فيلم -وحدنا معاُ - قصة حب في زمن الكورونا

علي المسعود
(Ali Al- Masoud)

الحوار المتمدن-العدد: 7410 - 2022 / 10 / 23 - 16:03
المحور: الادب والفن
    

الآن بعد أن مضى أكثر من عامين على ظهور جائحة كوفيد 19 ، وبالنتيجة أرغمت على تكيف المجتمع بطرق مختلفة وفي جميع مفاصل الحياة . كانت الحياة اليومية عبارة عن سلسلة من التطورات المتغيرة - من ارتداء قناع الوقاية (الكمامة) في المناطق المزدحمة وتعلمنا عن الطريقة الصحيحة لارتداءه وكذالك التعقيم اليومي لليدين ، أو زيادة التسوق غبر ألانترنيت بدلا من الذهاب الى المحلات والاسواق ، أوطلب التوصيل للوجبات الغذائية بدلا من الذهاب إلى مطعم ، في ذالك الوقت الذي بدأ فيه معظم الناس في أرجاء العالم يشعرون بتأثير جائحة الكورونا على العلاقات الاجتماعية والتواصل المباشر بين البشر وتعودنا أن نزور أحباءنا من كبار عبر النافذة خوفاً عليم من العدوى . وكان السكان يقفون عند نوافذهم ويطرقون الأواني والمقالي لإظهار الدعم للكوادر الطبية الذين يعملون في الرعاية الصحية.
خلال تلك الفترة حاولت السينما وبعض البرامج التلفزيونية أن تبين طبيعة العلاقات الاجتماعية والتباعد الاجتماعي وأرتداء الاقنعة الذي اصبح متأصلا في ثقافتنا . ومن وحي تلك ألايام كتبت وأخرجت الممثلة كاتي هولمز فيلم (وحدنا معاً ) ، وهي دراما رومانسية تدور أحداثها خلال ألايام ألاولى لهذا الوباء وألاغلاق الذي الذي أعقب ذالك ، وتستذكر كيف أجبرنا هذا الفايروس على الاختباء في منازلنا وكذالك العمل من بيوتنا .
يبدأ الفيلم في الخامس عشر مارس 2020 ، جوون ( كاتي هولمز) هي كاتبة في مجال الطبخ والتغذية تعيش في نيويورك ، وعندما تبدأ التقارير التي تشير الى خطورة فيروس كورونا وبدأت ارقام الوفيات والاصابات في التسرب إلى نشرات الأخبار تفكر جوون في الهروب والعزلة في مكان صحي وآمن ، حجز حبيبها جون (ديريك لوك) لهما مكانا للبقاء خارج المدينة وبالتحديد في شمال ولاية هدسون وعلى أمل الهروب من مخاطر جائحة كوفيد التي تلوح في الأفق . بعد إلانسحاب جون في اللحظة الأخيرة بسبب إصابة والده بالفايروس (كورونا) مما إضطر البقاء لرعايته والتخلي عن السفر مع حبيبته .
تصرٌّ جوون على أن تسافر لوحدها كي تقضي إجازة في السكن الرائع في محاولة للاسترخاء والبقاء في مكان آمن . في البداية نراها تتجول في الشوارع الفارغة، ثم تنتظر على منصة مترو ألانفاق الخالية من البشر ، وعند وصولها لمحطة القطار في غراند سنترال تفاجئ بظهور إعلان يشير بألغاء رحلة قطارها الذاهب الى ولاية هدسون . تقترح عليها السيدة العاملة في كشك بيع التذاكر في محطة غراند سنترال في أخذ سيارة أجرة وهي الوسيلة الوحيدة للوصول الى المكان ، وتستجيب جوان لنصيحتها دون التفكير مرتين ، على الرغم من أن وجهتها تبعد حوالي 100 ميل .
ما تكتشفه جوون بدلا من ذلك هو أن ملاذها الآمن الذي حجزته يشغله بالفعل تشارلي (جيم ستورجيس) حيث تم حجزه مرتين عن طريق الخطأ مع تشارلي (جيم ستورجيس) . وهوشخص وسيم يبلغ من العمر 30 عاما ويعمل ميكانيكي يقوم بترميم المركبات القديمة ويقضي هو الاخر فترة نقاهة بعد تجربة الانفصال . تشارلي رجل لطيف ولديه علاقة لطيفة مع والدته (ميليسا ليو) التي تواصل معها على الواتساب . تقرر جوون وتشارلي مشاركة السكن حتى يتم حل هذا ألالتباس أو حتى ينتهي الإغلاق تضطر جوون في المشاركة بالسكن وتوافق على البقاء مع هذا الشاب الغريب تماما . البيت لائق بما فيه الكفاية، بالرغم كون البيت كبير إلا أنه لا يوجد سوى حمام واحد وغرفة نوم واحدة . يتنازل شارلي عن غرفة النوم الوحيدة للشابة جوون ، بينما يختار النوم على الاريكة ، يتعامل الثنائي مع بعضهما البعض في البداية كعدوين، لكن سرعان ما تتوطد علاقتهما وبدلا من جعل هذه العطلة كارثة بمعنى الكلمة ، يصمم كلاّ من جوون وتشارلي إنجاحها . سرعان ما يقوم الاثنان بإجراء الحوار والتواصل فيما بينهما ويواجهان الحزن والخسارة .
