أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كاظم حسن سعيد - تكسي الطلاق قصة قصيرة















المزيد.....

تكسي الطلاق قصة قصيرة


كاظم حسن سعيد

الحوار المتمدن-العدد: 7414 - 2022 / 10 / 27 - 11:30
المحور: الادب والفن
    


:> قال البقال هاتفا وهو ينحني مرحبا ..
بعدما فر السائق قالت له انه لص فاجابها الدكتور رامز (هل سرق مالا او مجوهرات ؟) اجابته .
بعد الغداء عانقها بحنان وحين اتت باقداح الشاي قال لها< انظري > واحضر سبورة بيضاء ورسم دمية في احدى زواياها).. قالت : <ما هذا؟ > فقال (تمنيت ان يكون لنا طفلة فارسم لها دمية ) ...

الدكتور محمد عقبة وتعبر سبعة امتار فتقرأ الدكتور نوري مهدي ..علقوا اسماء الاطباء الاستشاريين على الحائط بورق مقوى ابيض .
مر في الردهة الساعة التاسعة وتوقف امام مريض يتغطى بشرشف ابيض وقدماه بارزتان قال (دكتور مضى شهران وانا راقد .. ارجوك ابتروه لارتاح )..(ابني ذلك حرام لا يجوز بتر ابهام قدمك مع وجود امكانية لمعالجته ..) اجاب الدكتور اسوار خالد بهدوء وتصميم وعيناه تحملقان في المريض الذي اتى من شمال البصرة حيث يسكن احد الارياف ..
بعد عودته من المانيا متوجا بشهادة دكتوراه ,افتتح مستشفى خاصا به ..كان ذلك في العصر الذي سبق الكتابات القبلية على دور الاطباء بخط بدائي احمر (مطلوب دم ).. قبل خطف الاطباء للمساومة .. كانت الناس تردد جملة (الطبيب رب ثاني )..قبل ان يتواطأ الدكتور مع صيدليات فيكتب للمريض كيلو من العلاجات الزائدة .. او ينسى الجراحون المقصات في احشاء المرضى ..قبل ان تخلو المستشفيات من اجهزة الاشعة .. كان الاعتقاد قويا بان الطب مهنة انسانية ..
حادثة نادرة سجلت هي اغرب ما يمكن في ذلك الزمان .. فيما كان الدكتور اسوار حامد يتفقد مرضاه في الاسرّة المخصصة له .. سمع ضجة لرجال بملابس قروية ونساء معممات يصحن صارخات ,وكادوا يكسرون زجاج القاعة المغلقة .. فعاد د. رامز لاول القاعة وتناول التلفون الزيتوني وادار القرص وخاطب شرطة المستشفى (رغم ما بذلناه والتعب انهم يعتدون .. الاعمار بيد الله .. لا ذنب لنا )..لاول مرة تظهر عصبية في صوته وتوتر في حركات يديه .. بعد عشر دقائق تواجد رجال الشرطة وحسم الامر.
افلت امبراطوريته وخسر سمعته كمقاول , افتتح له محلا منزويا في شارع الوطن, واستقطب زمرة من الادباء والرسامين .. ولم يستطع احتمال الواقع الا بتعاطي حبوب الفاليوم..قبل خمس سنين من اعدامه .. بعدما الصقوا به تهمة الانتماء لحزب سري ..ستبقى تلك اللوحات التي ابدعها ازهر, الفنان العظيم, في قبضة السر ..تستغيث ليكشف عنها النقاب في منزله العصري ..كلقى تراكم عليها تراب التاريخ .. لقد حشرت هناك ايام القصف الشديد على البصرة ..سيتذكره نعمان الشاعر المعتزل ..فقد قلص شفتيه يوما واستدار له وقد رأى صاحبه المقاول يقتني ديوانا لرامبو (انه يتقن الخسارة , الشعر لن يعيد له تفوقه في حقل المقاولات ) وخطف غصنا من فلكة اسد بابل<قبل نسفه بعقود > واضاف <لولا حاجتي لبعض المال لغادرت المحل الكئيب )..(لقد تراكمت الالوان بحجم سنتمترات على لوحة المرأة )..تذكره نعمان في صباح الثلاثاء في الساعة العاشرة .. كانت الشمس تتغلغل في العظام بعد ثلاثة ايام من المطر والبرد المرعش .. كان يمسك بفرشاة كبيرة ويعمق شفافية اللون الفاضح على اعلى صدر المرأة .. فكّر بشبه العري بعد ان مل من طلب التغييرات التي يطالب بها المقاول الشاب على اللوحة .. وانتقاداته المسممة (لونك وسخ ... )كان ثملا فصرخ به صاحبه المقاول النحيل (ويلك انها زوجة الدكتور اسوار خالد .. استر تلك الوقاحة ).. وقال نعمان وهو يتأملها (يا له من جمال وحسن اختيار )
