أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - صلاح الدين ياسين - كتاب -التجربة اليابانية: دراسة في أسس النموذج النهضوي- لمؤلفه سلمان بونعمان: كيف نهضت اليابان؟














المزيد.....

كتاب -التجربة اليابانية: دراسة في أسس النموذج النهضوي- لمؤلفه سلمان بونعمان: كيف نهضت اليابان؟


صلاح الدين ياسين
باحث

(Salaheddine Yassine)


الحوار المتمدن-العدد: 7424 - 2022 / 11 / 6 - 16:10
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


يُعد هذا الكتاب، الذي قام بتأليفه الباحث المغربي سلمان بونعمان، بمثابة دراسة تركيبية عن تجربة النهضة اليابانية، التي وإنْ كانت لها إرهاصاتها منذ القرن السادس عشر، فإنها ابتدأت عمليًا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، مع تَوَلي الإمبراطور الفتى موتسوهيتو للحكم في العام 1867 (لُقب هذا الإمبراطور ب "الميجي"، بمعنى المصلح المستنير، أو صاحب السلطة العادل). ولعل الغرض الأساسي من تأليف هذا الكتاب هو اقتراح التجربة اليابانية كمرجعية يُحتذى بها في أي مشروع نهضوي عربي، لما لها من مَواطن نجاح وقوة، مع الإقرار، أيضًا، بأن لها إخفاقاتها الخاصة. ومن هنا سنحاول، ابتداءً، الإحاطة بأهم مقومات نجاح تلك التجربة، قبل التوصل إلى الدروس المستخلَصَة - ذات الدلالة - بالنسبة لأي أفق نهضوي عربي محتمل.
مقومات النهضة اليابانية
استندت تجربة النهوض الياباني إلى مداخل متعددة، لعل من أبرزها الإصلاحات العميقة التي طالت بنية النظام الاجتماعي والطبقي السائد، بحيث جرى الانتقال من نظام اجتماعي قائم على تراتبية طبقية صارمة، تقع في القلب منه فئة الإقطاعيين، إلى نظام يتحقق فيه الحد الأدنى من المساواة الاجتماعية، بما يعنيه ذلك من إسناد المناصب والمسؤوليات على أساس الاستحقاق والكفاءة الشخصية، وليس بمقتضى الانتماءات العائلية أو الفئوية الضيقة. كما عرفت اليابان - إبان فترة الإصلاحات - التحول من نمط إنتاج فيودالي إلى آخَر رأسمالي عصري، بفعل استيراد التقنيات الغربية، والشروع في إصلاحات زراعية جذرية.
غير أن الركيزة الأساسية للتجربة النهضوية اليابانية، تمثلت في الانكباب على الاستثمار في الرأسمال البشري، عن طريق بناء مجتمع العلم والمعرفة، استنادًا إلى نظام تربوي وتعليمي فعال. ويكفي استحضار عبارة شهيرة تَلَفظ بها إمبراطور اليابان، عندما سُئل عن السر الكامن وراء نهضة اليابان، لتظهير الأهمية التي اكتسبها التعليم وتأهيل الرأسمال البشري في تلك النقلة الحضارية: "بدأنا من حيث ما انتهى منه الآخرون، وتعلمنا من أخطائهم، وأعطينا المعلم حصانة الدبلوماسي، وراتب الوزير".
وقد اعتمد بناء مجتمع العلم والمعرفة على جملة من المرتكزات، إذ شرعت اليابان في استقدام المعلمين، والعلماء، والمستشارين، والخبراء الأجانب، للإفادة من تجاربهم. كما جرى إرسال بعثات طلابية يابانية إلى الخارج، للوقوف عن كثب على منجزات الحضارة الحديثة، في ميادين العلوم والتكنولوجيا، إذ بلغت النسبة المخصصة من ميزانية وزارة التعليم لانتداب الخبراء الأجانب، وإيفاد البعثات الطلابية إلى الدول الغربية، حوالي 30 في المائة، دون إغفال ما تَحَقق على صعيد ترجمة الكتب الأجنبية إلى اللغة اليابانية، فضلا عن تشييد المدارس والجامعات الحديثة على الطراز الغربي.
دروس وعبر
لعل من أهم الدروس المستخلَصة من التجربة اليابانية بالنسبة للحالة العربية، أن النهوض الحضاري لليابان كان نتيجة وعي واقتناع ذاتيين، بأن مواجهة الخطر الاستعماري الداهم، تستلزم تقوية وتمنيع الجبهة الداخلية، من مُدخل معانقة روح العصر، والانفتاح على حضارة الآخَر وعلومه، ولم يكن نتيجة تحديث قسري مفروض من الخارج، على غرار ما عرفته مجمل الأقطار العربية، التي سقطت في براثن الاستعمار الأوروبي، بدءًا من القرن التاسع عشر. وهكذا فإن الإصلاح الحقيقي للبنى الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للمجتمعات العربية، لا يسعه إلا أن يكون محصلة وعي ذاتي، وحاجة ملحة نابعة من الداخل.
وعطفا على ما سبق، فإن اليابان لم تقابل خطر الغزو الأجنبي الوشيك بمزيد من العزلة والتقوقع على الذات، بل أفادت - دون مركب نقص أو شعور بالدونية - من حضارة الغرب، خاصةً فيما يتعلق بجانبها المادي، المتمثل في العلوم والتكنولوجيا والعتاد العسكري، على شاكلة ما فعلته قبل ذلك، ومنذ أواخر القرن السادس ب. م، حين نهلت من الجوانب القيمية والأخلاقية للحضارة الصينية. وهنا يكفي استحضار الدور الذي لعبته الكونفوشيوسية في حفظ السلم والتوازن الاجتماعي باليابان.
ومن ضمن العبَر المُستخلَصة من تجربة اليابان، أنها ارتأت في سعيها للنهوض الحضاري إعمال ثنائية الأصالة والمعاصَرة، من خلال رفع شعار: "التكنيك غربي، أما الروح فيابانية"، إذ حافظت على الجوانب الإيجابية في تراثها الحضاري وهويتها الثقافية (من اللافت هنا أن اليابانيين أصروا على استعمال اللغة الوطنية في التعليم)، ولم تقع في فخ تبني التغريب الاستيلابي، والنزعة الفردية المتطرفة. وعليه فإن أي مشروع نهضوي عربي، في تقدير الكاتب، يُفترض أن يضع نصب عينيه عدم التفريط في العناصر الحية وغير الميتة من تراثنا التاريخي (= قيم التضامن، والتراحم، والعدل... إلخ)، مع الأخذ بأسمى قيم ومبادئ الحضارة الحديثة (الحرية، حق الاختلاف، الشخصية الذاتية المستقلة... إلخ).
وإضافةً إلى ما سبق، فإن اليابانيين ما انساقوا وراء التقليد والاستهلاك الأعمى لمنتجات الحضارة الغربية، بمقدار ما برعوا في تطويرها وتثمينها حتى توائم خصوصيات البيئة المحلية، إذ عملوا على تفكيك تلك المنتَجات المُستَوردة (آلات حديثة، قطارات... إلخ)، وإعادة إنتاجها وتطويرها، على نحو يتفوق أحيانًا على المنتوج الأصلي المستورَد. وحَسْبُنا هنا الإشارة إلى أن اليابان أمست دولة رائدة تكنولوجيًا، مما مكنها من غزو واختراق أسواق العالَم، بما في ذلك دول الغرب الصناعي. والحق أن الأمة التي تكتفي بالاستيراد والمحاكاة، ولا تلد منتجاتها الخاصة ليست بحضارة، كما شدد على ذلك مالك بن نبي، فالخطأ الذي وقع فيه العرب والمسلمون، برأيه، هو النظر إلى تَمَلك واستيراد أفخم منتجات الغرب، كمقياس للتقدم والتحضر.



