده تركياً من قواد الجيش، وفي سن متقدمة، غادر مسقط رأسه وذهب إلى العراق لمتابعة دراساته العليا. يؤكد الدكتور عادل العوا (تسلح الفارابي بثقافة موسوعية وألم بعلوم اللغة والرياضيات والكيمياء والعلوم العسكرية والموسيقا والسياسات فضلاً عن العلم الإلهي والمنطق واللغة) ص185 جـ 1 التجربة الفلسفية. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ > قال ابن خلكان : ورأيت في بعض المجاميع أن أبا نصر (الفارابي ) لما ورد على سيف الدولة وكان مجلسه مجمع الفضلاء في جميع المعارف فأدخل عليه، وهو بزي الأتراك وكان ذلك دأبه دائماً فوقف . فقال له سيف الدولة اقعد . فقال: حيث أنا أم حيث أنت؟ فقال حيث أنت . فتخطى رقاب الناس حتى انتهى إلى مسند سيف الدولة، وزاحمه فيه، حتى أخرجه عنه. وكان على رأس سيف الدولة مماليك، ولهم معهم لسان خاص يسارهم به، قل أن يعرفه أحد، فقال لهم بذلك اللسان: أن هذا الشيخ قد أساء الأدب، وإني سائله في أشياء، إن لم يعرف بها فأحرقوا به. فقال له أبو نصر بذلك اللسان: أيها الأمير، اصبر، فإن الأمور بعواقبها. فتعجب سيف الدولة ،وقال له: أتحسن بهذا اللسان. فقال: نعم، أحسن بأكثر من سبعين لساناً . فعظم عنده، ثم أخذ يتكلم مع العلماء حاضرين في المجلس في كل فن، فلم يزل كلامه يعلو، وكلامهم يسفل، حتى صمت الكل، وبقي يتكلم وحده. ثم أخذوا يكتبون ما يقوله، وصرفهم سيف الدولة، وخلا به. فقال: هل لك أن تأكل؟ قال: لا، قال: فهل تشرب؟ قال: لا، قال: فهل تسمع؟ قال: نعم . فأمر سيف الدولة بإحضار القيان، فحضر كل من هو من أهل هذه الصناعة بأنواع الملاهي، فلم يحرك أحد منهم آلته إلا وعابه أبو نصر، وقال له: أخطأت . فقال له سيف الدولة: وهل تحسن في هذه الصنعة شيئاً؟ قال: نعم، ثم أخرج من وسطه خريطة، وفتحها، وأخرج منها عيداناً، فركبها، ثم ضرب بها، فضحك كل من في المجلس، ثم فكها غير تركيبها، وضرب بها، فبكى كل من في المجلس، ثم فكها وركبها تركيباً آخر، وضرب بها فنام من في المجلس حتى البواب، فتركهم نياماً وخرج. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ الحكاية بتصرف برواية معاصرة : ذات يوم كان مجلس الأمير حافلاً بالفلاسفة والكتاب والشعراء والنحاة والفقهاء وعلماء الكلام وأصول الدين وغيرهم من بطانته ، وكان الأمير يصغي إلى الجميع إصغاء متبحر ومتمعن ، وفي هذا الجو المشحون بالتوهج الحضاري اقتحم المجلس رجل مهيب على محياه مواصفات الدراويش لكنه كان متوجاً بالحكمة والوقار وأثار دخوله المفاجئ وغير المتوقع جميع الحضور بما في ذلك الأمير الذي عرف بسيفه البتار على الأعداء وباهتمامه بأئمة المعارف والعلوم كما عرف باهتمامه بالبسطاء والدراويش المعقلنين ، فلم يسارع إلى اتخاذ موقف قد يندم عليه ، وما إن ألقى الدرويش السلام ، حتى رد له التحية قائلاً : اجلس حيث أنت، فقال الدرويش : أأجلس حيث أنا أم حيث أنت ، فأجاب سيف الدولة : بل اجلس حيث أنت .
