أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - صلاح الدين ياسين - كتاب -الحرب الهادئة: مستقبل التنافس العالمي- لصاحبه نوح فيلدمان: هل نحن على وشك حرب باردة جديدة؟















المزيد.....

كتاب -الحرب الهادئة: مستقبل التنافس العالمي- لصاحبه نوح فيلدمان: هل نحن على وشك حرب باردة جديدة؟


صلاح الدين ياسين
باحث

(Salaheddine Yassine)


الحوار المتمدن-العدد: 7410 - 2022 / 10 / 23 - 16:47
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


إنه كتاب شيق فعلا من تأليف نوح فيلدمان، المفكر والبروفيسور الأمريكي بجامعة هارفارد، والذي يُعد من أنصار الحوار بين الحضارات ودعاة تبني نهج منفتح إزاء القوة الصينية الصاعدة. يسعى هذا الكتاب إلى الإحاطة بأبعاد وخبايا التنافس الدائر بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين لشغل موقع الصدارة في النظام الدولي. فما الذي يعنيه الكاتب بوصف "الحرب الهادئة" بين القوتين المتنافستين؟ وكيف يمكن فهم دوافع القيادة الصينية وسماتها المميزة؟ وما هي عواقب التنافس الدائر وتداعياته على ملامح النظام العالمي الجديد؟