بعد ايام صحبه صديقه المقاول المتوتر النحيل وهو يشكو من وجع التهاب في الاثني عشر ورأى الدكتور اسوار بوجهه المدور ونظرته المركزة وعينيه الواسعتين وجسمه المكتنز.. وبشرته البيضاء ,كان هادئا بصورة مقنعة, يتمكن بكلامه المركز المختصر وهدوئه السحري وقوة الايحاء ان ينجو من جيش من الثرثارين وان يبث الطمأنينة في مرضى العناية المركزة .. انه يراقب المريض بعد اجراء العملية لساعات بلا كلل .. قال له <سازيل منك الالم النفسي والجسمي شرط ان تقرأ لنا شعرا )..وانشده بالقاء مؤثر ابياتا للجواهري وتدفق معاونوه وموظفوه ليصغوا.. كانت الممرضات يتراكضن الى الصوت ببدلات فيروزية وهن مبتسمات يتقلدن قفازان بيضا على ايديهن ..
<جربيني من قبل ان تزدريني
واذا ما ذممتني فاهجريني
ويَقيناً ستندمينَ على أنَّكِ
من قبلُ كنتِ لمْ تعرفيني
لا تقيسي على ملامحِ وجهي
وتقاطيعِه جميعَ شؤوني
أنا لي في الحياةِ طبعٌ رقيقٌ
يتنافى ولونَ وجهي الحزين
أنجِديني في عالمٍ تَنهشُ الذُئبانُ
لحمي فيه .. ولا تُسلِميني)
فطلب منه ان يتمدد على الاريكة ووضع راحته على بطنه واخذ يضرب بسبابته على ظاهر يده .. ثم عاد الى طبلة ليكتب العلاج له .وهبطا السلالم ..
في الليالي التي تتجمد فيها الانهار الصغيرة ..وقد تحتاج مسخنا ليصب الصنبور ..كانت اصفهان تقضي الليالي ساهرة واجمة تتذكر صديقاتها في كلية العلوم او شيئا من طفولتها وقد تطرز او تتابع مسلسلا مصريا في شاشة بلا الوان .. فقد كان الدكتور اسوار بعد عودته من مستشفاه يعود صامتا متعبا , يبتسم لها باقتضاب ويفلت الجمل المختصرة .. يتناول العشاء , وقد يقرأ قليلا في كتاب (تطور علم الجراحة ) وينام بسكينة ورضا .. وقد عزلها عن الدنيا :(مفتاح البيوت السنة نسائها .. فلتكن علاقاتك مختزلة وسوّري نفسك عن الجميع ..لقد وفرت لك كل ما تتمناه امراة ).. تغادر السرير زوجته اصفهان وتضع على شفتيها وتتعطر .. وتمر عيناها على جسد خلق ليعاني الظما الابدي .. تنظر لجثته بحسرة وتعود لتجلس القرفصاء مسندة الحنك بيدها .. او تعود للمرآة ...
عاد بعد الظهر فقال له بقال يستأجر دكانا في ركن الزقاق (مرحبا دكتور .. للاسف الان غادركم صاحب التكسي اقاربكم ..).. يعلم الدكتور جيدا ان لا قريب له يعمل بمركبات الاجرة لكنه كتم الامر ..
عاد الى منزله وابتسم لها, فاستقبلته تدلك اكتافه وتقبله ..
ــ (أي طعام تريد اعددت الوانا )..ولاول مرة رآها تبالغ بالعطر والتبرج ..
ــ لا فقط اريد ان اقرا فاتركيني وحدي ...
وتناول من المكتبة كتاب <اخبار النساء >وقرا :