لكنما لم يجلس حيث هو، وتابع سيره الوقور ليتربع على الأريكة إلى جانب الأمير فاغتاظ الأمير ووجه الأمر إلى قائد حرسه في المجلس بإخراجه فقال الدرويش له: أرجو التريث سيدي الأمير وألا تأمر بإخراجي قبل سماعي.
فأبدى سيف الدولة موافقته لاكتشاف سرّ هذا الدرويش المكابر وهنا أخرج الدرويش من جيبه قصبات وراح يعزف ألحاناً أذهلت الحضور .... فعزف أولاً نغمة الرست وأطرب بها الجميع حتى كادوا يرقصون فرحاً ثم عزف نغمة الصبا فحرك أشجانهم حتى أبكاهم محققاً لهم نقلة سريعة من الطرب المشحون سروراً إلى عالم النغم الحزين وفي خضم هذا التناغم الآسر حزناً ، حقق لهم نقلة جديدة عندما عزف نغمة الحجاز ... وكلما ازداد في العزف كلما خلدوا إلى الهدوء والسكينة .
ثم غادر المجلس والكل نيام، بعد ساعات طرب تلاها نغم حزين واختتمها باللحن الحجازي الهادئ الذي سيطر على الجميع فأصبحوا نياماً أو شبه نيام ... وحينما عاد الحضور إلى يقظتهم، لم يروا العازف فأمر سيف الدولة بالبحث عنه في أنحاء المدينة إلى أن عثروا عليه في إحدى زوايا المساجد يذاكر أناساً في المعارف والعلوم فأعلموه بطلب الأمير وما إن التقيا حتى وقف كل منهما متفحصاً الآخر، فسارع إلى التعريف بنفسه : أنا الفارابي.
#كاظم_حسن_سعيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قصيدة تجربة اولى
-
البريكان مجهر على الاسرار وجذور الريادة ج12
-
اليمامة قصيدة
-
تجربة اولى وسادية الوحدة قصيدتان
-
الازميل واللحظات الخاطفة قصيدة
-
مقاومة قصيدة
-
البريكان مجهر على القاع وجذور الريادة ج11
-
اضاءة من اعلى التل ج 5
-
كتاب بروق القلادة ج1
-
تضليل واحتمالات قصيدتان
-
البريكان مجهر على الاسرار وجذور الريادة ج10
-
شتاء صيد حزين مقطع من رواية
-
جفاء ومجوهرات قصيدتان
-
اضاءة من اعلى التل ج4
-
الماء والتلفون القرص
-
تكسي الطلاق قصة قصيرة
-
جريان واكتشاف متأخر قصيدتان
-
العجز , الجثة قصيدتان
-
الصياد المحترف ابو ايوب
-
العرين قصيدتان
المزيد.....
-
يتصدر أعلى شبابيك التذاكر “فيلم الحريفة 2 في السينما” .. بس
...
-
ايه هي الحقيقة بقا .. اخبار ارتباط نور ايهاب ونور خالد النبو
...
-
تابع بجودة عالية احداث المؤسس عثمان الحلقة 174 Kurulus Osman
...
-
ترجمة أعمال الشاعر جوان مارغريت إلى العربية في صحراء وادي رم
...
-
أحداث مسلسل قيامة عثمان الحلقة 174 مترجمة علي قناة الفجر الج
...
-
-كل ثانية تصنع الفرق-.. فنانون سوريون يطلقون نداءات لتسريع -
...
-
مواقف أبرز الفنانين السوريين بعد سقوط حكم الأسد
-
حين يكون الشاعر مراسلا حربيا والقصيدة لوحة إعلانات.. حديث عن
...
-
الروائي السوري خليل النعيمي: أحب وداع الأمكنة لا الناس
-
RT Arabic تنظم ورشة عمل لطلاب عمانيين
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|