دلالة الحرب الهادئة
إن التنافس الدائر حاليا بين الولايات المتحدة الأمريكية والقوة الصينية الصاعدة لا يصح مقارنته بمنطق الحرب الباردة التصادمي، ذلك أن الحرب الهادئة الجديدة ولئن يطبعها تنافسٌ جيوسياسي واستراتيجي بين القوتين المتنافستين لقيادة النظام الدولي، فإنه من العصي تَجاهل الترابط والاعتماد الاقتصادي المتبادل بين أمريكا والصين، حيث تُعتبر الأخيرة الدائن الأكبر لبلاد العم سام، كما أن الصين يعتمد نموها الاقتصادي، بهذه الدرجة أو تلك، على السوق الاستهلاكية الأمريكية الواسعة، خاصةً إذا علمنا أن حوالي نصف الناتج المحلي الإجمالي للصين يرتكز على التجارة، بخلاف ما كان عليه الحال إبان حقبة الحرب الباردة، إذ كان التعاون الاقتصادي بين القطبين المتنافسين (= أمريكا والاتحاد السوفييتي) شبه منعدم.
إن الترابط والتعاون الاقتصادي المتبادل بين القوتين الأمريكية والصينية يقلل من احتمالات الصراع العنيف بينهما، في ظل نظام اقتصادي وتجاري معولم قائم على حسابات دقيقة، وبالتالي من المرجح أن ينصرف الصراع بين القوتين إلى مجالات جديدة، وتحديدا الحروب السيبرانية، التي أمسى تأثيرها يفوق الحروب الكلاسيكية، لا سيما في ضوء عدم وجود قواعد دولية موحدة تنظم هذه النوعية من الحروب المستحدثة. وإلى جانب ذلك، فإن ما يميز الحرب الهادئة الجديدة هو تراجع دور الإيديولوجيا كمحدد محوري للتقاطب، خاصةً بعد تخلي الصين عن شيوعية ماو التقليدية وتبنيها للنظام الرأسمالي على الطريقة الصينية. غير أن ما سلف لا ينفي وجود منظومتين فكريتين متمايزتين، إحداهما تنهل من قيم الليبرالية الغربية، والأخرى تتشبث بديكتاتورية الحزب الواحد كأساس للتنمية الاقتصادية، مع استحضار الأخلاقيات الآسيوية التقليدية التي تحث على الطاعة والانضباط.
ماذا عن القيادة السياسية الصينية؟
إلى جانب المرونة الإيديولوجية التي تتمتع بها القيادة الصينية المتمثلة في الحزب الشيوعي، فإنها تستند إلى النمو الاقتصادي كمقوم أساسي لشرعيتها، لا سيما في ضوء انتفاء انتخابات حرة وعدم إقرار الحقوق المدنية والسياسية الأساسية. هذا دون إغفال الحرص على إذكاء النزعة القومية الصينية، وهو ما يفسر سعي القيادة الصينية إلى ضم تايوان المجاورة، لكن ذلك المسعى يصطدم بالحماية التي تتلقاها الأخيرة من أمريكا التي تخشى أن يضر فقدان تايوان بعلاقاتها مع الدول الحليفة لها في المنطقة (اليابان، كوريا الجنوبية... إلخ)، إذ ستبدو حينئذ بمظهر العاجز عن الوفاء بالتزام حماية أمنهم القومي، مما سيعرض مصداقيتها للخطر. غير أن الكاتب يتوقع أن تفلح الصين في استعادة الجزيرة دون الاضطرار لاستخدام قوتها العسكرية، في حال توصلها إلى القدر الكافي من الردع العسكري، وتقديمها لصيغة شبيهة ب "دولة واحدة ونظامان" المطبقة في هونغ كونغ.
وفيما يخص البنية التنظيمية للحزب الشيوعي الصيني، فإن الترقي في المناصب القيادية والعليا يتطلب الانضمام إلى إحدى شبكات العلاقات الشخصية القائمة. غير أن ذلك لا يعني بأن النظام السياسي الصيني يكتسي طابعا مغلقا بالكامل، إذ توجد إمكانية للتداول على المناصب والمسؤوليات عن طريق عقد المؤتمرات الدورية للحزب، والتخلي عن المنصب بعد بلوغ سن محددة لإفساح المجال أمام الأعضاء الأصغر سنا. كما تسمح الحكومة الصينية بقدر محدود ومراقَب من النقد الشعبي، مما يتيح هامشا من المساءلة وممارسة الرقابة على المسؤولين المحليين.
وبالرغم من أن الصين لا تشارك الولايات المتحدة الأمريكية معايير الليبرالية السياسية، فإن نظام التنخيب في كلتا الدولتين يعتمد على المزج بين استيعاب أصحاب الكفاءة وتوريث النخبوية (مثال عائلة بوش وكينيدي بالولايات المتحدة الأمريكية). وبرأي المؤلف، فإن هذا النمط الهجين لفرز النخب يُعد أفضل نظام ممكن، ذلك أن النخب القائمة لديها حافز قوي للإبقاء على النظام قويا كي يجد أبناؤها موطئ قدم فيه بالمستقبل، كما أن إفساح المجال أمام أصحاب الكفاءة وإمكانية التداول على المناصب يحد من مشاعر الإحباط الشعبي التي قد تفضي إلى ثورات وانتفاضات عنيفة.