(كان القيطنون متملكا على أهل المدينة. وكان قد سامهم خسفا، وشرط عليهم أنه لا تدخل امرأة على زوجها حتى يبدأ بها. فزوج مالك بن عجلان الخزرجي أخته. فلما جهزها وأراد إهداءها إلى زوجها، وهو قاعد في مجلس الخزرج، إذا خرجت أخته على الحي سافرة. فغضب مالك، ووثب إليها ليتناولها بالسيف، وقال لها: فضحتني، ونكست رأسي، وأغضضت بصري. فقالت له: الذي تريد بي أنت شر من هذا وأقبح وأفضح. إن كنت تهديني إلى غير بعلي فيصيبني، فهذا شر من خروجي سافرة حاسرة! فقال مالك: صدقت، وأبيك.
وسكت عنها، فلما رجعت إلى خدرها دخل إليها، فقال لها: هل فيك من خير؟ فقالت: أي خير عند امرأة إلا أن تناك؟ فقال لها اكتمي ما أريده. قالت: نعم. فشرح لها ما عزم عليه. فلما أمست أتتها رسل القيطنون ليأتوه بها، فلبست وتعطرت وتحلت، ولبس معها وتعطر واشتمل على السيف ومضى معها في جملة نسائها إلى قصر القيطنون. فلما خلا بها ودنا منها , تنحى نساؤها عنها إلا مالك وحده، فقال القيطنون: بحق التوراة ألا أمهلتني ساعة حتى ترجع نفسي فيها إلي، وتركت أختي هذه تؤانسني عندك، فإني ألفتها من بين أهلي؟ فقال: نعم. فلما هدأت ساعة. قال: تقدمي إلى فراشك حتى ألحقك. فقام القيطنون إلى باب فأغلقه، وأتى فراشه. وكشف مالك عن السيف ثم ضربه به حتى برد. فاجتمع الحيان من الأوس والخزرج فسودوه على أنفسهم، وملكوه، إذ أراحهم من عار الدهر. وذلت اليهود بعد ذلك فلم ترفع رأسا.) وغفى الطبيب والكتاب بين يديه ..
كل ثلاثة ايام او خمسة يعترض البقال الدكتور اسوار خالد :(دكتور للاسف الان غادر السائق)..كانت مستقبلاته للالم والكوارث والفرح تصهر اقوى المؤثرات ..لكنه الان يشعر بغصة ..لابد ان رائحة خيانة في الجو . . انه يتنفسها بوضوح .قال في ضميره (انها ليست ابنة عمي ولا قريبة وهي لم تنجب ..الخلع حل جذري ).
لحظها تبالغ بالتبرج بعد كل يوم من ايام التكسي ,وتظهر امامه اشد حنانا وارق وداعة ..
واظهر لاهلها ـ حين دعاهم لغداء بعد شهر من التكسي ــ سبورة بيضاء رسمت دمية في احدى زواياها بخط ماجك مؤطرة بمستطيل خط بلون اخضر.. انها دائرة غير منتظمة تنتصب على خط شبه عمودي ينتهي بخطين صغيرين منفرجين .. فلما رات الدمية سقطت من يدها صينية اقداح الشاي وكادت تهوي فقال لها موسعا حدقتيه (اسم الله .. ).. فكنست الزجاج المتشظي وتوتر جبينها وانكسرت عيناها وفغر فمها ولمست ارنبة الانف .. وداهمها دوار ..ولم تنجح الا في المرة الثالثة بتقديم الشاي ...وحين غادر اهلها حزمت حقائبها وتمنت ان يكون الموت بشرب كاس ماء بلا احتضار.. وناجت نفسها بصمت وقد شعرت بانها ضاعت وان البيت يتهدم : (ماذا فعلت بنفسي )..



#كاظم_حسن_سعيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جريان واكتشاف متأخر قصيدتان
- العجز , الجثة قصيدتان
- الصياد المحترف ابو ايوب
- العرين قصيدتان
- رندة قصة
- تحت الانجماد قصيدتان
- اضاءة من اعلى التل ج3
- فتاة السويداء قصة
- نظرة الى الامام مذكرات ج 17
- صنارة وانهار مقطعان
- (الستارة الشفافة ) قصيدة
- مشلول يحاول ان يستغيث قصة
- البصيلة الزجاجية وخطبة السوق قصيدتان
- البريكان : مجهر على الاسرار وجذور الريادة ج9
- سجع قصيدتان
- في حديقة الحيوان
- هل يحق للراهب ان يمسخ الطفولة قصيدتان
- طلسم اعجز المفسرين قصة
- ظهرت لتنشر الغسيل قصة
- اضاءة من اعلى التل ج2


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كاظم حسن سعيد - تكسي الطلاق قصة قصيرة