#صلاح_الدين_ياسين (هاشتاغ)       Salaheddine_Yassine#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كتاب -تشريح الثورة-: دراسة للثورات وأسباب حدوثها
- قراءة في كتاب المغرب قبل الاستعمار... المجتمع والدولة والدين ...
- قراءة في كتاب -النظام الأبوي وإشكالية تخلف المجتمع العربي- ل ...
- قراءة في كتاب -الديمقراطية- للمؤلف تشارلز تيللي
- كتاب -الدولة المستحيلة: الإسلام والسياسة ومأزق الحداثة الأخل ...
- كتاب -الحرب الهادئة: مستقبل التنافس العالمي- لصاحبه نوح فيلد ...
- قراءة في كتاب -الانتفاضات العربية على ضوء فلسفة التاريخ- لها ...
- الفكر السياسي عند فلاسفة اليونان
- هل القوة القهرية هي الضامن الوحيد لبقاء الأنظمة السياسية أم ...
- قراءة في كتاب الديمقراطية والتحول الديمقراطي – غيورغ سوزنسن
- دليلك لمعرفة دلالة مفهوم -الميتافيزيقا-
- قراءة في كتاب -علم النفس السياسي- لصاحبه دايفيد هوتون
- كتاب مدخل إلى الأيديولوجيات السياسية ل -أندرو هيود-: دليلك ل ...
- كتاب -اسبينوزا- لفؤاد زكريا: إضاءة على أهم أفكار فيلسوف التن ...


المزيد.....




- كاميرات مراقبة ترصد فيل سيرك هارب يتجول في الشوارع.. شاهد ما ...
- على الخريطة.. حجم قواعد أمريكا بالمنطقة وقربها من الميليشيات ...
- بيسكوف: السلطات الفرنسية تقوض أسس نظامها القانوني
- وزير الداخلية اللبناني يكشف عن تفصيل تشير إلى -بصمات- الموسا ...
- مطرب مصري يرد على منتقدي استعراضه سيارته الفارهة
- خصائص الصاروخ -إر – 500 – إسكندر- الروسي الذي دمّر مركز القي ...
- قادة الاتحاد الأوروبي يتفقون على عقوبات جديدة ضد إيران
- سلطنة عمان.. ارتفاع عدد وفيات المنخفض الجوي إلى 21 بينهم 12 ...
- جنرال أوكراني متقاعد يكشف سبب عجز قوات كييف بمنطقة تشاسوف يا ...
- انطلاق المنتدى العالمي لمدرسي الروسية


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - صلاح الدين ياسين - كتاب -التجربة اليابانية: دراسة في أسس النموذج النهضوي- لمؤلفه سلمان بونعمان: كيف نهضت اليابان؟