تداعيات الحرب الهادئة
إن الحرب الهادئة بين أمريكا والصين ستولد حتما سعي كل طرف إلى كسب أكبر قدر ممكن من الحلفاء في صفه، إلا أن التحالفات الجديدة ستتجاوز منطق الحرب الباردة، لأنها لن تُبنى على منطق صفري "إما معنا أو ضدنا"، بحيث ستقتصر في الغالب على الأبعاد السياسية والاستراتيجية، بالنظر إلى الترابط الاقتصادي والتجاري الوثيق بين القوى الدولية الفاعلة. وكمثال على ذلك، تُعد الولايات المتحدة الأمريكية الحليف العسكري الأقوى للدول المطلة على المحيط الهادئ (اليابان، كوريا الجنوبية، أستراليا...)، بينما تُعتبر الصين الشريك التجاري الأول لتلك الدول، وهو ما ينسحب أيضا على العلاقات الاقتصادية الوثيقة التي تربط الاتحاد الأوروبي بالصين.
ومن المتوقع أيضا أن يتأجج التنافس بين الطرفين حول المناطق التي تعج بالموارد الطبيعية والطرق الاستراتيجية للنقل والتجارة، إذ تحاول الصين إيجاد موطئ قدم لها في الشرق الأوسط للتزود بالطاقة الرخيصة عبر النافذة الإيرانية، في حين ما فتئت الولايات المتحدة الأمريكية تستند إلى حلفائها التقليديين من دول الخليج العربي. كما أن الصينيين تمكنوا من بسط نفوذهم على القارة الإفريقية الغنية بالموارد، مستفيدين من عقيدتهم البراغماتية الخالية من أي نزعة تبشيرية أو استعلائية. وفي مواجهة ذلك، يقترح الكاتب على القيادة الأمريكية إقامة رابطة عالمية من الديمقراطيات تضم أيضا الهند المتوجسة من الصعود الصيني بحكم المشاكل الحدودية بينهما.
وعطفا على ما سبق، من المتوقع إعادة الاعتبار للدور الذي تلعبه المنظمات الدولية (منظمة الأمم المتحدة، منظمة التجارة العالمية...) في خضم الحرب الهادئة، وعلى نحو خاص مجلس الأمن الذي تمتلك فيه الصين بدورها حق النقض، الشيء الذي قد يسهم في استتباب نوع من التوازن بين القوتين المتنافستين. كما أن هيمنة الشركات المتعددة الجنسيات لن تكون مطلقة في ظل حاجتها إلى دعم حكوماتها القوية من أجل اختراق الأسواق المنافسة (كمثال على ذلك، بعد فشل رهان شركة جوجل على السوق الصينية الضخمة، ضغطت بشدة على حكومة الولايات المتحدة الأمريكية لرفع شكوى أمام منظمة التجارة العالمية ضد الحكومة الصينية موظفة خطابا حقوقيا انتقائيا)، وبخاصة أن الشركات الصينية تعد أذرعا بيد الحزب الشيوعي الصيني الذي يحكم قبضته على مفاصل الدولة.
وفي الختام، لا يعتقد مؤلف الكتاب بأن الحزب الشيوعي الصيني لديه القابلية لإجراء إصلاحات ديمقراطية نوعية وفق المقاييس الليبرالية، فمن شأن ذلك أن يضعف من نفوذه المحلي وينذر بانهيار نموذجه في الحكم على شاكلة ما وقع في تجربة الاتحاد السوفييتي. غير أنه في المقابل، من المرتقب أن تؤدي النزعة الاستهلاكية المتنامية إلى تعاظم الميول الفردانية في المجتمع الصيني، وبالتالي مطالبات أكثر بتحسين أوضاع حقوق الإنسان. ومن جهة ثانية، يقر نوح فيلدمان بأن جميع أطراف الحرب الهادئة قد تخرج منتصرة شريطة تغليبها لحس التعاون والشراكة إزاء القضايا الملحة (الاقتصاد، أزمة المناخ، الحد من التسلح...)، فضلا عن الانكباب على تحسين رفاهية الشعوب بدلا من خوض الصراعات العنيفة والعبثية.



#صلاح_الدين_ياسين (هاشتاغ)       Salaheddine_Yassine#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في كتاب -الانتفاضات العربية على ضوء فلسفة التاريخ- لها ...
- الفكر السياسي عند فلاسفة اليونان
- هل القوة القهرية هي الضامن الوحيد لبقاء الأنظمة السياسية أم ...
- قراءة في كتاب الديمقراطية والتحول الديمقراطي – غيورغ سوزنسن
- دليلك لمعرفة دلالة مفهوم -الميتافيزيقا-
- قراءة في كتاب -علم النفس السياسي- لصاحبه دايفيد هوتون
- كتاب مدخل إلى الأيديولوجيات السياسية ل -أندرو هيود-: دليلك ل ...
- كتاب -اسبينوزا- لفؤاد زكريا: إضاءة على أهم أفكار فيلسوف التن ...


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - صلاح الدين ياسين - كتاب -الحرب الهادئة: مستقبل التنافس العالمي- لصاحبه نوح فيلدمان: هل نحن على وشك حرب باردة جديدة؟