تأخذ الكتابة والإخراج إيقاعات القصة المألوفة للدراما الرومانسية بحيث تتصارع الشخصيات مع المآسي الشخصية لكل واحد منهم وفقدانهم للأحبة والاصدقاء . بعد أن فرض فيروس كورونا سطوته على المجتمع ويوقف الكثير من النشاطات والفعاليات بالاضافة الى صراعاتهم في طلب الطعام وأدوات التعقيم وغيرها. ليس من المستغرب أن يتحول إحراج جوون وتشارلي في البداية تجاه بعضهما البعض إلى فهم ثم انجذاب في نهاية ألامر . يجري تشارلي وجوون محادثات ممتعة حول ماضيهما وطموحاتهما وعائلتيهما . يتشاركان في غناء الكاريوكي ، ويذهبان في نزهة في شوارع ويأكلان البرغر ماكدونالدز في السيارة. ويستمتعان معاً في ركوب الدراجة . وبالمقابل ترى جون حبيب جوون( كاتي هولمز) لطيف جدا مع جوون لدرجة أنه على استعداد لتحمل حقيقة أنها وضعت في سكن مع شخص غريب .
تروي هولمز قصتها بطريقة متحفظة وممتعة وتبدو هذه الحكاية بسيطة بقدر ما يمكنك الحصول عليها أو مواجهة الامر نفسه . حتى عندما يقرر حبيبها جون أخيرا الظهور يتحول السرد إلى مثلث للحب، عندما يعود جون حبيب جوان الى الواجهة ويصل الى البيت ليجد حبيبته يشاركها السكن رجل آخر والذي أثر على تواصلهما معه رغم ان خسر والده بسبب الفايروس (كورونا) . في حين العائلة الوحيدة التي تركتها جوون خلفها هي جدها الذي تولى تربيتها والاهتمام بها بعد مقتل والديها وهو رجل يعيش في دار رعاية المسنين ومصاب بالزهايمر ولايتذكرها أبدأ ولكنها تذكره بالاغنية التي يتشاركان معاً حين يكونا سوية. توفي جد جوون المصاب بمرض الزهايمر في دار لرعاية المسنين . انها لحظة مؤثرة استطاعت كاتي هولمز أن توظفها بشكل رائع مع سياق قصة الحب .
ربما يتساءل المشاهد لماذا تغازل جوون شخصا آخر وتنجذب اليه وهي مرتبطة مع صديقها جون؟ . المخرجة كاتي هولمز توضحها من خلال سرد قصة الفيلم ، ويرجع ذالك إلى أنها تشعر أن صديقها قد انسحب بعيدا وتركها في الوقت التي كانت باشد الحاجة اليه ، بالاضافة الى شكوكها في أنه قد يخونها نظرا لوجود صورة حديثة على وسائل التواصل الاجتماعي له مع زميلة جذابة في العمل .
تحاول الكاتبة والمخرجة والممثلة " كاتي هولمز" أن تظهر رغبة واضحة في علاقات إنسانية حقيقية ، خالية من التظاهر أو المبالغة . يتم تقديم مشاهد حركة الشخصيات في الفيلم جنبا إلى جنب مع التقارير الإخبارية عن إغلاق الشركات والمستشفيات المثقلة بالمرضى. نستمع بشكل روتيني لتسجيلات صوتية لحاكم نيويورك السابق "أندرو كومو" وهو يقدم تحديثات حول حالة مدينة نيويورك .
أحاول أن أصنع أفلاما فنية ذات صلة بعالم اليوم وتتحدث إلى شيء عميق في داخلنا جميعا" ، كما تقول هولمز عشية العرض الاول للفيلم . وتضيف الكاتبة والمخرجة" كاتي هولمز " عند رؤية إسمي يتكرر ثلاث مرات ( كاتبة – ممثلة – محرجة ) بين أفراد طاقم العمل يمنحني شعورا داخليا بالرضا ، إنه فيلمي الثاني الذي أخرجه وأشعر أنني أتعلم الكثير في كل مرة. ولذلك لدي شعور خاص بالفخر لأنه فيلم يعبر عنا وكان هناك الكثير من التعاون بين أفراد العمل”.

#علي_المسعود (هاشتاغ)       Ali_Al-_Masoud#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل