أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - صلاح الدين ياسين - قراءة في كتاب -علم النفس السياسي- لصاحبه دايفيد هوتون














المزيد.....

قراءة في كتاب -علم النفس السياسي- لصاحبه دايفيد هوتون


صلاح الدين ياسين
باحث

(Salaheddine Yassine)


الحوار المتمدن-العدد: 7403 - 2022 / 10 / 16 - 00:34
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


كتاب مهم رغبت في مشاركته معكم، يتناول موضوع علم النفس السياسي، بما هو أحد التخصصات المعرفية التي تمزج بين مناهج علم النفس والعلوم السياسية في دراسة السلوك السياسي للنخب والجماهير، إذ يعرف الكاتب السلوك السياسي بأنه "كل نشاط يرمي إلى تحقيق غاية سياسية، سواء أخذ شكلا متطرفا كالإرهاب وأعمال العنف، أو معتدلا كالاختيارات ذات الصلة بالتصويت الانتخابي" .
وفي هذا الصدد، يميز الكاتب بين مقاربتين شائعتين في التحليل النفسي للسلوك السياسي خاصةً، والإنساني عموما. فثمة المقاربة النزوعية التي تفسر سلوك الفرد استنادًا إلى عوامل ذاتية، تحيل إلى الخصائص الشخصية وما يحمله الفرد من نوازع واعتقادات ذاتية، إلى جانب المقاربة الموقفية التي تقر بأن العوامل البيئية المتمثلة في الضغوط الموضوعية التي يواجهها الفرد في محيطه هي المحدد الأساسي لسلوكه .
وقد كرس المؤلف الباب الأول من الكتاب لإضاءة أهم المقاربات الموقفية، بدءًا من المقاربة السلوكية لرائدها "سكنر"، والتي تفترض بأن الإنسان يولَد كصفحة بيضاء، أي مُفرَغًا من الصفات الموروثة والنوازع المسبقة، وبالتالي، فهو يظل قابلا للإشراط (conditioning) أي القدرة على توجيه سلوكه من طريق التحكم في البيئة المحيطة به. وتشدد المقاربة السلوكية على أن الإشراط عادةً ما يتم بطريقة اعتباطية في المجتمع، لذا فهي تقترح بأن يتم تنظيمه (= المجتمع) بطريقة ممنهجة بواسطة السلطة، قصد الحد من مظاهر السلوك الإجرامي والعنيف داخل المجتمع، وإنْ كانت هذه المقاربة تطرح معضلة أخلاقية، بحسب المؤلف، لأنها تسلب من الإنسان حرية الإرادة والاختيار، وتشرعن لسياسات الأنظمة الشمولية.
وعطفًا على المقاربة السلوكية الموقفية، يمكن الإشارة أيضا إلى نموذج علم نفس الطاعة، المستلهَم من تجربة "ستانلي ميليغرام" الشهيرة، التي خلص فيها إلى أن الأشخاص قد يميلون إلى الامتثال لأوامر سلطة يرونها شرعية، ولو كانت تخالف مبادئهم واعتقاداتهم، وهو ما يفسر بعض مظاهر السلوك السياسي المتطرف كالإبادة والقتل الجماعي. دون إغفال نموذج الصناعة الجماعية للقرارات أو التفكير الجمعي، بحسب تعبير "جانيس"، الذي يفترض أن الفرد قد يتبنى وجهات نظر مخالفة، أثناء الصناعة الجماعية للقرارات، للآراء التي قد يتبناها في حالة ما إذا عمل بمفرده، ومن ثم، فإن اتخاذ القرار بصفة جماعية قد يحول دون بناء قرارات عقلانية وموضوعية، لأن الهاجس، في هذه الحالة، يكون هو الوصول إلى الإجماع والحلول الوسطى، مما يعيق تقويم الخيارات والبدائل المتاحة تقويما ناجعا.
أما بخصوص الباب الثاني من الكتاب، فقد كرسه المؤلف لعرض أهم المقاربات النزوعية، وعلى رأسها مقاربة السيرة النفسية التي تشير إلى أن الخصائص النفسية والسيكولوجية للقادة السياسيين، التي ترتسم معالمها منذ مرحلة الطفولة، لها دور في التأثير على قراراتهم واختياراتهم، إضافة إلى دور الاعتقادات الإيديولوجية والفكرية التي يؤمنون بها كمحدد أساسي لسلوكهم السياسي، مثلما يقر بذلك نموذج تحليل عقيدة صانع القرار.
مرورًا بالمقاربات المعرفية النزوعية التي تركز على العمليات الذهنية المعتملة في عقل الإنسان، والتي يتم من خلالها معالجة البيئة المعلوماتية. وفي هذا الصدد، وجب التمييز بين مقاربتين معرفيتين أساسيتين، وهما مقاربة الإنسان الاقتصادي، المشتقة من الاقتصاد الجزئي، وتفترض أن الإنسان كائن عقلاني بطبعه، بحيث يسعى إلى كسب الثروة وتعظيم المنفعة الذاتية، إذ يوازن بين الفوائد والتكاليف المتوقعة لتقرير البديل (من بين مجموعة من البدائل والخيارات الممكنة أثناء اتخاذ القرار) الذي يجلب أكبر قدر من المنافع. أما مقاربة الإنسان النفساني، فهي على النقيض من المقاربة السابقة، تقر بأن الصفات العقلانية محدودة بحدود قدرة العقل الإنساني على معالجة المعلومات. فالإنسان بخيل معرفيًا، حيث لا يميل إلى النظر في كل الخيارات المتاحة، ويظل عرضة للتأثر بضغوط وإكراهات المحيط.
لكن هذا النموذج التحليلي يظل قاصرا، برأي المقاربة العاطفية، التي تؤكد على دور العواطف والانفعالات في تحديد السلوك الإنساني، فلا يمكن فصل الإدراكات المعرفية الباردة عن الإدراكات الساخنة أي العواطف، بالرغم من أنه ثمة تباين وسط مؤيدي هذه المقاربة في تقدير طبيعة تأثير العواطف والانفعالات في نوعية القرارات المتخذة، فمنهم من يجزم بأن العواطف لها مفعول سلبي، لأنها تُرَسخ صورنا النمطية وأحكامنا المسبقة، مما يحول دون الوصول إلى أحكام وتقويمات موضوعية. لكن يوجَد اتجاه آخر وعلى رأسه "دماسر" يؤكد بأن العواطف تسهم في عقلنة القرارات والخيارات المتبعة، إذ خلص بعد قيامه بإحدى التجارب بأن الأشخاص الذين يعانون برودا عاطفيا، عادةً ما يتخذون قرارات متهورة وغير محسوبة، لعدم مبالاتهم بتداعياتها وانعكاساتها على مشاعر الآخرين.
ويبدو بأن الكاتب يتبنى موقفا تركيبيًا وتوفيقيًا يستدخل المقاربتين النزوعية والموقفية في تفسير السلوك السياسي، إذ خصص الباب الأخير من الكتاب لمحاولة تفسير بعض الظواهر السياسية، كعلم نفس الانتخاب، والقومية، والعنصرية، والإبادة، والإرهاب، والعلاقات الدولية، بتوظيف نماذج التحليل النفسي للمقاربتين معًا .



#صلاح_الدين_ياسين (هاشتاغ)       Salaheddine_Yassine#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كتاب مدخل إلى الأيديولوجيات السياسية ل -أندرو هيود-: دليلك ل ...
- كتاب -اسبينوزا- لفؤاد زكريا: إضاءة على أهم أفكار فيلسوف التن ...


المزيد.....




- بعيدا عن الكاميرا.. بايدن يتحدث عن السعودية والدول العربية و ...
- دراسة تحذر من خطر صحي ينجم عن تناول الإيبوبروفين بكثرة
- منعطفٌ إلى الأبد
- خبير عسكري: لندن وواشنطن تجندان إرهاببين عبر قناة -صوت خراسا ...
- -متحرش بالنساء-.. شاهدات عيان يكشفن معلومات جديدة عن أحد إره ...
- تتشاركان برأسين وقلبين.. زواج أشهر توأم ملتصق في العالم (صور ...
- حريق ضخم يلتهم مبنى شاهقا في البرازيل (فيديو)
- الدفاعات الروسية تسقط 15 صاروخا أوكرانيا استهدفت بيلغورود
- اغتيال زعيم يكره القهوة برصاصة صدئة!
- زاخاروفا: صمت مجلس أوروبا على هجوم -كروكوس- الإرهابي وصمة عا ...


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - صلاح الدين ياسين - قراءة في كتاب -علم النفس السياسي- لصاحبه دايفيد هوتون